أفلام بنكهة الواقع .. أفلام تسجيلية لا تفوت مشاهدتها

الأفلام الوثائقية أو التسجيلية، كاميرا تُسَلَط من بعيد على مشهد ما. أفلام تندرج تحت تصنيف الأفلام الغير روائية، تهدف إلى توثيق أحداث أو نقل صور ومشاهد واقعية غير ظاهرة. في الغالب تتسم بالحياد، لكن بالتأكيد تتأثر بوجهة نظر مخرجها. لا يوجد قاعدة محددة لطول الفيلم التسجيلي، فقد ينحسر في بضع دقائق أو يطول لعدة ساعات.

ما يميزها عن الأفلام الروائية عرضها للواقع بصورته الحقيقية، بدون تعديلات أو رمزيات أو تخيلات وأحلام. تُظهر لنا صعوبات الواقع قبل جمالياته. الكثير منها شديد القسوة، يُؤثر في المتفرج ويحرك مشاعره. وعلى الجانب الآخر، منها الجميل الذي يسحر المتفرج ويبهره.

على الرغم من قلة شعبيتها، يُعتبر هذا النوع من الأفلام مادة تثقيفية غنية وممتعة. ارتبطت بالمهرجانات والتيليفزيون بشكل أكبر. كونها أفلام مملة عن الحيوانات أو الحروب، فكرة خاطئة سائدة عند البعض. فهي تتعدد بين موضوعات لا حصر لها، ومنها المثير للاهتمام حقًا.

العديد من الأفلام الوثائقية تعتبر نافذة على التاريخ. تعرض الأحداث التاريخية كالحروب والثورات والمجاعات، أو شخصيات من التاريخ وقصص حياتهم. ذلك باستخدام لقطات أرشيفية أو حكايات شخصيات حضرت هذا الواقع بنفسها. كما يتعدد أحيانًا توثيق الحدث الواحد من خلال أكثر من وجهة نظر واحدة. مصدر لا يستهان به لتعلم التاريخ والسياسة.

نوع آخر من الأفلام التسجيلية يتجول بك في الأماكن. قد تكون أماكن محددة كقصور ومعالم سياحية، أو كبيرة كمدن بأكملها. يبدع المخرجون في إظهار التفاصيل، فيتم تصويرها وإظهارها في أبهى صورة. كأنك قمت بزيارتها والتجول فيها، بل وتم إرشادك بداخلها أيضًا. هذا النوع مناسب لهواة السفر، حيث أنه بالإمكان أن تلف العالم كله وأنت جالس في مكانك.

أو في إطار علمي، تستكشف عوالم أخرى كعوالم الكائنات الحية الأخرى. مثل الأفلام عن الحياة البرية والعلاقة بين الحيوانات والقوانين التي تُسِّير حياتهم، والحياة البحرية وأعماق المحيطات ومختلف كائناتها. كما بإمكانها إرسالك في رحلة إلى الفضاء الخارجي ومجراته الواسعة. أداة شيّقة تمثل ثروة بين أيدي الشغوفين بالعلم.

كما تجعلك جزءًا من شعوب ومجتمعات، تتعرف على عاداتهم وحياتهم اليومية بقواعدها المختلفة. وقد تسلط الضوء على نماذج مدفونة، ونمط حياتهم الغير المألوف ومواجهتهم للمجتمع. نوع ملهم يجعلك تغوص في النفس البشرية ومكنونها، وتتعلم الكثير عن الجنس البشري.

بدأت الأفلام التسجيلية منذ أكثر من قرن من الزمن، وكانت تهتم بشكل أساسي بالتوثيق. مع مرور الوقت، اكتسبت مرونة خلقت مساحة واسعة للإبداع، جعلتها تصبح اتجاه العديد من المخرجين الشباب، كأداة لتوظيف أفكارهم والتعبير عنها باستخدام الواقع.

في ظل الحجر الصحي والعزل المنزلي، انطلقت مبادرة من سينما زاوية بالتعاون مع بعض المخرجين، تهدف إلى مساعدة الناس على البقاء في منازلهم، بتوفير بعض الأفلام لفترات محدودة للمشاهدة أونلاين مجانًا. للتحقق من الأفلام المتاحة قم بزيارة حساب سينما زاوية على انستاجرام.

كما يمكنك تصفح ما يقارب 300 فيلم تسجيلي عالمي مجانًا من خلال موقع مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية. بالإضافة إلى بعض القنوات التيليفزيونية، التي يتضمن محتواها أفلامًا تسجيلية كقنوات الجزيرة وناشيونال جيوغرافيك أبوظبي.

أيضًا، تستطيع البحث في اليوتيوب أو فيميو (Vimeo) عن نوعك المفضل أو موضوع محدد وستجد العديد من الأفلام التي تناسبك. فيما يلي، بعض الترشيحات لأفلام وثائقية مصرية ومراجعة سريعة لهم.

نساء سوريا يروين قصصهن في مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية

عين على فئة من المجتمع لا تنال الاهتمام الكافي. حكاية مجموعة من بنات الشوارع، طاطا ومريم وعبير وحياتهم المليئة بالعنف والصدامات والمرح والتسلية. ما الذي جعل الحال ينتهي بهم إلى ذلك؟ وكيف يعيشون حاضرهم؟ وما هو مصيرهم؟

تنقلت بنا المخرجة بين قصصهم ومشاكلهم وصراعاتهم اليومية. يعيشون حياتهم في مطاردة مستمرة، سواءً كانت مع الشرطة، أو مع بعض فئات المجتمع الأخرى. عرضت لنا واقع بائس وأليم بأسلوب قوي وجريء. بالإضافة إلى ما يتضمنه من قصص إنسانية وأحلام مغتالة.

أبلة هند -كما تدعوها البنات- سيدة لا تنجب. حركتها مشاعر الإنسانية والأمومة، يعتبرها البنات أمهم الروحية. تتمنى لهم حياة أفضل وتسعى لذلك، بمساعدتهم معنويًا عن طريق التوجيه وتقديم النصح. يحكي الفيلم قصة لقائهم ويشرح علاقتهم، التي يسودها الحب والمودة والنقاء.

فيلم مؤلم ومؤثر ومليء بالقسوة ولغة الشارع. تركتنا المخرجة وَسَطهم بدون تخفيف من حدة اللغة المستخدمة أو قسوة المناظر. ضحية للإهمال العائلي والفقر يجب احتضانهن؟ أم مجموعة مشردات لا يحملون سوى الأذى لأنفسهم والمحيطين بهم؟ قضية شائكة ومستمرة، من وجهة نظر إنسانية.

لمشاهدة الفيلم: فيلم البنات دول.

فرقة شعبية تعزف موسيقا السمسمية المُميزة لمدن القنال. تم تأسيسها بالاستعانة بمجموعة من الفنانين القدامى في بورسعيد الباسلة. سعى زكريا إبراهيم مؤسسها على إحياء التراث والحفاظ عليه، مستخدمًا آلة الطنبورة. أغنية نوح الحمام هي أشهر إنتاجاتهم.

ما يلفت النظر أن المحرك الأساسي لهم هو الشغف. فأعضاء الفرقة يجدون الحياة فيما يفعلونه. كأحدهم الذي أطلق على نفسه سباك الفن، نظرًا لأنها مهنته الأخرى. لا يهمهم العائد المادي بقدر ما يهمهم السلطنة. بالإضافة إلى بعض الشرائط التي انتجوها، نشاطهم مقتصر على إحياء الحفلات وبعض الطقوس مثل “الضامة”.

متشبعين بروح الوطنية، لخوضهم البطولات بأنفسهم ومشاهدتهم للأحداث التاريخية بأعينهم. تحكي أغانيهم قصصهم مع الاحتلال والمقاومة، وتعرض أحوال مدينة بورسعيد ومواطنيها أثناء حرب 1956 والفترة اللاحقة لها.

فيلم ممتع يعرض تراث أصيل. موسيقا دافئة صادرة من نفوس جميلة وآلات متعددة، بداية من الصاجات والمثلث، مرورًا بالرق والطبول، مع السمسمية والطنبورة. يخوض في تفاصيل وأسرار هذه الموسيقا ويصف كل ما هو له علاقة بها مثل الرقصات والطقوس.

لمشاهدة الفيلم: فيلم نوح الحمام.

مصباح أمل أنار في أقصى الصعيد. قرية دير البرشا بمحافظة المنيا، أول قرية في مصر بدون ختان إناث. في منبع انتشار هذه الجريمة تحت مسمى العادة. وَقَّع مجلس القرية وثيقة يعود تاريخها إلى عام 1991 تقر بمنع ختان الإناث نهائيًا.

سابقة تاريخية استغرقت وقتًا طويلًا لصناعتها. شارك في ذلك عقول متسعة وأفراد مُتعلمة وسيدات عاملة ورجال دين. ساهموا بكل الأساليب الممكنة لنشر القضية، وإقناع الأهالي بأضرار الإتباع الأعمى لهذا التقليد. مما أدى إلى تفشي الوعي في القرية وإعلان رفضهم التام لهذا الأمر.

الفيلم يجعلك تستقل القطار لتذهب إلى قرية دير البرشا، حيث ترى نموذجًا لقرية مصرية بسيطة في بداية الألفية الثالثة. حيث الحياة النشيطة بالنهار والسكون التام ليلًا. ومعالم حياتهم كالبيوت صغيرة المبنية من الأحجار، بالإضافة إلى العناصر الأخرى كالماشية والحيوانات. تمثل الكاميرا لهم شيئًا خارجًا عن المألوف، يبث فيهم السعادة والفضول.

رأت المخرجة أهالي القرية مثالًا لمَن يستحقون التصوير. فعرضت لنا قضية هامة، وأخذتنا في جولة مريحة داخل القرية. كما استمتعنا بالموسيقا الفلكلورية واللهجة الصعيدية. وأخيرًا، طُرِحَ السؤال الأهم، كيفية تغيير المجتمع؟

لمشاهدة الفيلم: فيلم دير البرشا.

السيدة الأربعينية رضا تدير الأسرة المكونة من 7 أبناء. تمثل حلقة الوصل بينهم وبين الأجداد الذين امتهنوا الرقص. مات زوجها تاركا لها جنينًا في بطنها. تكافح رضا في الحياة ومع بناتها ومهنتهم التي لا تخلو من المتاعب المختلفة. حاصل على جائزة في مهرجان الملفات الساخنة بكندا.

كما تقول رضا فإن جميع أفراد العائلة فنانون. تلك العائلة التي توارثت مهنة الرقص. تعمل رضا على تلقين فتياتها من صغرهن الحرفة وأساليبها. وتصف بعضهن بولادتهن من رَحِمها راقصات. أيضًا، عمل الجدة هو بيع بدل الرقص. وهم في نظر أنفسهن سيدات شريفات عاملات.

قد تبدو المهنة مليئة بالتسلية والاستمتاع، لكن الحقيقة أن وراءها آلام. جميعهن اتجهوا للتدخين للترويح عن أنفسهن. وبالنسبة لهند التي تبلغ من العمر 15 عامًا، اتجهت أيضًا للبحث عن الحب والحنان عند رجل متزوج، قانعة بالقليل غير طامحة في الزواج منه.

صراع مع الحياة متجسد في صراعات دائمة مع المحيطين. معاناة مع الفقر وسباق مستمر لكسب المال. نفوس تائهة تملك شبه حياة اجتماعية. مشهد تراه بالكامل بدون أي سُلطة للكاميرا على رضا وبناتها. ففي الليل يرقصن، وفي النهار يعانين.

لمشاهدة الفيلم: فيلم في الليل يرقصن.

الممثل Will Ferrell يدخل عالم الأفلام التسجيلية مع نتفليكس!