تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

احتضان المشاعر السلبية يحسّن صحتك العقلية والنفسية وليس العكس.. لكن ما السبب؟

مريم مونس
مريم مونس

4 د

قد نشعر أحيانًا بالقلق بشأن مقابلة عمل قادمة ونلوم أنفسنا على نقص الثقة. وقد نغضب من شريكنا وبعدها نشعر بالندم لعدم صبرنا. من الواضح أن مشاعرنا لها تأثير على صحتنا، لكن الدراسات الأخيرة تشير إلى أن كيفية تقييمنا وتفاعلنا مع هذه المشاعر قد يكون لها تأثير أكبر علينا.

في بحث نُشر مؤخّرًا اكتشف العلماء أن الأشخاص الذين يميلون لرؤية المشاعر السلبية مثل الحزن والخوف والغضب على أنها غير مقبولة أو سيئة، يعانون من أعراض القلق والاكتئاب بشكل أكبر ويشعرون برضا أقل عن حياتهم مقارنة بأولئك الذين ينظرون إلى مشاعرهم السلبية بشكل إيجابي أو محايد.

هذه النتائج تضيف إلى الأدلة المتزايدة على أن الأشخاص يستفيدون أكثر عندما يقبلون مشاعرهم الغير مرغوب فيها كجزء طبيعي وصحي من الحياة بدلاً من محاولة مقاومتها أو كبتها.

إيريس موس، وهي عالمة نفس اجتماعي تدرس العواطف في جامعة كاليفورنيا بيركلي وشاركت في تأليف الدراسة الجديدة، تقول: "العديد منا يحمل هذا الاعتقاد الباطني بأن المشاعر بحد ذاتها سلبية وأنها ستؤذينا". لكنها توضح: "غالبًا ما تكون المشاعر غير مؤذية".


"الحكم على المشاعر هو ما يؤدي إلى المعاناة في النهاية."


الحكم على مشاعرك يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.. لكن ما السبب؟

إميلي ويلروث، عالمة نفس في جامعة واشنطن بسانت لويس والتي شاركت في كتابة الدراسة الحديثة، تشرح أن عندما نعتقد أن مشاعرنا السلبية غير مقبولة، نضيف بذلك طبقة إضافية من المشاعر السلبية فوق ما نشعر به بالفعل، مما يجعل حالتنا أسوأ. هذا النهج قد يجعل مشاعرنا السلبية أكثر حدة ويطيل من مدة تأثيرها. بدلاً من أن تتلاشى هذه المشاعر بعد لحظات، "قد تجد نفسك لا تزال تفكر فيها بعد ساعة"، كما تقول.

تجنب المشاعر أو كبتها يمكن أن يكون له أثر معاكس كذلك. في دراسة سريرية تجريبية، طُلب من المشاركين غمر إحدى يديهم في ماء شديد البرودة وإما أن يقبلوا شعور الألم الناتج أو أن يحاولوا كبته. المشاركون الذين حاولوا كبت مشاعرهم ذكروا أنهم شعروا بألم أكبر ولم يستطيعوا تحمل البرودة لفترة طويلة مقارنةً بأولئك الذين قبلوا شعورهم بالألم. دراسات أخرى ربطت بين كبت المشاعر وزيادة خطر التعرض لمشاكل الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق.

أماندا شالكروس، أخصائية العلاج الطبيعي التي تبحث في تنظيم العواطف في كليفلاند كلينك، تقول: "ما تقاومه يبقى". عندما تتجنب مشاعرك، "ستواجه عواقب سلبية على صحتك النفسية والجسدية على المدى الطويل".

الأبحاث تظهر أيضًا أن الأشخاص الذين لديهم عادة الحكم السلبي على مشاعرهم قد يشعرون بضيق أكبر عند مواجهة مواقف مرهقة. في دراسة أُجريت عام 2018، استفسرت الدكتورة موس وزملاؤها من المشاركين عما إذا كانوا يميلون لقبول مشاعرهم أو الحكم عليها بشكل سلبي. بعد ذلك، طُلب من المشاركين إلقاء خطاب مدته ثلاث دقائق حول مؤهلاتهم لشغل وظيفة معينة، وهي مهمة تعرف بأنها تثير التوتر. المشاركون الذين عادة ما لا يقبلون مشاعرهم أفادوا بتجربة مشاعر سلبية أكثر خلال الخطاب. وفي دراسة متابعة، وُجد أن الأشخاص الذين لم يكونوا مقبلين على مشاعرهم عادةً أبلغوا عن حالة نفسية أسوأ وظهروا بأعراض اكتئاب وقلق أكثر بعد ستة أشهر.


كيف توفّق بين نفسك ومشاعرك؟

أولًا، من الضروري أن تدرك أن الشعور بالمشاعر غير المريحة هو جزء لا يتجزأ من الحياة البشرية. يقول الدكتور ويلروث: "لا توجد مشاعر سلبية بطبيعتها أو غير مناسبة". ويضيف أن هذه المشاعر السلبية يمكن أن تكون مفيدة في بعض الأحيان؛ القلق قد يحذرك من خطر محتمل، الغضب قد يدفعك للدفاع عن نفسك، والحزن قد يشير إلى حاجتك لدعم الآخرين.

عندما تشعر بأحاسيس غير مرغوبة، لا يجب أن تعجبك هذه الأحاسيس، ولكن حاول أن تقابلها بالحياد. كشفت الدراسة الأخيرة أن الأشخاص الذين تعاملوا مع مشاعرهم بحيادية كانت صحتهم النفسية جيدة مثل الذين تعاملوا معها بإيجابية. يقترح الدكتور شالكروس استقبال هذه المشاعر بفضول، معتبرًا جسدك وتجربتك كمعمل للاستكشاف: "ما الذي يمكن أن أتعلمه من هذا؟"

من المفيد أيضًا تذكر أن هذه المشاعر لن تدوم إلى الأبد. يؤكد الدكتور ويلروث: "المشاعر عادة ما تكون مؤقتة، فإذا سمحنا لها بأن تتلاشى، فإنها غالبًا ما تزول خلال لحظات أو دقائق".

ذو صلة

الخبرة والزمن يمكن أن يجعلا من السهل قبول المشاعر. يتحسن الأمان العاطفي مع تقدمنا في العمر، وقد وجدت أبحاث الدكتور شالكروس أن هذا قد يعود جزئيًا إلى أن الأشخاص يصبحون أفضل في قبول مشاعرهم كلما تقدموا في السن.

من المهم التمييز بين قبول المشاعر وقبول الأوضاع التي تثير هذه المشاعر. يوضح بريت فورد، عالم النفس في جامعة تورونتو الذي يبحث في كيفية تعامل الناس مع مشاعرهم، أن قبول المشاعر لا يعني الرضا بالأوضاع السيئة. يشير إلى أن القبول العاطفي قد يسهل التغيير بالفعل؛ إذا لم نضيع وقتنا وطاقتنا في انتقاد مشاعرنا، سنتمكن من استخدام هذه الموارد لتحسين حياتنا وإحداث تغيير إيجابي في العالم.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة