تريند 🔥

🤖 AI

عذرًا د. زويل، لا يجب علينا أن ندعم الفاشل حتى ينجح.

الخوف من الفشل
هادي الأحمد
هادي الأحمد

4 د


“الغرب ليسوا عباقرةً ونحن لسنا أغبياءً، ھم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل”.

بالطبع قرأت هذه العبارة ملايين المرات منذ ظهورها الأول في السوشال ميديا على لسان الدكتور المصريّ أحمد زويل، وربما لاحترامك الشديد لشخصية ملهمة مثل الدكتور زويل اعتبرت هذه العبارة كترنيمة مقدّسة يجب علينا تردادها؛ كي يأتي للكون زويل آخر.

الخطر من العبارة أنّها انتقلت من مقولة تحفيزية تهدف لتشجيع البيئة المحيطة بشخص ما لحضّه على التعلم والعمل، وتخطّي الفشل إلى شمّاعة للكثير من أصحاب الأفكار الفاشلة ليعلّقوا عليها فشلهم، وأصبحت آيةً مقدّسةً لدى مرتادي السوشال ميديا لاستخدامها في كلّ موقف تعرضت فيه أحد لانتقاد ما، حتى ولو كان انتقادًا محقًا.


هل علينا الخوف من الفشل فعلًا؟

نعم، ولا. علينا الخوف من الفشل؛ لأنّه من الطبيعي الخوف من الفشل، كما من الطبيعي الخوف من دخول غرفة العمليات في المستشفى، ولكن لا يجب أن نخاف من الفشل لأنّه جزء ضروريّ من النجاح. لا حاجة لسرد القصص المكررة عن أهمية الفشل كونها أصبحت محفوظةً هي الأُخرى أكثر من عبارة الدكتور زويل، ولكنّ الفشل كان جزءًا رئيسيًا من كل نجاح ضخم تراه في حياتك.

ما أقوله هنا هو بديهيّات يعرفها الصغير قبل الكبير في كلّ مكان في العالم، ولكنّها تطمس شيئًا فشيئًا بينما يتحول الفشل إلى “تابو” لا يجب الحديث عنه، ولا يجب مواجهة الناس به. وبينما يعتبر الفشل أمرًا أشدّ خطورةً مما هو عليه يزداد الخوف من الفشل والرغبة بالنجاح في كل شيء، حتى لو كان ذاك النجاح مزيفًا.

النجاح المزيف هو ذاك النجاح الذي تحصل عليه من “دعم المجتمع” دون امتلاكك لمعايير النجاح في البداية، هو مخدّر إن صحّ وصفه بذلك كونه لا يمتلك أي تأثير إيجابيّ على الإطلاق. النجاح المزيّف المدعوم جماعيًّا دون أي مقوّمات للنجاح أسوأ من الفشل لكل الأطراف المشاركة فيه، عدا عن كونه يأخذ حيزًا من الفراغ يمكن أن يستفيد منه نجاح حقيقيّ مبني على مقوّمات فعليّة.

فيديو يوتيوب

حالة واضحة جدًا أحب الاستشهاد بها كلما سمعت عبارة الدكتور زويل في سياق “علينا أن ندعم فلان حتى لو كان فاشلًا؛ لأنّه من الممكن أن ينجح”، وأحب الاستشهاد بتبعاتها وتأثيرها على كل الأطراف المتدخّلة، الشاب الساذج والقناة الناقلة والمجتمع الذي دافع عن الشاب أولًا وقبل أن يفهم ما يجري، وتحوّل الدفاع إلى استنكار شامل لكل شيء يتعلق بالحادثة. النجاح المزيف للشاب الساذج الذي وجد لنفسه البيئة التي ترغب بدعم الفاشل حتى ينجح كان ضربةً قاضيةً لأحلامه الباقية ربما.

بدلًا عن تقديم النجاح المزيّف لشخص فاشل ودعمه حتى ينجح يمكننا دعم شخص ناجح يستحق الدعم، ولكن لن تجد أحدًا يقوم بهذا إلّا في حالات نادرة؛ لأنّ النجاح ليس بحاجة دعم تعاطفيّ من الجماهير، فهو يأخذه من عقولهم قبل قلوبهم.


الفهم الخاطِئ لمفهوم “دعم الناجح” أو “عدم محاربته”

في كثير من الأحيان يترافق النجاح الحقيقيّ مع دعم جماهيريّ واسع غير مبنيّ على العاطفة، مثال واضح ومباشر على هذا مشاريع مثل: أوبر وكريم أو حتى سبوتيفاي وأنغامي، وملايين المشاريع الأُخرى التي نجحت بدعم من المستخدمين دون توظيف العاطفة لتجييش الدعم الجماهيريّ، دون وجود أي قيمة فعلية مرجوة منها.

وبينما يمكن النقاش بأنّ النجاح لا يقتصر على المشاريع التجارية، يمكنني القول أنّ أغلب النجاحات في الحياة من المفترض أن تقدّم شيئًا لفئة معينة من الناس، سواءٌ كانت صغيرةً كنفسك أو عائلتك المباشرة، أو كبيرةً كدولتك بأكملها، أو حتى البشرية جمعاء، وعلى الرغم من تعدد تعاريف النجاح لغويًا وفلسفيًّا، إلّا أنّني أجد هذا أقربها: مدى التأثير الإيجابيّ على حياة الشخص ومن حوله.

بصياغة أخرى، لا داعي لتدعم شخصًا بناءً على عاطفتك فقط، أو لأنّه ابن بلدك فقط، أو لأنّه صديقك فقط. خذ هذه العناصر بعين الاعتبار، ولكن في البداية انظر لمقدار النفع الذي يقدمه هذا الشخص لنفسه ولمن حوله، ناقشه وقدّم له الحقيقة المرّة دون أي مزيّنات، هذا أفضل ما يمكنك فعله لدعم شخص ما حتى ينجح.

انتقاد شخص ما لا يعني حربًا عليه. بديهيّة أُخرى بدأت تتلاشى شيئًا فشيئًا من عقول الجميع، بينما أصبح من يحاول انتقاد أي شيء، وأي تصرف كان “معاديًا للنجاح” و “حاسدًا للناجحين” بتجاهل تام؛ لكون الانتقاد أمرًا ضروريًا للتقدم، ليس فقط على مستوى الفرد بل على مستوى المجتمع.

أذكر قبل بضعة سنوات حادثة تضمنت شابًّا سوريًّا بنى موقع التواصل الاجتماعي العربي “الأول”، وأضع “الأول” بين علامتي تنصيص؛ لأنّه ليس الأول ولا حتى يقترب من هذا الترتيب أصلًا. بأي حال، تضمنت الحادثة انتقادًا حادًّا من مبرمجين سوريين، وتحليلًا قاسيًا للموقع كشف الكثير من المعلومات المتعلقة بطريقة بنائه والأكاذيب التي قدمها المشرف عليه لإشهاره. اتهم أغلبهم بالطبع بأنّهم معادون للنجاح، وأنّهم لا يريدون الخير لابن بلدهم بغض النظر عن الانتقادات المبررة لما كان يقوم به.

فيديو يوتيوب

بإمكانك إلقاء نظرة على التعليقات في يوتيوب لمعرفة ما أتحدث عنه.

ذو صلة

كيف ندعم الفاشل حتى ينجح؟

دلّه على الطريق الصحيح للنجاح. لا تجمّل الحقيقة، انتقد وواجه فاحتمال أن يقوم هذا الشخص بتغيير أفكاره وتصرفاته دون أي مواجهة شبه معدومة. هذا جارح ومزعج؟ أجل، وهذا ليس أسوأ ما سيعيشه في الحياة. الانتقاد والمواجهة ضروريّان لتقدم المجتمع والفرد، ولسنا مجبرين على “دعم الفاشل حتى ينجح” من خلال السكوت عن فشله، وتزييف نجاحه وتجاهل أخطاءه.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

سلطت بقعة ضوئك على زاوية معتمة لا ينتبه لها الكثير من المارة ، أحسنت في إختيار العنوان ، أهنئك على وعيك العالي

السبب الرئيسي في خوف الناس من الاعتراف
بالفشل وايضا الركض خلف النجاح المزيف
هو ثقافة الناس التي لا تعرف سوى الاحباط
والذم واستناقص من قيم الناس
هذه الحقيقة التي تجعل الناس تسلك
الطريق الخاطئ

يوجد ايضا فرق بين انتقاد شخص واحتقاره
كانت لا تستطيع انت لا يمكنك انت افضل شيئ
تفتح الفيسبوك وتنام

وبين شخص محفز حتى بالنقد يمكن ان
يكون محفز ويعطي النصيحة ليس
ان يقف عائقا وكل شخص قادر
على ايجاد الحلول الانسب بنفسه

ههه اجمل شيء غلاف المقال, معبر ! 😀

مشكلتنا في العالم العربي, قنوات ومواقع في الصدارة تدعم “الفشل”, و مفكرين يدفنون في الرمال..
واغلب المشارع تدعم بشكل حقيقي (مادي) تقصر على المجال الفني (المهرجانات, الحفلات الغنائية..)
كمثال بسيط يكفي ان تتصفح احد المواقع العربية لتمويل الجماعي

ذو صلة