أراجيك تحاور إيناس لطفي مؤلفة فيلم “بشتري راجل”
9 د
في عيد الحب الماضي طُرح بالسينمات المصرية فيلم عربي جديد بعنوان “بشتري راجل”، الفيلم ينتمي لفئة الرومانتيك كوميدي، وهو إنتاج 2017، إخراج محمد علي، تأليف إيناس لطفي، وإنتاج دينا حرب. أمّا البطولة فقام بها مجموعة من النجوم على رأسهم نيللي كريم، محمد ممدوح، لطفي لبيب، ليلى عز العرب، محمد حاتم ودنيا ماهر.
وقد حقق الفيلم إيرادات جيدة وصلت إلى 5 ملايين و50 ألف جنيهًا بعد 7 أسابيع من العرض، وجاء نجاحه مسبوقًا بحَملة دعائية مميزة للغاية غلب عليها الطابع الاستفزازي؛ لإثارة حماس الجمهور سواء المتفق مع فكرة الفيلم، أوالمختلف معها وهو ما دفع الجميع للذهاب من أجل المشاهدة.
فيلم بشتري راجل … عمل كوميدي بتوليفة ناجحة
فالفيلم يحكي عن امرأة من وجهة نظر مجتمعية ابتعد عنها قطار الزواج؛ بسبب اهتمامها بالتفاصيل واستنفارها من مؤسسة الزواج غير المتكافئ، ولفرط عشقها للأمومة وشغفها بها تُقرر تنفيذ فكرة مجنونة وجديدة على مجتمعنا تمامًا، تتمثل في قيامها بالبحث عن رجل تدفع له مبلغًا من المال مقابل الزواج منه بشكل صوري، ثم الحمل منه عن طريق التلقيح الصناعي، ومن ثَم يحدث الطلاق.
وبالرغم من أنّ الخطة تسير بالفعل كما وضعتها البطلة إلاّ أنّ الأحداث سرعان ما تسير في اتجاه آخر يتناسب مع كون الفيلم عمل رومانسي كوميدي بالأساس، يأتي ذلك ضمن حالة درامية ثرية وُفِّق فيها صناعها من كل الجهات، ما جعل العمل ينجح سواء بمقاييس شباك التذاكر، أو بالتقييمات النقدية الإيجابية العديدة التي حظي بها.
ولأنّ الفيلم ليس عملًا اعتباطيًا أو مُقدَّم باعتباره كوميديًا فقط، بل يطرح فكرة تستحق الوقوف عندها طويلًا والتساؤل ما الذي أودى بنا إلى هنا؟ وما الذي سيترتب على تلك القناعات التي طُرحت علينا، والتي وإن جاءت صادمة لبعض الرجال إلاّ أنّها بأعين نسائية على قدر كبير من المنطق الذي له ما يُبرره.
لهذا كان لابد من عمل حوار مع كاتبة العمل، باعتبارها أنثى جديدة تشق الطريق نحو عالم الفن من جهة، ومن أخرى كونها صاحبة قلم مُختلف يرى الأمور من زاوية طازجة آن آوان إفساح مجالًا لعرضها على الشاشات، لعل مجتمعاتنا الناكرة للحقائق تستيقظ من سباتها السخيف.
عن مشوار الألف ميل...
- هل يمكنك أن تعرفينا قليلًا عن نفسك؟ الاسم، الدراسة، الاختصاص …إلخ
إيناس لطفي … خريجه تجارة القاهرة … اعتدت العمل كمحاسبة ومازلت بجانب الكتابة.
- هل عملك هو نفسه مجال دراستك؟
لا ليس مجال دراستي، بل قمت بعمل “شيفت كاريير” وهو الأمر الذي كنت أفكر فيه منذ أول يوم دراسه بالكلية، إلاّ أنّ الخطوة لم يكن من السهل اتخاذها، وهو ما أخرني بعض الوقت، لكني فعلتها على أيّة حال حين شعرت أنّني أفتقد نفسي وقلمي ليصبح حتمًا ولابد من الرجوع للكتابة.
- حدثينا قليلًا عن ماضي موهبتك الفنية.
طوال عمري أحب الكتابة، كنت أحلم أن أكون صحفيةً إلاّ أنّ مجموعي بالثانوية العامة وقف عقبة بطريقي، فاضطررت للالتحاق بكلية التجارة، وعلى ذلك لم أستسلم فاهتممت بالجماعة الصحفية في الكلية بجانب الأنشطه الفنية والاجتماعيه الأخرى، إلاّ أنّني بعد التخرج لم يسعفني الحظ للعمل بالصحافه فاشتغلت في المحاسبة وانشغلت عن حلمي القديم.
- ما هي نقطة التحوّل بحياتك؟
نقطة التحوَل الأولى بحياتي المهنية كانت ولادة ابنتي الصغرى، فبعدها عاد لي الحماس، والرغبة في الرجوع مرة أخرى لحلمي في الكتابه والصحافه، فعملت بالفعل في عدة صحف غير مشهورة، وبالرغم من أنّني حققت نجاحًا بعملي لكن بعد وقت قصير شعرت أنّ طريق الصحافه صعب جدًا، ويتطلّب حالة أشبه بالتفرُّغ من أجل التواجد وسط الأحداث دائمًا، ونظرًا لظروفي الأسريه تركت الصحافه.
- هل يمكنكِ شرح مراحل تطوّرك الشخصية كفَنّانة؟
سواء أثناء عملي بالمحاسبة أو الصحافة كنت أقوم بكتابة قصص قصيرة، وهو ما جعلني أرغب بالاشتراك في ورش كتابة قصص قصيرة، وبالفعل انضممت لأول ورش الأديب محمد عبد النبي “الحكاية ومافيها”.
جاء ذلك بالإضافة لقيامي ببعض الأنشطه في المجال الثقافي والتدوين، كذلك ركزت في مجال الحكي المسرحي بالكتابة والأداء على المسرح، واشتركت في أكثر من عرض فني مع فريق بصي وفريق أنا الحكايه مع دكتور سحر الموجي.
ثم في 2011 قررت تعلم سيناريو على يد أستاذ محمد رفيع، وهو أحد تلاميذ أستاذ رافت الميهي، والذي كان لي الشرف في التعرّف عليه واستضافتي ببيته لنتكلم كثيرًا عن السينما والفن، واهتمامه بالجيل الجديد، ومن هنا صار لدي حلم الكتابة للسينما.
- هل يمكنك التحدّث عن أسباب اختيارك لهذا الاختصاص والفَن؟
اعتدت أثناء كتابة القصص القصيرة رؤية الكلمات كصور حتى أنّني كنت أشاهدها تتحرك أمامي، ذلك بالإضافة إلى حبي الكبير والدائم للسينما والأفلام، وهو ما جعلني بدايةً من 2011 أُقرر تَعلُّم كتابة السيناريو.
- كيف سعيتي لتحقيق حلمك بالكتابة للسينما؟
سعيت بكل قوة وتصميم لتحقيق هذا الحلم من خلال الكتابه المستمرة والمذاكرة في السينما، ومشاهدة الأفلام والسعي لإنتاج أفلام لي سواء كانت قصيرة أو طويلة، مع دخول ورش عمل كثيرة لتطوير أدائي في الكتابة.
وهنا مررت بأول تجربه إذاعية لي ومسلسل الأطفال “أرض الفواندم” حيث قمت بكتابة السيناريو له، وتم إذاعته على إذاعه نجوم إف إم 2015 .
بعدها صادفت إعلان ورشه تطوير السيناريو لــ بيرث مارك فقمت بالتقديم وتم قبولي، وهو ما كان حدثًا جللًا، ونقطة التحوّل الثانية لي خاصةً وأنّه من ضمن 120 فكرة تم اختياري أنا و7 زملاء آخرين، بعدها تم إنتاج أول أفلامي.
- من ممن تعرفينهم قدموا لكي الدعم الذي تحتاجينه في مشوارك؟
زوجي وأخي خير من دعموني، بجانب أصدقائي المقربين، وأستاذي محمد رفيع الذي كان يدفعني دائمًا ألا أيأس وأن أستمر في الكتابة.
- هل واجهتك أي تحديات سواء أسرية أو مجتمعية في سبيل دخول المجال الفني؟
طبعًا كوني زوجة وأم جعلني مرسومًا لي بشكل مُسبَق قالب معين عليَّ الالتزام به، وبالتالي أصبحت كل محاولاتي لكسر هذا القالب يقابلها استهجان واستغراب ممن حولي، لكن بالتعب والجهد بجانب تصميمي أن أكون ما أريد كل ذلك جعلني أصل لهدفي بالنهاية.
- كيف استطعتي دخول الوسط الفني؟ وهل واجهتك أي عقبات لتحقيق ذلك؟
أن تدخل الوسط الفني بدون علاقات داخله بينما لا تملك سوى موهبتك هو شيء صعب جدًا للأسف في مصر، لكن السعي والأمل وراء الحلم يجعل الله إلى جوارك فيتحقق حلمك تمامًا بالوقت المناسب، فسعيي الدائم للمنح والفرص والورش الفنية لعل فرصة تظهر في الأفق؛ هو الذي أوصلني بالفعل لإعلان شركة بيرث مارك التي قدمت بها فتم قبولي.
- هل أصابك الخوف من هذه الخطوة وما نوعية المشاعر التي أثارتها فيكي؟
لم أخف نهائيًا بل كنت سعيدة ومتحمسة جدًا؛ لأنّي كنت أسعى لهذه الخطوة طوال 7 سنوات كاملة دون ملل أو تعب.
- هل يمكنك الشرح قليلًا عن هدفك مع ذكر أي رسائل تريدين تقديمها عبر أعمالك؟
هدفي العام أن تخرج الناس من أي عمل درامي لتفكر، وتسأل كثيرًا، بينما تتحرك مشاعرها وتري نفسها داخل العمل الفني الذي أقدمه. أمّا عن رسائلي فأحب أن أُقدم دائمًا الأمل والشغف وحب الحياة.
- ما هي أعمالك التي تفخرين بها قبل فيلم بشتري راجل؟
شغلي في المسرح في مجال الحكي ككتابة وأداء، بالإضافة إلى تجربتي في مسلسل الأطفال الإذاعي “أرض الفواندم”.
- ما هو مصدر إبداعك الفَنيّ؟ وهل هُناك فنانون يُلهمونكِ بأعمالهم؟
مصادر إبداعي كثيرة على رأسها مواقف الحياة، الشخصيات التي أقابلها في حياتي اليومية، والقصص الحقيقية التي أتأثر بها بشدة. أمّا الفنانين الذين يُلهمونني فيُمكنني القول أنّ كل فنان مجتهد وصادق في فنه أعتبره ملهم بالنسبة لي.
- من مثلك الأعلى في مَن برعوا بالكتابة سواء للسينما أو الدراما؟
وحيد حامد – رأفت الميهي- وأسامة أنور عكاشة.
بعد الوصول…
- ما الذي فعلته بكِ الشهرة؟
لا أشعر أنّي مشهورة، فالشهرة من نصيب الممثلين وفقط، وبشكل عام أنا لا أبحث عن الشهرة أكثر من كوني أبحث عن مكانتي ككاتبه تحترم قلمها ويحترمها المتلقي؛ لما تقدمه من أفكار مهمة وعرض لمشاكل حقيقية يتعرض لها المُتلقي بحياته الشخصية.
- هل تصنفي نفسك ككاتبة نسوية؟ وما هو رأيك في فكرة التصنيف نفسها؟
أنا مهتمة بشؤون المرأة ومشاكلها، وإن كان اهتمامي الأكبر يأتي تحت مظلة الاجتماعيات، فأنا أحب الكتابة في هذا الإطار، وأرى الكاتب الشاطر؛ هو الذي يستطيع كتابة كل ألوان الدراما بدون تصنيف، وأتمنى طبعًا أن أصل لهذه المهارة.
- هل تفضلين اختيار طرق استفزازية وجريئة لتوصيل رسالتك أم يختلف الأمر باختلاف العمل؟
اعتقد كل عمل يختلف حسب طريقة عرضه وفكرته الأصلية.
- هل يمكن أن تتجهي للكتابة للدراما؟ وما الفارق بين الكتابة للسينما والدراما؟
ممكن جدًا أن أكتب دراما تليفزيون، وأعتقد أنّ الدراما واحدة سواء للسينما أو التلفزيون الفرق هو مدة حكي الحكاية في الفيلم ساعة ونصف فيتم تكثيف الحكاية أمّا في التلفزيون فالحكاية يتم عرضها بتفصيل التفاصيل.
- ما هو رأيك في حال السينما المصرية خصوصًا والعربية عمومًا؟
السينما المصرية أراها في ركود عام لكن أعتقد أنّ العمل السينمائي سيصحو من جديد خلال السنوات القادمة، أمّا في الوطن العربي فهناك نماذج سينمائية جريئة، وأحلام فنية كبيرة خاصةً في لبنان وتونس والجزائر والمغرب والإمارات.
- في رأيك ما الذي ينقص سوق السينما والدراما؟ وكيف يمكن علاج ذلك؟
ينقصهم أن يمنحوا فرصة حقيقية للكتّاب الجدد كي يدخلوا سوق العمل، فيجددوا الدراما ويمدوها بأفكار طازجة تعبر عن جيل كبير من الشباب يحمل مشاكل وحكايات كثيرة.
وللقائمين على السينما والدراما أقول: ” افتحوا المجال للموهوبين بدون واسطه أو علاقات، وبشكل عام أتمنى أن يشجع الفيلم الذي قدمته باق المنتجين كي يثقوا في الأقلام الجديدة، ويدركوا أنّنا نملك المهارة والحرفية التي تؤهلنا لتقديم أعمال متميزة “.
- باعتبارك محجبة تعمل في وَسَط المحجبات فيه قلة هل شكَّل ذلك عائق لكِ بأي شكل من الأشكال؟
في تجربتي لم أشعر بأي عائق، ولم يحسسني أي فرد من فريق عمل الفيلم أنّ حجابي مشكلة أو يُشكل فارق سواء في حالة وجوده أو عدمه فهم تعاملوا باحتراف على مستوى العمل ما كان جيدًا جدًا.
- ما هي مخططاتك المستقبلية؟
أفلام سينما كثيرة، دراما تلفزيونية، والحلم الأكبر وصول الفيلم المصري للأوسكار على أن يكون من تأليفي.
- هل هناك أعمال قادمة لك؟
أعد لفيلم سينمائي عن قريب، ومسلسل تليفزيوني.
عن فيلم “بشتري راجل”…
- تُرى ما هو سر نجاح الفيلم؟
سر نجاحه التوليفة بين عدة عناصر مهمة أهمها اسم نيللي كريم، ومحمد ممدوح أنفسهم، وكونهم فرسان الدراما الرمضانية مؤخرًا، بالإضافة لطبيعة الموضوع نفسه وطريقة الترويج له، واستفزازه للجمهور الذي كان لديه فضولًا لمعرفة الحدوتة، وأخيرًا افتقاد السينما للفيلم الرومانسي الكوميدي الخفيف.
- هل اختلفت معالجة الفيلم عن الكتابة الأصلية؟
هناك بعض التفاصيل الصغيرة التي تم الاستغناء عنها غير أنّها لم تؤثر علي الأحداث أو الشخصيات الأساسية بالفيلم.
- هل كان الفيلم بخيالك كما ظهر على الشاشة أم به بعض الفروقات؟
بنسبة كبيرة جدًا الفيلم خرج كما تمنيته، وهذا بفضل مخرج كبير واعي وحساس مثل “محمد علي”، ومنتجة مؤمنة بالفكرة وسعت بكل قوة ليخرج العمل في أحسن صورة هي “دينا حرب”.
- نهاية الفيلم كليشيهية بعض الشيء، وغير متماشية مع فكرته الجريئة. هل هذه هي نهاية القصة الأصلية؟ أم أنّه الحل الأنسب لعمل كوميدي؟
هي نهاية القصة الأصلية، وفي رأيي الفيلم الكوميدي الرومانسي به شبه اتفاق ضمني بين المشاهد، وصُنّاع الفيلم أن تكون النهاية سعيدة ومبهجة، وتعطي أملًا للمتفرج، لذا أراها ليست بكليشيه أكثر من كونها نهاية تحمل طاقة أمل.
لمعرفة المزيد عن الكاتبة إيناس لطفي يمكنكم متابعتها عبر صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي هنـــــــــــا
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.