لماذا تنجذب الحشرات للأضواء ليلاً؟ قد يكون السبب مفاجئ!

السبب المفاجئ وراء دوران الحشرات حول الأضواء ليلاً هو فقدانها لمسارها في السماء، بحسب ما كتبه صامويل فابيان وجيمي ثيوبالد وياش سوندي في المحادثة. يعتمد تأثير الضوء المنعكس بشكل كبير على ما إذا كان يأتي من أسفل الحشرة أو من فوقها، حسبما نشر في Nature Communications لعام 2024.

لقد كانت الحشرات التي تحلق حول النار في الليل مشهدًا مألوفًا منذ القدم، حيث يرمز إلى الجاذبية الخطيرة ولكنها لا تقاوم في الفن والموسيقى والأدب. هذا المشهد، حيث تدور الحشرات بشكل غير منتظم حول الضوء، يثير الاستغراب إذ يبدو كأن هناك خطأ ما؛ فبدلاً من البحث عن الطعام أو تجنب الحيوانات المفترسة، تقع هذه الحشرات في فخ الضوء.

على مر القرون، ظل الغموض يحيط بالأسباب الحقيقية وراء هذا السلوك. تطرح التفسيرات القديمة عدة نظريات لكنها لم توفر حلاً شافيًا. من بين هذه النظريات، فكرة أن الحشرات قد تنجذب إلى حرارة اللهب وأخرى تشير إلى أن الحشرات تنجذب مباشرة إلى الضوء كرد فعل يسمى الانجذاب الضوئي، ولكن هذه النظريات لم تستطع تفسير سلوك الدوران حول الضوء.

نظرية أخرى تقترح أن الحشرات قد تعتبر الضوء القريب بمثابة القمر، محاولة استخدامه للملاحة السماوية، ولكن هذا النموذج لا يتوافق مع الملاحظات العملية لمسارات طيران الحشرات حول الأضواء.

لفهم هذا اللغز بشكل أفضل، أجرينا نحن وزملاؤنا تجارب باستخدام تقنيات التتبع عالية السرعة لتحديد مسارات الطيران ووضعيات الجسم بدقة. وقد كشفت النتائج عن سلوك مثير للاهتمام حيث تدير الحشرات ظهورها باستمرار نحو الأضواء، وهو ما يعرف بالاستجابة للضوء الظهري. هذه الاستجابة، التي قد تكون مفيدة في الطبيعة، تؤدي إلى تغيير مسارات طيران الحشرات بالقرب من الأضواء الاصطناعية، مما ينتج عنه مسارات مدارية حول الضوء.

لقد لاحظنا أيضًا سلوكيات مختلفة تبعًا لموقع الحشرات بالنسبة للضوء؛ فعندما تطير الحشرات مباشرة تحت الضوء، غالبًا ما تتقوس لأعلى وتطير في النهاية بشكل مستقيم للأعلى قبل أن تتوقف وتسقط من الهواء. وعندما تطير الحشرات فوق الضوء مباشرةً، تميل إلى الانقلاب رأسًا على عقب وتتجه ظهورها نحو الضوء مرة أخرى، ولكنها تتحطم بعد ذلك فجأة.

تتمثل إحدى الظواهر الملفتة في دوران الحشرات حول الأضواء ليلاً، ما يثير التساؤل عن سبب استجابتها بهذه الطريقة للضوء الظهري أو الإضاءة الطبيعية التي تأتي من الأفق أو السماء، خاصةً خلال الليل أو الشفق ، خاصةً وأن الحيوانات الأكبر حجمًا لا تظهر تأثرًا مماثلاً بالضوء في تحديد اتجاهها العمودي. تعود هذه الاستجابة على الأرجح إلى حجم الحشرات الصغير وطريقة إحساسها بالعالم من حولها. بينما تعتمد الحيوانات الأكبر، مثل البشر، على أعضاء حسية متطورة تساعدهم على تحديد الاتجاه بدقة، تفتقر الحشرات إلى هذه الأعضاء الكبيرة وتعتمد بشكل أكبر على الإشارات البصرية مثل سطوع السماء، والتي كانت تقليديًا أكثر إشراقًا من الأرض، سواءً ليلاً أو نهارًا.

تسبب الإضاءة الصناعية المنتشرة بشكل متزايد، وخاصة مع ظهور تقنيات الإضاءة الحديثة مثل مصابيح LED، في إحداث اضطرابات للحشرات عبر تعطيل قدرتها الطبيعية على الملاحة باستخدام الضوء الطبيعي، مما يجعلها تدور في دوائر حول مصادر الضوء الصناعية. ولا تقتصر المشكلة على الحشرات فحسب؛ فالتلوث الضوئي يؤثر أيضًا على الإيقاعات البيولوجية والعمليات الفسيولوجية لمختلف الكائنات الحية، بما في ذلك النباتات والحيوانات والبشر، مما قد يؤدي إلى عواقب صحية خطيرة.

يعد التلوث الضوئي من المشاكل التي يمكن تداركها نسبيًا، حيث يمكن تقليله بتدابير بسيطة مثل استخدام الإضاءة الخارجية بشكل مدروس ومحدود. وتسهم هذه الممارسات ليس فقط في حماية الحشرات والحفاظ على التوازن البيئي، بل أيضًا في استعادة القدرة على رؤية جمال السماء الليلية، التي أصبحت مستحيلة في العديد من المناطق حول العالم بسبب التلوث الضوئي. من الضروري إعادة النظر في كيفية استخدامنا للضوء الصناعي ليلاً لضمان عدم تعطيل الأنشطة الطبيعية للكائنات الحية التي تعتمد على الظلام.