تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

نعم صحيح: الرجال من المريخ و النساء من الزهرة ! – جــ 2

نعم صحيح: الرجال من المريخ و النساء من الزهرة ! - جــ 2 4
أسامة دمَراني
أسامة دمَراني

7 د

في كل مرة أجلس إلى ذلك الكتاب، يقفز إلى ذهني ذلك التساؤل عن الرابط الوثيق بيننا وبين المريخ، أوالرابط بين النساء والزُهرة!، ما الذي دفع الكاتب إلى اختيار ذلك الإسم العجيب؟!. لا يسع المرء حين ينظر في اسم كتاب بيع منه أكثر من خمسين مليون نسخة؛ إلا أن الكاتب قد اختار عنوان ذلك الكتاب بعناية شديدة، وأنه لم يكن عنواناً اعتباطياً، إن كل دلائل المنطق تقول هذا، مع احتمالات ضئيلة أخرى.

اقرأ الجزء الأول من المقال لتعرف مانحن بصدده :

نعم صحيح: الرجال من المريخ و النساء من الزهرة ! – تجربة شخصية

 بيد أنني لم أجن سوى خيبة الظن من كتاب جون جريي صاحب الإسم الطويل “الرجال من المريخ والنساء من الزهرة”والذي لم يتجاوز في رأيي مجرد عنوان، كما أخبرني أحد أصدقائي من قبل!. فإن الرجال أشبه ما يكونون بالزهرة وليس المريخ!.


درس في علم الفلك؟!

درجة حرارة تقارب 500 درجة مئوية، ضغط جوي أقوى من الضغط الجوي للأرض بتسعين مرة!، قنوات طويلة محفورة في سطح الكوكب بسبب جريان الحمم البركانية!، فوهات البراكين المنتشرة هنا وهناك حتى في سهول الكوكب…. ورغم كل ذلك، فإنك لا تكاد ترى شيئاً من ذلك كله بسبب الغلاف الجوي السميك الذي يحيط بالكوكب.

لعلك الآن تعتقد أن المقال تحول لدرس في علم الفلك، وأنني تركت العبرة من الكتاب وذهبت أفصِّل في عنوانه، كالذي ترك العبرة من قصة يوسف وعكف يفتش عن اسم امرأة العزيز!. غير أنني أؤكد لك أنني في صلب الموضوع تماماً!.


بين الزُهرة والرجل

دعني أوضح لك قليلاً… أو لأكون دقيقاً، “دعيني” أوضح لكِ، فهذا المقال للنساء أكثر منه للرجال.

إن الصفات التي ذكرتها آنفاً لكوكب الزهرة لهي أشبه شئ بصفات الرجال، فقد يمر الرجل بأزمة مالية، ويسئ إليه مديره في عمله، ويضطرب قلبه قلقاً على ابنته التي تدرس في الجامعة، ويموت أحد أصدقائه، وتمرض أمه…، لكنكِ أبداً لن تريه ينبس ببنت شفة عن أي من ذلك!، بل لا يزيده كثرة اضطرابه وما يدور في رأسه إلا صمتاً وهدوءاً. ربما إن حالفكِ الحظ فقد تظفرين منه بلحظة قد كَلَّ فيها كاهله بما ينوء من ثِقَلِ الهم، فيرخي العنان لعينه فتجري بما فيها غير مصحوبة ببكاء ولا عويل.

الشاهد ليس تشبيه الرجال بكوكب الزهرة، أوبيان خطأ الكاتب في اختيار اسم كتابه –وإن كنت أتمنى حقاً أن لواختار اسماً آخر-، فهذا من السطحية بمكان!، ومعاذ الله أن أضيع وقت قارئي في ما لا ينفعه.وإنما استخدام التشبيه كان لعلة أخرى، فإن حياة المرأة لا تخلومن رجل بحال من الأحوال، فهو والدها وأخوها وزوجها…. وإنها ستراه لا محالة في صراعه مع هم فاجع، أومصيبة تذهله عما حوله فتشغل فكره، وإنني حين أبين لكِ كيف تتعاملين مع الرجل في حالته تلك، أريدك أن تضعي دوما كوكب الزهرة نصب عينيكِ، فلوحاولت الدخول إلى الزهرة في أجوائه العنيفة المهلكة، فلن تجني إلا موتكِ المحقق.


توقفي عن المبادرة بالنصيحة، نعم!.. فقط.. توقفي!

 كذلك الرجل بالضبط، ألا تذكرين مرة دخلت على زوجكِ أووالدكِ تسألينه شيئاً، فألفيتِ رده جافاً غليظاً وربما جرحكِ ذلك الرد منه، فلم تكسبي إثماً تستحقي به تلك المعاملة، ولعل عقلكِ قد عجز حينها أن يصل للسبب الذي دفعه لأن يعطيك ذلك الرد الغليظ!. بل ربما يحدث أسوأ من ذلك، حين تدفع المرأة الرجل للكلام عن مشكلاته ظناً منها أنها تساعده بذلك أوحين تقدم المرأة نصحاً للرجل دون أن يطلبه هو بنفسه.

mary todd licoln

فإن ذلك وإن كان علامة على إظهار عميق الحب وصدق الوفاء بين النساء وبعضهن، أومن الرجال للنساء، إلا أنه حين يقدم ذلك النصح للرجال فإنه وصمة عار في جبينه، فإن دماغه تترجمها كأن المرأة التي عرضت نصحها قد قالت له “أنت أحمق لا تفقه شيئاً!، دعني أفيض عليك من خبراتي الواسعة”. وكما أنني لا أفهم حقاً كيف تشعر المرأة بدفء الإهتمام حين يعرض عليها رجل مساعدته هذا إن لم تطلبها هي من الأساس!، فإنني أتوقع ألا تفهم المرأة كيف نشعر نحن الرجال حينما تقدم لنا المرأة نصيحة لم نطلبها بأنفسنا، إنني أشعر وكأن قطعة من كرامتي قد سقطت، وكأن جبلا قد تقطّع منه بعضُه وهوى!.


كيف تنصحين؟

لهذا، فإن المرأة الحكيمة هي التي تنتظر الرجل حتى يخرج بنفسه من “كهفه” كما يحب جون جريي أن يسميه، ولتسأله حينها ما تشاء!. أوحين يخطئ في تنفيذ أمر ما، أوينسى شيئاً بديهياً مثلاً، فحاذري أن تقذفيه بانتقاد مباشر أوتوجهي له نصحاً قبل أن يطلبه هو، بل تريثي حتى تنفردي به لتخبريه أن كان الأفضل لوفعل كذا، أوأنه أليق به أن يفعل كذا.

LIBRARY IMAGE OF GONE GIRL

ولا أجد هنا في التاريخ خيراً من قصة أم سلمة رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم كنموذج للزوجة الناصحة. فحين عقد النبي صلح الحديبية وأراد أن يتحلل من إحرامه، خرج إلى المسلمين يأمرهم أن يقوموا فينحروا فلم يستجيبوا بسبب أنهم كانوا يأملون أداء العمرة في عامهم هذا، فعاد النبي إلى خيمته والهم يثقله، فرأت أم سلمة ما به من الحزن، فسألته فذكر لها ما لقي من الناس.

لاحظ هنا كيف قدمت نصيحتها، فلم تخرج إليه وهويكلم الناس لتشير عليه بأنه من الأفضل لوكان فعل كذا، أوقالت له حين عاد إلى خيمته لم لم تفعل كذا وكذا؟!، بل قالت: “يا رسول الله، أتحب ذلك؟”. تعني “أتحب أن ينحروا ويحلقوا وينفذوا أمرك؟”، بالطبع إنه أمر بديهي أن النبي يريد ذلك وإلا لما كان سألهم، أليس كذلك؟، غير أن السؤال في حد ذاته كان استئذاناً للإدلاء بالنصيحة، ولمّا أجابها النبي بالموافقة أشارت عليه أن يخرج وينحر ويحلق رأسه، فإذا رآه المسلمون يفعل ذلك، قاموا ففعلوا مثله. فقام النبي آخذا برأيها، وكان ما توقعت!، والشاهد طبعا من القصة أنها عرفت كيف تدخل إلى الرجل رغم أنه مثقل بهمّ يشغلُه.


ماذا تجنين من إصرارك على أسلوبك في النقد؟!

في الحقيقة لم أكن متأكداً عما علي الكتابة عنه بشأن الرجال، أي النقاط التي يجب أن اذكرها في المقال؟، لكنني بالنهاية رأيت أن فطنة المرأة للوقت المناسب للحديث للرجل والطريقة المناسبة للدخول إليه كافية أن تجلب عليها سعادة وتجلب معها سعادة الرجل بها، وبما أن كتاب جون جريي موجه للجنسين، وأكبر علاقة تجمع الجنسين هي الزواج، فإن اختيار المرأة لأوقاتها، بالإضافة لما ذكرته في جزء سابق لهذا المقال في أراجيك عن رفق الرجل بها، كفيل بأن يحقق لهما بيتاً هانئاً ملئ بذلك الشعور الدافئ المتناغم الذي نبحث عنه.

ولا أجد أمثلة على نتائج عناد المرأة وإصرارها على أسلوبها أشد مما كتبه ديل كارنيجي عن زوجة لينكولن وزوجة تولستوي، فقد ذكر السيناتور أبدت بيفريدج أن صوت ماري تود –زوجة لينكولن- كان يُسمع في الشارع، وأن انفجاراتها الغاضبة يسمعها الجيران، فذات صباح فعل لنكولن شيئاً لم يعجبها على الإفطار، فثارت ثائرتها وقذفت بالقهوة الساخنة في وجهه.

Tolstoy's Wife

لم يقل لنكولن شيئا ً، وجلس في مهانة وصمت، بينما جاءت السيدة إيرلي –صاحبة البيت الذي استأجره لينكولن- بمنشفة لتمسح القهوة عن وجهه. وكانت السيدة لينكولن حمقاء وشديدة وغير قابلة للفهم وكثيرة الشكوى من زوجها، وإن مجرد قراءة المواقف المشينة التي قامت بها على الملأ بعد وقوعها بخمسة وسبعين عاماً، تجعلك تشهق من الدهشة!. وفي النهاية أصيبت بالجنون.

وأما تولستوي فقد اصطدم مع زوجته بعد تغيره نحوكتاباته التي ألفها، فأصبح يشعر بالعار منها، وكره الحياة المرفهة، وزهد فيها، وحاول أن يتبسط في عيشه، الأمر الذي لم يرق لزوجته التي ظلت سنوات تثير النكد وتعنفه وتصرخ فيه لأنه كان يريد التنازل عن حق نشر كتبه، وهي تريد الأموال التي تجلبها هذه الكتب.

ولما بلغت به التعاسة مبلغها وبلغ اثنين وثمانين سنة، هرب من زوجته في ليلة ثلجية ومات بعد أحد عشر يوماً بالتهاب رئوي في محطة للسكك الحديدية، وكان طلبه وهويختفي ألا يُسمح لزوجته أن تأتي مقبرته!. ذلك هوالثمن الذي دفعته زوجة الكاتب الروائي الذي تهافتت المعجبات على كتابة أقواله وتدوينها.

ولعلكِ تتساءلين يا سيدتي عما إذا كان هناك دوافع حقيقية وراء تصرفات هاتين الزوجتين –وجهت الخطاب للنساء عمداً لأني أعرف أن رجلا لن يفكر في هذه الفرضية!-، هل تري أن تلك الأفعال قد ساعدت أياً منهما على تحقيق رغبتها وتحقيق سعادة مزعومة لبيتها؟! أم أن ذلك قد زاد الأمر سوءاً؟. لعل زوجة تولستوي أجابتكِ عما بنفسك حينما قالت “أعتقد أنني كنت مجنونة!”، في الواقع، كان هذا آخر ما قالته.


الموجز

بنهاية هذا الجزء الثاني من رأيي في كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، فإنني أهيب بالرجال والنساء على حد سواء أن يفطنوا إلى أن تحقيق سعادتهم يحصل بعد تَحركِهِم أنفسهَم، وليكن بينهم دائماً رفق من الرجال بالنساء وأنهم يحتاجون إلى إظهار المزيد من الحب بصورة منظورة ومسموعة أكثر، وفطنة من النساء بمطالب الرجال النفسية وأنها تختلف عن مطالبها النفسية، فلا تلبي حاجته من الرعاية كما تلبي حاجة صديقتها.

اقرأ أيضـاً :

كيف يمكن للإنترنت، الدوبامين ، وعقلك أن يعملوا سويّاً لإضعاف قدراتك ؟!

ذو صلة

الأمراض الأشد فتكـاً في تاريخ البشرية على الإطلاق

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ف الكتاب الدكتور قال ان ممكن الوضع ينعكس والصفات تبقا العمس المهم انتا تكون فاهم تتعامل ازاي مع الصفات د يعني المراه مثال وممكن الرجل يبقا ف مكانها

ف الكتاب الدكتور قال ان ممكن الوضع ينعكس والصفات تبقا العمس المهم انتا تكون فاهم تتعامل ازاي مع الصفات د يعني المراه مثال وممكن الرجل يبقا ف مكانها

لماذا دائما الكلام موجه للمرأة وأنها هي من عليها أن تجد الوقت المناسب والطريقة المناسبة للحديث مع الرجل؟؟
لماذا لا يوجه الحديث للرجل بنفس المنطق وأن عليه أن يختار الوقت المناسب والطريقة المناسبة للحديث مع المرأة

el afkar el mawgooda fel ketab kan 2ader yla5eshalna f saf7ateen bes chakl el kateb hoa le men Venus lol

مقال رائع

ربّـاه.. بعد قراءة كتاب ما تصدّق ما فيه كليّا؟
لا يوجد ذاك الاختلاف الكبير الذي يقفز عقلك لاستنتاجه من اكمال الكتاب..
>.<

ذو صلة