هناك من يكسر البيض: كيف تحيا مختلف بلدان العالم عيد الفطر السعيد✨
9 د
عيد الفطر هو الطقس التقليدي الذي يشير إلى انتهاء شهر الصيام الإسلامي المقدّس، صيام شهر رمضان المبارك 29-30 يومًا من شروق الشمس وحتى غروبها، ويُحتَفَل به خلال الأيام الثلاثة الأولى من شهر شوال القمري، فيه يختم المسلمون صيامهم اللازم، ويتبادلون التهنئات بمناسبة حلول عيد الفطر.
طبعًا هو أحد العيدين الإسلاميين المقدسين عند المسلمين، وأما العيد الآخر فهو عيد الأضحى الموافق 10 ذو الحجة، ويسمى العيد الكبير أيضًا ويُحتفل به تخليدًا لذكرى تضحية النبي إبراهيم، بينما يُطلق على عيد الفطر “العيد الصغير”، وبالنسبة لموعد الاحتفال به ميلاديًا، فذلك يعتمد على توقيت التماس الهلال في كل بلد، لذا نرى الاختلافات في المواعيد حول العالم.
ما نعرفه جميعًا عن عيد الفطر أنه عطلة رسمية لمدة 3 أيام، تتم التحضيرات ما قبل أوان موعد اليوم الأول بتجهيز حلويات العيد منزليًا غالبًا، لأنها إحدى الطقوس المهمة، حلويات العيد التي تأخذ نكهة خاصة بصنعها بالأيدي، والبعض يشتريها جاهزة. نعرف أن الجميع يشتري ملابس العيد الجديدة، زيارات الأقارب الحميمة وتهنئتهم، إعطاء الأولاد الصغار هدايا مالية أو غيرها، زيارة قبور الأحبة…
تلك هي النظرة العامة، ولكن في حقيقة الأمر، تختلف التقاليد والتصرفات الروتينية التي يفعلها سكان بعض البلدان بشكليات متنوعة، سواء من حيث التحضير، وما هي الحلويات أو الأكلات المتنَاولة، أو من حيث أجواء الاحتفال. سنتعرف في هذا المقال على أبرز أجواء الاحتفال بعيد الفطر في البلدان العربية والإسلامية حول العالم، تابع من فضلك.
اقرأ أيضًا: لعيد فطر صحي! عليك بالإنصات لجسدك
نهاية شهر رمضان والبدء بتحضيرات الاحتفال بعيد الفطر
تقريبًا، تتشابه عملية التحضيرات لاستقبال العيد لدى المسلمين جميعًا، وبشكل خاص النساء، فهن يقمن بتنظيف كامل المنزل (تعزيل كامل) قبل عدة أيام من العيد، ومنهنّ من تقوم بشراء معدات صنع الحلويات لتبدأ بصنعها قبل عدة أيام أيضًا، كي تتفرغ لنفسها ولاستقبال الضيوف خلال اليوم الأول، وهناك أخريات يفضلن الخَبز يوم العيد كي تنتشر رائحة حلويات العيد في البيت، وبعض النساء يفضلن شراء الحلويات الجاهزة.
أما بالنسبة لملابس العيد المبهجة وشرائها، فهو أمرٌ يحبه الجميع، من الكبار وحتى الصغار والأطفال، الجميع يذهب إلى السوق ويشتري هندامًا جديدًا لنفسه، وتذهب الأمهات برفقة أطفالها، وتختلف الملابس من بلد إلى آخر، بجسب التقاليد والعادات.
تختلف كل دولة إسلامية عن أخرى بالتأكيد في عدة أشياء في التحضير للعيد، مثلًا، في المغرب، تُفرض الزكاة على المقتدرين ماديًا قبل يوم أو يومين أو ثلاثة من حلول العيد، وهي فرض على جميع المسلمين الذين يستوفون معايير الثروة المالية، وتُفرض قبل عدة أيام كي يتمكن المحتاجون من شراء حاجاتهم جون الشعور بالقلة أو القلق بشأن الاحتفال بيوم العيد، وهكذا تجري الزكاة هنا مجرى الصدقة العادية.
أجواء الاحتفال بعيد الفطر
يبدأ الاحتفال في جميع بلدان العالم تقريبًا بالاغتسال قبل الصلاة، بما يسمى “غسل الجسد” لتخليصه من الشوائب الروحية، وبعدها يرتدي المسلمون أنقى وأجود ملابسهم ويتوجهون إلى المساجد لأداء صلاة العيد، وأحيانًا قبل الصلاة، يشجّع المسلمون بعضهم على أداء زكاة الفطر، والتي تتمثل بتقديم الصدقات للمحتاجين والتبرع بالطعام الزائد أحيانًا. تعتبر هذه الطقوس الثلاث، الغسل وصلاة الفجر للعيد وزكاة الفطر، ممارسات شائعة لدى المسلمين في كل مكان من الأرض.
وتبدأ النساء بتحضير سفرة مكونة من أشهى الحلويات والأكلات، ويرتدين أفضل ملابسهنّ او التي اشترينهنّ لاستقبال الزوار والأقرباء، وفي بعض البلدان، تزين النسوة أيديهنّ بالحنّاء كتقليد، لذا كما قلنا، توجد عادات وتقاليد فريدة في المجتمعات المسلمة الفردية. إليك بعض العادات في بعض البلدان:
تركيا
في تركيا، يُعرف العيد باسم عيد رمضان، أو (Ramadan Bayrami)، تتميز احتفالات عيد الفطر في تركيا بأجواء مميزة على الشواطئ المشمسة!! نعم، حيث يقتضي اليوم الأول، والذي يسمى عيد الحلوى أو مهرجان الحلوى (Seker Bayrami)، زيارة الأقارب والتهنئة، إعطاء الأطفال حلويات مثل البقلاوة أو نقود ملفوفة بمناديل، إنما يقضون ثاني وثالث أيام العيد مسترخين بجانب مياه البحر، منهم من يفضل صيد السمك، السباحة، وغيرها من الأنشطة المائية أو الرملية. إذن، يقتنص المسلمون التركيون الفرصة في احتفالات عيد الفطر بالراحة والاسترخاء على الشواطئ الرملية.
سنغافورة
أحد أهم المعالم البارزة لاحتفالات عيد الفطر في سنغافورة هو مهرجان انفجار الألوان الذي يضيء منطقة جيلانغ سيراي (Geylang Serai)، إحدى أقدم المستوطنات في المنطقة وتُعد مركزًا لاحتفالات المسلمين الذين يقطنون في سنغافورة، بعيد الفطر. يُقام في شوارع جيلانغ عرض مذهل للأضواء كل سنة، أكثر من 50 نوعٍ مختلف من التركيبات الضوئية، وكلها تصوّر ألوانًا زاهية تفتح القلب للبهجة والسرور.
آيسلندا
على الرغم من الأقلية المسلمة في آيسلندا، إلا أن الاحتفال بعيد الفطر هناك يأخذ صدىً واسع المدى. وعلى ذكر المنطقة، فكما نعلم، تغرب الشمس هناك لمدة ساعتين فقط، وعلى ذلك قد تظنّ أنه يُطالب المسلمون القاطنون في المنطقة بالصيام لمدة 22 ساعة، ولكن اتفق علماء وخبراء المسلمين على تسوية هذا الأمر وعدم الإجحاف بحق المسلمين، وأُتيح لهم اختيار وقت الإفطار بناءً على توقيت شروق الشمس وغروبها من أقرب بلد إليهم، أو يمكنهم الإفطار بالتزامن مع المنطقة الزمنية للمملكة العربية السعودية.
أما عن عيد الفطر في آيسلندا، فيحتفل المسلمون الآيسلندون به في أحد المساجد القليلة في العاصمة ريكيافيك (Reykjavík)، حيث يسلح المسلمون الزائرون للمساجد أنفسهم ببوفيه من الأطعمة الشهية المختلفة، منوعة من مختلف المأكولات الإندونيسية والمصرية والإريترية، للاحتفال بهذه المناسبة المقدسة.
الجزائر
ما يقارب 99% من سكان الجزائر يتبعون الدين الإسلامي، يطلقون على الشهر الكريم “سيدنا رمضان”، وحسب اعتقادهم، فإن عيد الفطر هو هدية من الله لما صاموه في الشهر المبارك، وحالهم حال معظم البلدان الإسلامية، ينفقون مبالغ مالية كبيرة لشراء الملابس والإكسسوارات، ولا ينسون أخوتهم الفقراء.
يتجمع الأصدقاء والأقرباء، ويتم تبادل الهدايا، ويتم تقديم الحساء واليخنات المختلفة كمقبلات في العيد، أما عن الأطباق المتنوعة فلديك شوربة الخيار والزبادي، لحم الضأن المشوي أو اللحم البقري، والبطاطا وسلطة الحمص، ولا بدّ من توافر الطبق الرئيسي وهو الكسكس، شكل من أشكال المعكرونة، مع طبقة من لحم الدجاج أو الضأن أو السمك، ويوضع على وجه الطبق طبقة من الخضراوات المطبوخة مثل الجزر والفاصوليا، بالإضافة إلى التقليد الجزائري الأهم بعد الأكل عمومًا، وهو توافر سلة فواكه على المائدة ليقوم الضيف بتقشير ما يحب بعد الأكل، ولكن الفرق في عيد الفطر هو قيام المضيفين بالتقشير بأنفسهم وتقطيع الفواكه وتقديمها للضيف.
سوريا
أكثر ما يشتهر به السوريون في العيد هو حلويات العيد، البيتي فور وأقراص العيد الشهية والمعمول المحشو بالتمر أو الجوز، وتختلف الحلويات من منطقة سورية إلى أخرى، وأغلب النساء يفضّلن عملها يدويًا، بالإضافة إلى المشروبات المختلفة، العصائر والكولا، والفواكه.
يرى الناس العيد كفرصة لزيارة الأقارب والتسامح، وزيارة الأماكن الدينية المقدسة، بينما يتجه البعض إلى حضور السهرات والاحتفالات الليلية، حيث تحيي المطاعم حفلات مختلفة بحضور فنانين. إعطاء الأطفال الأموال المتمثلة بـ “العيديّة” هو طقس أيضًا ممارس كثيرًا في سوريا، حيث ترى أحيانًا أن شابًا يأخذ “عيديّة” من جده، وترى الفرحة العارمة في وجه الأطفال لأنهم يتلقون الأموال من كل صوب، ويتوجهون لشراء الحلويات والألعاب، وبعضهم يتوجه إلى الحدائق العامة للّعب بالأراجيح، كما أنه من الأشياء الشائعة جدًا اللعب بالألعاب النارية منذ الصباح، على الرغم من التحذيرات على جميع وسائل التواصل والقنوات التلفزيونية حول مخاطرها.
مصر
على نمط الاحتفالات السورية، تتمثل المصرية بزيارة الأقارب، وبخاصة الأشخاص الأكبر سنًا بعد صلاة الفجر، حيث يحضر الصلاة الرجال والنساء والأطفال، ويلي ذلك إلقاء كلمة طيّبة أو خطبة للتذكير بالأفعال الحميدة اللازم الالتزام بها. يقدم الكبار للأطفال مبلغًا رمزيًا من المال.
تعتبر التجمعات العائلية محور الاحتفال في مصر، لذا تجد الأقارب إما متجمعين في بيت العائلة ويتناولون “كحك” العيد، وهو كعك محشو بالمكسرات وتغطيه طبقة من السكر الناعم، أو يخرجون إلى الحدائق العامة وحدائق الحيوان، وبخاصة حديقة الحيوان الموجودة في الجيزة، أكثر المواقع شعبية للعائلات، وبدورهم، يخطط مسؤولو الحديقة قبل العيد لمجيء الزوار والاحتفال. يحتفل التلفزيون المصري بالعيد أيضًا، حيث تُعرض سلسلة من الأفلام المميزة، بالإضافة إلى البرامج التي تعرض مقابلات مباشرة مع السكان العاديين والشخصيات العامة، تظهر كيفية احتفالهم بالعيد.
المغرب
بعد أداء صلاة العيد في وقت مبكر من الصباح، وارتداء الملابس التقليدية الجديدة، يلتقي الأصدقاء والأقارب وبعانقون بعضهم البعض، ويتمنون لبعضهم عيدًا مباركًا بقولهم “مبروك العيد أو مبروك العواشر“، ويكون الرّد “بارك الله بكم” والتي تعني “الله يبارك فيك” في المغربية.
الطعام مهم جدًا في المغرب كجزء من أي احتفال، لذا تُحضّر مجموعة متنوعة من الأطباق المغربية الشهية، مثل لحم الضأن أو اللحم البقري مع الخوخ، والكسكسي، والدجاج بالزيتون والليمون المحفوظ من قبل، والمأكولات البحرية وغيرها، وأما عن الحلويات المقدمة، فالمظهر يمكنه أن يتكلم، انظر إلى الحلويات المغربية في الصورة أدناه:
السعودية
في صباح العيد، يرتدي الرجال ملابسهم الأنيقة، ويذهبون إلى المسجد بعد تناول وجبة إفطار خفيفة في إشارة منهم إلى اكتمال شهر الصيام (وأغلب الدول العربية تفعل ذلك)، وبعد أداء الصلاة، يزور الناس أقاربهم وأصدقاءهم ليقدموا نذور العيد. للأطفال حصة كبيرة من فرحة عيد الفطر في المملكة، حيث يحصلون على الحلوى والهدايا المالية. أما عن حلويات العيد، فللتمر أهمية خاصة لدى السعوديين، سواء في سحور رمضان، أو كجزء من تحلية العيد، لذا تراهم يخبزون ما يسمى “كليجا أو كليجة”، وهي بسكويت بنكهة الورد، يحتوي داخله حشوة مكسرات وتمر.
وهكذا، كما قلنا بشكلٍ عام، للعيد أجواء متشابهة في كثير في البلدان الإسلامية، ولكن دائمًا ما يكون هناك تقليد أو أكثر، مختلف يميز البلد، مثلًا، العراق أيضًا تعتبر الكليجا من المأكولات اللازم تواجدها على سفرة العيد، وفي اليمن، تعتبر “بنت الصحن” من الحلويات اليمنية المفضلة، وهي فطائر بالسمن والعسل، وتغطيها حبة البركة.
أما عن تقاليد الاحتفال الأكثر غرابة في العالم، فهي في أفغانستان، مبارزة بالبيض تُعرف باسم توخم جانجي (Tokhm-Jangi)، ويكون الهدف كسر بيضة خصمك والحفاظ على بيضتك سليمة.
كانت تلك بعض أجواء الاحتفال باختتام صيام شهر رمضان في أغلب البلدان العربية والإسلامية، طبعًا تلك الاحتفالات الشائعة، إنما لا نعلم تمامًا كيف ستتصرف الدول في ظلّ جائحة كوفيد-19 التي لم تنتهِ بعد، هل سيُفرض الحظر هذا العام في العيد؟ لا نعلم.
صيام شوال: لماذا يصوم البعض بعد نهاية شهر رمضان؟
عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:
“من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال، كان كصيام الدهر”.
يأتي شهر شوال بعد رمضان مباشرةً، وترى البعض يصومون فيه تيمّنًا بكلام الرسول لما لهذا الصيام من أجر وثواب، وأن صيام هذه الأيام يُعتبر تعويضًا لنقص في صيام فريضة رمضان، لأنه لا أحدَ خالٍ من النواقص والذنوب، وهي مستحبة وليست واجبًا.
وأما عن حُكم موعد أيام الصيام الست، فيرى بعض العلماء أنه من يريد صيامها فليبدأ من اليوم الثاني من شوال، وذهب البعض الآخر إلى جواز صيامها موزعةً على شهر شوال كاملًا. البعض يرى أن الأيام الثلاثة الأولى من شوال مخصصة للعزائم والتهنئات والضيوف، لذا يرون أن صيام الست أيام يجب أن يؤجل إلى يوم لاحق بعد العيد، مثلًا صيام الأيام الثلاث الأولى من منتصف الشهر المسماة “الأيام البيض” نسبةً لابيضاض ليلها بالقمر، مع الأيام الثلاثة التي تسبقها، أو التي تليها مباشرةً، وهكذا يصبحون 6.
عيدكم مبارك إن شاء الله.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.