بعد موسم سينمائي ساخن.. لماذا يتصدر”أفضل سيناريو مقتبس” جوائز أوسكار 2024؟

في خضم الحراك الذي يحدث في الوسط السينمائي منذ بداية إضراب هوليوود والذي امتد لأكثر من مائة يوم، فإن أعين جميع محبي السينما تتوجه إلى المشهد العام بتساؤلات مهمة وملحة عن مستقبل الصناعة.

لكنها أيضًا تتجه وبكل حماس نحو حفل جوائز الأوسكار الذي سيقام في العاشر من شهر مارس للعام القادم 2024 بعد عام يُعد من أكثر الأعوام غزارة في الإنتاج السينمائي سواء من خلال صالات العرض أو المنصات الرقمية.

حفل جوائز الأوسكار هو الحدث السينمائي الأهم والأبرز في مجال الترفيه، والذي يتابعه من خلال شاشات التلفاز الملايين من محبي وصناع السينما، ويظل لأيام عديدة تالية هو محور الحديث حول أي من الأفلام فازت وأيهم خسر وإذا كانت الجوائز مستحقة أم لا، بالإضافة إلى عشرات الفيديوهات على المنصات المختلفة التي يشارك فيها "السنيفيلين" آرائهم حول الجوائز ويشاركهم النقاش العديد والعديد من المشاهدين.

وعند الحديث عن الإنتاج السينمائي لعام ٢٠٢٣ لا يمكن إغفال الأفلام التي أحدثت الضجة الأكبر خلال العام سواء عند الإعلان عنها أو فور صدورها، وهم الثلاثي "باربي" لجريتا جرويج، "أوبينهايمر" لكريستوفر نولان، و"قتلة زهرة القمر" لمارتن سكورسيزي. وللمفارقة، إن جاز وصفها هكذا، فإن توقعات جوائز الأوسكار للعديد من الصحف حتى الآن تجمعهم تحت جائزة "أفضل سيناريو مقتبس".

نرشح لك: بعد فيلم Killers of the Flower Moon.. هل تستحق ليلي غلادستون الأوسكار؟
لكن ما يدور الآن حول تغيير ترشح فيلم "باربي" إلى جائزة "أفضل سيناريو أصلي" يجعل بالطبع عملية الجزم أصعب، لذا لنأخذ نظرة اليوم في "أراجيك فن" على جائزة أفضل سيناريو مقتبس، ولماذا يقع النقاش وإثارة الجدل حول فيلم باربي بين الجائزتين؟

جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو مقتبس هي أحد أهم الجوائز التي يتم منحها لكاتب سيناريو مقتبس من أعمال سابقة مثل رواية أو مسرحية أو قصة قصيرة أو حتى في بعض الأحيان شخصية معروفة، وحتى سلاسل الأفلام تعد اقتباس من العمل الأول من السلسلة.

لهذه الجائزة تاريخ معقد بعض الشيء، حيث تم منح جائزة لأول مرة في الدورة الأولى لحفل الأول لجوائز الأوسكار عام ١٩٢٩ والذي قام بضم الأفلام التي تم إنتاجها من أغسطس عام ١٩٢٧ أغسطس عام ١٩٢٨ لأفضل "اقتباس"، ثم في الدورة الثانية والثالثة تم منح جائزة لأفضل "كتابة" دون أي تمييز بين العمل الأصلي والمقتبس وضرورة الفصل بينهما، ثم في الأعوام اللاحقة كانت تمنح الجائزة مرة أخرى لأفضل "اقتباس".

لكن لم يكن قبل عام ١٩٥٦ وفي الدورة التاسعة والعشرين من حفل الأوسكار أن تم قسم فئة السيناريو إلى "أفضل سيناريو مقتبس" و"أفضل سيناريو أصلي" واتخذت الجائزة عدة أسماء حتى تم الاستقرار على السابق ذكره عام ٢٠٠٢.

وعلى مدار الستة وتسعين عامًا، ضمت هذه الفئة العديد من الأفلام المهمة سواء انتهى بها الأمر بالفوز بالجائزة أو توقفت عند لحظة الترشح.

نرشح لك: الأوسكار ونجومية أفضل فيلم .. أصداء تسويقية وإيرادات مضطربة!

ومن أهم الأفلام التي فازت بالجائزة، على سبيل المثال لا الحصر، فيلم "كازبلانكا" إنتاج عام ١٩٤٣ لكتابه "كوتش" والإخوان "ابستن" ومخرجه "مايكل كيرتز"، "العراب" عام ١٩٧٢ لكتابه "كوبولا" و"ماريو بوزو" ومخرجه "كوبولا" وقد فازا بنفس الجائزة مرة أخرى عام ١٩٧٤ بالجزء الثاني من الفيلم، فيلم "صمت الحملان" عام ١٩٩١ لكاتبه "تيد تالي" ومخرجه "جوناثان ديمي"، "الشبكة الاجتماعية" عام ٢٠١٠ لكاتبه "آرون سوركين" ومخرجه "ديفيد فينشر"، وفيلم "الأب" عام ٢٠٢٠ لكتابه "هامبتون" و"زيلر" ومخرجه "زيلر”.

تلك الأسماء هي نقطة في بحر الأفلام التي فازت بالجائزة، لكن يمكن القول إنهم بعض أشهر الأسماء التي تضمها تلك القائمة الطويلة. وعند الحديث عن جائزة أفضل سيناريو مقتبس، يجب أن نستدعي الخلاف الذي يدور أحيانًا حول ما إذا كانت الأفلام المقتبسة جيدة، ولماذا يتم التشكيك وجودتها من الأساس؟

يدور الجدل أحيانًا بين بعض محبي الشاشة الفضية حول ما إذا كان لابد أن يكون الفيلم أصليًا حتى يكون جيدًا، قائلين إن القصص المقتبسة لا يمكن أن تكون أكثر مما كانت عليه من قبل.

ولعل تلك النظرة تأتي من قصور في فهم الوسيط الذي نحن بصدده. السيناريو الذي يتم اقتباسه من وسيط مكتوب سواء كان رواية أو قصة قصيرة، أو مرئي كفيلم أو مسلسل، يمكن أن يتسم بالأصالة قدر النص الأصلي تمامًا ما إذا تم العمل عليه بشكل صحيح. بالإضافة إلى ذلك.

نرشح لك: ما الذي يجعل الفيلم كلاسيكيًا؟.. النقاد يجيبون لـ “أراجيك فن”

فإنه في النهاية يذهب إلى وسيط مرئي، السينما، حيث يتمكن المخرج صاحب العمل من تشكيله كيفما يريد، فيبدأ القصة من النقطة التي يفضل، ويأخذها إلى حيث تنتهي من وجهة نظره، وتذهب الكاميرا الخاصة به لتلتقط الحكاية من خلال عينيه هو فقط، فيخرج عملًا أصيلًا داخل عالمه وبأدواته الخاصة وهنا تكمن أصالة العمل الحقيقية التي لن تخطئه العين أبدًا.

وعلى اختلاف جودة الأفلام المتوقع ترشحها لجائزة أفضل سيناريو مقتبس لعام ٢٠٢٣، نعود ونقف أمام الأسماء الثلاثة الكبيرة، التي أعادت لهذا العام التنافسية حول الإيرادات والتقييمات وأعادت معها تهافت الجمهور لملأ قاعات السينما.

بعد نجاح كل من "أوبينهايمر" وقتلة زهرة القمر" في حصد الكثير من الإعجاب والتقييمات الجيدة والإيرادات الضخمة، مع تفوق الأول حيث حصد حوالي ٩٤٩ مليون دولار أمريكي، أمًا الأخير يحصد حتى الآن حوالي ١٣٨ مليون دولار علمًا أنه تم إصداره منذ حوالي شهر وأكثر قليلًا، فأن يتوقع الناس ترشحهما لجائزة أفضل سيناريو مقتبس أمرًا منطقيًا بل ويمكن القول إنه من المتوقع أن يتم ترشحهما بالفعل.

نرشح لك:  سكورسيزي، دي كابريو، ودي نيرو.. 10 حقائق مثيرة تكشف مثلث Killers Of The Flower Moon الذهبي!
لكن الأمر الغريب هو ما يدور حول فيلم "باربي" الذي حصد حتى الآن حوالي مليار وأربعمائة مليون دولار أمريكي، حيث تدفع شركة "وارنر بروس" به للترشح ضمن فئة أفضل سيناريو أصلي، لكن بعض الآراء تجمع على أن الفيلم ينتمي لفئة أفضل سيناريو مقتبس.

ويكمن النزاع هنا في أن تلك الفئة تضم أيضًا الأعمال التي يستند النص فيها على أية ملكية فكرية موجودة مسبقًا، وهو الأمر المتحقق هنا حيث إن باربي اللعبة الشهرية تنتمي إلى شركة "ماتيل" ثم أخذها وارنر بروس بالتعاون مع جريتا جرويج ونواه بومباك ووضعوها داخل عالم آخر.

لكن هذا العالم من صنعهم بالكامل، حيث لا يمكن الجدال على أصالة السيناريو والحبكة التي تبدأ منها الأحداث والمنحنى الذي قرر كلا من جرويج بومباك أن تأخذه القصة.

وهذا هو ما تضغط به شركة الإنتاج للحصول على ترشح لفئة السيناريو الأصلي لينضم الفوز لاحقًا إلى سلسلة الإنجازات التي استطاع الفيلم تحقيقها بعدما تصدر التريند الأسابيع خلال صيف هذا العام وخلق معه حاجة كاملة من "حالة اللون الوردي" التي اكتسحت العالم.

لا يمكن القول حتى الآن ما إذا كانت تستطيع وارنر بروس تحقيق مرادها، لكن مما لا شك فيه أن المنافسة على أشدها في كلتا الفئتين، وأن حال ترشح باربي لفئة أفضل سيناريو مقتبس فإننا على موعد مع موجة أخرى من "باربينهايمر" ليلة حفل توزيع جوائز الأوسكار!

نرشح لك: “باربينهايمر”.. هل أصبحت جودة الأفلام تُقاس بقوة “التريند” المصاحب لها؟