مسلسل The Umbrella Academy هو واحد من مسلسلات Netflix الأصلية التي تتفنن في صنعها، وتبهرنا بعمل أقوى وأقوى في كل مرة. وبالرغم من أن هذا العمل تم إصداره في 2018، إلا أنه حتى الآن له مكانة خاصة في قلوب الملايين من المشاهدين حول العالم. وصار أبطاله أيقونة إلكترونية حيّة على مواقع التواصل الاجتماعي. حتى أن أصغر أبطاله، أصبح سفيرًا للنوايا الحسنة من قبل هيئة الأمم المتحدة!

اليوم يا رفاق سوف نتحدث عن هذا المسلسل المميز المقتبس عن سلسلة كوميكس تحمل نفس الاسم، والذي أراه واحدًا من أكثر الأعمال “تواصلًا” مع مختلف الشرائح العمرية للمشاهدين. لماذا، ربما تتساءل يا عزيزي؟ إحم.. لماذا لا نبدأ بإلقاء نظرة على القصة؟

*المراجعة خالية من الحرق*

في يومٍ ما، تحدث ظاهرة غريبة جدًا على كوكب الأرض. فجأة، وعلى مستوى العالم، تلد 47 أنثى، 47 طفلًا في نفس اللحظة. لكن المدهش في الأمر أن تلك الإناث في الأساس لم يقمن أي علاقة جنسية تؤدي إلى حمل مع أي ذكر. أجل ما سمعته صحيح، ولدن أطفالًا وهنّ لم يحملن بهم من الأساس، وهذا الغريب في الأمر.

أحد الميليارديرات قرر أن “يشتري” هؤلاء الأطفال من أمهاتهم. أطفال أتوا إلى العالم على حين غرة من أمر ذويهم، أطفال غير مرغوب فيهم، لماذا لا أشتريهم؟ هذا ما فكر فيه الميلياردير المجنون. وبالفعل استطاع شراء سبعة أطفال، وقام بتربيتهم في قصره المهول الذي حفل عليه من الخارج (أكاديمية المظلة)، ومن هنا أتى اسم The Umbrella Academy المثير للفضول. راهن الرجل على أن هؤلاء الأطفال مميزون، لكل منهم قدرة خارقة، وبالتأكيد استثماره سيكون ناجحًا.

وبالفعل، كل طفل لديه قدرة خاصة، قدرة خارقة للطبيعة، قدرة جعلته يُعرف على مستوى الدولة بأحد أبطال أكاديمية المظلة السبعة. لكن مع الوقت كبر الأطفال، وانسلخوا عن العائلة واحدًا تلو الآخر ليشقوا حياتهم الخاصة. إلى أن مات والدهم العجوز، وهنا اجتمع الكل بالمنزل مرة أخرى بعد سنين طويلة، ليكتشفوا أن والدهم من المحتمل أنه قُتل ولم يمت ميتة طبيعية، وأن هذا بشكلٍ ما، مرتبط بنهاية عالم محتملة ستقضي على الأخضر واليابس!

أقرأ أيضًا: مارفل تي في تنتهي فما مصير مسلسلاتها؟

مسلسل The Umbrella Academy كسر النمط التقليدي في تجسيد الأطفال والبالغين. هنا يمكن أن تجد بالغين في منتهى التفاهة، وأطفال في منتهى الجدية. تلك الفوارق العملية التي لا يُعمل بها على الإطلاق، تجعلك غير قادر على توقع تصرفات الأبطال بناءً على النمط السائد لشريحتهم العمرية. وهذا يترتب عليه تشويق كبير في الأحداث. أنت لا تعرف ما سيحدث، ولا يمكنك توقعه حتى، هذا مثير أليس كذلك؟

كما أن هناك نقطة أحب أن أشير لها فعلًا. المسلسل يبدأ بكون الشخصيات قد بلغت بالفعل وصارت لها حيَواتها الخاصة. وفجأة بالمنتصف (لوجود قدرة مُعينة لدى أحد أفراد الأسرة)، نجده يأتي في سن صغيرة بينما هم جميعًا بالغون، ونجد تبانًا مهولًا بين العقل والجسد، وبينه وبينهم، وبينهم جميعًا وبين الأحداث العُظمى الذين انغمسوا فيها حتة أخمص القدم دون أن يستعدوا حتى. كل ذلك التباين يجعل القصة مشوقة جدًا في الواقع.

مصطلح غريب، أليس كذلك؟ في الواقع أنا شخصيًّا أحب استخدام هذا المصطلح كثيرًا، وأبحث عنه في الأعمال الفنية التي أشاهدها بغرض التسلية وقضاء وقت ممتع فحسب. قصص ليست عميقة لدرجة تجعلني حزينًا، أو تافهة لدرجة تجعلني أسقط المسلسل من الحلقة الأولى فقط.

مزيج التفاهة الجادة يجمع بين سطحية الشخصيات، وعمق القصة الموضوعين فيها. مثل أن تجعل مجموعة مراهقين ينقذون العالم. ممم، مهلًا.. ألا تتحدث عن أغلب حبكات الكوميكس الأمريكية؟ أجل يا عزيزي، هذا ما أقصده هنا.

تلك الحبكات نحبها لكون شخصياتها قريبة إلى قلوبنا، سواء كنا في نفس عمرهم فننتمي إليهم ذهنيًّا، أو أكبر فننتمي إليهم حميميًا، نفس انتماء البالغ لحياة الطفولة. ونحبها أيضًا لكون الحبكة لا تتمحور حول الشخصيات المرحة نفسها، بل طريقة تفاعل تلك الشخصيات مع البيئة المحيطة، والتي تكون في العادة منافية تمامًا لطبيعتهم الأم. وهنا حقق مسلسل The Umbrella Academy هذا المزيج الرائع بدرجة كبيرة جدًا أرضتني.

مسلسل The Umbrella Academy ككل جميل جدًا، ويحمل لمسة نتفليكس في الأعمال الشبابية، نفس اللمسة التي يتحلى بها مسلسل Stranger Things من إنتاج نفس الشركة. لكن الذي ضايقني فعلًا هو الملل الذي صاحب مشاهد بناء حياة الشخصيات. في حبكة كهذه، يجب الحفاظ على مستوى تسارع ثابت. وجود 10 دقائق من السكون، تجعل المشاهد يفقد الرغبة في إكمال المشهد، ويشرع في القفز والقفز بين الإطارات حتى ينتهي. هذا لا يعيب القصة أو العمل النفسي نفسه بالطبع، هذا مجرد رأي شخصي لشخصٍ أعطى للمسلسل هالة خاصة، ووجده يحيد عن تلك الهالة رويدًا رويدًا، مما أزعجه جدًا.

كل شخصية لها الحياة الخاصة بها، والتي تنصهر مع حياة الشخصيات الأخرى بسهولة ويُسر. هنا من الخارج يمكن أن ترى الشخصيات مشتتة وتائهة، لكن مع الوقت تجد أنها مترابطة بشدة، وتؤثر في بعضها البعض، وفي مسار القصة بطريقة كبيرة جدًا. حتى الشخصيات التي اعتقدت في البداية أن دورها الدرامي محدود جدًا في القصة، ستكتشف في النهاية أن دورها ربما أكبر من سائر الشخصيات كلها.

بالمُجمل كتابة الشخصيات موزونة جدًا، ما عدا التهميد لبعضها، والذي أخذ وقتًا أكثر من اللازم وأشعرني بالملل كما ذكرت سابقًا.

التمثيل بالمُجمل جيد، لكن الذي يجب أن أشيد به فعلًا هو الممثل Aidan Gallagher، الذي يبلغ من العمل 14 عامًا فقط عند تصوير المسلسل، والذي قدم شخصية (فايف) الذي يجب أن يبدو صغيرًا، لكن يتحدث ويتعامل كرجل بالغ شديد العصبية ولديه عادات غريبة وهوس عاطفي أغرب. جسد الممثل الشاب الشخصية بمنتهى البراعة فعلًا. والمثير في الأمر أن الدور فتح له الباب ليصير أشهر ويشارك في قضايا بيئية عُظمى، وبعدها يصبح سفير النوايا الحسنة لهيئة الأمم المتحدة، وهو 15 عامًا فقط!

أقرأ أيضًا: مسلسل Black Mirror عندما تصبح التكنولوجيا سببًا في تخلف البشرية

مخرج مسلسل The Umbrella Academy هو (جيريمي سلاتر)، وكانت لديه بعض المشاهد الإخراجية الممتازة فعلًا، وكانت هناك بعض الإطارات الأيقونية التي احتفظت بها خصيصًا كي تساعدني لاحقًا في إخراج كادراتي. لكن أغلب المشاهد كانت عادية جدًا.

هذه هي السمة الكُبرى والأفضل في هذا المسلسل. الموسيقى والأغاني هنا مناسبة جدًا للأجواء العامة. كما أن المقطوعات ليست بالكامل من تأليف فريق عمل المسلسل، بل بعضها منشور بالفعل قبل التفكير بالمسلسل من الأساس. تسخير المقطوعات لخدمة القصة والإخراج جعل التجربة أقوى وأفضل بمراحل فعلًا.

المسلسل بالمُجمل يستحق المشاهدة، وهو عمل رائع فعلًا، أنصحكم به.