تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

بتكلفة ضخمة تثير الجدل.. علماء يقدمون مُقترح لبناء أكبر مصادم جسيمات في العالم للعثور على 95% من الكون المفقود

منة الله سيد أحمد
منة الله سيد أحمد

4 د

قدم الباحثون في CERN مقترحًا لإنشاء مصادم جسيمات جديد وفائق الحجم، يهدف إلى اكتشاف جسيمات جديدة لفهم أعمق للكون، يُتوقع أن يكون المصادم الجديد أكبر بثلاث مرات من المصادم الحالي، مع تكلفة إنشاء تبلغ 12 مليار جنيه استرليني.

أثار الإنفاق المتوقع على المصادم الجديد، المسمى المصادم الدائري المستقبلي (FCC)، بعض الجدل بين النقاد والخبراء، حيث يتساءل البعض عن جدوى المشروع من الناحية الاقتصادية، وخاصةً في ضوء التحديات البيئية الراهنة.

بينما يعد المصادم الجديد بإمكانيات بحثية هائلة لاستكشاف الأسئلة الأساسية في الفيزياء، فإن الجدل مستمر بين علماء الفيزياء حول أفضل طريقة لتحقيق هذا التقدم، مع وجود دعوات لاعتماد تصاميم بديلة قد تكون أقل تكلفة وأسرع في التنفيذ.

قدم الباحثون في أكبر مُسرع للجسيمات في العالم، الموجود في سويسرا، مقترحات لإنشاء مصادم فائق جديد، يفوق حجمه الحالي بمرات عدة. يهدف هذا المشروع الطموح إلى اكتشاف جسيمات جديدة قد تُحدث ثورة في علم الفيزياء، وتُسهم في فهم أكثر شمولاً لكيفية عمل الكون. وفي حال الموافقة على المقترح، سيكون الإنجاز الجديد أكبر بثلاث مرات من المصادم العملاق الحالي.

لكن، أثار التكلفة المقدرة للمشروع، والبالغة 12 مليار جنيه استرليني، دهشة البعض، ووُصف الإنفاق المتوقع بأنه "متهور" من قبل بعض النقاد. ومن المتوقع أن تأتي هذه التكاليف، التي تمثل فقط النفقات الأولية للبناء، من الدول الأعضاء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN)، بما في ذلك المملكة المتحدة، مما أثار تساؤلات حول مدى منطقية هذا الإنفاق من الناحية الاقتصادية.

ويُعد اكتشاف الجسيم هيغز بوسون في عام 2012 أبرز إنجازات مصادم الهادرونات الكبير (LHC) حتى الآن. ومع ذلك، ظلت محاولات المصادم للكشف عن المادة المظلمة والطاقة المظلمة، والتي تُعتبر من الأهداف المهمة في الفيزياء، بعيدة المنال. ويرى بعض الباحثين أن هناك خيارات أقل تكلفة قد تكون متاحة.

المصادم الدائري المستقبلي (FCC) هو اسم الآلة الجديدة المقترحة. وقد أشارت البروفيسورة فابيولا جيانوتي، المديرة العامة لـCERN، إلى أن المصادم الجديد، في حال الموافقة عليه، سيُعد "آلة رائعة"، تتيح للإنسانية اتخاذ خطوات كبيرة نحو الإجابة على أسئلة جوهرية في الفيزياء الأساسية، وتُعزز فهمنا للكون.

وتقع المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN) على الحدود بين سويسرا وفرنسا، بالقرب من جنيف، ويتألف مصادم LHC من نفق دائري تحت الأرض بطول 27 كيلومترًا. حيث يُسرع هذا المصادم الجسيمات الداخلية للذرات، أو الهدرونات، في اتجاهي عقارب الساعة وعكسها إلى سرعات تقارب سرعة الضوء، ويجعلها تصطدم ببعضها البعض بقوة لم يسبق لها مثيل في أي جهاز آخر لتحطيم الذرات على مستوى العالم.

وتُساعد الجسيمات دون الذرية الناتجة عن هذه الاصطدامات العلماء في استكشاف مكونات الذرات وطرق تفاعلها مع بعضها البعض. وبناءً على اكتشاف هيغز بوسون، الذي شكل إنجازًا كبيرًا قبل أكثر من عقد من الزمان، فإن الاقتراح الحالي يتضمن بناء المصادم الجديد على مرحلتين؛ الأولى ستبدأ في منتصف الأربعينيات من هذا القرن، وستركز على تصادم الإلكترونات، على أمل أن تُنتج كميات كبيرة من جسيمات هيغز ليتم دراستها بالتفصيل. أما المرحلة الثانية، التي ستبدأ في السبعينيات، فستتطلب مغناطيسات أقوى وأكثر تقدمًا، حيث سيتم استخدام البروتونات الأثقل في البحث عن جسيمات جديدة.

ستكون أبعاد المصادم الجديد تقريبًا 3 أضعاف محيط مصادم LHC، بطول يقارب 91 كيلومترًا، وبعمق أكبر مرتين، مما يثير السؤال: لماذا الحاجة إلى مصادم هادرون أكبر؟ السبب يعود إلى أن LHC، الذي بلغت تكلفة بنائه 3.75 مليار جنيه استرليني وبدأ تشغيله في 2008، لم يتمكن بعد من العثور على جسيمات من شأنها أن تساعد في تفسير 95% من الكون.

وما زال العلماء يبحثون عن جسيمين غامضين: الطاقة المظلمة، التي تعمل بشكل معاكس للجاذبية وتدفع الأجسام في الكون بعيدًا عن بعضها البعض، والمادة المظلمة، التي لا يمكن اكتشافها مباشرة لكن يُشعر بوجودها من خلال تأثيرها الجاذبي. وتُشير البروفيسورة جيانوتي إلى أن هناك "شيئًا كبيرًا نفتقده"، مؤكدةً على الحاجة إلى المصادم الجديد لاكتشاف هذه الجسيمات المظلمة، الأمر الذي قد يُفضي إلى نظرية جديدة أكثر اكتمالًا لكيفية عمل الكون.

وعلى الرغم من التوقعات السابقة التي تمتد لأكثر من عقدين بأن LHC سيكتشف هذه الجسيمات الغامضة، إلا أن ذلك لم يحدث. وتُعرب الدكتورة سابين هوسنفيلدر، من مركز ميونيخ للفلسفة الرياضية، عن شكوكها حول ضمان نجاح المصادم الجديد، مشيرةً إلى أن مجال فيزياء الجسيمات، الذي تطور عقب الفيزياء النووية ويحظى بتمويل جيد لأسباب تاريخية، قد يحتاج إلى تقليص حجمه إلى العُشر.

كما يُعرب البروفيسور السير ديفيد كينج، المستشار العلمي السابق للحكومة البريطانية، عن اعتقاده بأن إنفاق 12 مليار جنيه استرليني على هذا المشروع قد يكون "متهورًا"، خاصةً في ظل التهديدات الناجمة عن الأزمة المناخية، متسائلاً عما إذا كان من الحكمة توجيه هذه الأموال لأبحاث تُساهم في خلق مستقبل يمكن التحكم فيه.

ذو صلة

ويُظهر الجدل بين علماء فيزياء الجسيمات أنفسهم حول ما إذا كان المصادم الدائري العملاق هو الخيار الأمثل دلالة على وجود آراء مختلفة حول هذا المشروع. فقد ذكر البروفيسور إيدان روبسون من جامعة جلاسكو أن المصادم المبني على خط مستقيم قد يكون أرخص، مُشيرًا إلى ثلاث مزايا رئيسية، تشمل: إمكانية البناء التدريجي للآلة، واختلاف ملف التكلفة، وقصر النفق الذي يُمكن أن يُسرع من عملية البناء.

ومن الجدير بالذكر أنه رغم ذلك، يُعتبر المصادم الدائري المستقبلي (FCC) الخيار المفضل للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN)، نتيجة لمشاورات واسعة النطاق بين علماء الفيزياء في أوروبا وحول العالم. ويجري حاليًا قياس ردود الفعل على هذا الاقتراح من قِبل الدول الأعضاء، التي ستتحمل تكلفة الآلة الجديدة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة