أهم الكتب المفضلة لمؤسسي أكبر شركات العالم وعادات القراءة لديهم

تتسلل خيوط الشمس إلى غرفتي عبر النافذة الصغيرة معلنة في الساعات الأولى من النهار حلول موعد ممارسة طقوس المطالعة وشعائرها. أفيق مفعمة بالفرح والأمل. أغتسل ثم أعد قهوتي التي ستشاركني متعة الانغماس في حياة أخرى ترسم ملامحها حيوات شخصيات الكتب. يتواصل هذا الماراثون كلما فازت الإرادة على النعاس وكلما انتصر حب الروايات والقصص والدواوين على الكسل والخمول. أقرأ أحد أهم الكتب المفضلة لي الملقاة فوق رفوف مكتبتي بينما تصلّي ماما. لكل منّا عاداته وطقوسه في القراءة وكتابه المفضلون.

لكنّ مقالنا هذه المرّة لن يحدثكم لا عن قراءات ماما ولا عن طقوسي في المطالعة بل سيحملكم على بساط الريح من شركة إلى أخرى لنتعرف معًا على عادات القراءة عند أصحابها وعن قائمات كتبهم المفضلة.

“ستيف جوبز” قارئ نهم ينفتح في قراءاته على مختلف أركان العالم وعلى مختلف المجالات والمواضيع وهذا ما جعلنا نستهل به مقالنا عن أهم الكتب المفضلة وعادات القراءة لمؤسسي أكبر شركات العالم.

يطالع “ستيف جوبز” الروايات ويبحر على شواطئ القصائد ويقرأ في التاريخ والعلوم والأديان.كان يلتهم كتب الفلسفة والسياسة والطب البديل وقد تأثر كثيرًا ب”1984” رائعة “جورج أورويل” حتى رأينا ومضة إشهارية لشركة “Apple” تتحدث عنها. حاولنا هنا أن نشارككم العناوين الأقرب إلى قلب “ستيف جوبز” لعلكم تقبلون عليها يومًا ما.

من بين الكتب التي أحب مؤسس شركة “Apple” مطالعتها والإبحار بين سطورها، إختار “Daniel Kottke” وهو صديق “ستيف جوبز” الذي كان يشاركه قراءاته وزميله في أولى فترات الجامعة رواية عالمية بعنوان “On the road – على الطريق” لصاحبها الكاتب الأمريكي “Jack Kerouac – جاك كرواك” وقال أنهما قد قرءاها وهما في طريقهما إلى الهند في رحلة جمعتهما كأنهما بذلك يراوحان بين طريق الرحلة وطريق القراءة.

تراوح هذه الرواية بين الحكايات الخيالية والسيرة الذاتية لجاك كرواك بما فيها من مغامرات جمعته بأصدقائه الذين أسسوا معًا حركة أدبية تدعى “جيل بيّت” تعنى بمواضيع جريئة كالجنس والمخدرات وتقطع مع أساليب السرد التقليدية.

كان جاك كرواك (1969.1922) كالكثير من الشباب الأمريكي في الفترة التي تلت الحرب والتي بنيت بعدها أمريكا جديدة وقوية يبحث عن هوية له وظهر ذلك مرارًا وتكرارًا في أعماله التي صور فيها عائلته في بورتريهات مختلفة ومتنوعة بدأها في أولى كتاباته “The Town and the City” وتواصلت في أعماله الأدبية الأخرى حتى وجدناه ينشر كتابًا على حادثة وفاة أخيه الذي ألبسه ثوب القديس في “Visions of Gerard”.

فضل رواد هذه الحركة هجر هذا المجتمع الإمبريالي البرجوازي وردع الإمعيّة والماديّة وقد وقع اختيار الإسم باعتبارهم محبين للسفر وللتحرر ومتأثرين بموسيقى الجاز وبإيقاعها المتوازن ومن بينهم نذكر إلى جانب كرواك “Allen Ginsberg” و”Charles Bukowski” و”William Burroughs”.

قراءات رجل الأعمال هذا متنوعة إلى حد لا يوصف، إذ تشمل الكتب العلمية والروايات والسير الذاتية والشعر وتضم أيضًا كتبًا عن الروحانيات والديانات.

ومن بين الكتب التي جمعت بين السيرة الذاتية لصاحبها وبين الروحانيات، نجد كتاب “Autobiography of a Yogi” أو “فلسفة الهند في سيرة يوجي” للمعلم والفيلسوف البنغالي “برمهنسا يوجا نندا” الذي سرد فيها أهم محطات إدراك الله والتقرب منه متحدثًا عن أهم الروحانيين الذين ساعدوه في مضيه في رحلة البحث هذه.

أحاط الكتاب بكل مراحل حياة هذا المعلم منذ الطفولة حتى زيارة أمريكا وتمثيل الهنديين في المؤتمر العالمي للمتدينين الأحرار سنة 1920 وقد تطرق إلى لقاء كاتبه بغاندي وبالمسرحي البنغالي روبندرونات طاغور.

تأثر المشرق والمغرب بكتاب “يوجا نندا” وبفلسفته التي تحث على التأمل في الحياة كوسيلة وحيدة للوصول إلى الحقيقة حتى قال “ستيف جوبز” أنه يعيد قراءة هذه التحفة الفلسفية كل عام وقد تجاوز هذا العمل الشركات وتكنولوجيا الاتصال ليمس فنانين كبار كـ”Elvis Presley” و”Dennis Weaver” و”Gary Wright” ويعتبر من أهم قراءاتهم.

لم تندرج هذه الرواية العالمية المترجمة للعربية عن دار المدى ضمن قائمة أفضل كتب طالعها “ستيف جوبز” فقط بل اندرجت أيضًا ضمن الأعمال الأدبية التي ينصح بقراءتها كل من “Barack Obama” و “Daniel Goleman”.

لا نعلم إن كانت “موبي ديك” رواية أثرت الأدب العالمي فحسب أم موسوعة وصفت بدقة شديدة تقنيات الصيد البحري ولكننا نجد فيها متى طالعناها حكاية يشبه بطلها الكاتب الذي امتهن صيد الحوت لمدة عامين (1842.1840) والذي أثّر فيه عالم البحار إلى أن جعل من جل أبطال رواياته بحارة وزوارق وحيتان.

قرأ “ستيف جوبز” هذه الرواية عدة مرات حتى قال أن بطلها كان من أعند شخصيات الأدب وأشدها اندفاعًا.

ننتقل من شركة “Apple” إلى شركة “SpaceX” وبعد إلقاء نظرة على عناوين أحبها وكتب عنها “ستيف جوبز”، نمر إلى كتب نصح بها “إيلون ماسك” معشر القرّاء، تتأرجح بين مختلف الأصناف الأدبية وتنال منها الروايات القسط الأكبر.

لن تصدق إن قلنا بأن ساعات المطالعة عند “إيلون ماسك” منذ مراهقته كانت تفوق الخمس يوميًا وقد تصل حتى العشر ساعات وكأن شمس نهاره لا تشرق مع شمس نهارنا وكأن ليله أقصر من ليالينا. فما هي يا ترى هذه الكتب وماذا قال عنها رئيس “تيسلا موتورز” السابق؟

كتب “إيلون ماسك” سنة 2017 تدوينة على منصة التويتر يقول فيها أن سلسلة “سيد الخواتم” لـ”جون رونالد تولكين” هي من أهم الكتب المفضلة التي قرأها وأنه يود أن يزور مع أطفاله موقع تصوير الفيلم المقتبس من الكتاب.

تطرقت “The Guardian” إلى هذه السلسلة الملحمية الخيالية ضمن الكتب الموجهة إلى الأطفال ونقلت رأي أحد قارئيها الذي قال إنه أحب هذا العالم الذي صنعه “تولكين” بكل تفاصيله وسحره ومعاركه.

“خاتم واحد ليحكمهم كلهم، خاتم واحد لإيجادهم كلهم. خاتم واحد لإحضارهم كلهم، وفي الظلام يقيدهم.” عن هذا الخاتم تتحدث السلسلة، إذ يرث شاب خاتمًا سحريًا يعتبر مرادفًا للسلطة والقوة والعظمة. يخول هذا الخاتم لسيد الظلام متى افتكه السيطرة على الأرض الوسطى والتحكم في سكانها والجلوس على عرشها.

ومن هنا تبدأ القصة حيث يحاول الشاب وأصدقاؤه إنقاذ العالم من شرور سيد الظلام ويهبون في رحلة تدمير الخاتم فتتهاطل عليهم المتاعب والأزمات. تتواصل المعارك في الجزءين الثاني والثالث وتبددهما أحيانًا لحظات الصداقات والألفة المكتوبة بأسلوب شيق وجميل.

بلغة سهلة وواضحة، توجه آدم سميث للسياسيين في كتابه “ثورة الأمم” ونادى بإنهاء تدخلهم في التجارة والسوق أي نادى بإرساء نظام رأسمالي تحت شاكلة الأسواق والمبادلات الحرة كما حاول تصحيح فكرة الثروة المتصلة بكمية الذهب والفضة في خزائن الدولة التي كان السياسيون يتبنونها قائلًا أن:

تأثر كثيرون بهذا الكتاب نذكر منهم “David Ricardo” و “Thomas Malthus” و”Ludwig von Mises”. إلى جانب “إيلون ماسك” الذي أشاد بهذا الكتاب العظيم في تاريخ الاقتصاد، نجده من بين الكتب التي جعلت من “Margaret Thatcher” السيدة الحديدية التي عرفناها كوزيرة أولى سابقة في بريطانيا.

يعتبر بنجامين فرانكلين السياسي والكاتب أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية وقد أقر ذلك “إيلون ماسك” مرارًا وتكرارًا قائلًا مرة في “Business insider” إنه أحد أبطاله ومجيبًا في إحدى محاوراته مع مقدم البرامج “Kevin Rose” أن فرانكلين إحدى أكثر الشخصيات التي يقتدي بها.

كتب هذه السيرة الذاتية لبنجامين فرانكلين “والتر إيزاكسون” وهو رئيس سابق لشبكة سي إن إن تميز بكتابته لسير ذاتية كثيرة من بينها السيرة الذاتية لـ”ستيف جوبز” والتي اندرجت ضمن قائمة الكتب التي ينصح بقراءتها “إيلون ماسك” والسيرة الذاتية لألبيرت أينشتاين.

اقرأ أيضًا:

بينما نقضي ساعات طويلة يوميًا في الانتقال من صفحة فيسبوك إلى أخرى دون أن ننتفع بشيء يذكر، ينتقل صاحب هذه المنصة بين الكتب فيطالعها وينتفع بها مستثمرًا ساعات يومه في القراءة وتطوير الذات وقد حاول مشاركة متابعيه على الفيسبوك حبه للكتب من خلال نادي قراءة بدأه سنة 2015 على صفحته الرسمية.

كان “زوكربيرغ” يقرأ على الأقل كتابًا كل أسبوعين حتى سنة 2015 حين قرر أن يتحدى نفسه ويحاول قراءة كتاب كل أسبوع فقام بإنشاء صفحة على فيسبوك، وأخذ ينزل فيها أهم الكتب المفضلة التي كان بصدد قراءتها.

لم تكن في بداية الأمر “مقدمة ابن خلدون” عملًا منفصلًا بذاته بل كانت كما يشير إلى ذلك عنوانها مقدمة لـ “كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر” ولكن جمعها لمجالات فكرية عديدة ومتنوعة وطرحها لمواضيع شتى أخرجها من سياقها العام وجعلها عملًا متكاملًا ترجم إلى الإنجليزية يومًا ما فطالعه شاب من أكبر المؤثرين في العالم ونصح بقراءته.

تحدث ابن خلدون في “المقدمة” عن الشريعة والتاريخ والعمران وقد بوب أفكاره وأطروحاته في ستة أبواب عنونها كالآتي:

في كتابه لماذا تفشل الأمم يحاول عالم الاقتصاد وعالم السياسة الإجابة عن السؤال الذي حل محل العنوان وهو:

وقد عملا على تدعيم الأطروحة الكلاسيكية القائلة بأن المؤسسات الاقتصادية والسياسية التي وضعها الإنسان هي المحدد الوحيد للتنمة الاقتصادية أو للفقر والتدين.

استنادًا في ذلك على تجارب دول وشعوب كثيرة من بينها كوريا التي بالرغم من وحدة شعبها وتجانسه يبقى شمالها فقيرًا بينما ينجح جنوبها في تحقيق منوال تنموي متجدد وبديع يحميها من التهميش والفقر.

بينما أعجب صاحب فيسبوك بكتاب “لماذا تفشل الأمم: أصول السلطة والازدهار والفقر” وجده “بيل غيتس”، أثرًا أدبيًا مملًا وبسيطًا كان ينتظر منه الكثير..

تتحرك كفتا ميزان القوى يمينًا ويسارًا، غربًا وشرقًا فتتحول القوى العظمى إلى دول راضخة لقوى أخرى تصغرها حجمًا في غضون فترات زمنية وجيزة ويهدد الضعيف صاحب السلطة القوي متى بدأ يضعف.

عن هذه التغيرات وعن محدداتها وعن الصراعات بين أقطاب كبرى وأقطاب صغرى، يتحدث المدير التنفيذي السابق للبنك الدولي “موسى نعيم” مشيرًا أساسًا إلى فكرة عدم استقرار القوى اليوم وعدم مركزيتها ومتطرقًا كذلك إلى التغيرات على مستوى الأنظمة السياسية والاقتصادية وحتى الدينية.

إختار “مارك زوكربيرغ” كتاب نهاية عصر القوة في الثاني من يناير سنة 2015 ليعلن به بداية سنة مطالعة جديدة ضمن نادي القراءة الذي أطلقه على صفحته.

إلى جانب هؤلاء، لا يمكن أن نذكر الكتب والمطالعة دون ذكر “بيل غيتس” وقوائم كتبه المفضلة التي أهديناكم واحدة منها. تتعلق هذه القائمة التي كانت موضوع مقالنا السابق بالكتب التي نصحكم بها هذا العبقري في هذه الصائفة والتي شملت عنوانين مهمة نال أغلبها جوائز كبيرة.

الخاتمة: لم أكن أعلم وأنا بصدد كتابة هذا المقال عن أهم الكتب المفضلة وعادات القراءة لمؤسسي أكبر شركات العالم، أن كل هؤلاء الأثرياء الذين نالوا من المال والعلم الكثير ما زالوا يفتحون الكتب الورقية، ويعالجون مواضيعها ويقضون ساعات في مراجعتها ومشاركتها مع متابعيهم، بينما لا نقرأ نحن إلّا بضع روايات كلاسيكية طيلة أشهر وهذا يعود لغياب ثقافة المطالعة في مجتمعاتنا التي ظلت تنظر إلى القارئ في محطة القطار أو في الحدائق العمومية ومقرّات العمل نظرة تعجب واستغراب.