كيف يوازن بلال شحادات بين واقعية الدراما ورغبة المشاهدين في مسلسل 2024؟.. المؤلف يجيب لـ “أراجيك”

على ظلال الجزء الأول (مسلسل 2020)، يبدأ الجزء الجديد (مسلسل 2024) بنفس الملامح التي نألفها للممثلة نادين نسيب نجيم في دور النقيب سما وهي تعيش مع ابنتها ميرا -التي تلعب دورها الممثلة تالين أبو رجيلي - مجردتين من أسمائهما وهويتهما وحقيقتهما بالكامل.

يقتنص الكاتب بلال شحادات والمخرج فيليب الأسمر شخصية سما ويخرجها من جوف قصتها الأولى ليصنع منها قصة مختلفة تمامًا إلا من بعض الشخصيات التي ظلت ملامحها هي الأخرى بطلة لهذا الجزء الجديد، ورغم تغير القصة جذريًا إلا أن التعلق بين المشاهد والأبطال يبقى على حاله بل ويتفاقم.

بعد ثلاث سنوات، تعود النقيب سما مجددًا إلى الشاشة محملةً بقصة جديدة ومُحكمة لتقصها علينا. بينما تحاول سما الهروب من ماضيها وأن تحيا حياة بسيطة وهادئة مع ابنتها، يلاحقها بدوره حتى يمسك بها وتجد نفسها متورطة حتى أخمص قدميها من جديد في أزمة تهدد حياة ابنتها الوحيدة، تأخذ الحبكة الكثير من المنعطفات ويندلع الحب من عمق الحرب وتعود سما مرة أخرى لمقابلة ذلك الرفيق القديم، الخطر.

نرشح لك: مسلسل 2020: لماذا أحببنا إنسانية المجرم قصي خولي وشر النقيب نادين نسيب نجيم؟

ولهذا، لم نستطع أن نضيع الفرصة ولا نجري حوارًا صحفيًا في "أراجيك فن" مع مؤلف قصة المسلسل بلال شحادات ونطرح عليه بعضًا من الأسئلة التي لاحقتنا أثناء متابعة مسلسل 2024.

يقدم مسلسل 2024 نهجًا لا يعتبر شائعًا في الدراما العربية، وهو نهج الـ sequel، أن يسرق الكاتب شخصية ما أو عدّة شخصيات من عمق عالمهم ليضعهم في عالم أخر تمامًا ولا يتشابه في العالميْن سوى ملامحهم وأسمائهم، وربما ماضيهم.

وعند سؤال الكاتب بلال شحادات إن كان يعتبر هذه الخطوة بالنسبة له تحديًا، أخبرنا أنه لا يظن أن الدراما العربية تفتقر إلى هذا النهج، فقد استخدمه هو شخصيًا في أعمال من قبل مثل مسلسل "من.. إلى" وكان تابعًا لمسلسل "لا حكم عليه".

نرشح لك: ماريتا الحلاني تتحدث لـ أراجيك فن عن كواليس مسلسل 2020 وأعمالها المقبلة

ودومًا ما يفضل بلال شحادات، أن يتعامل مع بطولات قليلة، بطل واحد أو اثنين بالأكثر، كذلك يهتم أيضأ بما يطلق عليه عالم الراحة أو العالم الاعتيادي للبطل قبل أن يُلقي به في أدغال القصة ودهاليزها ومن ثَمّ يضعه داخل حدث يدفعه فجأة إلى صراع مصيري بين الحياة والموت، ومن هنا تمامَا تنبع الحبكة وتهمّ في تشكيل نفسها، وهذا الصراع يلجُ بالمشاهد إلى صُلب الحكاية.

على نغمات أغنية بيختلف الحديث بصوت زياد برجي يمضي متابعو الجزء الأول مع المسلسل الجديد وشجنٌ يتنامى داخل صدورهم، حيث كانت الأغنية ذاتها هي شارة الجزء الأول، وعندما تطرقنا إلى هذه التفصيلة مع الكاتب بلال شحادات قال إنهم أبقوا على الأغنية نفسها لأن معانيها تنطبق على  تفاصيل الحكاية بالجزء الثاني فما كان هناك أي مشكلة لأن تظل هي الأخرى بطلة للجزء الجديد.

نرشح لك: هل تستعيد الدراما السورية رونقها القديم المفقود في رمضان 2024؟

أمًا التتر فقد غيرّوه حتى لا تنفضح الكثير من التفاصيل والأحداث، وهكذا وإن لم يكن هذا هو الهدف الأصلي، فقد ظلت الحالة التي رافقت المشاهد في الجزء الأول هي نفسها مصاحبةً له في الجزء الجديد، خالقة أجواء مفعمة بالحنين، بحسب وصف بلال شحادات.

تدور أحداث المسلسل بين أكشن وبوليس وعصابات، ودومًا ما تعتمد كتابات بلال شحادات على الدراما الواقعية أكثر من غيرها.

وعند سؤاله عن استعانته بفرق بوليسية لمساعدته في كتابة تفاصيل الحكاية، فقد أخبرنا أنه بحكم الخبرة لم يستعِن هذه المرة بفرق بوليسية فقد صار يعرف جيدًا التفاصيل التي يبنون عليها استنتاجاتهم وكيف يتتبعون الأحداث ويتوقعونها، وكيف يتعاملون مع نوع الجرائم التي يتضمنها مسلسل 2024، واستعاض عنها بمشاهدته للكثير من الأفلام الوثائقية عن تحقيقات وقصص مختلفة يلفّها الغموض والإثارة من كل جانب.

في بعض الأحيان، تكون الحبكة مثالية من ألفِها ليائها وعلى الرغم من ذلك يظل هناك عائقًا بين الشخصيات والمشاهد ولا يستطيع الأخير التعلق بشكلٍ كافٍ، فكيف استطاع الكاتب بلال شحادات أن يحقق تلك الموازنة؟ أن تكون الحبكة مكتملة لا تحوي حشوًا زائدًا وفي الوقت ذاته تنجح في خلق رباط وطيد بينها وبين المشاهد؟

بهذا الصدد، أخبرنا بلال شحادات أن هدفه الأول والأخير هو أن تكون الحبكة صافية، خالصةً من الشوائب والزيادات وأن تكون منطقية وكل عناصرها مترابطة ببعضها البعض، بلا شخصيات مهمشة أو أحداث جانبية تخلّ ببناء النصّ وتحدث تشويشًا ولا تخدم القصة، تلك التفاصيل الصغيرة هي التي يركز عليها ويعتقد أنها أكثر ما يستغرق منه وقتًا.

نرشح لك: “مسلسل صلة رحم يدق ناقوس الخطر”.. النجمة يسرا اللوزي تتحدث عن الكواليس لأراجيك فن

وأضاف قائلاً أن الكاتب الناجح هو من يكتب حبكة تستطيع أن تقدم حدثًا يولّد خلفه حدثًا ولا تصل أبدًا إلى حدث ضعيف، يقف عاجزًا عن توليد حدث جديد. 

في رأيي، يتحدى الكاتب بلال شحادات نفسه في كل عمل يقدمه، لا يترك مجالًا للأحداث أن تقوده وتذهب به يمينًا ويسارًا، بل يمسك بزمام الأمور ويقود هو الأحداث واضعًا كل بطلِ في مكانه المحدد وكل مشهد يأتي في توقيته المناسب.

كل حدثِ يخطّه مثل مكعب دومينو وفور أن يسقط أول مكعب تتساقط بقية المكعبات مخلفّـة وراءها فوضى عارمة، ومن هنا يمكننا أن نخرج بتعريف جديد للحبكة الجيدة.

فالحبكة الجيدة هي أن تخلق فوضى جارفة لا تمهل المشاهد هنيهة لالتقاط أنفاسه ولكن تخلقها بهدوء وتروّ وورقة وقلم، فتخرج قصة ذو فوضى منظمة.

كل كاتبٍ يترك جزءًا من قلبه مع كل شخصية يكتبها، ولكن بعض الشخصيات يكون لها نصيبًا أكبر من غيرها، لذا أردنا أن نسأل في الختام الكاتب بلال شحادات عن الشخصية المقربة لقلبه من بين شخصيات المسلسل الجديد، فأجابنا أنه بطبيعة الحال البطلان الرئيسيان قد أخذا النصيب الأكبر من القرب، وهما النقيب سما ـ نادين نسيب نجيم- و  لؤي ناظم الديب -محمد الأحمد-.

نرشح لك: نادين نجيم وقصي خولي.. ثنائية درامية لن تفقد سحرها رغم غيابها الرمضاني!