تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي .. هل نحن بأمان؟

غادة الجوهري
غادة الجوهري

6 د

مازالت تطورات الذكاء الاصطناعي تُغير العالم من حولنا، فاليوم نجد الروبوتات شغلت وظائف البشر في مجالات كالصناعة والمعاملات المالية وحتى العمليات الجراحية، ولكن هذه التغيرات ما هي إلا فيض من غيض بشأن ما يمكن للذكاء الاصطناعي القيام به.


أثر الذكاء الاصطناعي على الخصوصية في حياتنا 

أصبحت المهام الروتينية والمجهدة الآن من نصيب الذكاء الاصطناعي في العمل، وبالتأكيد سوف يوفر ذلك على البشر الكثير من المال والوقت، إلا أنه سوف يؤثر سلبًا على سوق العمل وتكافؤ الفرص، وسوف يتسبب في خسارة الكثير من الناس لعملهم.

لا تتوقف تبعات الذكاء الاصطناعي عند الحياة العملية، فامتلاك الذكاء الاصطناعي لهذا الكم الهائل من بيانات مستخدمي الإنترنت -وهم ثلثي سكان العالم- واستخدامه في تحديد عادتنا اليومية في الشراء والمطالعة وحتى آرائنا عما يدور من حولنا، هو أمر فيه الكثير من الانتهاك لخصوصيتنا وحريتنا في تحديد ما نرغب في معرفته، وما تعرضه لنا الخوارزميات من معلومات ومدخلات كثيرة إلى عقولنا لا نرغب حقًا في الإطلاع عليها .



كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على خصوصية المستخدم؟

الذكاء الاصطناعي هو سلاح ذو حدين في كل شيء، فهو يشكل الخطر وعلاجه، الثورة المعلوماتية والاختراق الأمني في الوقت ذاته، والسلاح هنا هو بيانات المستخدم مثل الإيميل الخاص بك، وصورك، وجهات اتصالك، وملفك الشخصي، وحتى تسجيلات الإعجاب التي تقوم بها.

امتلاك مواقع التواصل الاجتماعي وجوجل لهذا الكم الهائل من البيانات، هو بمثابة امتلاك سلاح قوي وفعال في الحرب المعلوماتية، فمن خلال هذه المعلومات تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بتحليل شخصيات المستخدمين، واستغلال النتائج في جني الأرباح من الإعلانات التي تظهر لك في كل مكان على الإنترنت.

هذا مثال بسيط على اختراق الخصوصية، إذا أردنا استعراض أمثلة أكثر خطورة لما قد يسببه الذكاء الاصطناعي من اختراق، يمكننا الحديث عن أمور مثل:


سرقة الهوية identity theft

هي ظاهرة أكثر شيوعًا في الدول المتقدمة، إذ ينتحل أحدهم هويتك الشخصية، ويستخدم بطاقتك الائتمانية وأموالك كما لو كان أنت.



القرصنة hacking

تكمن خطورة القرصنة في أهمية المعلومات المسروقة من حسابك الشخصي، فلو كنت تمتلك صور شخصية في حاسوبك، أو معلومات أمنية وسياسية هامة، حتمًا لا تريد إطلاع شخص ما على ذلك.



هجوم التصيد Phishing Attack

ظاهرة جديدة في عالم اختراق الخصوصية هي هجوم التصيد، في هذه العملية يبتز المخترق المستخدم، ويجبره على مشاركة معلومات حساسة، أو تحميل فيروسات وبرامج ضارة على حاسوبه الشخصي، وهو نوع من أنواع الاستهداف الموجه لأشخاص وفئات اجتماعية هامة، بغرض التشهير أو سرقة المعلومات.



المراقبة 

يوفر الذكاء الاصطناعي تقنيات لمراقبة الأشخاص عن بعد، صُممت هذه التقنيات في الأساس لمراقبة الأشخاص في المنشآت الحكومية والمدارس كبرنامج examsoft، لتحقيق المرونة وتوفير الطاقات البشرية المستنفذة في عمليات المراقبة، ولكن قد تُستخدم هذه التقنيات لمراقبة الأشخاص بطريقة غير قانونية لاختراق أجهزتهم الشخصية.


سلاح ذو حدين.. كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز الأمن السيبراني؟


مع تعدد تقنيات الذكاء الاصطناعي، يقع على أصحاب الشركات التقنية جوجل وتويتر وفيسبوك مسؤولية كبرى في تطويع هذه التقنيات لحماية خصوصية وبيانات المستخدم، للحصول على ثقة المستخدم، وعدم خسارته لصالح شركة أخرى، وينطبق الأمر ذاته على شركات الهاتف المحمول في توفير الإمكانيات التي تحمي بيانات مستخدميها، ومن أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي لحماية الخصوصية:


تقنيات التعرف recognition 

تقنيات التعرف على الوجه أو البصمة من أكثر تقنيات الذكاء الاصطناعي شيوعًا لحماية بيانات المستخدم، وأصبحت شركة جوجل تستخدم هذه التقنية مؤخرًا لحماية بيانات المستخدمين الحساسة والهامة، لإضفاء مستوى عال من الأمان والخصوصية.



التشفير

تستخدم مواقع تواصل اجتماعي كواتساب التشفير في حماية محادثات المستخدمين من اختراق المعلومات أو الإطلاع على المحادثات، فلا يمكن لمهندسي البرمجيات في الشركة الإطلاع على المحادثات التي تجرى من خلال التطبيق.



الحماية من الاختراقات

طور مهندسو الذكاء الاصطناعي الكثير من برامج حماية المستخدم، والتحقق من الاختراقات الأمنية، والكشف عن الثغرات المحتملة في حساب ما، لمحاربة الاستخدام السلبي لتقنيات الذكاء الاصطناعي.


الأخلاقيات وتحدي الذكاء الاصطناعي

في الآونة الأخيرة، باتت منظمات كاليونسكو والاتحاد الأوروبي تُقيم الندوات للتوعية بأهمية الحفاظ على الخصوصية أكثر من ذي قبل في عصر الذكاء الاصطناعي، كما تحذر من خطر اختراق بيانات المستخدمين واستغلاله في إنشاء حروب اجتماعية وثقافية على المجتمعات، من خلال قضايا كالتحيز والعنصرية، لذلك تجد بعض البلاد كالصين تحاول إحكام قبضتها على سياسات الخصوصية، وفرض النفوذ على شركات تطوير الذكاء الاصطناعي، عن طريق جعل الخصوصية والأمان ضد الحكومات الأخرى هي الهدف الأول والأساسي أثناء تطوير الخوارزميات والبرامج باستخدام الـ open AI.

بينما في بلاد كأمريكا، ما يهم هو الوجود في مقدمة التطور التكنولوجي والمعلوماتي، وتترك مهام المحافظة على خصوصية المستخدمين في يد الشركات المطورة، مع توفير برتوكولات وأهداف من قبل الحكومات فيما ينبغي الالتزام به لحماية بيانات المستخدم، الأمر الذي يجعل الحفاظ على الخصوصية أمرًا غير حتمي من قبل المطورين والقطاع الخاص.

وفي أوروبا، تحاول الشركات اتباع القوانين العامة بخصوص حماية البيانات general Data Protection Regulation، لمحاولة الحفاظ على حقوق المستخدمين قدر المستطاع في ظل ثورة التطور الهائلة.



تأثير الذكاء الاصطناعي على أخلاقيات العمل

جنسك، عرقك، أو انتمائاتك السياسية وغيرها من بياناتك، تقع جميعها تحت مفهوم البيانات الشخصية، التي قد يُلحق اختراقها الضرر بمستقبلك المهني وحالتك الاجتماعية، ويتضح تأثير هذه المشكلة في خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تتسم بالتحيز والعنصرية في انتقائها لفئة معينة من المستخدمين لوظيفة أو مهمة ما، لذلك حماية بيانات المستخدمين هي ضرورة قصوى لضمان تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.


ما الذي يمكننا القيام به لحماية بياناتنا؟

ما نقوم به اليوم من إجراءات وقوانين لحماية بياناتنا هو ضمان وسيلة لحماية أولادنا في المستقبل، وكلما ازدادت الحكومات صرامة في سن قوانين رادعة لانتهاك الخصوصيات، قلت فرص استغلال البيانات الكبيرة big data في المستقبل.

 للقيام بذلك، على الشركات التي تستقبل بياناتك توفير مبادئ تبادل للبيانات قائمة على الشفافية، وتفسير الهدف من استخدام تلك البيانات، ومدى الأخطار المحتمل حدوثها جراء ذلك.

ومن أهم وسائل حماية الخصوصية، هو تقليل البيانات التي ترفعها على الإنترنت قدر الإمكان، خاصةً تلك التي تشاركها في برامج الذكاء الاصطناعي، فما زال غير واضح كيف تعمل خاصية النسيان forgotten في برامج الذكاء الاصطناعي، التي تتواجد على الإنترنت لحماية بياناتك من إعادة الاستخدام كخاصية clear history في محركات البحث.

احذر من مشاركة المقاطع الصوتية على برامج الذكاء الاصطناعي، خاصةً إذا كنت شخصية عامة أو ذات نفوذ، فمن السهل الآن استخدام الصور والفيديوهات والمقاطع الصوتية لخداع الرأي العام وإحداث فوضى في المجتمعات.

احرص دومًا على الاطلاع على كل ما هو جديد فيما يخص الذكاء الاصطناعي وكيف يمكنك حماية بياناتك، باستخدام منصات آمنة لمشاركة المعلومات مثل PartnerLinQ و crunchbase، مع الحرص على عدم ربط ومنح الإذن لبرامج الذكاء الاصطناعي للوصول إلى حساباتك الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي أو تطبيقات جوجل.


ذو صلة

في النهاية وفي ظل هذا التطور التكنولوجي الهائل، الذي يشهده عالم الإنترنت، أصبح الحفاظ على خصوصيتك أمرًا شائكًا يجب الإلتفات إليه، والتأكد من تحققه باستمرار، فمستقبلك المهني والاجتماعي وحتى الصحي قد يتأثر إذا ما وقعت البيانات في أيدي الشخص الخطأ.

ولا يعني الحفاظ على الخصوصية إعاقة التقدم التكنولوجي، أو التخلي عن استخدام الإنترنت والذكاء الاصطناعي من باب الحرص كما قد يروج البعض، بل علينا الاستمرار بالبحث والتطوير ومتابعة كل جديد، مع اتخاذ سبل الوقاية من أضراره المحتملة، فالعالم من حولنا مستمر في التقدم شئنا أم أبينا، ومحاولة التظاهر بعدم ذلك ما هو إلا بضعة خطوات سوف نتأخرها حتى نلحق بركب التقدم، لذلك علينا التسلح ومعرفة ما يجري في عالمنا باستمرار، وكيف يمكننا استخدامه لصالحنا؟ بدلًا من أن يكون الذكاء الاصطناعي أحد تلك الأمور التي نسمع عنها من الخارج فقط غير عابئين، ظنًا منا أنه مازال أمامنا سنوات كثيرة لنتعلم ونفهم. 

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة