ما هي أكبر المخاطر التي يواجهها رواد الفضاء في الفضاء؟
4 د
تداعب مخيلة العديدين منا فكرة السفر إلى الفضاء، فما هو أجمل من منظر كوكبنا الأزرق من الارتفاعات الشاهقة التي يراه منها رواد الفضاء؟ وما الذي يمكن أن يقَارن بشعور انعدام الوزن والطوفان بكل حرية دون أثقال الجاذبية التي تقيدنا في حياتنا اليومية؟
إلا أنه على الرغم من كل هذه الأمور وغيرها الكثير، هناك جانب مظلم للسفر إلى الفضاء. فالمخاطر الكبيرة التي قد يتعرض لها الإنسان في رحلة كهذه هي مرعبة بحق ولا بد لأي شخص يفكر في الذهاب في رحلة كهذه من أن يضعها في عين الاعتبار. فما هي بعض أكبر هذه المخاطر التي يواجهها رواد الفضاء في رحلاتهم؟
النفايات الفضائية
تقع طبقة الثيرموسفير على ارتفاع بين 85 و 600 كيلومتر وتحتوي على العديد من النفايات الفضائية كبقايا المكوكات والبراغي وشتى القطع والمخلفات والتي تدور حول الأرض ضمن تلك الطبقة. ويقدر أن هناك حول 300 مليون قطعة من هذا الحطام في تلك المنطقة وتبلغ السرعة الوسطية لهذه القطع مقداراً هو 10 كيلومترات في الثانية. فلكم بالتالي أن تتخيلوا مدى الضرر الذي يسببه الاصطدام بإحدى هذه القطع!
وقد قام فيلم Gravity بتبيان ذلك الأثر المرعب لاصطدام كهذا بشكل رائع. لكن نتيجة للكلفة الكارثية لعدم الانتباه لهذا الحطام، توجد رادارات خاصة تزود بها المكوكات الفضائية ومحطة الفضاء الدولية وغير ذلك من المعدات، لمتابعة هذا الحطام وتجنب الاصطدام به.
الأوكسجين (أو نقصه إذا ما أردنا توخي الدقة)
من المعروف بأنه لا يوجد أوكسجين في الفضاء الخارجي؛ لذلك فإن رواد الفضاء العاملين في محطة الفضاء الدولية يزودون بحاويات تكفيهم لما يتراوح بين 7 إلى 8 ساعات من الأوكسجين وذلك أثناء خروجهم للعمل خارج محطة الفضاء الدولية. قد يبدو لكم هذا الرقم كبيراً، لكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار بأنه يحصل أحياناً بأن يصاب رائد الفضاء بنوبة هلع، أو تتسارع دقات قلبه، وفي هذه الحالات تنخفض مستويات الأوكسجين بسرعة.
كذلك الأمر، فإن ناسا تتخذ كافة الاحتياطات اللازمة لجعل عمل رائد الفضاء خارج المحطة آمناً وذلك من خلال جعله متصلاً بشكل دائم بكبل إلى تلك المحطة. ولكن ماذا يحصل لو انقطع هذا الكبل بطريقة أو بأخرى؟ عندئذ أيضاً يكون رائد الفضاء مزوداً بآلية أمان هي عبارة عن جهاز نفث يحمل حوالي كيلوغرام ونصف من الوقود، بحيث يعيده باتجاه المركبة. وعليه أن يتقن استخدامه لأنه إذا ابتعد لمسافة كبيرة جداً عن هذه المركبة، فلا سبيل لإنقاذه، لأنه في الفضاء الخالي ليس هناك من سبيل لكي يتحكم في حركته ذاتياً سوى من خلال تلك الآلية النفاثة!
الخوف من المرتفعات
يشعر بعضنا بالخوف من المرتفعات من مسافة تبلغ بضعة أمتار فقط، فما بالك إذا كان الشخص على ارتفاع حوالي 350 كيلومتراً فوق سطح الأرض، وهي المسافة الوسطية التي يكون عليها رواد الفضاء أثناء مهماتهم؟ أضف إلى ذلك أن رواد الفضاء يكونون متحركين بسرعات هائلة تبلغ حوالي 30 ألف كيلومتر في الساعة، ولكن رواد الفضاء لا يحسون بها بنفس الطريقة التي نحسها على الأرض، بسبب الفراغات الواسعة التي يكونون يتحركون ضمنها.
ومع ذلك فالحركة بهذه السرعة تحمل معها الشيء الكبير من المخاطر. وبعد ما تحدثنا عنه حول خطر أن يخسر رائد الفضاء اتصاله بالسفينة بطريقة ما، فإن هذا الخوف مفهوم، لاسيما إذا ما انقطع الحبل به. فهو سيدور عدداً قليلاً من الدورات حول الأرض، ثم ينفذ بعدها ما لديه من مخزون الأوكسجين ويموت اختناقاً ليبدأ جسده بالهبوط باتجاه سطح الأرض ببطء بحيث يستغرق ذلك عدة سنوات. وفي النهاية يصل لمرحلة يحترق جسده بالغلاف الجوي نتيجة احتكاكه به أثناء الهبوط.
مما سبق نفهم الآن سبب التدريب الشديد والاختيار المتأني للغاية لرواد الفضاء. فعملهم بحق يعد أحد أخطر الأعمال على وجه الأرض، أو في هذه الحالة، في الفضاء المحيط بها.
وفي المرة المقبلة التي تفكر فيها بالفضاء الجميل والشاسع، وبمدى المتعة التي يشعر بها رواد الفضاء أثناء طوفانهم ضمنه، فقط تذكر حجم المخاطر التي يواجهها رواد الفضاء في عملهم، والشجاعة المفرطة التي يتطلبها عملهم كي يقوموا بخدمة العلم والبشرية، وذلك من خلال تأدية مهامهم.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.