مراجعة فيلم الأنمي Batman ninja: اتحاد ياباني-أمريكي من الطراز الرفيع

شاهدنا العديد من أعمال الأنمي التي تُترجم إلى مسلسلات وأفلام واقعية، لكن الغالبية العُظمى منها كانت عبارة عن تجارب فاشلة تمامًا وحصلت على العديد من الآراء السلبية سواء من النقّاد أو الجمهور. ومهما كانت تلك التحويلات يابانية أو أمريكية، فالنتيجة لا تكون سارة على الإطلاق. لكن هذا كله في حالة تحويل الأعمال، لكن ماذا إذا أقمنا شراكة ضخمة بين أمريكا واليابان؟ هنا نتحدث.

فاليوم سنتحدث عن فيلم الأنمي باتمان نينجا Batman ninja الذي مزج بين الأسلوب الياباني الممتع في الرسم، وبين عالم شركة DC الأمريكية للكوميكس. ففيلم اليوم أعاد إنتاج عالم شخصية باتمان بطريقة مُبتكرة ويابانية إلى أقصى حد. الآن دعونا ندخل في صلب الموضوع مباشرة ونتحدث بموضوعية عن فيلم Batman ninja!

من المعروف أن باتمان دائمًا ما يبدأ أحداثه بمعركة حامية الوطيس مع أحد الأشرار، وهذا هو مفتاح فيلم اليوم أيضًا. فتبدأ أحداث الفيلم بدخول باتمان على الشرير (غوريلا غرود – Gorilla Grodd) ليحاول إيقافه من استخدام آلة ثني الزمكان والحرص على إفشال تلك التجربة غير معلومة النتائج والتي يُمكن أن تُهدَر فيها الأرواح. لكن في النهاية لم يستطع باتمان إيقافه، وبدلًا من ذلك تم تشغيل الآلة وفجأة تغيّر كل شيء من حوله ووجد نفسه في منتصف طريق مغبَر، وأُناس يابانيون حوله من كل جانب، وبعض الساموراي يحاولون قتله أيضًا. الآن باتمان انتقل إلى عصر الإقطاعيين في اليابان القديمة، والآن يجب عليه أن يجد رفاقه الذين تفرقوا عبر بقاع اليابان المختلفة، ليحاول بمساعدتهم الحد من جنون الجوكر ياباني الطلّة، ويعود بهم جميعًا إلى القرن الواحد والعشرين من جديد. فهل سينجح؟ هذا ما ستعلمونه عند مشاهدة الفيلم.

الشيء الذي لفت انتباهي بشدة هو أن فريق العمل القائم على إنتاج هذا الفيلم، يُعتبر فريقًا على درجة عالية من الاندماج والتأثر بعالم كوميكس DC الأمريكية فعلًا. فدائمًا من المتوقع عندما نجد عملًا يابانيًّا يتحدث عن ثقافة أمريكية أو العكس، أن يكون العمل الناتج بعيدًا كل البعد عن مضمون الأحداث والأيدولوجيات الذين يجب أن يتحدثوا عنهم في الأساس. إلا أن باتمان نينجا دمّر كل تلك التوقعات تمامًا وبرهن أن فريق العمل قارئ حقًا في كون DC الرائع. وهذا تم إثباته ببعض المشاهد في الفيلم التي يستشف منها المُشاهد أن العلاقة بين باتمان والجوكر ليست مجرد علاقة بطل بشرير، بل علاقة فهم تام واحتياج غير مُحدد الهوية. فكل منهما يحتاج الأخر، فهما يُمثّلان في عالم DC قوى الخير والشر، فالتوازن يجب أن يكون قائمًا بينهما، وفناء إحداهما سيُسبب خللًا في الأخرى. فإذا مات باتمان سيشعر الجوكر بالملل، وإذا مات الجوكر سيشعر باتمان أن هناك نقصًا شديدًا في شعوره بالعدالة.

بجانب أن النقلة النوعية من الثقافة الأمريكية إلى الثقافة اليابانية كانت موفقة إلى حدٍ كبير. فأنا حقًا أُشيد بالمجهود الجبار الذي بذله مُصمم الشخصيات، فقد برع بشدة في تحويل الشخصيات من الشكل الواقعي، أو الأمريكي المنشأ، إلى الشكل الفانتازي الحركي بعض الشيء، أو الياباني المنشأ. ومع ذلك حافظ على طِباع الشخصيات وتفاعلاتها مع بعضها بعضاً، ومع سائر شخوص العمل الفني.

الذي أراه سيئًا بالفيلم هو أن الأشرار لم يتم توظيفهم بالشكل المطلوب أو الذي كنت أنتظره. فلكل شخصية شريرة ذُكرت في الفيلم قصة، وتلك القصص يجب أن يتم تسليط الضوء عليها بشكلٍ أو بآخر، فمن خلال الأحداث نرى أن جميع الأشرار كانوا مجرد بيادق في لعبة الجوكر الكبيرة، بينما حظي هو بكل الزخم والأضواء.

الشخصيات هي شخصيات عالم DC كوميكس في الأساس، لذلك بالطبع البناء بينها مُحكم ومُترابط إلى أقصى حد، فالشخصيات هنا تمتاز بكونها مُتآلفة ومتجانسة مع بعضها بعضاً. وهنا لا أقصد الأخيار وحدهم، بل الأشرار أيضًا، وهنا يتجلى الشيء المميز لعالم الكوميكس الأمريكية، ألا وهو أن الأخيار والأشرار عبارة عن وجهين لعملة واحدة، ولا يستطيع أحدهما الاستغناء عن الأخر.

لكن من الناحية الأخرى، كانت بعض الشخصيات الجديدة والثانوية المرتبطة بأحداث الفيلم ذاته، غير جيدة من وجهة نظري. أجل هي ثانوية، لكن كانت تستحق أن يتم تسليط الضوء عليها أكثر من ذلك. والحل لتلك النقطة كان ليكون في مدّ فترة عرض الفيلم قليلًا ليزيد ساعة أخرى فوق الساعة ونصف الخاصة به.

الأنمي من رسم استوديو Kamikaze Douga، وهو استوديو ضعيف في المجال ولا توجد له العديد من الأعمال الهامة في الواقع. لكن نستطيع أن نرى أنه هنا عَملَ على إنتاج أسلوب رسمٍ مزجي رائع وفريد.

فمن وجهة نظري، أرى أن مزج أسلوب الرسم ثنائي الأبعاد مع أسلوب رسم الـCGI ما هو إلا أسلوب عرض فريد وأُقدره بشدة. خصوصًا في مشهد كامل تم رسمه باليد، ولاحقًا تم دمج الإطارات بالتدريج، فوصلنا من جديد إلى الأسلوب العام لرسم الفيلم.

بجانب أن أسلوب الرسم العام ذاته عمد إلى إظهار تعابير وجه الشخصيات باحترافية، وهذا أُشيد به، بجانب الاهتمام الشديد بتفاصيل الآلات والمنشآت في الأحداث.

الموسيقى في الواقع لا أستطيع أن أقول فيها قولًا مُحددًا، في المُجمل كانت المقطوعات الموسيقية مناسبة بعض الشيء للأحداث. لكن من الناحية الأخرى يجب أن أقول إنه كانت هناك مقطوعة موسيقية واحدة بالنسبة لي هي الأبرع والأجمل في الفيلم كله من حيث الحماس والإثارة. وهذه المقطوعة بعنوان (Batman Ninja Soundtrack – Theme) ويمكنكم الاستماع إليها من هنا:

فيلم الأنمي باتمان نينجا Batman ninja حقًا فيلم جيّد ويُعتبر نقلة نوعية في مضمار المزج بين الثقافة اليابانية والأمريكية بشكلٍ لم نره من قبل.