قد تساعد في مكافحة تغير المناخ.. علماء يكتشفون أقدم تلال النمل الأبيض في جنوب أفريقيا!

اكتشف العلماء في جنوب أفريقيا أقدم تلال النمل الأبيض النشطة في العالم، والتي ظلت مأهولة لعشرات الآلاف من السنين.

كشفت تقنيات التأريخ بالكربون المشع حديثًا أن هذه التلال أقدم بكثير من أي تلال معروفة سابقًا، حيث يعود تاريخ بعضها إلى نحو 34,000 سنة، وهي بذلك أقدم من الرسوم الكهفية الأيقونية في أوروبا وحتى أقدم من العصر الجليدي الأخير الذي غطت خلاله الصفائح الجليدية الشاسعة معظم نصف الكرة الشمالي. جاء هذا الاكتشاف على لسان ميشيل فرانسيس، المؤلفة الرئيسية للدراسة التي نُشرت في مايو في مجلة "Science of the Total Environment".

وقد اكتُشف مسكن الحشرات الضخم هذا على ضفاف نهر بافيلس في ناماكوالاند، وهي منطقة على الساحل الغربي لجنوب أفريقيا حيث يغطي نحو 20% من المناظر الطبيعية تلال مشابهة. سكان هذه التلال الصغيرة القديمة، التي تسمى هويلتجيز(heuweltjies) ، هم نمل الحصاد الجنوبي (Microhodotermes viator). فأثناء بحثهم اليومي عن الطعام، يجمع هؤلاء النمل قطع الخشب ويضيفونها إلى أعشاشهم. على مر السنين، تتراكم هذه المواد العضوية وتشكّل مستودعًا غنيًا بالكربون.

في دراسة سابقة، قدرت فرانسيس، وهي عالمة بيئة في جامعة ستيلينبوش، وفريقها أن كل تل من تلال النمل يمكن أن يحتوي على حوالي 15 طنًا من الكربون. لذلك، كانت فرانسيس مهتمة بفهم كيفية تفاعل المياه الجوفية والغلاف الجوي والتربة في هذه التلال الصغيرة لتخزين هذه الكمية الكبيرة من الكربون.

ولإجراء ذلك، قامت الفريق بتحليل كيميائي لتلال النمل ووصف العمليات الكيميائية التي تنقل الكربون الجوي إلى هذه التلال. وجدوا أن النمل عندما يجمع المواد العضوية ويجلبها إلى أعشاشه، فإنه يزعزع التربة ويجعل من السهل على الماء التغلغل. ثم تقوم الميكروبات في التربة بعد ذلك بتحويل مخازن الكربون هذه إلى كربونات الكالسيوم.

وخلال الأمطار الغزيرة، تتفاعل كربونات الكالسيوم في التلال كيميائيًا مع حمض الكربونيك الذي يتشكل عندما يذوب ثاني أكسيد الكربون الجوي في مياه الأمطار. حيث تزيد هذه التفاعلات الكيميائية من احتجاز ثاني أكسيد الكربون الجوي.

ومن جانبها، أوضحت فرانسيس أن هذه العملية تخزن الكربون الجديد على عمق حوالي متر تحت السطح لفترات طويلة. وقالت في البيان: "من خلال دراسة هذه التلال، يمكن للعلماء فهم أفضل لكيفية مكافحة تغير المناخ باستخدام العمليات الطبيعية لاحتجاز الكربون".

وقد قدر العلماء عمر هذه التلال باستخدام التأريخ بالكربون المشع. في حين كانت أقدم تلال النمل المكتشفة سابقًا في البرازيل تعود إلى 4,000 سنة فقط.

وقالت فرانسيس في البيان: "إن اكتشاف أقدم تلال النمل الأبيض في ناماكوالاند هو دليل على التاريخ المذهل المخفي تحت أقدامنا". وأضافت: "هذه التلال لا تُضيء الماضي فحسب، بل تقدم أيضًا أدلة حيوية لمستقبلنا. ومع استمرارنا في كشف أسرار هذه الهياكل القديمة، تظل هذه التلال تذكارًا للتفاعل الدقيق بين المناخ والبيئة والحياة على الأرض".