فيلم Athlete A: حكايات عن عقود من الاعتداء الجنسي على القاصرات
6 د
يبدأ الفيلم بتحدي “نيكولز” لطبيب الفريق الأمريكي لاري نصار، وشكواها ضد اعتدائه الجنسي، مما جعل اتحاد الجمباز الأمريكي يسلبها حقها في تمثيل أمريكا في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، فإلام آلت الأمور؟
في يونيو 2020 أصدرت “نتفليكس” فيلمًا وثائقيًا تحت عنوان Athlete A يرصد اعتداءات الطبيب لاري نصار، الذ ي تقدمت ضده أكثر من 500 ناجية بشكاوى اعتداء جنسي ، ويتخذ الفيلم من قصة لاعبة الجمباز ماغي نيكولز، مفتاحًا لسرد ما جرى، فقد قررت التقدم بشكوى ضد المجرم في يونيو 2015، وأخفى اتحاد الجمباز الأمريكي، والمجلس الأوليمبي الأمريكي هويتها لمدة عامين، فكان يشار إليها بـ “Athlete A”.
أقرأ أيضًا: أكثر من نصف أطباء الأسنان تعرضوا للتعدي اللفظي أو الجسدي من المرضى خلال العام الماضي
Athlete A استغلال الجاني لسلطته
على عكس الأفلام الدرامية، هنا وفي هذه الأحداث الواقعية لم يكن المتحرش أو المتعدي الجنسي بملامح تعطي الانطباع بالشر، ففيلم “Athlete A” الوثائقي يوضح على لسان الناجيات كيف كان يعاملهن الجاني لاري نصار بلطف وتودد، ليشعرن بالاطمئنان تجاهه في ظل جو قاسٍ وخانق مليء بالحرمان من الطعام والراحة.
تقول لاعبة المنتخب الوطني الأمريكي السابقة ، والبطلة الأوليمبية جيمي دانتزشر: “كان يجلب لنا الطعام والحلوى خلسة، ويترك بعض الأطعمة تحت وسائدنا”.
تقول الدكتورة النفسية ديبورا سيراني في مقالها على موقع Psychology Today: “يمثل الاعتداء الجنسي صدمة لها جانبيها ت الجسدي والنفسي، أما الجسدي فيشمل اللمس أو الألفاظ، وهو ما يمكن فعله عن طريق القسر أو الإغواء. في حين أن الشق النفسي يكون عن طريق إساءة استغلال السلطة والقوة من الجاني، ما يجعل الرياضيين اليافعين عاجزين عن القيام برد فعل. ففي البداية يخلق المعتدي دائرة من الاعتمادية مع الطفل، كما يمنحه الاهتمام ويبني معه علاقة صداقة، تنتهي ببناء جو من الولاء يمكنه في النهاية من عزل اللاعب الصغير عن الآخرين والتحكم فيه. هذا النوع من الاعتداء الجنسي، الذي يسبقه بناء علاقة ودية، ينتج عنه شعور الناجي بالذنب، والخوف والتكتم، مما يمنح المعتدي مزيدًا من التحكم والسيطرة، كما يستخدم أحيانًا الخداع والحب المضلل، مع الوقت يتمنى الطفل أن يكشف عما تعرض له، لكن الشعور بالعجز واليأس يضمن تواصل صمته”.
على الموقع الإلكتروني للفيلم، يقدم القائمون عليه بعض النصائح لتعامل الآباء مع أبنائهم فيما يخص حمايتهم المبكرة من الاعتداء الجنسي، من خلال التحدث إلى أطفالهم حول العلاقات الصحية والجنس، وتعويدهم على التحدث بصراحة حول أي شيء.
وتؤكد ورقة بحثية صادرة عن المكتبة الوطنية الأمريكية للطب عام 2015، على أن دعم الأسرة، والعلاقة الجيدة بين الوالدين وأطفالهما، والدعم الاجتماعي، كل هذه العوامل تساعد في تعزيز وقاية الأطفال من الاعتداء الجنسي، ودعم جهود المساعدة المبكرة.
غض البصر عن الشكاوى
أثبتت التحقيقات أن الاتحاد الأمريكي للجمباز كان على علم باعتداء لاري نصار الذي كان طبيبًا لفريق الجمباز الأمريكي على مدار حوالي 29 عامًا، وطبيبًا بجامعة ولاية ميتشغان الأمريكية، وبدلًا من أن يكتفي بعلاج اللاعبات، كان يتحرش بهن في غرفة الكشف، وأحيانًا حتى في وجود ذويهن، وعلى الرغم من علم الاتحاد بضرورة إبلاغ الشرطة بشكاوى التحرش بالقاصرات، لم يحرك ساكنًا.
تقول ماغي نيكولز: “في 2015 كان لاري يعالج ظهري، وكنت مرتعبة نوعًا ما وأتساءل عن ماهية العلاج، فلم يكن يبدو لي ما حصل صائبًا”. عندها قررت أن تخبر مدربتها سارة جانتزي.
وتضيف اللاعبة الأمريكية السابقة رايتشل دينولاندر أثناء حديثها: “بعد سنوات قصدت المدربة الرئيسية في منشأة الجمباز التي تدربت فيها، وقلت لقد اعتدى لاري علي جنسيًا بحجة الفحص الطبي، أخبرتها أنه يجب ألا يفحص أحدًا، فقيل لي حينها لا أحد غيرك يقول ما تقولينه، وحذرتني من التحدث في الأمر بسبب العواقب”.
أوضحت دراسة أجرتها جامعة لافال الكندية في 2012، أن من 2% إلى 8% من الرياضيين القاصرين والشباب يتعرضون للاعتداء الجنسي، فيما أكدت بعض البحوث في هذا المجال تعرض النخبة من الرياضيين الصغار المتفوقين إلى الاعتداء أكثر من نظرائهم الأقل مهارة، كما أن نوع الرياضة لا يشكل فارقًا في أن يصبح اللاعب ضحية محتملة أم لا.
مضى أكثر من عام على إبلاغ “نيكولز” للسلطات الرياضية بالاعتداء الجنسي الذي تعرضت له على يد “نصار”، ومع ذلك استمر في عمله، ولم يمنع من اعتداءاته المتواصلة على اللاعبات القاصرات.
أقرأ أيضًا: قد يتسارع النضج الجنسي عند الإناث لمجرد ظهور ذكر جديد بالجوار.. وفق دراسة
تجاهل رئيس الاتحاد الأمريكي للجمباز ستيف بيني دوره في إبلاغ الشرطة، للحفاظ على صورة الكيان أما الجمهور والمعلنين.
يقول الصحفي الاستقصائي “ستيف بيرتا”: “كانت منظمة يديرها اختصاصي في التسويق الرياضي، كان يهتم بتسويق هذه العلامة التجارية”، وفي ديسمبر 2017، ذكر تقرير لجريدة واشنطن بوست فقد اتحاد الأمريكي للجمباز لاثنين من الرعاة الرئيسيين، هما بروكتر آند جامبل (بي آند جي) وكلوجز على خلفية هذه الأحداث.
يؤكد بحث نرويجي منشور عام 2005، أن التحرش والاعتداء الجنسي في الرياضة، قضية يتم تجاهلها في كثير من البلدان، وعادة ما يكون الإنكار هو الرد الفعل الشائع لدى القادة والمؤسسات الرياضية تجاهه، ورغم أن الدراسات والأبحاث حول هذه القضية نادرة، لكنها باتت تنمو بشكل مطرد منذ الثمنينيات.
ناجيات من الاعتداء الجنسي يجهرن باسم المعتدي
في سبتمبر 2017، قررت اللاعبة الأمريكية السابقة رايتشل دينولاندر، أخذ زمام المبادرة لأول مرة، بإعلانها للرأي العام عن تعرضها للاعتداء الجنسي على يد “نصار”، أثناء فحصه لها، وفي وجود والدتها، عندما كانت في عمر الخامسة عشرة.
يوضح تقرير نُشر في موقع دويتشه فيلله الألماني عام 2017، أن مشروع “رياضة آمنة” البحثي الذي أجري على 1800 رياضي من الأطفال والمراهقين، إن نسبة كبيرة منهم تعرضت للاعتداء، كما كان معظمهم أصغر من 18 عام عند وقوع الحادثة، وتضمنت الدراسة بجانب الاعتداء الجنسي، الأذى النفسي الواقع على الناجين من التعرض للتحديق في الوجه لمده طويلة، أو إطلاق الصفير، أو الاضطرار لمشاهدة أشخاص يمارسون الجنس.
أخيرًا، في قاعة المحكمة يوم 22 نوفمبر 2017، تواجهت الناجيات بالمعتدي الجنسي لاري نصار، ليروين ما حدث لهن بشجاعة أمام القضاة والإعلام. وخرجت كلماتهن قوية، مع دموع لم يتمكن من منعها، أما ماغي نيكولز أو “Athlete A”، فرغم عدم ذهابها قررت أن تبعث أمها بخطابها.
وقالت على لسانها:”حتى هذه اللحظة عُرف عني باسم “Athlete A”، من قبل اتحاد الجمباز الأمريكي، والمجلس الأولمبي الأمريكي، وجامعة ولاية ميتشغان، وأريد للجميع أن يعرفوا أنه لم يعتد على “Athlete A”، لقد اعتدى على ماغي نيكولز.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.