أسرار وعجائب الكون.. كيف تؤثر الاصطدامات الفلكية على كوكب الأرض؟
5 د
إذا كنت تظن أن المخلوقات الفضائية هي الوحيدة التي قد تزور الأرض، فكر مرة أخرى. فالأرض تستقبل دائمًا الصخور الفضائية التي تتساقط عليها. إذ يحترق جزء منها في الغلاف الجوي، وينجو البعض الآخر ليترك آثارًا على سطح كوكبنا. فإذا كنت مهتم بالتعرف على أسرار الشهب والكويكبات، أو ترغب في معرفة تأثير الزخات الشهابية على عالمنا، تابع معنا في هذا المقال.
أصل الأجسام السماوية الغامضة التي تحمل أسرار الكون
في البداية، ضع في ذهنك أن ليس كل ما يلمع نيزكا. إذ يصنف الفلكيون والعلماء الأجسام القادمة من الفضاء الخارجي إلى نيازك وشهب عادية وشهب صخرية. وعادة نقصد بالشهاب الصخري (الميتيورويد Meteoroid) الجسم الأصغر حجما من الكويكب المتحرك في الفضاء، والمكون إما من خليط من المعادن والصخور التي تمنحه الصلابة أو من الثلج والغبار.
ولكن بعد دخول الميتيورويد الغلاف الجوي للأرض، سيتفاعل معه ويشتعل نتيجة الاحتكاك. فإذا تأين الميتيورويد (الشهاب الصخري) وانفجر في الجو، سمي الشهاب الصخري بالنجمة الساقطة أو الشهاب (Meteor). إما إذا استطاع الميتيورويد أن يتحمل الاحتكاك مع الغلاف الجوي ويصل إلى سطح الأرض، فعندها يعتبر نيزكا (Meteorite) نتيجة لتصادم الشهاب مع الأرض.
بشكل عام، يمكن تلخيص الفرق بين النيزك والشهاب والشهاب الصخري كما يلي: الميتيورويد هو الجسم الصغير في الفضاء، والشهاب هو الميتيورويد المشتعل ضمن الغلاف الجوي، والنيزك هو الميتيورويد الذي وصل إلى سطح الأرض واصطدم به.
الشهب والكويكبات.. زوار غير مرغوب بهم أم فرصة للتعرف على أصول الحياة؟
تعد الكويكبات القريبة من الأرض (NEAs)، واحدة من الظواهر الفلكية المذهلة التي تثير فضول العلماء والهواة على حد سواء. فتلك الأجرام السماوية صغيرة نسبيًا، حيث يتراوح قطرها من عدة أمتار كالجلاميد (boulders) وصولاً لمئات الكيلومترات مثل كويكب سيريس (Ceres) والذي يبلغ قطره 952 كيلومترًا، ويعتبر هذا الكويكب كبيرًا جدًا، إذ يُصنف أيضًا على أنه كوكب قزم.
بحسب علماء الفلك، يطلق لقب "جرم قريب من الأرض" على الأجرام السماوية التي تدنو مداراتها إلى مسافة 0.3 وحدة فلكية من الكرة الأرضية (ما يعادل 45 مليون كيلومتر). فإذا نظرنا للفلك بشكل معمق، سنجد أن الكويكبات تتواجد بشكل رئيسي ضمن "حزام الكويكبات" الذي يقع بين كوكبي المريخ والمشتري، وبين "حزام كايبر" (Kuiper Belt) و"سحابة أورت" (Oort Cloud) كما طُرح مؤخراً. ولكن قد يحدث أحيانًا أن تضطرب مدارات أحد الكويكبات أو تتغير، وبالتالي تنتهي بعض الكويكبات بالاقتراب من الشمس، عندها تصير أقرب للأرض أيضًا.
تتميز الكويكبات أيضًا بأنها لا تملك غلافًا جويًا يحيط بها، على الرغم من تواجد أقمار تابعة لبعضها. كما أنها تختلف عن المذنبات بأنها لا تترك وراءها ذيولًا ذائبة. ولعل أشهر الكويكبات القريبة من الأرض والتي تتطلب متابعة دقيقة ومستمرة لتحديد مساراتها وحركتها وتقدير أي تهديد محتمل، هي الكويكبات آتيرا وآتن وأبولو وآمور (سميت هذه الكويكبات بهذا الاسم نسبةً إلى الكويكب الأول الذي اكتشف في كل منها).
الاصطدام العملاق.. ماذا يحدث عندما يصطدم الكويكب بالأرض؟
هل سمعت أخبار عن احتمالية مهاجمة كوكب الأرض من قبل النيازك؟ يمكنك تخيل ماذا سيحدث عندما يلتقي الكويكب بالأرض من خلال السيناريو التالي:
تتوقف درجة التأثر البيئي الناتج عن اصطدام كويكب بالأرض على ثلاثة عوامل: حجم الكويكب وسرعته ومكان الاصطدام. ففي حالة اصطدام كويكب صغير، سنجد تأثيرًا محدودًا لا يتجاوز تكوين حفرة أرضية صغيرة. بينما تتجاوز ذلك بكثير في حالة اصطدام كويكب كبير الحجم بالأرض، ‘حيث إذ ينتج عنه تدمير هائل للبنية الأرضية وتوليد موجات وحرارة عاليتان.
بعد التقاء الكويكب بالأرض، يحدث انفجار عظيم يطلق طاقات عالية في جميع الاتجاهات، عدا عن تسبب الانفجار في إطلاق حطام الكويكب والغبار في الجو. ويشكل ذلك سحابة من الغبار والغازات تغير من عوامل الطقس (الرياح والرطوبة ودرجة الحرارة) وتخفي ضوء الشمس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الانفجار إلى تكوين حفرة ضخمة في سطح الأرض وتدمير المناطق المحيطة بها نتيجة لموجات التصادم التي شكلتها في الصخور والتربة. وتبقى الحفرة الضخمة على سطح الأرض شاهدة على ذلك.
مناظير الكون.. كيف يعمل نظام الاكتشاف المبكر للكويكبات والشهب؟
يلجأ العلماء والفلكيون إلى عدة طرق لمسح السماء ورصد الكويكبات والشهب بهدف توفير بيانات دقيقة حول حركة الأجرام السماوية ومصيرها. ومن هذه الطرق نذكر:
- الأقمار الاصطناعية: تحمل هذه الأقمار أدوات متخصصة بالتصوير الفضائي مما يتيح مراقبة الكويكبات بشكل مستمر وعلى مدار الساعة.
- المسح الفلكي: تعتمد هذه الطريقة على تلسكوبات قوية تراقب وترصد أي حركة غير عادية للكويكبات، ثم تُحلل البيانات المحصلة باستخدام الحوسبة العالية لتحديد مواقع الكويكبات ومداراتها المحتملة. ويعتبر تلسكوبا هابل (Hubble Space Telescope) وبان-ستارز (Pan-STARRS) أشهرهما.
- برامج الكمبيوتر: تعتمد هذه البرامج على النماذج الفلكية والقوانين الفيزيائية لتوقع حركة ومسارات الكويكبات والشهب في المستقبل، إضافة إلى تقدير حجمها وسرعتها.
عرض سماوي.. تمتع برؤية الزخات الشهابية المثيرة في سماء الليل
هناك العديد من الشهب المذهلة التي يمكن مشاهدتها في السماء، وبعض الشهب المذهلة الشهيرة تشمل:
- شهب الأسديات (Leonids): زخات شهابية شهيرة ناتجة من مخلفات مذنب تمبل تاتل (Tempel–Tuttle). ويمكن رؤية شهب الأسديات الشهيرة في الفترة بين 6 و30 نوفمبر.
- شهب البرشاويات (Perseids): يعتبر شهاب بيرسيد الناتج من مذنب Swift-Tuttle واحداً من أكثر الزخات الشهابية روعة. إذ يُشاهد هذا الشهاب في كل عام بين الفترة من 14 يوليو وحتى 24 أغسطس، وقد تم تحديد ذروته لعام 2024 في ليلة 12 وقبل فجر 13 أغسطس 2024. يبلغ معدل Zenithal Hourly Rate (ZHR) حوالي 100، مما يعني أنه يمكن لمراقب خارجي أن يشاهد حوالي 100 شهاب في الساعة الواحدة، شرط توافر سماء مظلمة بدون تلوث ضوئي ولا تداخل من ضوء القمر.
- شهب الجوزاء (Geminids): تتميز هذه الشهب بأنها لم تنشئ عن مذنب بل يُسببها كويكب 3200 Phaethon. يمكن رؤية شهب الجوزاء بدءًا من 7 وحتى 17 ديسمبر. وعادةً ما تبلغ ذروتها في الفترة من 13 إلى 14 ديسمبر من كل عام.
مصيرنا يتأرجح بين خطر محتمل ودفاعات مرتقبة
بفضل التطورات الكبيرة التي شهدها قطاع الفضاء، وبعد وضع نظام قياسي لتصنيف الأجرام القريبة من الأرض وتقييم خطرها، أصبح بإمكان ناسا تجهيز قائمة تحدد حجم الخطر الذي يشكله كل جرم قريب من الأرض، ومدى احتمالية اصطدام أي من هذه الأجرام بالأرض خلال الـ 100 سنة القادمة. ولحسن الحظ، فإن الغالبية الساحقة من هذه الأجرام مرشحة لتزول من قائمة الخطر بمجرد إجراء دراسات إضافية. في النهاية، تبقى هذه الدراسات فرصة مثيرة لفهم أعمق لأصل النظام الشمسي وتأثيره على كوكبنا الأرضي.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.