دائمًا عندما تنتهي من عملك، تريد مشاهدة فيلم ما، فتذهب فورًا إلى السينما، سواء وحيدًا أو مع عائلتك أو أصدقائك، الأهم أنك في الغالب تذهب لتستمتع فقط وأنك لست في يوم إجازتك أو عقلك يستوعب الكم من المعلومات والتلاعب بالأحداث التي من الممكن أن يفعلها الفيلم الذي ستذهب لمشاهدته، لذا يجب عليك أن تشاهد تلك القائمة من أفلام معقدة ومجنونة عندما تكون منفتحًا لذلك، ولا تضغط فقط الزر من أجل المتعة فهنا لن تجدها إذا بحثت عنها ولكنها هي من ستجدك.
الشخص الوحيد الذي يقف في طريقك هو أنت، فيلم رعب نفسي وسوداوي من أكثر أفلام معقدة تعقيدًا قد تكون شاهدتها أو ستشاهدها في حياتك، سبب تأجيل مشاهدة الفيلم لمدة طويله لأنني أكره الباليه، لكن بعد مشاهدة الفيلم ندمت على التأجيل.
دارين ارونوفسكي مخرج رائع ومبهر في الرعب النفسي وتوصيل المشاهد لأقصى درجات التوتر وشد الأعصاب، حرفيًا قدر بإخراجه وتحركات الكاميرا الخيالية أن يجعلك أنت ترقص الباليه ليس فقط الممثلين في الفيلم، بالإضافة لتسلسل أحداث النهاية الرائع بمعنى الكلمة، التمثيل من ناتالي بورتمان بالنسبة للكثيرين هو أفضل أداء في مسيرتها الفنية وقدرتها على التقمص الجبار لشخصية البطلة وكيف استطاعت أن تعكس كل مراحل تطورها في الفيلم فعلًا أداء عظيم.
(نينا سايرز) راقصة باليه تنال فرصة عمرها بأداء باليه (بحيرة البجع) الشهيرة لتشايكوفسكي على المسرح، وتحاول الوصول إلى الكمال في أدائها لدور البجعة البيضاء والبجعة السوداء، مما يدخلها في صراع نفسي تستكشف فيه المناطق المظلمة بداخلها، ولكنها تصمم على تحقيق الكمال الفني في أدائها حتى لو كان الثمن هو صحتها النفسية، فيلم من إخراج دارين أرنوفكسي، وبطولة ناتالي بورتمان وميلا كورنيس، هذا الفيلم ينزع الرغبة لدى الفرد لتصبح واقعية كحركة أو موسيقى أو حتى امتلاك شخص.
Barry Lyndon
فيلم متكامل من إخراج ستانلي كوبريك، تشعر أثناء مشاهدة هذا العمل المذهل بأن كوبريك رسم الفيلم لوحة تلو الأخرى مستخدمًا فرشاته السحرية، تدور القصة في (بريطانيا) في القرن الثامن عشر حول (باري ليندون) الفتى الفقير اليتيم الذي يقع في حب ابنة عمه الإنجليزية (نورا)، لكنها تتركه لتتزوج من ضابط إنجليزي ثري، لذا يتحداه (باري) في مبارزة، ويقتله، ويهرب إلى (دبلن)، ويصبح قاطع طريق، يلتحق بالجيش الإنجليزي، ثم بالجيش الروسي، يتعرف على الأرملة الثرية (ليندون)، ويتزوجها، ويعودان إلى (لندن)، لكنه لا يعلم روح الانتقام التي تنتظره.
تجربة لا تُنسى تلك التي عشتها مع باري ليندون، لعل أروع مشهد ستشاهده في هذا الفيلم هو لقاء باري مع السيدة الهولندية، لقاء بالصدفة لكنه حمل الكثير من المشاعر وخاصة بتلك الموسيقى التي تطرب لها الآذان، مشهد بسيط بحوارات بريئة بين جندي هارب من كل شيء إلى المجهول وبين زوجة تركها زوجها الغارق في غياهب الحرب وحيدة مع ابنها الصغير، جمعت بينهما الصدفة وارتبطت قلوبهما بشكل انسيابي.
لماذا تدخلتم في حياتنا، كنا نعيش في سلام، فيلم ليس للجميع ويصعب مشاهدته، من المهم جدًا للناس أن تفهم الرموز التي يعتزمها والتي يريد إيصالها المخرج، هذا فيلم علينا أن نفهمه، علينا أن نعلم من هي جنيفر لورانس وماذا تمثل، علينا أن نستوعب دور خافيير بارديم الكبير في حبكة الفيلم، ميشيل فايفر وإد هاريس بأدوارهم الصغيرة يجب أيضًا أن نعلم إلى ماذا يرمزون، كل شخصية، كل حدث، كل حركة يجب أن نفسرها مع أنفسنا ونفهمها لكي نتذوق الفيلم كاملًا، هذا فيلم لا يحق لك أن تدعوه بالسيئ وأنت لم تفهمه بعد، يجب عليك أن تستوعبه ولا وبعدها ابدأ انتقاداتك، هذا فيلم ثقيل بمحتواه قد لا يعجب الذوق العام بسبب أجوائه المرهقة والصعبة.
أشعر بالحزن والغضب والقلق من كل ما رأيته، لامستني شخصية “الأم” شعرت بآلامها، آلام أن تفقد كل ما بنيته نتيجة الطمع، الطمع في الحب، في المغفرة، في الله، في الحياة، في تحقيق المبادئ والرغبات رغمًا عن كل شيء، وسحق كل ما يقف أمام ذلك، الفيلم رائع أحببته، وأثار اهتمامي حتى النهاية، أحببت الفكرة وتسلسلها الرائع، أيًا كان ما يشير إليه أرنوفسكي إلا أننا جميعًا نؤمن بحقيقة هذهِ الأحداث وواقعيتها، مؤلمة وحزينة ولكن هذه هي الحياة وهؤلاء هم البشر، منزل كبير، رجل وامرأته، هو الخالق وهي الأم.
بمجرد أن يجف هذا، ستشكل البقعة شكل وجه القاتل، في مقاطعة كورية صغيرة في عام 1986، يعاني اثنان من المحققين من قضية العثور على العديد من الشابات يتعرضن للاغتصاب والقتل على يد جاني غير معروف، فيلم يعتبر واحدًا من أفضل الأفلام الكورية، ومخرجه بونج جون هو اكتسب منه صيتًا ومكانة قوية في السينما الكورية والعالمية، أؤكد لك بأنك ستحتار في حقيقة بين هل أحببت هذا الفيلم أم لا عندما تنتهي من مشاهدته.
والأسباب كثيرة لتلك الأحداث التي لم تكن مقنعة بالنسبة لي هي النهاية لكنني عندما شاهدت الفيلم مرة أخرى وجدت بأن هناك الكثير من التفاصيل التي فاتتني وأنه في المرة الأولى لم يكن عقلي مستعدًا لها، الفيلم بسيط جدًا في إمكانياته والإخراج وطريق تصوير الكادرات فهو سلس جدًا، فسوف يقدم لك تجربة جميلة من الناحية الجمالية سواء من مواقع التصوير الرائعة واللقطات الواسعة التي تشعرك بنوع من الغموض والارتياح، تلاعب بنا المخرج بطريقة تصويره وبإشارات لعقلنا الباطن ويجعل المشاهد هو الذي يختار ما بين الاثنين ومن هي التي يجب ان تُغتصب؛ ومعظمنا نحن الجمهور سنختار الطفلة لأننا لم نكن نريد الممرضة أن تكون الضحية، لأننا نعرفها ونكن ببعض المشاعر لها، المخرج هنا تلاعب بنا بكل بساطة.
أتمنى أن تستمتع بأحد أعمال قائمة أفلام معقدة التي طرحناها عليك هنا لكن يجب أن تشاهدها في يوم لا يكون ممتلئًا بالمتاعب والمشاكل، حتى لا تكره اليوم الذي شاهدت فيه هذا الفيلم، فهو يريد عقلًا لا يحتوي علي أي شيء في وقت مشاهدته!.