تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

بعد الجدل حول مخبأ مارك زوكربيرج ليوم القيامة.. هل يستعد المليارديرات لنهاية العالم أم أنهم رواد إقطاعية جديدة؟

منة الله سيد أحمد
منة الله سيد أحمد

7 د

في ديسمبر 2023، كشفت مجلة (WIRED) عن قيام مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة (Meta)، بشراء مساحات واسعة من أراضي جزيرة كاواي في هاواي، حيث يعمل هو وزوجته على بناء مجمع ضخم يُعرف باسم (Ko'olau Ranch) بتكلفة تتجاوز 400 مليون دولار أسترالي.

تتضمن مزرعة مارك خططًا لإنشاء مخبأ ضخم تحت الأرض، مما يثير تساؤلات حول أسباب بناء مارك زوكربيرج لمخبأ خاص لنهاية العالم في هاواي وتساؤلات حول ما يعرفه المليارديرات بشأن المستقبل ولا يشاركونه مع العامة.

يشير بناء المخابئ والمزارع الضخمة إلى تحول الأثرياء نحو بناء أنظمة بيئية مكتفية ذاتيًا بالكامل، وهو ما يشبه إلى حد كبير النظام الإقطاعي في العصور الوسطى، حيث يتم التحكم في الأراضي والزراعة والبيئة المبنية والعمالة وإدارتها من قبل شخص واحد.

في شهر ديسمبر من عام 2023، أفادت مجلة (WIRED) أن مارك زوكربيرج، الملياردير البارز والرئيس التنفيذي لشركة  (Meta)، وأحد الشخصيات الرائدة في العصر الحديث الذي يغلب عليه طابع وسائل التواصل الاجتماعي، قد قام بشراء مساحات شاسعة من أراضي جزيرة كاواي في هاواي. حيث يعكف زوكربيرج وزوجته، بريسيلا تشان، على إقامة مجمع ضخم يُعرف باسم (Ko'olau Ranch) على هذه الأراضي، ومن المتوقع أن تتجاوز تكاليف إنجازه 400 مليون دولار أسترالي.

يمتد هذا الملك العقاري على مساحة تقدر بـ 5,500,000 متر مربع، ويُحيط به جدار يصل ارتفاعه إلى مترين، كما يحرسه العديد من رجال الأمن الذين يتجولون على الشواطئ القريبة. وتجدر الإشارة إلى أن المئات من أبناء هاواي المحليين يعملون في ممتلكات زوكربيرج، ولكن تظل التفاصيل الدقيقة حول عددهم الحقيقي وطبيعة مهامهم مستترة بموجب اتفاقية السرية.

وتُبرز مجلة (WIRED) في عنوانها الفرعي أن مزرعة (Ko'olau Ranch) التي يملكها زوكربيرج تضمن خططًا لإنشاء مخبأ ضخم تحت الأرض، وهو ما يلفت انتباه الصحفيين ومنظري المؤامرة على حد سواء. وهنا تتعدد التساؤلات حول أسباب إقدام مارك زوكربيرج على بناء مخبأ خاص لنهاية العالم في هاواي، وما الذي يعرفه المليارديرات ولا يشاركونه مع العامة؟ وما هي الأحداث المتوقعة في عام 2024 والتي لم يتم الإفصاح عنها؟

ما وراء مخبأ زوكربيرج

لقد أصبحت المخابئ المخصصة ليوم القيامة جزءًا معتادًا في الثقافة الشعبية الأمريكية المعاصرة، ويتجلى ذلك في أعمال سينمائية مثل "The Last of Us" و "Tales from the Walking Dead"، وفي الفيلم الأخير على نتفليكس بعنوان "Leave the World Behind". في الوقت ذاته، يتزايد الاهتمام العام بصناعة المخابئ، التي باتت تجارة رابحة، بفضل العناوين الصحفية المثيرة التي تصف مخابئ المليارديرات بأنها مزودة بتجهيزات مثل الخنادق وخراطيم المياه.

إلا أن هناك جوانب أخرى في البنية التحتية لجزيرة كاواي تستحق الاهتمام بشكل أكبر، مثل القصور الضخمة التي تعادل مساحتها المجمعة ملعب كرة قدم، وما لا يقل عن 11 بيت شجرة متصلين بجسور الحبال، وأجهزة مخصصة لتنقية وتحلية المياه وتخزينها.

من جهة أخرى، يقوم ملياردير فيسبوك بنشر محتوى مرتبط على إنستجرام من مزرعته، مثل صورة له  وهو يستعد لتناول قطعة ضخمة من اللحم المشوي. ويشارك زوكربيرج مع متابعيه أنه بدأ بتربية الماشية بنفسه، مغذيًا إياها بالمكسرات والبيرة المنتجتين في المزرعة. يذكر أن كل بقرة تستهلك ما بين 5000 إلى 10000 رطل من الطعام سنويًا، مما يتطلب مساحات شاسعة من أشجار المكاديميا.

إن هذا النوع من الحضور المصطنع على وسائل التواصل الاجتماعي هو في الواقع مثال على التحول الجديد في الرأسمالية، حيث يصعب التمييز بين منطق الذات ومنطق الشركة.

تتضمن خطط زوكربيرج وتشان أيضًا الحفاظ على الحياة البرية وترميم النباتات المحلية وزراعة الكركم والزنجبيل العضوي، والشراكات مع خبراء حفظ البيئة في كاواي للحفاظ على النباتات والحيوانات المحلية وحمايتها، وهو ما سيكون له تأثير مادي أكبر على كاواي مقارنة بالمخبأ، بغض النظر عن حجمه.

هل يستعد الأغنياء حقًا لنهاية العالم؟

ليس زوكربيرج وحده من يقوم ببناء مجمعات سكنية ضخمة في هاواي؛ فقد اشترت أوبرا وينفري عقارًا بمساحة 163 فدانًا في ماوي عام 2002، وتوسعت في شراء المزيد من الأراضي، لتصل مساحتها الإجمالية إلى أكثر من 650 ألف متر مربع.

كما اشترى لاري إليسون، المؤسس المشارك لشركة (Oracle)، جزيرة لاناي بأكملها تقريبًا في عام 2012. وقبل عامين، اشترى الملياردير فرانك فاندرسلوت مزرعة بمساحة 2000 فدان جنوب مزرعة زوكربيرج مباشرةً.

ومع انتقال الأثرياء إلى هذه المناطق، يواجه السكان المحليون، الذين كانوا يعيشون على هذه الأراضي أصلاً، ارتفاعًا في الأسعار أو حتى التهجير القسري، وهو ما يمثل إحدى الآثار الجانبية المؤسفة للتعقيدات القانونية المتعلقة بحقوق الأراضي في هاواي، حيث لا تُعترف بملكية السكان الأصليين وإدارتهم للأراضي في كثير من الأحيان.

قد يبدو للوهلة الأولى أن هؤلاء الأثرياء يستعدون لنهاية العالم كما تصورتها أفلام الكوارث السينمائية في القرن العشرين، ولكن الحقيقة تختلف.

فعلى الرغم من أن عقاراتهم الشاسعة تتضمن المخابئ وغيرها من التجهيزات المرتبطة تقليديًا بالتحضير للطوارئ، إلا أن زوكربيرج ووينفري وإليسون وآخرين يسعون في الواقع إلى إنشاء أنظمة بيئية مكتفية ذاتيًا بالكامل، حيث يتم التحكم في الأراضي والزراعة والبيئة المبنية والعمالة وإدارتها من قبل شخص واحد، وهو ما يشبه إلى حد كبير النظام الإقطاعي في العصور الوسطى أكثر من كونه يمثل نموذج الرأسمالية في القرن الحادي والعشرين.

عودة جديدة إلى الإقطاع

يجادل البعض بأن صناعة التكنولوجيا قد ابتكرت شكلاً جديدًا من "الإقطاع التكنولوجي" أو "الإقطاع الجديد"، الذي يعتمد على "استعمار البيانات" وسيطرة الشركات على البيانات الشخصية.

يعد هذا الطرح سليم، ولكن من جهة أخرى ما يحدث في هاواي أيضًا يتماشى في الواقع مع الفهم التقليدي للإقطاع، حيث كان الملك يمتلك كل شيء تقريبًا في النظام الإقطاعي بأوروبا خلال العصور الوسطى، وكانت حقوق ملكية الجميع تعتمد على علاقتهم به.

وتُظهر محاولة زوكربيرج في هاواي، على عكس المحاولات الفاشلة السابقة لأصحاب المليارات لبناء مخابئ للهروب من كوارث مستقبلية، نموذجًا تجاريًا يعيدنا مباشرة إلى الإقطاع، حيث يتنازل أفراد المجتمع، أو يوافقون، على منح أحد الأثرياء إدارة أراضيهم باسم الحفاظ عليها.

لقد طغى هذا النمط على الاهتمام الإعلامي بالميزات الأكثر إثارة للدهشة في مخططات زوكربيرج في هاواي، حيث يبدو أن البقاء لا يتوقف على الاختباء في مخبأ تحت الأرض فحسب، بل يتعلق أيضًا بتطوير والسيطرة على نظام بيئي خاص بكل فرد.

قد يبدو من السهل الافتراض أن بعض أغنى الناس في العالم، بما أنهم يشترون العقارات في الجزر النائية ويزودونها بالمخابئ، لابد أنهم يمتلكون بعض المعلومات السرية. ولكن، الحقيقة أبسط وأكثر وحشية من ذلك، حيث يبني المليارديرات عقارات متقنة ببساطة لأنهم يستطيعون ذلك. حيث تقدر القيمة الصافية لثروة مارك زوكربيرج في عام 2024 بحوالي 260 مليار دولار أسترالي، وتمثل قلعته في هاواي التي تبلغ قيمتها 400 مليون دولار، رغم كونها باهظة الثمن، أقل من 0.2% من إجمالي ثروته، وهو ما يشبه النسبة المئوية لأسرة تبلغ قيمتها الصافية 1,000,000 دولار تنفق 1,540 دولارًا فقط.

وتُظهر هذه الحسابات أن المليارديرات المحصنين لا يحتاجون إلى "الاعتقاد" باحتمال حدوث نهاية العالم أو الانهيار الاجتماعي الوشيك بأي معنى جاد أو ذي مغزى. بدلاً من ذلك، بما أن لديهم أموالًا أكثر بكثير مما يعرفون كيفية إنفاقها، فقد يستخدمون أيضًا جزءًا صغيرًا منها لبناء حصون تحت الأرض. على سبيل المثال، يمتلك بيل جيتس عدة عقارات في الولايات المتحدة وحدها، ويُشاع أن لديه مناطق أمان تحت الأرض تحت كل منزل من منازله.

استعدادات الأغنياء مقابل استعدادت الفقراء

من ناحية أخرى، في البلدان التي ينتشر فيها الفقر المدقع، مثل الهند وكمبوديا واليمن، لا معنى لثقافة الاستعداد للمستقبل، حيث يعيش مئات الملايين من الناس بالفعل في ظروف قد تبدو "مروعة" من وجهة نظر الغربيين المتميزين.

وبالنسبة للأشخاص من الطبقة المتوسطة الذين لا يستطيعون امتلاك عقارات متعددة، فإن قرار العيش على جزيرة يحتمل أن تكون "آمنة" سيستلزم الانتقال إلى هناك بشكل دائم، مما يؤدي إلى تفويت فرص كسب الدخل في مكان آخر. كما أنه إذا كان دخلك المتاح هو ما يقرب من 5000 دولار أو 10000 دولار سنويًا، وتأمل في شراء مأوى من شأنه أن يكلفك ما يزيد قليلاً عن 150000 دولار، هذا يعني أن عليك تكريس حياتك العملية بأكملها لهذا المشروع.

لعل هذا يفسر سبب تهافت الناس، خلال الأسابيع الأولى لفترة الإغلاق في عام 2020، على شراء كميات كبيرة من ورق التواليت والأشياء البسيطة. إذ تُعد هذه الطريقة من أقل الطرق تكلفة وأكثرها سهولة لتكوين مخزون ضخم بصورة عاجلة، مما يمنح الأفراد إحساسًا باتخاذ إجراء فعّال في ظل ظروف مليئة بالضغوط.

ذو صلة

في الوقت نفسه، فإن الاهتمام بالمخابئ الضخمة التي يملكها كبار الأثرياء هو جزء من اتجاه ثقافي أوسع، حيث يتظاهر الناس العاديون - الفقراء - بالسخرية من المليارديرات "المجانين"، بينما يطمحون سرًا إلى الوصول إلى ثروات فاحشة بأنفسهم.

لكن بالنسبة للمليارديرات، لا يشير استثمار أموالهم في مثل هذه المشاريع إلى أنهم يعانون من الجنون أو البارانويا، أو أنهم يحتفظون بمعلومات سرية عن المستقبل. بل يعكس ببساطة حقيقة أنهم اكتنزوا ثروات طائلة، ويسعون إلى استغلالها في مختلف المجالات، إذ أن المخابئ ليست سوى جزء صغير من "محفظة متنوعة" من استراتيجياتهم للتعامل مع المخاطر المستقبلية المحتملة، والتي من بينها أيضًا الاستثمار في السفر إلى الفضاء.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة