تيموثي شالاميه وجوني ديب وجين واليدر.. ما طعم هذا الخليط السحري الذي يصنعه Wonka عبر السنين؟

Wonka بقبعته المميزة وعالمه السحري الجذاب، يتمكن ويلي وونكا من العودة إلى الشاشة من جديد وفي جعبته قصةً جديدة وقطعة من الشوكلاتة الممزوجة بالحب. 

في بدايات عام 1964 قرر رولد دال أن يكتب حكاية فريدة من نوعها عن شخص يصنع الشوكولاتة ويمنحها مذاقًا ساحرًا؛ يسمى ويلي وونكا. وجاءت بعدها أول نسخة سينمائية مقتبسة من حكاية "دال" عام 1971 ليعيد الحياة لقصة وونكا من خلال تمثيل جين واليدر المبهر. وفي عام 2005 جاء جوني ديب بنسخة جديدة ومختلفة تمامًا عن سابقتها، والآن جاء تيموثي شالاميه ليمنح وولي وونكا تاريخًا ويخوض معه مغامرةً جديدة. 

في النسختين السابقتين، كانت الأحداث لا تبتعد كثيرًا عما كتبه دال، مثل وجود خمسة أطفال محظوظين فازوا بتذاكرَ ذهبية لزيارة مصنع الشوكولاتة الخاص بوونكا،  بينما Wonka في هذه النسخة التي بين أيدينا اليوم فإن الفيلم يحلق بعيدًا بخياله، مع الحفاظ على روحِ القصة الأصلية في جوفِه. 

بينما أبقت نسخة جين وايلدر على روح البهجة، جاءت نسخة جوني ديب لتضفي بعض السوداوية والغموض وغرابة الأطوار على Wonka، تأتي نسخة شالاميه بدورِها مازجة بين روح القصة الأصلية وروح البهجة التي خلقها ظهور جين وايلدر على الشاشة، فإن فيلم Wonka.    

نرشح لك: إليكم ترشيحات أفلام ومسلسلات Golden Globes 2024.. فيلم Barbie في المقدمة!

في كلمات أخرى لا يعد الفيلم Wonka تبنيًا حقيقيًا لقصة دال بل هو مجرد إعادة تخيل  للشخصيات والقصة مثلما تلقاها كينج وصبها في قالبٍ مختلف كليًا، ولذلك نجد بعض الاختلافات ـ منها الطفيف ومنها الضخم ـ مثل عدم وجود أي اضطراب في العلاقة بين Wonka وعائلته، وتتخذ التذكرة الذهبية في هذا الفيلم قيمةً ومعنً أعمق.

تمثل النسختان الماضيتان الطفل الذي تركناه خلفنا، بعينيه الفضولتين وخياله الممتد بلا نهاية، تغمره تفاصيل الحكاية المغطّاة بالشوكلاتة من كل جانب، إن Wonka في أحدث ظهور له يأتي ليقف إلى جوارنا، مفتقدًا هو الآخر الطفل الذي كان ويحاول أن يعيد إحياء مشاعر الطفولة برفقة أمه من خلال صنع شوكولاتة تمتلك نفس المذاق الفاتن، بينما نتواصل نحن مع ذكرياتنا من خلال مشاهدته وهو يسلك دربًا جديدًا في عالم الشوكولاتة.

 هذا الفيلم يقدم النسخة المفعمة بالحيوية وروح المغامرة لشخصية Wonka، وعلى الرغم من أن شخصيته هنا لا تمتلك الكثير من الطبقات مثل ما سبق وشاهدناه، إلا أنها استطاعت أن تُبقي على روحِ دال في خضمِ كل الأحداث، تأتي أغنيةً أو رقصةً لتذكرك بالمرح الذي بثه دال في قصته للمرة الأولى بشخصية فوق الورق. بشخصية حافلة بالأفكار وإصرار هائل على تغيير العالم، يتقدم Wonka بحماسٍ.

نرشح لك: فيلم Wonka.. كواليس تيموثي شالاميه بمشهد رقصة الباليه الجوي التي أدهشت الجماهير
إن فيلم Wonka 1971 قد وفر لنا تجربة فنية جذابة بصريًا، تجاوز بها الفريق الفني الحدود ليمزج بين الخيال والتفاصيل والمتعة، استطاع هذا الفيلم أن يرسم الصورة الأولى لـ Wonka ببراعة. وفي عام 2005، جاء الفيلم ليمدنا بتفاصيل سحرية ولمسات فنية أكثر، مثل غرفة الجوز التي تنبض الحياة، حيث تعمل آلاف السناجب داخلها لفصل الجوز عن قشرته بسلاسة.

وأخيرًا تحضر نسخة هذا العام من Wonka التي لا تلقي بالاً لضخ سحرها في أركان مصنع الشوكولاتة بل تهتم بذلك الخليط الخالص بين السحر والشوكولاتة، يحمل Wonka صندوقه الذي يحتوي على نكهات عجيبة ويمضي ناثرًا السحر في كل أرجاء المدينة. 

”كل شيء جيد يبدأ بحلم“ 

على إيقاع أغنية  A hatful of dreams  يتقدم ويلي وونكا في شكله الجديد وحلمه القديم.

بروح أخف ومرح أكثر بعد سبع سنوات من الإبحار حول العالم، يصل Wonka أخيرًا إلى بلدة لا تقل غرابة عن مخيلته. يلتقي Wonka بـ(نودل) التي تلعب دورها الممثلة كالا لين، وسرعان ما يصبحا أصدقاء مقربين وشريكان في المغامرة. يحمل وونكا في جيبه آخر قطعة شوكولاتة مصنوعة من قبِل أمه ويخرجها ويضعها أمام عينه كلما تعثر أثناء طريق حلمه الطويل، بينما ترتدي نودل بدورها سلسلة تذكرها دومًا بأن يومًا ما كانت تمتلك أمًا تحبها.

وحينما يتم حبسهما داخل مغسلة ملابس، كانت أحلام Wonka تمتد إلى أبعد من تلك الجدران الرثة، يدبر  خطة محكمة للهرب ويمضي في طريقه نحو حلمه بفتح مصنع شوكولاتة، ولكن لحظة انتصاره تأتي بنتائج عكسية، وينهار كل شيء في لحظة إنشائه. ويغدو الحلم بعيدًا من جديد.

“لا تصنع الشوكولاتة من جديد”

يقول سلاج وورث الذي يلعب دوره الممثل باترسون جوزيف ـ وهو من أحد الجال المهيمنين على تجارة الشوكولاتة الرديئة في المدينة ـ هذه الجملة بينما لا يزال المذاق الساحر لشوكولاتة Wonka ذائبة في فمه. 

نرشح لك: في عرضه العالمي.. تيموثي شالاميه: فيلم Wonka كان حلمًا لم أتوقع تحقيقه!

تم تصوير فيلم Wonka  في عدة مواقع ساعدته على إحياء السحر الذي تنضح به القصة، فقد تم تصوير عدة مشاهد في جامعة أكسفورد مثل مشهد افتتاح مصنع الشوكولاتة.

فإن مدينة أكسفورد تتميز بطابعها السحري الخلاب دون الحاجة لإضافات خارجية، فقد تم تصوير أجزاء من سلسلة "هاري بوتر" و"أليس في بلاد العجائب" هناك. أمًا عن المشاهد التي تلألأت بها الأرض بالثلج الأبيض حول Wonka فقد تم تصويرها في مدينة باث في إنجلترا، مساعدةً على إضفاء أجواء شتوية تناسب أجواء ديسمبر الدافئة.

وداخل كاتدرائية القديس بولس في لندن، تم التقاط المشهد الأشهر والأثر درامية في الفيلم، حين قام سلاج وورث مع زملائه بحبس كلاً من Wonka ونودل في قاعة مغلقة وبدأوا بإغراقهم بمضخات الشوكلاتة، كان ويلي وونكا يغرق في عمقِ حلمه، وآخر مذاق يتذكره هو أكثر ما يحب؛ الشوكولاتة.

إن فيلم Wonka مثل كوبِ كاكاوٍ ساخنٍ يُقدم إليكَ لتشربه في ليلةٍ شتوية ممطرة، أو مثل حضنٍ دافئ، يذكرك أن الطفل الذي يكمن داخلك لا يزال قادرًا على المرح. ربما ستفتقد النسخة القديمة من ويلي وونكا مثلما فعلت، سواءً التي لعب دورها جين وايلدر أو جوني ديب، ستشعر أن هناك جزءًا ناقصًا، ولكن أعدك أن فيلم Wonka سيأخذك في رحلةٍ ممتعة، حتى وإن لم تكن على نفسِ القدر من المتعة التي اجتاحتنا ونحن أطفال.

يستكشف فيلم Wonka الكثير من المواضيع الثقيلة مثل الفقر والعمل الاستغلالي والصراع الطبقي، ويتم التعامل مع هذه المواضيع بشكلٍ مدهش بالنسبة لفيلم موسيقيّ وخياليّ في المقام الأول، فإن تلك المواضيع تقدم جنبًا إلى جنبٍ مع تساؤل: ”هل يمكن للإنسان أن يشرب لبن الزرافة؟“ وتُرى ما طعم ذلك الخليط السحري الذي صنعه ويلي وونكا؟ 

نرشح لك: أفلام فانتازيا 2024.. تعرف إلى سحر سينما الخيال والمغامرات المرتقبة!