الكشف عن أسرار تطوير برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية: من الأساسيات إلى التقنيات المتقدمة

تطورت مجالات الذكاء الاصطناعي بشكل غير مسبوق خلال السنوات الماضية، فقد استثمرت بعض تقنياته كتعلم الآلة والتعلم العميق في معالجة اللغات الطبيعية والتعرف على محتويات الصور. ولكن هل سمعت مسبقًا عن برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تعتبر من المجالات المثيرة للاهتمام بالنسبة للمطورين؟

إن لم تسمع عنها سابقًا فلا تقلق؛ لأننا في هذه المقالة سنلقي نظرة على مفهوم الذكاء الاصطناعي التوليدي وآلية عمله إضافة إلى طرق الاستفادة منه. ولذلك ندعو جميع المهتمين بالذكاء الاصطناعي والباحثين عن زيادة الإنتاجية إلى قراءة مقالنا لاكتشاف أسرار وخبايا برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل ChatGPT وغيره من الأدوات.

إذا سمعت عن ChatGPT، فمن المؤكد أنك تعرف الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي ساعد على تحويل الأفكار ونقلها من خيال المطور إلى واقعه، فمعظم برامج الدردشة بالذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT و Bard التي ظهرت مؤخرًا تعتمد على نموذج جديد في مجال الذكاء الاصطناعي تُسمى بالذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي تتنوع مهامه بين إنشاء محتوى جديد بناء على بيانات دُرِّب عليها سابقًا، وبين خلق محتوى جديد لم يتدرب عليه.

لكن يبقى توليد النصوص المكتوبة وكأنها من قبل الإنسان وإنشاء الصور ومقاطع الفيديو والأكواد البرمجية هي أبرز الاستخدامات الحالية له، إضافة إلى الكثير من الاستخدامات الأخرى التي سنتعرف عليها لاحقًا.

يحاول المطورون يوميًا استكشاف قدرات برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتجربة إمكانياته، وقدرته على حل المشاكل والأسئلة الخاصة بهم، محاولين بذلك تسخيره وتوظيفه كمساعد شخصي عن بعد.

تاليًا نعرض لكم أفضل استخدامات للذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي استُخدم بعضها بالفعل في الكثير من التطبيقات الواقعية، ولكن تذكَّر أن ما خفي كان أعظم، فإذا وجدت فائدة أخرى يمكنك تزويدنا بها عبر التعليقات.

بدأت محاولة كتابة النصوص عبر أدوات الذكاء الاصطناعي منذ عام 1970، ولكن مع ابتكار شبكات المخاصمة التوليدية "GANs"، أضحت الأمور أكثر سلاسة وسهولة، فقد تمكنت هذه الشبكات من كتابة نصوص منطقية ومترابطة تبدو وكأنها مكتوبة من قبل الإنسان.

غالبًا ما يندرج تأليف كتاب أو كتابة جملة وقصة أو حوار مكون من أسئلة وأجوبة تحت بند كتابة النصوص، ويمكنك تجربة هذه الخدمة عند استخدامك لروبوت الدردشة الشهير ChatGPT.

جميعنا نملك أفكارًا ونرغب بتحويلها إلى مجسمات مرئية أو صور تعبر عنها، ولكن صعوبة العمل على برامج التصميم وعدم الرغبة بتفويض المهمة لأحد ما هو ما يمنعنا. لذلك وجدت شركة OpenAI الحل وقدمته لك عبر ميزة DALL-E2 المسؤولة عن توليد الصور من الوصف الكتابي لها، فتحول بذلك وصف الصورة النصي إلى صورة معبرة.

ومن المنصات الأخرى التي يجب ذكرها عند الحديث عن إنشاء الصور هي Midround. فهي تتمتع بالدقة العالية وبإمكانية تدريبها على بيانات سابقة، وطلب دمج عدة عناصر معًا مما يفوق العديد من برامج التصميم.

أسهم التطور الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي في ابتكار تقنية التزييف العميق للفيديوهات اعتمادًا على فيديوهات موجودة مسبقًا، وذلك بوجود نص أو صورة مرجعية مساعدة، كما يمكنك الاطلاع على مشروع Stable Diffusion الموجود على GitHub للحصول على المساعدة والنصائح حول كيفية دمج الموسيقى وابتكار مقاطع فيديو جديدة.

إذا كنت من محبي البرمجة وتقضي وقتاً طويلًا في البحث عن حلول للمشاكل التي تواجهك، فيسعدنا إخبارك أنه مع النموذج الجديد من الذكاء الاصطناعي التوليدي ستتمكن من إكمال الأكواد البرمجية التي تعمل عليها وإصلاحها، أو كتابة تعليقات توضيحية لها أو حتى تحويل الأكواد البرمجية من لغة إلى أخرى بشكل سريع وآلي، ويمكنك الاستعانة بنموذج ChatGPT أو GitHub Copilot لاختبار هذه الميزة.

كما ذكرنا سابقًا، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي قادر على التحويل والترجمة بين لغات البرمجة المختلفة كما أنه يستطيع الترجمة بين لغات العالم، بل يتحدثها بطلاقة. ولذلك بدأت بعض الشركات بمحاولة استغلال هذه الميزة في كتابة وثائق منتجاتها وتقديم دعم لعملائها بناء على منطقة تواجدهم، كما يمكنك أن تطلب من ChatGPT ترجمة مستند أو الكتابة بلهجتك المفضلة.

الجدير بالذكر أننا في بداية اكتشاف بعض ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، أي أنها ستوفر العديد من الأمور الأخرى مستقبلًا.

منذ بضع سنوات فقط، كانت صناعة الألعاب تتطلب مئات الساعات من العمل الجاد بين كتابة فصول القصة وتصميم العالم والعناصر والشخصيات واختيار الموسيقى والأصوات الخاصة بها وغيرها الكثير من الأمور والتي كانت موزعة بين أعضاء الفريق.

لكن اليوم وبمساعدة الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكنك تصميم العالم والعناصر والشخصيات وإضافة جميع ما تحتاج إليه من موسيقى ونصوص بمساعدته، ويمكنك الاطلاع على لعبة Girl Does Not Exist التي كُتبت وصُممت بالكامل بمساعدة الذكاء الاصطناعي التوليدي حسب إعلان مطورها.

تعتمد جميع متصفحات الإنترنت اليوم على تقديم قائمة كبيرة من روابط المواقع ذات الصلة بموضوع بحثك عند محاولة البحث عن فكرة ما ضمنها، ولكن هل جربت يومًا ما استخدام متصفح Bing الجديد وأظهر لك إجابة تساؤلاتك فورًا وبلغة مترابطة تشابه كتابة الإنسان؟

هذا ما نقصده بالبحث السريع والذكي والذي بدأت معظم المتصفحات بتقديمه بمساعدة GPT-4، ويمكنك الاعتماد على ChatGPT أيضًا للإجابة عن أي استفسار موجود لديك.

إذا رغب أي شخص ببيع منتج فالخطوة الأولى هي إعلامك بوجوده، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يمكنه مساعدتك في كتابة وصف المنتجات بشكل جذاب مع مراعاة قواعد الـSEO وتوزيع الكلمات المفتاحية.

أيضًا، يمكن التسويق عبر رسائل البريد الإلكتروني وكتابة التسميات التوضيحية والوصف الوظيفي للشواغر، ويمكنك تجربة أدوات مثل Jasper لتوليد نسخة من المحتوى، و Surfer SEO لتحسين البحث، و albert.ai لإضفاء الطابع الشخصي على محتوى الإعلان الرقمي.

إذا رغبت في الاستثمار بالأسهم والأوراق المالية، تجب عليك دراسة السوق وتحليل مخاطره وتقلباته، وبالطبع سيكون الأمر أسهل وأفضل عند الاستعانة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وذلك حسب رأي Michael Schrage الباحث في ماساتشوستس بقسم الاقتصاد الرقمي.

بعد أن تعرفنا على الذكاء الاصطناعي التوليدي وفوائده قد يتبادر إلى ذهنك التساؤل عن طريقة عمله. يعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي في طريقة عمله على الشبكات العصبونية الصناعية والتي تشبه في طريقة عملها الخلايا العصبية عند البشر.

بغض النظر عن أنماط التدريب أو أنواع الشبكة العصبونية المستخدمة وهل هي مدربة مسبقًا أم لا، فجميعها تشترك بذات المبدأ، وهو أخذ مجموعة بيانات تدريبية كبيرة ثم إدخالها إلى الشبكة العصبونية الاصطناعية التي تتضمن متغيرات تتغير قيمتها بعد كل عملية تدريب للشبكة.

بمعنى آخر، تدريب الشبكة العصبونية سيسهم في ضبط قيمة المتغيرات. تستمر هذه العملية المسؤولة عن تقليل قيمة الفرق بين النتائج المتوقعة بعد نهاية التدريب وبين النتائج الحقيقية، مما يسمح للشبكة العصبونية بالتعلم من الأخطاء وبالتالي زيادة دقة النتائج المستقبلية.

لفهم طريقة عمل تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية، لا بد من تسليط الضوء على مدرستين تتزعمان تطوير هذه التقنيات، شبكات الخصومة التوليدية "GANs" ونماذج اللغة الكبيرة "LLMs"، وسنسلط الضوء على كلتيهما تاليًا:

أحد نماذج التعلم العميق المستثمرة حاليًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية، فهي تتكون من شبكتين عصبيتين تعملان بشكل مضاد لبعضهما البعض بحيث تعمل الشبكة الأولى (المولد) على إنتاج وتوليد صور وصوت وفيديوهات مشابهة لبيانات سابقة دُربت عليها، بينما تقع على عاتق الشبكة العصبونية الثانية (المميز) مسؤولية اكتشاف وتمييز هذه البيانات الخاطئة عن طريقة مقارنتها مع البيانات الحقيقة.

بعد ذلك، يُستخدم ناتج المقارنة كتغذية عكسية تسهم في تحسين قدرات كل من المولد والمميز لمحاولة إنتاج بيانات ذات دقة عالية. وبما أنها سميت بشبكات الخصومة التوليدية فغالبًا ما تستمر هذه العملية حتى تقوم بتوليد بيانات قريبة جدًا من الحقيقة يعجز المميز عن اكتشافها.

بما أن مقالتنا تتحدث عن كل ما يريد المطورون معرفته عن برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل ChatGPT، فلا بد من ذكر النماذج اللغوية الكبيرة "LLMs"، والتي تعتبر أحد نماذج تعلم الآلة المسؤولة عن معالجة وتوليد نصوص اللغة الطبيعية. تطورت هذه النماذج اللغوية بشكل كبير خلال السنوات الماضية نظرًا لتواجد عدد ضخم جدًا من بيانات التدريب المُوزعة بين الكتب والمواقع الإلكترونية ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعي.

دُربت هذه النماذج لتكون قادرةً على توليد إجابات منطقية كما لو أنها كُتبت بواسطة الإنسان، وأفضل تطبيق شهير للنماذج اللغوية الكبيرة هو روبوت الدردشة ChatGPT الذي ينتمي لمدرسة نماذج اللغة الكبيرة "LLMs".

يتمنى معظم الأشخاص توافر تطبيقات ذكاء اصطناعي توليدي أكبر عددًا وأكثر تنوعًا لتسهيل وأتمتة أعمالهم، ولكن ذلك غير ممكن حاليًا، فبناء نماذج وتطبيقات جديدة يتطلب إمكانات حاسوبية ضخمة، كتوافر معالجات وبطاقات رسومية خارقة، عدا عن توفير مساحات تخزينية عملاقة، وهو الذي لا يتوفر بسهولة في معظم البلدان والمؤسسات.

أيضًا يتطلب بناء نموذج يمنحك معلومات حقيقية ومنطقية بيانات تدريب منظمة وعالية الجودة، والتي لا تتوفر إلى الآن. تخيل أن الإنترنت الذي بدأ منذ عدة سنوات استثمر أغلب معلوماته وبياناته في تدريب النماذج الحالية، أي أن بياناتك وتفاعلاتك على الإنترنت لم تندثر بل استثمرت أفضل استثمار لشيء مستقبلي.

الجدير بالذكر أن أحد أبرز الأمور التي تثبت لك ضعف وقلة البيانات هو أشكال اليدين الظاهرة بالصور المصممة بالذكاء الاصطناعي، إذ ينقصها الكثير من التفاصيل والدقة، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك للنقص الكبير في صور اليدين على الإنترنت.

بعدما ذكرنا تعريف واستخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي وبعض نماذج تعلم الآلة التي ساعدت ببنائه، ننصحك بالبدء بتجربة واستكشاف ميزاته وخاصة ChatGPT، والذي غالبًا ستجد ما يثير إعجابك به أو يدهشك عند استخدامه.