متلازمة الطالب: لماذا نبدأ مهامنا عند اقتراب “الديدلاين”؟
شعور سيء ينتابنا دائمًا عندما نقوم بتأجيل إنجاز أي مهمة حتى اللحظة الأخيرة، وحينها نلوم أنفسنا ونكرر السؤال المعتاد، فنقول: كان لدي متسع من الوقت..لماذا أخرت أداء تلك المهمة؟. يحدث ذلك سواء كنت طالب ولديك أسبوع لأداء واجب منزلي، لكنك تؤخر البدء حتى ساعات قبل أن تضطر إلى تسليمه، أو سواء إن كنت المدير الذي يتعين عليه كتابة تقرير مهم فتجد نفسك تؤجل العمل عليه حتى قبل الموعد النهائي لاستكماله مباشرة.
في الواقع يعد هذا السلوك شائع جدًا، حيث يقوم به ما يقرب من 80٪ إلى 95٪ من طلاب الجامعات، ويؤثر بشكل شديد على حوالي 20٪ من البالغين، ويُطلق على هذا السلوك اسم "متلازمة الطالب" نظرًا لمدى شيوعه بين الطلاب. ونظرًا لأن متلازمة الطالب شائعة، ولأنها يمكن أن تؤدي إلى العديد من المشكلات، مثل سوء الأداء وزيادة التوتر، فمن المهم فهمها، لذلك سنتعرف فيما يلي على المزيد عن هذه الظاهرة وأسبابها، وسنتعرف أيضًا على ما يمكنك فعله للتعامل معها عمليًا، سواء كنت تعاني منها أنت أو حتى أي شخص تعرفه.
ما هي متلازمة الطالب؟
متلازمة الطالب هي ظاهرة يتأخر فيها الناس عن فعل الأشياء حتى قبل الموعد النهائي. ويُعتقد أن المصطلح قد تم تقديمه في رواية "Critical Chain" للكاتب إلياهو م. جولدرات، حيث وصف جولدرات الموقف الذي حدث لأستاذ وطلابه. أعطاهم مهمة كان من المفترض أن تتم في غضون أسبوعين. لكن الطلاب قدروا المهمة وطلبوا من الأستاذ منحهم وقتًا إضافيًا لإنجازها. على الرغم من أنهم لم يستخدموا هذا الوقت الإضافي وأجلوا أنشطتهم حتى الموعد النهائي لمجرد أنهم كانوا متأكدين من أن لديهم متسعًا من الوقت لإكمال واجباتهم المدرسية.
ويمكن عرض متلازمة الطالب على الرسم البياني، على النحو التالي:
يعرض الرسم البياني الجهد الذي يبذله الموظف لأداء مهمة، والوقت الذي يقضيه هذا النوع من النشاط. توضح الخطوط المتقطعة الوقت المخصص للمهمة، حيث يوضح الخط الأيسر تاريخ المهمة منذ البداية، أما الخط الأيمن فهو تاريخ إنهاء المهمة. وكما يتضح من الصورة، يتم بذل أقصى جهد في إكمال المهمة قبل الموعد النهائي. بدلاً من بدء العمل في اليوم المحدد لبدء المهمة، وأخذ كل الوقت المخصص والعمل بسلاسة، لنجد أن الشخص العادي يماطل حتى اللحظة الأخيرة ويبذل قصارى جهده حتى لا يفوته الموعد النهائي عندما يكون قد مضى وضاع وقتًا طويلاً بالفعل.
وتعد متلازمة الطالب جزءًا أساسيًا من دورة حياة أي مشروع وقد تكون بمثابة أحد قيود المشروع.
أسباب متلازمة الطالب
متلازمة الطالب لها العديد من الأسباب المحتملة، والتي لها علاقة بأسباب المماطلة بشكل عام. يشمل معظمها ما يلي:
- مشاكل تحفيزية
يمكن أن تشمل هذه قضايا مثل الأهداف المجردة، وحذف النتائج المستقبلية، وصعوبة ربط المهام بالنتائج، عدم وضوح الأولويات.
- عقبات نفسية
يمكن أن يشمل ذلك قضايا مثل القلق، والخوف من الفشل، والخوف من ردود الفعل السلبية، وعدم اليقين، والنفور من المهام.
- الكسل
أن تكون كسولًا وتفضل الراحة بدلاً من العمل هو جوهر الطبيعة البشرية. من ناحية أخرى، هذه عادة وليست سلوكًا فطريًا. يمكن استفزازها لعدد من الأسباب . يشعر بعض الناس بالكسل لبدء عملهم لمجرد أنهم يرون أنه صعب جدًا أو ممل. يمكن أن يكون نتيجة لغياب الدافع أيضًا. يمكن للآخرين المماطلة لأنهم يعتقدون أنهم لن ينجحوا، حيث تختلف عوامل الكسل.
- صعوبة المهام
إذا كان تعقيد المهمة لا يتماشى مع كفاءة الشخص، فمن الواضح أنه سيتم تأجيلها إلى آخر لحظة. يتعلق الأمر بسلوك الإنسان، إذ أن الإنسان لا يحب حقًا تعقيد حياته: وسيحاول أن يكون لديه رحلة سلسة قدر الإمكان قبل الوصول إلى تلك المهام المعقدة. في علم النفس، الكلمة الأخرى لمتلازمة الطالب هي التسويف. غالبًا ما يماطل الناس بسبب الخوف من الفشل في إكمال المهمة.
- تفضيل العمل تحت ضغط
قد يُظهر بعض الأشخاص متلازمة الطالب، جزئيًا على الأقل، بسبب تفضيل العمل تحت الضغط. على سبيل المثال، يمكن أن يقوم شخصًا ما عن عمد بتأجيل مهمة حتى قبل الموعد النهائي مباشرة لأنه يشعر أنه يركز بشكل أفضل عندما يعمل تحت ضغط وقت مكثف.
يمكن أن تؤدي هذه المشكلات إلى تأخير الأشخاص دون داع ، حتى في الحالات التي ينوون ويريدون البدء في عملهم. ومع ذلك، في حالة متلازمة الطالب، مع اقتراب الموعد النهائي للمهمة، تتغير الحالة العقلية للناس بطريقة تدفعهم إلى العمل أخيرًا.
على سبيل المثال، مع اقتراب الموعد النهائي لمشروع مدرسي، تصبح قيمة النتائج المستقبلية المرتبطة به أكثر وضوحًا، سواء كانت مكافأة الحصول على درجة جيدة أو عقوبة الحصول على درجة سيئة، والتي يمكن أن تدفع الطلاب للحصول على بدأت. وبالمثل، في حين أن كره الشخص تجاه مهمة ما قد يتسبب في تأجيله في البداية، فإن الضغط الزمني المتزايد الذي يواجهه مع اقتراب الموعد النهائي يمكن أن يصبح كبيرًا بما يكفي لدرجة أنه يدفعهم لبدء العمل على المهمة، حتى لو لم يتغير نفورهم منها.
مخاطر متلازمة الطالب
يمكن أن تؤدي متلازمة الطالب إلى مشاكل مختلفة، مثل:
· المواعيد والفرص الضائعة
قد يؤدي الانتظار حتى قبل الموعد النهائي للبدء مباشرة إلى تفويت الأشخاص للموعد النهائي، خاصة إذا استغرق العمل وقتًا أطول لإكماله مما توقعوه. هذا لأن الأشخاص الذين يظهرون متلازمة الطالب غالبًا ما ينتظرون حتى يتوفر لديهم الحد الأدنى من الوقت المتبقي لإكمال المهام، مما يعني أنه ليس لديهم هامش أمان إذا أساءوا تقدير المدة التي سيستغرقها إكمال المهمة.
· الأداء سيء
حتى في الحالات التي يتمكن فيها الأشخاص من إكمال عملهم في الوقت المحدد على الرغم من متلازمة الطالب، فإنهم غالبًا ما ينتجون عملًا أقل جودة مما قد يفعلون خلاف ذلك، بسبب اندفاعهم لإنجاز المهام تحت ضغط الوقت، أو بسبب مشكلات مثل عدم وجود ما يكفي من الوقت.
· زيادة المشاكل العاطفية والعقلية والجسدية
على سبيل المثال، قد يؤدي التأخير إلى ما قبل الموعد النهائي على الرغم من نية البدء في وقت مبكر إلى شعور الناس بالإحباط والتوتر. وبالمثل، فإن السهر لإنهاء المهام في الليلة التي تسبق موعدها قد يؤدي إلى مشاكل مثل قلة النوم والإرهاق.
- زيادة المشاكل الشخصية
على سبيل المثال، إذا انتظر شخص ما حتى قبل الموعد النهائي لإكمال الجزء الخاص به من مشروع جماعي، فقد يغضب أعضاء فريقه منه. وبالمثل، إذا تأخر شخص ما دائمًا حتى آخر لحظة ممكنة قبل تولي الأعمال المنزلية، فقد يشعر شريكه بالإحباط.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظ أن متلازمة الطالب أو التسويف يرتبط بشكل عام بالعديد من القضايا ذات الصلة، مثل النتائج الأكاديمية السيئة، وسوء التوظيف والوضع المالي، وسوء الحالة العاطفية، وسوء الصحة العقلية والبدنية.
كيفية تجنب متلازمة الطالب
للتوقف عن تأجيل الأمور حتى قبل الموعد النهائي مباشرة، يجب عليك معرفة سبب التأخير في المقام الأول، ثم استخدام تقنيات مكافحة التسويف ذات الصلة، والتي ستساعدك على معالجة المشكلة و اتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب.
ومن أساليب مكافحة التسويف، ما يلي:
تحسين التخطيط الخاص بك
ضع أهدافًا محددة لنفسك، فبدلاً من هدف غامض، مثل "الدراسة من أجل امتحاني القادم"، حدد هدفًا ملموسًا، مثل في أسبوع امتحاني القادم، اذهب إلى المكتبة كل يوم بعد أن أنهي آخر صفي لهذا اليوم، وأقضي ما لا يقل عن ساعتين في الدراسة.
قسّم مهامك إلى خطوات صغيرة يمكن إدارتها
على سبيل المثال، إذا كنت بحاجة إلى كتابة مقال، فيمكنك البدء بخطوات مثل معرفة العنوان وإنشاء مخطط تقريبي وإيجاد 5 مصادر أكاديمية مناسبة.
حدد معالم ومواعيد نهائية وسيطة لنفسك
على سبيل المثال، إذا كان لديك موعد نهائي واحد لاستكمال ورقة بحث كبيرة، فخصص لنفسك مواعيد نهائية إضافية على طول الطريق لإكمال أجزاء معينة منها.
حدد أوقات الإنتاجية الخاصة بك
تختلف قدرة الأشخاص على التعامل مع مهام معينة بناءً على عوامل مثل الوقت من اليوم. على سبيل المثال، قد تكون أفضل قدرة على التركيز على المهام الصعبة في الصباح الباكر. يجب أن تأخذ هذا في الاعتبار قدر الإمكان عند تخطيط وجدولة عملك.
حسن بيئتك
غيّر بيئتك لتجعل من الصعب عليك المماطلة. فإذا كنت تميل إلى المماطلة في كتابة المقالات لأنك تستمر في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، فقم بإيقاف تشغيل اتصال الإنترنت قبل أن تبدأ العمل.
ابدأ بالجزء الأفضل أو الأسوأ أولاً
يجد بعض الناس أن البدء بالمهمة الأكثر إمتاعًا أو أسهل في اليوم يساعدهم على المضي قدمًا، بينما يجد البعض الآخر أن الحصول على أسوأ مهمة في البداية يساعدهم على تجنب التسويف بمرور الوقت. يمكنك استخدام أي من الطريقتين إذا وجدت أنه يناسبك.
استخدم تقنية بومودورو
تتضمن تلك التقنية التناوب بين فترات الدراسة والراحة المقررة. على سبيل المثال، يمكنك المذاكرة لمدة 25 دقيقة لفترات طويلة، مع استراحة لمدة 5 دقائق بينهما، واستراحة أطول لمدة 30 دقيقة بعد كل 4 مجموعات دراسة تكملها.
قم بزيادة الدافع الخاص بك
اجعل تقدمك يشعر بمكافأة أكبر. على سبيل المثال، يمكنك أن تمنح نفسك بعض المكافآت بمجرد وصولك إلى خط طويل بما فيه الكفاية من الإنجاز.
ركز على أهدافك بدلاً من مهامك
على سبيل المثال، إذا كنت بحاجة إلى العمل في مهمة تجدها مملة، فبدلاً من التركيز على المهمة، حاول التفكير في أهدافك لإكمالها، مثل أنك تريد الحصول على درجة جيدة.
غيّر طريقة تفكيرك
امنح نفسك الإذن لارتكاب الأخطاء. فإذا كنت تعمل على مقال، تقبل حقيقة أن عملك لن يكون مثاليًا على الأرجح، خاصة في البداية. علاوة على ذلك، يمكنك البدء فقط بكتابة مسودة أولية، ثم الانتقال إليها لاحقًا لإجراء تحسينات.
عالج مخاوفك
إذا كنت تماطل بسبب خوفك من شيء ما، فحاول تحديد مخاوفك وحلها. على سبيل المثال، إذا كنت تخشى ألا تكون كتابتك جيدة بما فيه الكفاية، يمكنك أن تقول لنفسك أن هدفك هو أن تبدأ فقط بكتابة شيء ما، وأنه يمكنك دائمًا تحسينه لاحقًا.
بالإضافة إلى ذلك، ضع في اعتبارك ما يلي، أنك ستحتاج على الأرجح إلى استخدام أكثر من أسلوب واحد لمكافحة التسويف لتجنب متلازمة الطالب تمامًا، ولكن حتى القليل منها فقط يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا عندما يتعلق الأمر بقدرتك على إنجاز الأشياء في الوقت المحدد.
أشياء يمكنك القيام بها لمساعدة الأشخاص على تجنب متلازمة الطالب:
إذا كان في حياتك شخص ما يقوم بمتلازمة الطالب، فهناك أشياء يمكنك القيام بها لمساعدته على تجنب تلك المتلازمة، وهي كالآتي:
- اشرح ما هي متلازمة الطالب.
- ساعده على فهم أنه يعاني من متلازمة الطالب، على سبيل المثال من خلال طرح أسئلة إرشادية حول سلوكه.
- أظهر له أن هذا النمط من السلوك يمكن أن يسبب له مشاكل، على سبيل المثال عندما يتعلق الأمر بأدائه الأكاديمي وحياته المهنية وصحته العقلية.
- اشرح أسباب متلازمة الطالب، وساعده على تحديد الأسباب المحددة لهذا السلوك في حالته.
- وجهه في اتجاه الموارد التي يمكن أن تساعده في التعامل مع متلازمة الطالب، مثل هذه المقالة، أو دليل تجنب التسويف.
- تنفيذ تقنيات مكافحة التسويف نيابة عنه، على سبيل المثال عن طريق تقسيم المهام الكبيرة إلى خطوات يمكن التحكم فيها وتحديد مواعيد نهائية وسيطة.
بشكل عام، يمكنك تقليل متلازمة الطلاب لدى الأشخاص بطرق مختلفة، لكن يعتمد النهج المحدد الذي يجب عليك استخدامه على عوامل مثل مدى استقلالية الأشخاص المعنيين، ونوع العلاقة التي تربطك بهم.
وعليك أن تعرف أن منح الأشخاص مزيدًا من الوقت لإكمال مهمة ما لن يؤدي بالضرورة إلى زيادة احتمالية إكمالهم لها في الوقت المناسب، وقد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية في بعض الحالات. يرتبط هذا بمفهوم قانون باركنسون، القائل أن "العمل يتوسع لملء الوقت المتاح لإكماله"، مما يدل على أنه كلما زاد الوقت الذي يكرسه الأشخاص مقدمًا لمهمة معينة، كلما طال الوقت المستغرق لإكمالها، حتى لو كان من الممكن إكمالها في وقت أقل.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.