تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

فنانون بدماغ سمكة.. لماذا يتمتع الفنانون بآراء غبية في غالب الأحيان؟

فنانون بدماغ سمكة
علي عمار
علي عمار

8 د

دعنا نبدأ مقالنا هذا، من مقولة الكاتب البريطاني "جورج برنارد شو" ومفادها: “الانتحار هو الطريقة التي تجعل الإنسان مشهورًا من دون أن يمتلك قدرات”.

بالطبع تأتي هنا كلمة الانتحار كتعبير مجازي، وليس كفعل حقيقي، فالشخص الذي لديه هوس مرضي صوب الشهرة وتحقيقها، يبقى على استعدادٍ تام لارتكاب الحماقات بغية الوصول إلى مراده، سواء بواسطة ظهور مثير للجدل، أو تصريح غبي مستفز، فكيف إذا كان لا يمتلك أدنى مقومات الموهبة؟

ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي تمثل قوة مهيمنة طاغية اليوم قادرة على التحكم بالعقول، وإثارة النفوس، صار حلم الشهرة أمرًا ممكنًا ومباحًا في يد الكل، والجميع عرضة للإغراءات التي تفرضها هذه المنصات في أثناء عملية المشاهدة والتصفح المستمرين، والتي تقدم له البهرجة الزائفة بجرعاتٍ كبيرة غير مدروسة أو حتى منطقية، فيُجن جنون عزيزي (المتسوشل) ويكاد يفقد عقله مما يرى ويُصدر له. الكل يريد تقليد الكل، يرغبون في الغناء والتمثيل، وأن يتحولوا إلى بلوغر أو مؤثرين، لا يهم المحتوى، فالغاية هي الشهرة، وفي ظل غياب المحتوى، تصبح الفضائح وإضحاك الناس عليك وسيلتك الوحيدة لذلك، وكما يقال "الغاية تبرر الوسيلة".

يقول الكاتب البولندي "زيجمونت باومان":


"إن الشهرة فقدت قيمتها، وإن العالم الافتراضي أصبح هو المعيار الذي يحتكم إليه العالم الحقيقي عندما يختار مشاهيره، وبهذا تصبح شهرة مواقع التواصل الاجتماعي زائفة، لكنها حقيقية".

اقرأ أيضاً: 100 مليون دولار لتوم كروز و90 للكابتن جاك سبارو.. أبرز أجور الممثلين العالمية


تصريحات سطحية من أجل التريند

ربما ذلك الأمر مفهوم إن كنا نتحدث عن البشر العاديين، وتحديدًا في عالمنا العربي، في ظل كل تلك الحروب، والفقر المحيط دون رحمة بمجتمعاتنا العربية، فيلجؤون وراء الشهرة لاهثين علها تنتشلهم من الفاقة المغلفة بها حياتهم.. وربما هي أيضًا مجرد نقصٍ تعانيه بعض العقول لدى مجموعة من الناس، لإشباع رغبات الأنا العليا عندهم من خلال حب الظهور .

لكن الشيء الذي لا يتقبله عقل، هو التصرفات الحمقاء الصادرة من شخصياتٍ لم تصنعها مواقع السوشال ميديا، ممثلين ومغنين عرب نالوا نجوميتهم عن استحقاق وجدارة قادتهم إليها ما تسمى الموهبة، لذا فظهورهم مرتبط بشركات فنية ضخمة تساند مسيرتهم أو شركات خاصة أسسوها نتيجة النجاح والمال المتدفق عبر السنين، ومدراء أعمال ومستشارين.

أي أن الشهرة والنجومية صارت تحصيل حاصل، ومستحقة منذ زمن بناءً على جهودهم وسعيهم لخلق حالة فنية، وحتى الجدد منهم ليسوا بحاجة لما يطلق عليه شبكات التواصل الاجتماعي والتي صارت جزءًا من الإعلام اليوم، فأعمالهم التي يطلون بها علينا، يشرف على إنتاجها فريق كامل محترف -دراميًا وغنائيًا- أناس يشتغلون في الفن من أجل الفن، في المقام الأول. يعني لا داعي لاجتلاب الاهتمام، عبر تصريحات أقل ما يقال عنها غبية ومنفرة، تنتشر عبر منصات الفيس بوك، و الإنستغرام، والتويتر، والتيك توك، ليصيروا حسب لغة تلك المنصات "تريند".

ولكن ما يثار حول بعض تصريحات النجوم لا يمكن زجه ضمن إطار التريند، بهدف إثارة الصحافة والمتابعين وتحريك منابرهم للحديث عنهم (والذين بدورهم يعرفون استغلال هذه النوعية من الأخبار والتصريحات الفنية الشعواء، كونها لعبتهم)، وإنما قلة وعي، وسوء تقدير، تصيبهم في أثناء عملية الإدلاء بأرائهم خلال المقابلات الفنية، أو اللقاءات خلف كواليس المهرجانات، أو في المؤتمرات الصحافية.


فنانون وآراء غبية في غالب الأحيان!

دائمًا ما نكون في الحياة عرضة لقول أشياء غبية أمام الآخرين تحسب علينا، وندفع ثمنها أحيانًا، فما بالك أنت عزيزي الممثل، والمغني، والذي يتابعك مئات الآلاف بل الملايين من الناس، عبر وسائل الإعلام التقليدية، والسوشال ميديا، كل كلمة تتفوه بها أنت مسؤول عنها، ومُساءلتك فيها، عقاب لا مفر منه.

فالجمهور قادر دومًا وأبدًا على المحاسبة، وأهمية الفنان كقيمة فنية عنده متغيرة، مرتبطة بنوعية ما يقدم والصورة الظاهرية التي يطرح نفسه فيها مع كل إطلالة ومناسبة، إذًا هو قيمة غير ثابتة، عكس الشهرة التي هي ثابتة ولا علاقة لها بالمستوى المنحدر أو القيم، الذي يخرج به إلى الناس.

يقول الكاتب "غوستاف لوبون":


“الهيبة الشخصية تختفي دائمًا مع الفشل، فالبطل الذي صفقت له الجماهير بالأمس قد تحتقره علنًا في الغد إذا ما أدار الحظ له ظهره، بل إنّ رد فعلها ضده يكون عنيفًا بقدر ما كان احترامها له كبيرًا، وعندئذٍ تنظر الكثرة إلى البطل الذي سقط كنظير لها و تنتقم منه، لأنها قد انحنت أمامه و أمام تفوقه المزعوم الذي لم تعد تعترف به”.


فنانون بدماغ سمكة

يحضرني كلام المتنبي “لكل داء دواءٌ يستطب به، إلا الحماقة أعيت من يداويها”، في كل مرة أسمع وأشاهد فيها زلات النجوم المتكررة، وهم يرتكبون الأخطاء دون حسيب أو رقيب يوجههم، ليخلفوا وراء حماقاتهم كمًا من الأثافي كافيًا لنسف تاريخهم الفني كله.

أول من يخطر على البال عند الكلام عن التصريحات غير المسؤولة، المطربة المصرية "شيرين عبد الوهاب" كونها أكثر النجمات اللاتي يتفوهن بكلامٍ غير موزون، ما يعرضها لسيل من الانتقادات والتهكم والتهجم على شخصها، وأحيانًا قد يصل للسباب.

لا يكاد الناس ينسون قرارها أو تصريحها العشوائي الأول، حتى تفاجئهم بالثاني. سجلت خلال مسيرتها الفنية أكبر عدد من قرارات الاعتزال بين زملائها، فمع كل حديث طائش نصحو بعده على خبر اعتزالها، يومان وتعود إلى رشدها وتتراجع.

لعل تصرفات شيرين تؤكد على أن الفنانين، وليس بمجملهم بالطبع، يملكون دماغ سمكة، ذاكرة صغيرة، ودماغًا لا يتناسب حجمه مع حجمهم الكلي، وقوتهم العقلية، فهي لا تتعلم من عثرات الماضي، في كل مرة تخرج إلى خشبة المسرح للغناء، ينجم عنها تصريحات غريبة تضرب على دماغك بعدها، لا أحد ينسى حينما قالت لإحدى معجباتها "مياه النيل بتجيب بلهارسيا"، بعد أن طالبتها بتأدية أغنية "ما شربتش من نيلها".

أزمات شيرين لا تنتهي، ولا يمكن اعتبار ردود أفعالها دائمًا عفوية تصدر عن نية طيبة، ما نفع العقل هنا إذا لم نستخدمه جيدًا للتفكر قبل إطلاق العنان للسان ودفعه لارتكاب الحماقات؟

آخر مشاكل المطربة "شيرين" قصتها مع طليقها الفنان "حسام حبيب" التي لا تكاد تخمد قليلًا حتى تضرم النار فيها من جديد، فبعد اتهامات عدة وجهتها له، وإعادة نفيها والاعتذار عنها. خرجت في مداخلة بتاريخ 19 يوليو/تموز، ضمن برنامج "كلمة أخيرة" مع الإعلامية "لميس الحديدي"، بدايةً اعتذرت عن المرات الكثيرة التي كذبت فيها من أجل تحسين صورة حسام حبيب، ولأنها كانت ابنة أصول معه ومثالًا للزوجة الصالحة. لتعيد تكرار الاتهامات التي وجهتها له في السابق، كتعنيفها وإيذائها نفسيًا، وإبعادها عن فنها وجمهورها.

هذه المرة كان الهجوم عليه غير المعتاد، حيث تمنت أن يتزوج ليبعد عنها. كما قالت: "حبته عقربة مش لاقية مكان تقعد فيه.. أنا بحبه؟ دا أنا في حياتي متأذتش من إنسان كدا، دا إنسان قلبه أسود، إنسان فاضي وبيغتاب كل الناس". رسالة إلى الفنانة شيرين عبد الوهاب، نحن لسنا أناسًا "غيرانة بتحقد والنفسية سواد"، نحن عشاق صوتك وإحساسك، لذلك أطربينا غناءً، واعتزلي الأحكام والتصريحات.


الناس جرذان تحت الأرض

ثمة نجوم يجيدون لعبة الصمت، يدركون سفاسف الأمور التي عليهم تحاشيها، هم أذكياء بالفطرة، والخبرة، ولكن التعرض المتزايد للإعلام والتعاطي مع وسائله، بغية الاستمرار في النجومية وركوب موجة التريند قد يوقعهم في الفخ، فالصحافة أيضًا بحاجة إلى التريند، وتعرف كيف تصنعه وتستثمره، وعلى الفنان التصرف بفطنة وحكمة مع ما يريد طرحه من أفكار، حتى وإن كان يرغب بإيصال رسائل ما، أو الرد على نقدٍ لاذع من ناقد، أو تجريح شخصي من قبل الجمهور.

من الفنانين الذين باتوا يردون على الانتقادات المتكررة، السوبر ستار "راغب علامة" الذي كان يجيد التعامل بدهاء مع الشائعات، والدليل استمراريته منذ ثمانينيات القرن المنصرم إلى يومنا هذا، خانه ذكاؤه مرارًا وتكرارًا في الفترة الأخيرة. حيث تعرض ابنه "لؤي علامة" للسخرية نتيجة إطلالاته العالمية في باريس مع أشهر دور الأزياء، والتي اعتبرها المتابعون أنثوية، تليق بالنساء أكثر، سواء بسبب الألوان التي ارتداها أو طريقة تصاميم الملابس. الانتقادات أغضبت نجل النجم اللبناني، فوصف الناس بالجرذان.

الأمر الذي فعله علامة هو أنه ساند ابنه وطبعًا يحق له ذلك، هو ولده وعليه حمايته من مفردات التجريح، والتنمر الذي يدمر النفس البشرية في كثير من الأحيان، إلا أنه لم يعرف كيفية احتواء الأمر والسيطرة عليه، وامتصاص غضب الجمهور الذي وجد رد فعل لؤي علامة على الانتقادات فيه الكثير من النرجسية والتعالي على المجتمعات الفقيرة. فجاء رد راغب كالآتي: "لؤي قال لي إنه يجلس في أعلى مكان في العالم، هل عليه أن يرد على أشخاص تحت الأرض ولم يروا شيئًا عن الموضة والتطور والمستقبل".. ما زاد الطين بلة.

لم يتوقف الهجوم على "راغب علامة" عند هذا الحد، فلقد انتشر له عبر مواقع السوشال ميديا فيديو قصير من حفلٍ أحياه في لبنان وهو يرقص بحماس وطريقة اعتبرها البعض مستفزة وغريبة، ومعيبة أيضًا بحق فنه وعمره، وحجمه كفنان عربي بنى اسمه وتاريخه الفني رويدًا رويدًا. ربما على راغب علامة الجلوس مع نفسه قليلًا والتفكر بتصريحاته المتعالية، فنجوميته صنعها هؤلاء الناس.. اهتم بأغنياتك وإصدراتك الفنية المميزة التي اعتدنا عليها، وأيضًا يكفي تصابيًا!


فنانون بدماغ سمكة... لكن البقاء للأقوى!

بما أن الكون كله مازال يعاني من "جائحة كورونا"، لا يمكن إنهاء هذا المقال دون ذكر بعض التصريحات الغبية الناجمة عن ممثلات لهن مكانتهن في عالم الفن، تصريحات أثارت الدهشة عند المتابعين، والريبة بمقدار الذكاء الذي يمتلكه نجوم الفن العربي. لدرجة أن عددًا من الناس اعتبر بعض النجمات، يجوز عليهنّ تطبيق مقولة "كوني جميلة واصمتي".

أتحدث هنا تحديدًا عن الممثلتين "رانيا يوسف" و"ياسمين صبري"، في كواليس مهرجان "الجونة السينمائي" في أثناء مرورهما على الريد كاربيت، بعد أن سألهما أهل الصحافة والإعلام عن الكورونا هذا الفيروس المستجد والخطير، كيف يتعاملن معه وماهي الوقائيات التي يمارسنها؟

أجابت الفنانة "رانيا يوسف" على السؤال حينها: "إن الإنسان قادر على التكيف مع كل الظروف، كونه خلق في الغابة، والبشرية حاربت الديناصورات، وبالتالي سنحارب الكورونا". هذا التصريح أشعل السوشال ميديا وطالت يوسف موجة عارمة من السخرية، وتساءل الجمهور هل تعلم رانيا أن الديناصورات انقرضت قبل أن يأتي الإنسان إلى الكرة الأرضية؟

ذو صلة

أما تعليق مواطنتها وزميلتها النجمة " ياسمين صبري" بعد سؤال برنامج Mbc Trending لها عن فايروس كورونا فقد كان: "ممكن يكون جالنا وراح.. لأنه بديهي أكيد هييجي للعالم كله، واللي ياخده ياخده، واللي يكمل يكمل، والبقاء للأقوى". لليوم مازال رواد مواقع التواصل الاجتماعي يستذكرون تعليق صبري، وعدم مبالاتها بمرض أزهق حياة الملايين حول العالم، واعتبروا حينها أنه تنقصها الثقافة الكافية والوعي والإدراك حول خطورة المرض.

في النهاية يمكن القول إن دماغ الفنانين بحاجة إلى إعادة برمجة، أو ربما على من يهتم بشؤونهم الفنية اتباع سياسة تكميم الأفواه معهم، وأن يكتفي كلٌّ منهم بمهنته، الممثل فقط يمثل، والمغني يمسك الميكرفون فقط من أجل الغناء. وشكرًا.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

فعلا مقال رائع جدا و بيوصف الحالة مية بالمية.. شكراً

ذو صلة