تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

هل نستطيع التحكم في الأعصاب عن طريق الضوء…؟ يبدو أنه ممكن!

هل نستطيع التحكم في الأعصاب عن طريق الضوء...؟ يبدو أنه ممكن!
أراجيك
أراجيك

3 د

العلم دائمًا ما يفاجئنا بالكثير والكثير كل يوم، ومؤخرًا ظهر أحد الفروع العلمية الجديدة على السطح، ليقوم بإحداث ثورة عارمة في كل المجالات العلمية والفروع الأخرى على مستوى العالم كله. ذلك العلم متخصص في المزج بين الضوء من جهة، والجينات من جهة أخرى، ليكون اسمه في النهاية (علم الجينات الضوئية – Optogenetics)، وينطوي هذا الفرع المميز من علم الأحياء على التحكم في الخلايا عن طريق البروتينات الناتجة عن ترتيب الجينات بطريقة معينة والتي تستشعر الضوء، وبالتبعية إمكانية تشغيل الخلية المعينة بالأمر المعين في الوقت المعين، أو إغلاقها تمامًا. وبهذا تمكن العلماء من عمل أشياء عجزت الإنسانية أمامها تحقيقها لسنين طويلة؛ حتى أنهم تمكنوا من إعادة البصر لأحد المكفوفين جزئيًّا!

فلما لا نتعرف على هذا العلم وآخر التعقيبات العلمية عليه من المتخصصين في مختلف العلوم المنتمية إليه؟


هذا الجزئيء هو مستشعر الضوء الذي احتجناه.

هكذا قال العالم Zhuo-Hua Pan الذي قضى سنين عمره في البحث عن وسيلة للتحكم في قرنية الفئران.

هل نستطيع التحكم في الأعصاب عن طريق الضوء...؟ يبدو أنه ممكن!

وفي اقتباسه المثير للاهتمام بشدة، أشار إلى جزيء البروتين الذي يغلف خلايا طحلب Chlamydomonas reinhardtii الشهير. وهو أحد الطحالب التي تستطيع أن تستشعر الضوء، وبالتبعية تقوم بعمليات مبرمجة في الحمض النووي خصيصًا لتكون استجابات ثابتة لهبوط الضوء على أسطح الخلايا. فكرة استقبال الضوء وتفعيله لشيء معين بموجب برمجة خلوية؛ أثارت انتباه العلماء لسنين طويلة منذ أن تم اكتشاف الأمر لأول مرة في 2002؛ وخصوصًا علماء الأعصاب والدماغ. فكر العلماء في إمكانية التحكم في الخلايا العصبية عن طريق ذلك البروتين، وأمرها بالقيام بأشياء لن تقوم بها في الوضع الطبيعي. فمثلًا إذا لم ترد الخلايا العصبية معالجة الضوء (والشخص في هذه الحالة كفيف)، فبالإمكان إجبار تلك الخلايا على معالجة الضوء؛ وهذا ما نجح فيه العلماء بالفعل في تجربة ثورية استطاعوا فيها إعادة البصر جزئيًّا إلى أحد المكفوفين في مايو 2021.

الفكرة كلها تنطوي على أخذ الجين المسؤول عن تكوين البروتين القادر على استشعار الضوء من الطحلب سابق الذكر، وإدخاله في الجينوم الخاص بالخلية العصبية، مما يدفعها لتخليقه عن طريق ترجمة الحمض النووي بالآلية المعتادة، وفي النهاية سوف يغطي سطحها؛ مثل الطحلب بالضبط. وهذا ما حدث فعلًا، وظهرت النتائج رسميًّا في أكثر من تجربة.

هل نستطيع التحكم في الأعصاب عن طريق الضوء...؟ يبدو أنه ممكن!

استطاع العلماء باستخدام ذلك الاكتشاف المبهر في أن يُجبروا الفئران على القيام بأشياء لن تفعلها وهي في حالة هدوء؛ أن تتعارك مع بعضها البعض مثلًا. بل أيضًا تحفيزها على التكاثر، وأيضًا الأكل في الأوقات التي لا تريد فيها الأكل من الأساس. القدرة الحقيقية للبروتينات المستجيبة للضوء تجعل من السهل التحكم في خلايا كثيرة للبشر من الشائع عنها أنها ترفض القيام بالأوامر المعينة بسبب خلل بيولوجي معين؛ وهذا بدوره يفتح الباب أمام معجزات طبية لا حصر لها.

ذو صلة

الجدير بالذكر أن أولى “النبضات العصبية” المحفزة تم اكتشافها لأول مرة في 2004 على يد العالم Ed Boyden بجامعة ستانفورد العريقة. كان إد في معمله بأحد الأيام، ويتابع مجموعة من الخلايا العصبية المنتجة لبروتين مستشعر للضوء باسم channelrhodopsin-2. والمثير للدهشة في الأمر هو أنه بمجرد أن سلط العالم الضوء الأزرق على الخلايا، استجابت واحدة وأطلقت نبضة عصبية. لاحقًا سرد العالم كافة تفاصيل تجربته في ورقة بحثية كاملة بالإمكان مطالعتها من هنا، وبعد نشرها في 2011، فُتِحَ باب العمل على مجال الجينات الضوئية بشدة، وصار من العلوم التي لم تعد تجريبية، وأصبحت هي العِماد الرئيس للعديد من الاكشافات الطبية الحديثة لمختلف الأمراض والعيوب الخلقية التي استعصت على البشرية لسنين طويلة.

إن العلم رائع، كل يوم يقدم المزيد، ومع كل لحظة يتطور!

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة