“شنق القطط والعنف ضد المرأة”.. انتقادات السوشيال ميديا تطال مسلسل ولاد بديعة!

لا يزال مسلسل "ولاد بديعة" الرمضاني يحقق نسب مشاهدات مذهلة، كذلك استقطاب اهتمام جماهيري ونقدي غير المسبوق وأثار في المقابل جدلاً حاداً وسخطاً جماهيرياً واسعاً بسبب احتوائه على مشاهد شديدة العنف والقسوة وفق رواد وسائل التواصل الاجتماعي الذين رأوا أن جرعة العنف الموضوعة في العمل كانت أكثر بكثير من اللازم.

وانهالت الانتقادات على مخرجة العمل رشا شربتجي بالترويج للعنف، وتقديم صورة مسيئة للمجتمع السوري الذي تدور ضمنه الأحداث. 

رغم قصة المسلسل القوية والحبكة المتسارعة، إلا أن المتابعين وجدوا أن بعض المشاهد كانت أقسى من اللازم وأنها لم تكن أساسية في السياق الدرامي للعمل، وكان بالإمكان الاستغناء عنها بسهولة حيث تركزت الانتقادات على مجموعة من المشاهد المحددة والتي نرصد ردود الأفعال تجاهها على منصة X (تويتر سابقاً) خلال السطور التالية.

نرشح لك: مسلسل ولاد بديعة يجسد صراعًا بين الأخوة بإطار سوري.. هل يستحق المشاهدة؟

ضمن أحداث الحلقة الرابعة من مسلسل ولاد بديعة ظهرت معاناة مختار من إخوته في مشاهد الماضي، بدا مختار الطفل مهزوز الشخصية خيبة أمل لأبيه الذي يأس من تعليمه مصلحة الدباغة.

لكن أسوأ ما حصل له كان تعرضه للضرب من قبل ولاد بديعة الذين دفعوه من فوق سطح القطار لأنه رفض أن يعطيهم كرته وعندما لجأ مختار لأبيه عارف قام الأخير بصده ووصفه بالضعف، الأمر الذي يثير الحقد والكراهية تجاه ولاد بديعة في قلب مختار.

فيقرر الطفل الانتقام من إخوته التوأم ياسين وشاهين عن طريق سرقة قططهم الصغيرة وإعدامهم شنقاً في مشهد مزعج خاصة أن من قام به كان طفلاً في الواقع.

أثار المشهد ردود أفعال قوية بين المشاهدين، حيث ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بانتقادات متنوعة، تتهم العمل بالقسوة وترويج العنف ضد حيوانات الشارع التي تعاني أساساً من الضرب والأذية من قبِل الأطفال خاصة.

تركزت بعض الانتقادات على حقيقة أن المشهد كان قاسياً للغاية على القطط الصغيرة نفسها، فانهالت الانتقادات على المخرجة من قبِل المتابعين على X متسائلين إن كانت المخرجة مدركة للضرر النفسي الذي قد يصيب الحيوانات المسكينة بسبب المشهد.

ورغم توضيح شربتجي أن المشهد تم بحضور وإشراف أطباء بيطريين للحفاظ على حياتهم وأن أياً من القطط لم يتعرض لأي أذية، إلا أن المتابعين وجدوا أن المشهد كان شديد القسوة خاصة أن من يقوم به هو طفل صغير الأمر الذي يترك أثراً مزعجاً عند المشاهد.

 ولربما يشجع على تعنيف حيوانات الشارع التي تعاني من العنف، خاصة أن الأطفال يتأثرون للغاية بالأعمال الدرامية ويمكن أن يدفعهم المشهد لإيذاء قطة ضالة وتقليد فعلة مختار.

فيما رأى قسم آخر من المتابعين أن المشهد كان بلا داع وأنه كان محرضاً على العنف والأذى ولا ينبغي لطفل مشاهدته كي لا يتأثر سلباً به.

رغم أن المسلسل ليس موجهاً للأطفال، إلا أن نسبة كبيرة من الأهالي لا يدركون أهمية الانتباه لما يشاهده أطفالهم ومن الممكن أن يتأثروا بما فعله مختار الطفل بقطط إخوته.

لقد كانت غاية المشهد هو توضيح الشرخ النفسي الذي تسبب فيه عارف الدباغ لابنه بسبب قسوته عليه القسوة التي أفرغها مختار في القطط البريئة، لكن وحسب متابعي منصة X كان بإمكان رشا شربتجي إظهار اضطراب مختار النفسي بطريقة مختلفة وبمشهد أقل قسوة مما رأيناه. 

في الحلقة الثامنة توضحت أسباب العداوة الشرسة بين ولاد بديعة وأخيهم مختار والتي بدأ التأسيس لها منذ أول حلقة، إذ تبين أن عارف كان راغباً في الاعتراف بولديه ومنحهما حصة من أملاكه رغم معارضة زوجته مها للأمر واعترف بأبوته للتوأم لكن المرض غافله قبل أن يبدأ الإجراءات الرسمية.

 وعندما سمع مختار بهذا ثار جنونه خاصة أنه مضطرب نفسياً بالأصل ودفعه الغضب الأعمى لتفجير منزل بديعة وقتلها غير العالم أن هناك من شهد جريمته صديق أبيه الصدوق وحافظ أسراره أبو الوفا، لاحقاً يموت عارف عند قبر بديعة تاركاً أولاده تائهين بعدما خسروا كل شيء، توضح الأحداث أن ياسين وشاهين قاما بحيلة قذرة لسرقة ورث مختار إذ أنهما قاما بانتهاك حرمة قبره ووضع بصمته على أوراق تفيد باعترافه بهما.

 وأنهما ورثته تاركين مختار مفلساً محروماً من حقه، لكن ما أثار جنون الإخوة كان معرفتهم أن مختار هو من قتل بديعة لذا وفي مشهد شديد القسوة يضرب التوأم مختار بعنف ووحشية دموية انتقاماً لمقتل بديعة.

كان الضرب عنيفاً لدرجة أن شاهين أصاب مختار بعاهة دائمة، كانت الحافز الذي أدى لظهور مرضه النفسي القابع في جيناته منذ ولادته، لم يمر المشهد مرور الكرام عند متابعي المسلسل بالقطع فانهمرت الانتقادات اللاذعة والاتهامات على العمل وعلى هذا المشهد بالذات إذ رأى بعض المغردين أن المشهد كان إجرامياً شديد العنف لدرجة منفرة مقززة خاصة في الدراما التي تدخل كل بيت.

أمًا البعض الآخر فوجد أن المخرجة رشا شريتجي أصبحت تركز على العنف بشكل مبالغ فيه خاصة أن هذه المشاهد تؤثر بشدة في الأطفال والمراهقين، ويمكن أن تصل إلى المدارس إذ أن المراهقين قد يرغبون في تجريب المشهد على بعضهم مما قد يؤدي إلى كوارث حقيقية.

كما كان بالإمكان اختصار مشهد ضرب مختار أو التلميح له بدلاً من عرضه بكل هذه القسوة والتركيز.  

فيما وجد قسم آخر من المغردين أن العمل ورغم احتوائه على الكثير من مشاهد العنف والألفاظ الخارجة المزعجة بالنسبة لهم إلا أنه لم يفتقد الإثارة والتشويق والانسجام الرائع بين طاقم العمل. 

أمًا بعض المتابعين فقد وجدوا أن العنف الذي استعرضه العمل كان عادياً للغاية وأنه يجسد واقعاً قاسياً لا فرار منه. 

كما رأى مغردون أن الأحداث والقصة القوية وطاقم التمثيل المميز يطغى على العنف السائد على الأحداث مهما كان مبالغاً فيها فالعمل ممتع مثير للاهتمام وهذا هو المهم.

في الواقع كان العنف سمة عامة على مسلسل ولاد بديعة منذ أول حلقة والذي تصاعد باضطراد مع تصاعد الأحداث، لكن مشهد ضرب مختار من قبل أخويه كان مهماً للغاية، بالنسبة للسياق الدرامي للأحداث فهذا المشهد بالذات كان الأساس الحقيقي للعداوة الدموية بين ولاد بديعة وأخيهم مختار والتي أطلقت سلسلة طويلة من الأحداث القوية المثيرة المحملة بجرعة مركزة من العنف والقسوة.

تعتبر سلافة معمار واحدة من أفضل ممثلات جيلها مبدعة متألقة متفردة، إنها نضال في أشواك ناعمة وعزة في الغفران وبثينة في العار ما يجعل سلافة معمار ممثلة رائعة هو حقيقة أنها متجددة جريئة لا تكرر نفسها ولا تخاف من أي تحد.

 قبل الموسم الرمضاني بفترة وجيزة تمتعنا برؤية الأناقة الكلاسيكية والترفع الأقرب للغرور الذي ميز شخصية أسيل حداد في مسلسل الخائن المعرب، لثلاثة أشهر رأينا سلافة تتألق بدور الطبيبة الحسناء اللبقة الماكرة التي تتفنن في الانتقام من زوجها الخائن مقدمة كيمياء لطيفة مع كل من قيس الشيخ نجيب ومرام علي ولأن سلافة هي سلافة.

 فقد مزقت ثوب أسيل المهذبة الأرستقراطية بسرعة مخيفة وتقمصت وببراعة دور سكر اللقيطة التي لا تعرف لنفسها أماً سوى بديعة البكماء المتسولة، كانت سكر شخصية صعبة تظهر عكس ما تبطن فرغم كونها راقصة منعدمة الأخلاق تعمل في الكازينوهات والملاهي إلا أن تحت كل قسوتها ووقاحتها الكوميدية تقبع طفلة تائهة مذعورة من حقيقة أن لا تاريخ لها.

 وأنها كما يقال "مقطوعة من شجرة" وامرأة طيبة ترغب فقط في أن تكون أماً لطفل، تركيبة نفسية صعبة مفعمة بالتحديات نجحت سلافة في تجسيدها بفضل موهبة استثنائية وحضور أخّاذ.

 جعل من سكر شخصية محبوبة للغاية من قبِل مشاهدي العمل، كانت الحياة قاسية بحق على سكر فبعد كل كوارثها تجد نفسها قد وقعت ضحية لرجل العصابات المرعب أبو الهول الذي أبدع الرائع محمد حداقي في تجسيده ففي أحد مشاهد المسلسل يقوم أبو الهول بضرب سكر بعنف بسبب عدم خضوعها لرغباته.

 فيما كانت هي مستسلمة بالكامل رغم قوة شخصيتها وشراستها، الأمر الذي أثار حفيظة عددًا كبيرًا من المتابعين الذين رأوا في المشهد تصويراً قاسياً للعنف ضد المرأة وأن المشهد برر فعلة أبو الهول الشنيعة، فعبر مغردون عن صدمتهم من قسوة المشهد معلنين أن العنف ضد النساء لا ينبغي أن يبرر أو أن يسامح بأي شكل وأن المشهد كان مزعجاً بشكل كبير.

نالت سكر الكثير التعاطف الجماهيري بسبب حقيقة أن أبو الهول مارس عليها عنفاً جسدياً ونفسياً فخلال أحداث الحلقة 17 تكتشف سكر أنها حامل أخيراً بعد طول شوق وانتظار، لكن الصدمة تنال منها عندما يرفض أبو الهول السماح لها بإنجاب الطفل ذلك أنه لا يرغب في ولد "إمو رقاصة" لتنهار سكر قهرًا وحزناً.

 الأمر الذي أثار تعاطفاً كبيراً وانقساماً واسعاً في الرأي بين المشاهدين؛ فالفريق الأول وجد أن تصرف أبو الهول كان حقيراً وأن المشهد قدم نوعاً مؤلما من العنف النفسي الذي يقع على كثير من النساء فسكر في النهاية امرأة وكانت الأمومة حلمها منذ أعوام. 

كما أن أبو الهول كان التمثيل الأدق لتفكير الرجل الشرقي الذي يمكن له أن يرتكب كل الموبقات لكن عندما يصل الأمر للنساء يبدأ بالاستشراف عليهن رافضين تقبل شخصية أبو الهول بالكامل.

فيما وجد الفريق الآخر من المشاهدين صعوبة في التعاطف مع سكر، رغم العنف الذي تتعرض له ذلك أنها وحسب رأيهم قبلت بهذا الوضع طمعاً في الذهب والعقارات والأموال التي ستنالها من التحالف معه لكنهم مع ذلك رفضوا تماماً ما يفعله أبو الهول بسكر.

لقد استطاعت سلافة معمار أن تحول سكر من مجرد راقصة منحدرة الأخلاق إلى شخصية جدلية تثير تعاطفاً حقيقياً بسبب العنف الذي تعرضت له وبسبب ظلم المجتمع لها كامرأة بلا تاريخ. 

نرشح لك: ثلاثية مسلسل ولاد بديعة.. دراما رمضانية جدلية أم صراع طبقي مُحكم؟