“لم تستطع جائحة كورونا فعله”.. تأجيل حفل جوائز الإيمي بسبب إضراب هوليوود!

لطالما رغب الإنسان في التقدير، إن قيامك بأي عمل مهما كان رائعاً دون تقدير كاف يحبطك ويؤثر عليك بلا أي شك.

وجوه التقدير متعددة كالحب، لعل أقدم وجوه التقدير والتكريم كان الرسم والنحت، لا نزال حتى يومنا هذا نتأمل تماثيل ولوحات صنعت لتكريم أناس أرادوا أن يتم تكريمهم بطريقة تخلدهم حتى آخر الزمن، هناك أيضاً الشعر ذلك الفن الرفيع الذي كان مرآة لحياة العرب قبل الإسلام من منا لا يعرف النعمان أو عبلة محبوبة عنترة الشجاع، إن الفضل الأول والأخير كان للشعر الذي كرّم هؤلاء الأشخاص وجعلهم أشهر من نار على علم.

مع تطور الحضارة اخترع الإنسان فكرة الجوائز، أموال أو مجسمات رمزية تعطى للفائزين في مجال ما حسب ما يقدمونه، ومع ظهور الفن السابع ظهرت معه حفلات توزيع الجوائز عن فئات التمثيل والإخراج والموسيقى وغيرها الكثير، وأصبحت هذه الحفلات مهمة وأساسية بقدر الصناعة نفسها ولا شك أن أشهر جائزتين في عالم الفن السابع هما الأوسكار والإيمي.

أُنشأت جوائز الايمي عام 1949 وهي جائزة أمريكية تمنح لصناع التلفاز في كافة المجالات، وهي جائزة مرموقة جداً ومن المعروف أن المسلسل الحائز على جائزة إيمي يعتبر مسلسلاً مميزاً ناجحاً، ولكن في هذا العام حدث ما لم يكن في الحسبان...!

عبر 74 عاماً من عمر الجائزة، لم تلغ الإيمي إطلاقاً حتى في الفترة الصعبة التي أغلق فيها العالم أبوابه فترة جائحة كوفيد -19 لم تتوقف فعاليات الجائزة الهامة.

لكن هذا العام شهد شيئاً أضرّ بهوليوود أكثر من الجائحة، إنه إضراب الكتّاب الذي بدأ من مايو من هذا العام، تسبب الإضراب في توقف عدد كبير من المشاريع الفنية وشلّ حركة هوليوود تماماً.

نرشح لك: “أنتم لستم وحدكم”.. مشاهير يدعمون إضراب كتّاب هوليوود وعالم مارفل أكثر مَن يعاني!

لكن ومع فشل المفاوضات زاد الأمر سوءاً، إذ أن نقابة الممثلين انضمت إلى الإضراب مما يعني أن الممثلين لن يظهروا في أي عروض ترويجية لأعمالهم أو حفلات جوائز أو أي شيء يتعلق بمهنتهم، دعماً لأولئك الذين يريدون الحفاظ على لقمة عيشهم. 

كان من المقرر إقامة حفل توزيع جوائز الإيمي في نسخته الـ ٧٥ الذي كان سيشهد لحظات تاريخية في شهر سبتمبر/ أيلول من هذا العام، لكن تم تأجيله بسبب الإضراب حتى العام المقبل، على أمل أن يتم حل النزاع حتى ذلك الوقت. 

لقد وقع منظموا الحفل في موقف محرج حقاً، وقد امتنعت قناة فوكس والأكاديمية عن إبداء أية تصريحات بهذا الخصوص، في الواقع تم تأجيل الحفل مرة واحدة عام 2001 بعد حادثة البرجين الإرهابية وتم إقامته في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام، لكن مرور عام كامل دون حفل جوائز الإيمي، هذا لم يحصل سابقاً خلال تاريخ الجائزة العريق. 

كنا قد قلنا سابقاً أن هذا الحفل كان ليشهد على لحظات تاريخية في عالم التلفاز، ورغم إلغاء الحفل نود تذكيرك بهذه اللحظات على أمل أن يتم حل النزاع قريباً وأن تستعيد هوليوود القليل من رونقها القديم.

لا ريب أن مسلسل HBO الدرامي Succession واحد من أفضل الأعمال التي شاهدناها في الأعوام الأخيرة، إنه مزيج فريد من الدراما العائلية والكوميديا السوداء والشخصيات الملتوية الكريهة التي يميزها النص القوي والحوارات الرائعة والأداء التمثيلي الجبار.

ترشح المسلسل الذي تابعنا موسمه الأخير لـ 27 جائزة لكن الملفت للنظر كان ترشيح ثلاثة ممثلين لنفس الفئة في سابقة غير المعهودة، هم برايان كوكس، كيران كولكين و جيريمي سترونغ، لا شك أن هذا الثلاثي أبهرنا خلال مواسم المسلسل بأداء متميز مختلف خيالي جعل من هذا العمل واحداً من أقوى أعمال العام وأشدها جرأة وقوة وكان من المتوقع أن ينال أكبر عدد من الجوائز المرشح لها خاصة أنه قدم واحدة من أفضل النهايات التي شهدها عالم التلفاز.

يعتبر الكثير من المشاهدين مسلسل The marvelous Mrs Maisel ألطف ما يمكن لك أن تشاهده، استعرض المسلسل عبر مواسمه رحلة ممتعة لامرأة مطلقة في زمن الخمسينات اللطيف ترغب في أن تصبح كوميدية، بخفة دم لا تصدق وجمال أخاذ استطاعت ريتشل بروسنان نيل ترشيح جديد للإيمي ومعه قلوبنا طبعاً.

 كما ترشح المسلسل لجائزة أفضل مسلسل كوميدي إضافة إلى أن شريكتها في المسلسل أليكس بروستين نالت هي الأخرى ترشيحاً عن فئة أفضل ممثلة مساندة، تبدو حظوظ السيدة ميزل قوية رغم المنافسة الصعبة مع أعمال كوميدية مذهلة مثل Ted lasso و Wednesday.

لعل مسلسل Better call Saul أفضل مسلسل مشتق في العالم بالنسبة لعشاقه، استطاع العمل المشتق من المسلسل الأسطوري Breaking bad تحقيق أرقام مشاهدات خيالية وتقييمات أسطورية جعلته أكثر من مجرد مسلسل مشتق بل تحول إلى أسطورة من أساطير التلفاز.

رغم ترشح العمل وبطله بوب أودينكيرك عدة مرات للجائزة، إلا أنه لم يستطع نيل التكريم الأمر الذي اعتبره عشاق العمل ظلماً بيّناً خاصة أن بوب تفوق على نفسه بأداء خيالي لشخصية سول غودمان.

تم قسم الموسم الأخير من العمل إلى قسمين بسبب جلطة كادت تودي بحياة بطله نجى منها بأعجوبة، وعرض القسم الثاني من الموسم الأخير في تموز عام 2022. 

هذه الفرصة الأخيرة لفوز أودينكيرك بالجائزة لكن ورغم أدائه الرائع الذي سيخلد لأعوام إلا أنه يواجه منافسة قوية بالفعل هذا الموسم.

رغم عدد الأدوار المميزة التي قدمها الرائع بيدرو باسكال في عدة أعمال مميزة لعل أبرزها Game of thrones الذي استطاع فيه سلب قلوبنا بدور أوبرين مارتيل.

إلا أن بيدرو لم ينل فرصة عمره الحقيقة إلا في مسلسل The last of us الذي كان فاتحة خير على التشيكي الوسيم، قدّم بيدرو في هذا العمل دوراً مختلفاً عن أي دور قدمه سابقاً، وقد نال بيدرو والعمل إشادات واسعة، خاصة أنه أفضل اقتباس من لعبة فيديو حسب عشاق عالم الألعاب، لربما ينال بيدرو جائزته الأولى أيضاً لكننا سننتظر بعض الوقت قبل أن نعرف هذا.

رغم أن شخصية وينزداي أدمز وعائلة أدمز المختلة ليست بالجديدة وسبق تقديم وينزداي مراراً في أعمال كثيرة من قبل العديد من الممثلات، إلا أن الجميلة جينا أورتيغا نجحت في تقديم وينزداي جديدة مختلفة أقل رعباً وإن كانت لا تقل غرابة عن أي تجسيد آخر.

لعل نسخة أورتيغا كانت أفضل نسخة قدمت من هذه الشخصية الغريبة المميزة، استطاع المسلسل المقدم من نتفلكس تحقيق أرقام مشاهدات عالية جداً بسبب قصته المبتكرة ومزجه المتقن بين الرعب والكوميديا بطريقة تجعلك منجذباً للعمل بكل انتباهك وتنتظر بأمل كبير الموسم الثاني منه الذي يتوقع أن يفوق الموسم الأول.

لا أحد يعرف حقًا متى يمكن أن يقام حفل الجوائز أو ما هي التبعات المترتبة على تأجيله؛ إن هوليوود تعاني بسبب تعنتها لعل هذا الموقف التاريخي يحفّز القائمين على شركات الإنتاج على الاستجابة وإعطاء الكتاب المظلومين المبدعين حقوقهم كاملة ولعلهم أيضًا يقللون من هذا الولع الغريب بالذكاء الإصطناعي الذي يبدو أنه يجتاح عالم الفن كالفيروس فلننتظر ونرى ما ستؤول إليه الأمور مع تمنياتنا أن تنتهي هذه الأزمة الخانقة في أسرع وقت ممكن.