لم لدى النساء دورة شهرية؟ 🤔
5 د
على الرغم من أن هذه العملية هي إهدار للعناصر الغذائية، وكما نعلم، فالدورة الشهرية مصدر إزعاج جسدي للكثيرات. إذًا، لم لدى النساء الدورة الشهرية؟ ما هو المغزى من هذه العملية البيولوجية غير الشائعة؟ لنتعرف معًا.
اقرأ أيضًا: لماذا يصيب الاكتئاب بعض الناس أكثر من غيرهم؟
ما هي الدورة الشهرية للمرأة؟
الدورة الشهرية هي نزيف مهبلي طبيعي، وهي جزء من الحياة الصحية للمرأة، يفرز فيها الجسم الأنسجة التي تدعم حدوث حمل محتمل، وتخرج هذه الأنسجة مع بعض الدم من الجسم عبر المهبل في حال لم يتم الحمل. تخسر المرأة متوسطة العمر في الدورة الشهرية خلال فترة حياتها حوالي ملعقتان إلى ثلاث ملاعق كبيرة من الدم كل دورة. عادةً ما تتراوح الفترة بين الدورة والأخرى حوالي 28 يومًا، ويستمر النزيف 2-7 أيام.
لم لدى النساء دورة شهرية؟
تبدأ الإجابة على هذا السؤال بكلمة مختصرة، وهي “الحمل”، الدورة الإنجابية للمرأة. يستعد جسم المرأة كل شهر، وذلك في السنوات ما بين سن البلوغ (11-14 عامًا)، وسن انقطاع الطمث (عادةً حوالي 51 سنة)، يستعد الجسم للحمل. تحضيرًا لعملية الحمل، تبدأ أعضاء جسم الأنثى بتشكيل بيئة مناسبة للجنين، بيئة تعتبر بالنسبة للأم ملاذًا داخليًا غير واعٍ لرعاية جنينها.
كل شهر، يستعد جسمنا كنساء للحمل. في الجزء الأول من الدورة، يستعد أحد المبيضين لإخراج بويضة، وينتج كمية متزايدة من هرمون الأستروجين، والذي يساعد على النمو وتحضير بطانة الرحم. بعد عملية الإباضة، ينتج المبيض هرمون البروجسترون، والذي يساعد في تحضير الرحم للحمل المحتمل، تزداد في هذه الفترة سماكة بطانة الرحم استعدادًا لتغذية البويضة الملقحة، يتم عندها تحرير البويضة، وتكون جاهزة للتخصيب وتستقر في بطانة الرحم.
إذا تمت عملية الإخصاب، فإن البويضة تنتقل إلى الرحم خلال الأيام العديدة التالية، وتُزرع في جدار الرحم، وتبدأ في تشكيل ونمو المشيمة المنتجة للهرمون، أما إذا لم تتم عملية تخصيب البويضة، فهنا لم يعد الجسم بحاجة لبطانة الرحم السميكة، تنخفض عندها مستويات الأستروجين والبروجسترون، لذا تنهار البطانة ويتم التخلص منها كما قلنا، مع بعض الدم من المهبل.
الشرح المفصّل لعلاقة الدورة الشهرية بالحمل
يعتبر الحمل نصف لغز حدوث الدورة الشهرية، إذ تضع عملية الحمل الأم وجنينها في صراع ليس سهلًا. بالنسبة لجميع المخلوقات الحية، يتطوّر الجسم وينمو دائمًا ليشجع جيناته على الانتشار. وتمنح الأم للجنين جيناتها أيضًا، لكن لا تتشارك الأم وجنينها نفس الجينات بالضبط، حيث أن الجنين يرث جينات من والده أيضًا، وتعزز الجينات عملية بقائها باستخلاصها حصصًا كبيرة من المواد الغذائية من دم الأم، وفعليًّا، بشكلٍ غير منصف البتة بين الأم والجنين.
صراع المصالح التطوّري السابق يضع الأم وجنينها في حرب بيولوجية داخل الرحم. أحد أهم العوامل التي تساهم في هذا الصراع هي المشيمة، العضو المرتبط مع إمدادات دم الأم، ويغذي الجنين خلال مرحلة نموه. في معظم الثدييات، تكون المشيمة محجوزة خلف حاجز مكوّن من خلايا الأم، ويتيح هذا الحاجز للأم فرصة التحكم بالإمدادات الغذائية للجنين. أما بالنسبة للبشر وبعض الأنواع الأخرى، فإن المشيمة تخترق الدورة الدموية للأم، لتصل مباشرةً إلى مجرى دمها، ومن خلالها، فإن الجنين يضخ الهرمونات في شرايين الأم لتبقى مفتوحة لتزوده بتدفق دائم من الدم الغني بالمواد الغذائية. وبوجود جنين له إمكانية الوصول غير المقيدة هذه، سيتمكن من إنتاج هرمونات لزيادة نسبة السكر في دم الأم، وتوسيع شرايينها، وزيادة ضغط دمها.
إذًا، بالنسبة لأمهات الثدييات من الحيوانات، بإمكانها إعادة امتصاص الأجنة أو لفظها بصريح العبارة إن لزم الأمر، أما بالنسبة لنا نحن البشر، ما إن يرتبط الجنين بدم الأم، فإن انقطاع هذا الارتباط يمكن أن يؤدي إلى حدوث نزيف، وإذا تطوّر نمو الجنين بشكل سيئ أو توفي في النهاية، فذلك سيؤثر على صحة الأم ويعرضها للخطر. وحاجة الجنين المستمرة للموارد قد تسبب التعب الشديد للأم، أو ارتفاع ضغط الدم، وحالات أخرى كالسكري أو تسمم الحمل. ولهذا، يعتبر الحمل استثمارًا صعبًا وخطيرًا بعض الشيء، ومن المنطقي أن يفحص جسم المرأة الأجنة بعناية فائقة، ليكتشف من يستحق التحدي من بينها، وهنا يأتي دور عملية الحيض.
يبدأ الحمل بعملية تسمى “الغرس”، وفيها يعزز الجنين وجوده داخل بطانة الرحم، وقد تطورت البطانة لتجعل الحمل صعبًا فلا تستمر فيه إلا الأجنة المعافاة. ولكن ذلك جعلها موطنًا لأكثر الأجنة عدوانيةً وقوة (المقتحمة) ما يخلق حلقة راجعة تطورية. قبل الغرس يدخل الجنين في عملية تبادل هرموني بالتوقيت المناسب، ومن خلالها يقوم بتهيئة بطانة الرحم لعملية الغرس.
السؤال الأهم الآن، ماذا يحدث إذا فشل الجنين في الاختبار؟ قد لا يزال أمامه فرصة للانغراس ببطانة الرحم، أو حتى الارتباط الجزئي بها. لكن مع وفاة الجنين ببطء، فإنه يترك أمه عرضة للإصابة بالالتهابات المختلفة، وقد يرسل طوال الوقت إشارات هرمونية تخرب أنسجتها، ومن هنا، يتجنب جسم المرأة هذه المشكلة عن طريق إزالة كل المخاطر المحتملة بحلّ بسيط، وهو دورة الطمث.
في كل مرة لا ينتج فيها عن عملية الإباضة حمل صحي، فإن الرحم يتخلّص من كل المتعلّقات ببطانته، بما فيها بويضات غير ملقحة، أو أجنة ميتة أو مريضة أو تحتضر، بعملية شهرية وقائية، وهي الحيض، والتي تؤدي إلى حدوث ما يسمى الدورة الشهرية أو الطمث. إذًا، للنساء عامةً دورة شهرية يتخلص فيها الجسم من الأنسجة التي لم يعد بحاجة إليها. هذه السمة الغريبة كما يبدو، هي من يحدد لنا استمرارية الجنس البشري، ولهذا من الضروري أن يكون لدى النساء دورة شهرية.
اقرأ أيضًا: نقطة .. ومن بداية العمر !
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.