ما بين الكوميديا والدراما والحرب وقع فيلم War Machine في فخ الفشل

4 د
فيلم War Machine هو أحدث أعمال براد بيت وشارك في إنتاجه كذلك، وتم عرضه على موقع نتفيلكس في مايو الماضي، وأحداثه مأخوذة من كتاب The Operators للكاتب مايكل هاستنيج.
عندما تفتح صفحة الفيلم على موقع IMDb ستجده يقع تحت تصنيف (كوميديا/ دراما/ حرب)، وهو أمر يتكرر مع الكثير من الأفلام التي تدخل تحت أكثر من تصنيف، ولكن مشكلة فيلمنا هذا أنّه لم يستطع المزج بين هذه التصنيفات الثلاثة، بل يمكن تقسيمه بهذا الترتيب لثلاثة أفلام قصيرة، وهو أمر أوقع بالفيلم ضررًا شديدًا؛ لأنّه افتقد التماسك في بنائه، ولم يحسن تقديم أي من أدواره، فلم يكن كوميديًا مضحكًا، ولا استطاع تقديم الواقع الدرامي للقضية التي يتناولها، وهو فاشل تمامًا كفيلم حرب لم يقدم سوى معركة وحيدة في آخر نصف ساعة لم يشترك فيها بطل الفيلم!
قصة فيلم War Machine

تبدأ أحداث الفيلم عام 2009 حين يصل القائد العسكري جلين مكماهون إلى أفغانستان مع فريقه الخاص، وذلك لإدارة الحرب في هذا المنحنى الخطر الذي تمر به.
ذهب مكماهون بعدما حصل على رسالة واضحة من ساسة واشنطن “لا تطلب قوات إضافية” أي يتعامل بالقوات التي يمتلكها هناك ويحاول الخروج بأقل الخسائر.
ولكن القائد العظيم تميز بسذاجة بذات مقدار عظمته، ولم يرَ الرمال المتحركة التي يسير فيها، بل رأى الأمر مجرد معركة أخرى يحتاج لقوات إضافية حتى يفوز بها، دون أن يهتم بطبيعة الوضع المختلفة عما مر به في كل تاريخ العسكري.
ففي أفغانستان ليس المطلوب منه محاربة عدو واضح، بل إقناع أهل البلد بأنّ وجود القوات الأمريكية ضرورة للحفاظ على الديموقراطية والحرية والأحلام الوردية، والأزمة الحقيقية أنّ أعداءَه بذات شكل وزي من يريد استمالتهم إليه، فيجب عليه أن يتمتع بعين ثاقبة ليتمكن من التمييز بين هذا وذاك.
تحليل فيلم War Machine
الكوميديا

التزم مخرج الفيلم وكاتبه ديفيد ميتشود بالتنصيف الكوميدي الساخر في الجزء الأول من الفيلم، بتقديمه لشخصية جلين مكماهون القائد العسكري الصارم الذي يقوم بدوره براد بيت، لكن للأسف اعتمد كل من المخرج والممثل على الأداء الشكلي للشخصية في تقديم الكوميديا، مثل طريقة المشي والحاجب المرفوع والكلام بجانب الفم وأسلوب الجري وغيرها، دون الاهتمام بكوميديا النص أو الموقف نفسه، ما جعل هذا الجزء من الفيلم سخيفًا بصورة كبيرة.
الدراما

بعد مضي نصف وقت الفيلم بدأ الفيلم في اتخاذ منحى درامي بذهاب مكماهون لجولة في أوربا ليحصل على تعاطف لهدفه والمزيد من الجنود لجيشه، وهناك تلاقيه زوجته ونتعرف على جانب آخر في حياته، فهو الزوج الغائب على الدوام الذي لا يرى زوجته سوى 30 يوم فقط كل عام، ويعرف أخبار ابنه سريعًا من زوجته، بل ينسى وجودها في الفندق وينبهه أحد أفراد فريقه أنّه لم يقابلها في غرفتها بعد.
ربما هذا الجزء هو الأفضل في الفيلم والأكثر واقعية وفيه تعرفنا على الراوي، وهو صحفي في مجلة رولينج ستون يكتب قصة مكماهون وفرقته والحرب في أفغانستان.
الحرب

آخر نصف ساعة في الفيلم بدأت الحرب، وهنا يبدأ التناقض، فقد قيل لنا في أول مشهد أنّ البطل المغوار لا يترك جنوده يذهبون من دونه، لكن هذه المرة ارتضى الجلوس خلف شاشات المراقبة ومعرفة الأخبار عن جنوده الذين يخوضون حربًا ضد متمردين ومدنيين لا يستطيعون التفرقة بينهما.
الإخراج والنص

مخرج الفيلم وكاتبه هو ديفيد ميتشود، الذي استوحى فكرته من كتاب تناول قصة الحرب في أفغانستان، وقام بعد ذلك بإعمال خياله وخلق شخصية جلين مكماهون التي جعل الجنرال ستانلي ماك كريستال أساسًا لها.
لم يفلح ميتشود في أي من دوريه، فخرج الفيلم هزليًا وليس كوميديًا وفقد إيقاعه تمامًا عندما حاول إضفاء الجانب الدرامي عليه، وكان رسمه للشخصيات فاشلًا للغاية، وبدت كلها أحادية الجانب، بدون أي عمق.
التمثيل

ضم طاقم هذا الفيلم عدد من النجوم الكبار، على رأسهم بالطبع براد بيت في دور البطولة والذي اجتهد في تقديمه ولكن كما قلت بصورة غير مريحة، فظهر هزليًا كما لو أنّه يحاول تقليد باباي البحار.
بينما على الجانب الآخر ظهر بن كينجسلي في مشهدين فقط حيث قدم دور الرئيس الأفغاني كرازي، كانا الأكثر كوميديا بالفعل من بين بقية المشاهد، وتمنيت لو زادت مشاهده قليلًا.

وظهرت تيلدا سوينتون كذلك في مشهد واحد كسياسية ألمانية تناقش الجنرال مكماهون في محاضرة حول جدوى الحرب في أفغانستان، وواجهته بحقيقة أنّه يبحث عن نصر شخصي ليس أكثر، وأيضًا كان ظهورها إضافةً ممتازة للفيلم.
لكن الأداء الأكثر تميزًا كان لميج تيلي كجيني مكماهون زوجة الجنرال، وقد كانت مشاهدها مليئةً بالمشاعر المرهفة، وعبرت في غاية الروعة عن مشاعر الزوجة المهجورة التي لا تستطيع التعبير عن تذمرها؛ لأنّ زوجها يؤدي عملًا بطوليًا يجب أن تفخر به.
العيب الوحيد في المشاهد التي قدمتها ميج تيلي هو وجودها مع براد بيت في كادر واحد، والذي لم يستطع التجاوب مع هذا الأداء الرفيع على الرغم من أنّه أعطاه فرصة ذهبية حتى يظهر لشخصية الجنرال أبعاد أخرى أعمق.
في المجمل الفيلم لم يكن تجربة سيئة، ولكن بالتأكيد ليس أفضل فيلم لتشاهده، ويمكن مسحه بسهولة من تاريخ براد بيت كأن لم يكن وسيكون هذا في صالحه.

عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.