تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

اليوتيوب في عصر الذكاء الاصطناعي .. وهل سيتأثر صناع المحتوى بذلك؟

غادة الجوهري
غادة الجوهري

6 د

لازالت موجة اجتياح الذكاء الاصطناعي للعديد من الصناعات في العالم تستمر في إثارة الجدل والتساؤلات، كما تهدد تلك التقنية اليوم بفقدان الكثير لوظائفهم اليومية، خاصة في مجال الترفيه والصناعات المرئية كالسينما والتلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي تشهد تغيرًا كبيرًا في نوع المحتوى الذي يُقدم.

نرى اليوم إضراب الممثلين والكتاب عن العمل في هووليود وغيرها من أماكن صناعة السينما الأشهر حول العالم في كندا وبريطانيا، رغبةً في تأمين حقوقهم ضد انتهاكات الذكاء الاصطناعي وتهديده بضياع مستقبل الإبداع والمبدعين في مجال الترفيه، وذلك يجعلنا نتساءل، إذا كان الذكاء الاصطناعي قادر على إحداث كل ذلك الجدل لدى صناع السينما، فكيف يمكن أن يكون تأثيره على محتوى اليوتيوب و اليوتيوبرز؟


محتوى اليويتوب بين الماضي والحاضر والمستقبل

بدأ موقع يوتيوب عام 2005 على يد كل من جاود كريم، وتشاد هيرلي وستيف تشين، وكان الهدف من إنشائه هو خلق منصة حرة ومجانية يتمكن من خلالها الجميع من مشاركة المحتوى المرئي الخاص والأصلي حول مختلف الموضوعات والأمور الحياتية، ومع الوقت تطور ذلك المحتوى حتى أصبح المنصة التي يتابع من خلالها الجمهور مجريات الأحداث حول العالم، مثل برامجهم المفضلة والمحتوى التعليمي المتنوع، كبديل مجاني و أكثر سهولة ومرونة من التلفاز في الوصول إلى المحتوى الذي يريده المشاهد وفي الوقت الذي يحلو له. 

ومع الوقت تطور الموقع ليصبح منصة لجني الأموال وخلق الوظائف، فنتج عن ذلك مهنة "اليوتيوبر Youtuber" التي تضمن لك الشهرة والمال في وقت قصير، إذا تمكنت من عرض محتوى ترفيهي كفاية وقادر على جذب شريحة عريضة من الجمهور.

واستمر ذلك التطور في المحتوى المعروض على اليوتيوب حتى جاء الذكاء الاصطناعي ليشكل خطرًا كبيرًا على الهدف من إنشائه، فقد أُنشأ الموقع في الأساس حتى يتمكن البشر من مشاركة معلوماتهم وتجاربهم الخاصة في منصة تمكنهم من الوصول إلى الجميع. 

أما الذكاء الاصطناعي فيهدد بإعادة تشكيل تلك السياسة لجعل المحتوى المرئي أكثر عمليةً وسرعةً وأقل تكلفة للوصول إلى الجمهور ولكن في المقابل، يجعل المحتوى المعروض أقل تلقائية وإمتاعًا وقربًا من الناس. 



كيف غير الذكاء الاصطناعي من صناعة الفيديوهات والمحتوى المرئي؟

لا تشمل التغيرات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي توفير الأدوات المساعدة لجعل محتواك أكثر جودة في الصوت والصورة وحصد الاشتراكات فحسب، بل تجاوز الذكاء الاصطناعي ذلك كونه الآن يُمكنك

من بث برنامجك الخاص دون أن تكون موجودًا بالضرورة، وذلك ما يسعى إليه الجيمر الشهير كويبلكوب Kwebbelkop من خلال استكمال تصوير برنامجه الشهير في تقييم ألعاب الفيديو عبر نسخة اصطناعية طبق الأصل منه، وذلك بعدما أدخلته الشهرة والعمل المستمر في دائرة من الإرهاق والاحتراق الوظيفي كما أخبر في إحدى الفيديوهات، وعند ذلك تساؤل الكثير من الناس عن إذا ما كان برنامجه سيحظى بنفس الروح والمتعة، ونسب المشاهدة بعد استبدال كوبيلكوب بروبوت لن يتمتع بالتأكيد بالقبول والكاريزما نفسها.

وذلك الأمر هو نفسه الذي يخاف منه الممثلون والكتاب في هوليوود، إذ يمكن لأي شخص الآن استخدام صوت أو صورة أحد المشاهير، وإنتاج عمل متكامل دون الحاجة إلى الإستعانة بطاقات البشرية في ذلك، لكن يا ترى؟ هل يلقى ذلك النوع من الأعمال الشعبية والرواج نفسه الذي تتلقاه الأعمال البشرية؟



تأثير الذكاء الاصطناعي على نسب المشاهدة والأرباح

مما لا شك فيه، فإن استخدام منشئ المحتوى لتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة ستساعد كثيرًا على تحسين المحتوى المعروض من ناحية الصوت والصورة وجذب المشاهدين، من خلال قوالب thumbnail المتطورة و خوارزميات الذكاء الاصطناعي في ترشيح المحتوى المعروض، وأصبح يوجد الآن الكثير من برامج الذكاء الاصطناعي لتعديل الفيديوهات كبرنامج ماجيستو Magisto الذي يحلل مقطع الفيديو الخاص بك، كما يُحرر المقاطع الجيدة والتي قد تجذب الجمهور فقط مع قص باقي الأجزاء.

كما يوجد برنامج ميوزيك إل إم MusicLM الذي يمكنك من إنتاج موسيقى فيديوهاتك الخاصة دون الحاجة إلى الاستعانة بخبراء، وغير ذلك الكثير من البرامج التي توفر المال والجهد والوقت للتمكن من زيادة الإنتاجية في إنشاء المحتوى، مما يؤدي إلى زيادة الزيارات لقناتك وارتفاع نسب المشاهدة والأرباح. 

أم عن المحتوى الذي يُقدم بالكامل من خلال الذكاء الاصطناعي، فذلك مما تختلف حوله الآراء في مدى التأثير الذي قد يحدثه، فالبعض يرى أن من شأن ذلك النوع من المحتوى أن يحل محل البشر في الكثير من صناعات الترفيه، والبعض الآخر يرى أن ذلك أمرٌ مستحيل لسبب بسيط وهو أن الآلات لا يمكن أن تصبح كالبشر في يوم من الأيام!


رأي خبراء التقنية وصناع المحتوى حول اقتحام الذكاء الاصطناعي مجال الترفيه


لا شك أن الجميع يؤمن بعظم وحجم الثورة التي سوف يحدثها الذكاء الاصطناعي في مجال صناعة المحتوى، ولكن لا يؤمن الجميع بقدرتها على استبدال الطاقات البشرية والوظائف الإبداعية من كتابة وإعداد وتقديم.

فأخبر ديفيد سميث في إحدى مقالاته في صحيفة الجارديان -التي يترأس مقرها في العاصمة واشنطن-  عن تهديدات الذكاء الاصطناعي، وحذر من قدرة الذكاء الاصطناعي على استبدال الوظائف الأساسية في صناعة المحتوى، كالتأليف والكتابة والكاستنج، وحتى القائمين على صناعة المؤثرات special effects وتوزيع الأفلام.

 كما يرى الرئيس التنفيذي لشركة آبل تيم كوك أن الذكاء الاصطناعي سوف يؤثر على كل منتج وخدمة سوف تُقدم، وفيما يطلق إيلون ماسك الرجل الأغنى في العالم شركته الناشئة في الذكاء الاصطناعي، والتي يعتبرها ملاذًا آمنًا للحد من الخطورة التي قد يحدثها الذكاء الاصطناعي في المستقبل، يحذر إيلون من التطور الخارج عن السيطرة في ذلك المجال منذ صدور شات جي بي تي والذي قد يهدد مستقبل الإنسانية في القريب العاجل.


الأمر ليس بهذا السوء أو البساطة


بالتأكيد يشكل الذكاء الاصطناعي تغييرًا هائلًا في العالم، وقد يكون أقرب إلى التغيير الذي أحدثه الإنترنت في رأي البعض، ولكن كما لم يستطع الإنترنت استبدال البشر في القيام بالوظائف يرى الكثير من الناس أيضًا أن الذكاء الاصطناعي لن يتمكن من القيام بذلك خاصة في مجال الترفيه وصناعة المحتوى الذي يمثله اليوتيوب.

ذو صلة

وذلك لأن الإنسان يبحث عن السلوك والعلاقة الإنسانية في المحتوى الذي يشاهده، وهو الأمر الذي لن يتمكن الذكاء الاصطناعي من القيام به مهما بلغ تطوره، فعلى اليوتيوبرز الاطمئنان حيال ذلك الأمر، كما أن الذكاء الاصطناعي غير قادر على الإتيان بمحتوى أصيل وتلقائي غير مبني على خوارزميات ومحاكاة تفتقر إلى الكثير من الدقة والمصداقية، الأمر الذي يجعله غير موثوق من قبل شريحة عريضة من الجمهور. فكيف قد تبنى قاعدة جماهيرية لمحتوى غير موثوق فيه ولا يبعث على الارتياح؟

وأخيرًا، يرى الخبراء أنه يوجد وظائف عديدة لن يتمكن الذكاء الاصطناعي من استبدالها، وهي تلك التي تقوم على تلقائية وفراسة الإنسان التي لن يحوزها ذكاء آلي يومًا ما، وعلى رأس هذه الوظائف يأتي صناع المحتوى على اليوتيوب واليوتيوبرز الذين يتابعهم الجمهور من حول العالم في علاقة أشبه بالصداقة المبنية على الثقة بين المشاهد وعارض المحتوى، وهكذا رابطة يصعب كثيرًا تشكيلها بين إنسان وآلة، حتى وإن كانت في شكل إنسان.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة