فرقة BTS ورحلتها من الألبومات البسيطة وحتى الشهرة العالمية!

الفنون على مستوى العالم كثيرة ومتشعبة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال حصرها في مجلدات كاملة حتى. لكن نفخر في أراجيك فن بكوننا نسلط الضوء من وقتٍ لآخر على ما يستجد على الساحة من جهة، وما استجد عليها من جهة أخرى. وبلا شك فإن الهيب هوب الكوري انتشر بالفترة الأخيرة في الأوساط العربية بدرجة لا يمكن غض الطرف عنها، خصوصًا مع فرقة BTS العالمية التي بات كل فرد ينتمي إليها يُعتبر أحد أعمدة (جيش BTS)، أو ما يُطلق عليه في أوساط المعجبين: “الآرمي”.

ظهرت فرق كثيرة على ساحة الهيب هوب الكورية، لكن لم تصل أي فرقة أخرى إلى شهرة فرقة BTS على الإطلاق؛ الشهرة المتمثلة في الحفلات العالمية، الإكسسوارات والمجسمات الموجودة في كل مكان، وأيضًا الألبومات التي استطاعت بسهولة أن تحصد الجوائز وتتصدر قوائم الاستماع والتحميل والشراء، بداخل كوريا وخارجها. حتى أن الأغاني الفردية للفرقة تحقق النجاحات بمجرد صدورها، بغض النظر عن كونها “فردية” في الأساس؛ حيث أنه من المعروف أن الفرق تنجح بالألبومات، لا الأغاني الفردية.

حطمت الفرقة القواعد في أكثر من مرة، لكن هل BTS بدأت ناجحة بقوة هكذا؟

حسنًا، اربطوا الأحزمة، فلدينا الكثير لنسرده اليوم!

تم تكوين فرقة BTS بصورة بدائية للغاية في 2010، لكن لم يتم أخذ خطوات فعلية لتدشينها من قِبل شركة الإنتاج إلا في 2011، وللأسف أجلوا المخططات لعام 2013، ووقتها صدر الألبوم الأول تحت عنوان 2 Cool 4 Skool، وفيه قامت الفرقة بضربتها الأولى في السوق، وحصلت على المركز رقم 124 على كوريا، لكن سرعان ما هبطت. استطاعت فرقة BTS استعادة الأضواء من جديد بعد مجموعة من الاستعراضات القوية على المسرح، وأثبتت أنها تحاول الارتباط مع الجمهور فعلًا على الصعيد النفسي، بفضل كون الألبوم مخاطبًا للشباب ومعبرًا عن مشاكلهم ونظرة المجتمع لهم، ومع الوقت ذاع صيتهم لليابان بأغنية No More Dream التي حصلت على تسجيل ياباني خاص.

بدأت الفرقة انطلاقتها العالمية في الفترة من 2014 وحتى 2017 مع مجموعة من الألبومات والأغاني الفردية التي مزجت بين الهيب هوب والهارد روك والـ R&B، وبالتحديد التصنيف الموسيقي الأخير هو الغريب على شريحة الهيب هوب التي كانت تُقدم في كوريا وقتها، ولهذا اكتسبت شهرة عالمية، وبالتحديد في الأمريكتين نظرًا لبدء انتشار الـ R&B الهادئ والحالم بين جموع الشباب المستمعين للهيب هوب؛ أي نفس التصنيف الموسيقي الذي كانت تحدث له ذات النقلة النوعية أيضًا.

– مقطع من أغنية Love Myself.

بدأت مرحلة التحالفات في 2017 والجولات الموسيقية على مستوى العالم. حصلت أغنية Spring Day على مديح كبير من النقّاد الكوريين في وقت صدورها، وتصدرت ثمانية لوائح موسيقية شهيرة في البلاد، ودخلت قائمة البيلبورد الأمريكية لأفضل 100 فردية برقم 15 مباشرة، وبدون توصيات نقدية على الإطلاق. في ذلك الوقت شرعت الفرقة بالتخطيط لجولتها العالمية الثانية من فبراير وحتى ديسمبر، وزارت 12 بلدًا منهم اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، وحضر لهم أكثر من 550 ألف معجب من جميع تلك البلدان.

مع الوقت صعدت فرقة BTS إلى مستويات غير متوقعة بالمرة مع Love Yourself: Her؛ الألبوم الذي بيع منه أكثر من 1.2 مليون نسخة بالتمام والكمال في كوريا فقط، وصدر برقم 7 دفعة واحدة في قائمة بيلبورد 200 بنفس عالم الصدور. استمرت النجاحات والعروض، حتى حصلت على عرض فجائي ومميز في المملكة العربية السعودية بعام 2019، وقامت بأداء ممتاز في حفل الجرامي بدورته رقم 62 مع Lil Nas والعديد من عباقرة الموسيقى الآخرين. حتى وصلنا في النهاية إلى 2021 الذي فيه قدمت الفرقة ألبوم BTS, the Best التجميعي لأهم أغانيها في 16 يونيو، وبعدها مباشرة في 9 يوليو أصدرت أغنية Permission to Dance الفردية لتكون من أهم وأحدث إنتاجاتهم حتى هذه اللحظة.

خلال تلك الفترة الطويلة حدثت الكثير من التغيرات في الفرقة. انقلبت الموازين، خسروا معجبين، واكتسبوا آخرين، لكن نجاحهم الحالي خير دليل على إبداعهم.

لكن هل الإبداع كل شيء؟

في الواقع؛ للإنسانية دور في الأمر!

في البداية عملت فرقة BTS على لمس قلوب وعقول الملايين من الشباب عن طريق مناقشة المشاكل المرتبطة بالحياة اليومية، وبالتحديد من البالغين تجاههم، وبعدها مباشرة توجهت إلى الحياة العاطفية بكل ما فيها من تقلبات، حتى صار الجمهور مستعدًا لقبول الأغاني بمختلف الموضوعات المرحة الممكنة، والمقترنة بالاستعراض العبقري على خشبة المسرح، مع أضواء ورقصات مصممة خصيصًا للعرض، ومتقنة إلى أقصى حد.

لكن الذي أثر فعلًا في الجمهور هو التعامل معهم بإنسانية، وكأنهم أصدقاء في مقهى ويتجاذبون أطراف الحديث على الدوام، وهذا عبر الخروج في لقاءات تلفزيونية وصحفية باستمرار يقولون فيها أن الفضل يعود للجمهور والحب الذي غمرهم به، وأن الآرمي هم أفضل معجبون على الإطلاق، نظرًا لما فيهم من خصال حميدة وحب للحياة والناس.

مقطع من أغنية Promise.

الحب يظهر بشدة في رمز (القلب) الذين يجسدونه بأصابع الأيدي على الدوام أمام الكاميرات؛ في دلالة على نشر الحب والسلام للجميع. كما أنهم يشجعون الجمهور على الابتسام دائمًا، ومواجهة المشاكل والعقبات التي قد يعاني منها المرء في حياته، لأن الإيجابية هي الحل، والإنسانية هي مآل الجميع في نهاية المطاف.

مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت على انتشار الفرقة كالنار في الهشيم، خصوصًا بعد ظهور موجة مجموعات فيسبوك التي يجتمع فيها أفراد الآرمي لمناقشة جديد أعضاء الفرقة وجميع الأخبار التي تصدر عنهم. كما أن لحسابات المهووسين (حسابات الستان – STAN) وجود ملحوظ على تويتر تحديدًا، وهي حسابات يقوم فيها المستخدمون بوضع صورة أحد أعضاء الفرقة، ونشر كل -حرفيًّا كل- ما يتعلق به من صور وتعليقات ومقاطع فيديو، ليصير الحساب من البداية للنهاية مخصصًا لتلك الشخصية فقط، في دلالة على الحب الشديد الذي يصل إلى مرحلة الهوس.

ومن الناحية الأخرى، تُعتبر مجموعات الآرمي وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي مركزًا لتشويه صورة الآرمي في الأساس. تبعًا لأنه يتم النظر لكل أعضاء ومحبي فرقة BTS على أنهم أصحاب ذوق موسيقيّ سيئ، بجانب النظرة غير الحميدة التي يُنظر بها لأي فتى حسن المظهر في الأوساط العربية (والتي نعلمها جيدًا)، ولهذا يتعامل الآرمي في بعض الأحيان بشكلٍ عدائيّ مع الانتقادات السطحية تلك، مما يزيد من كراهية الآخرين لكل ما له علاقة بـ BTS. هذا بالطبع موجود في كل مجموعات وحسابات كل الفرق العالمية الأخرى تقريبًا، بداخل كوريا وخارجها، لكن الوضع أسفل المجهر بعض الشيء مع الفرقة الكورية لأنها تدعو للمحبة والسلام، بينما حبّ الآرمي لهم يدفعهم لفعل العكس -أحيانًا- بغرض الدفاع عنهم.

فرقة BTS حققت الكثير على مدار سنوات، وجَنت ثمار تعبها فعلًا، وحاليًّا تعيش المجد، وتبث السلام والمحبة في كل مكان.