تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

رغم أن الكثيرين لا يعتقدون بأهميتها: لماذا يجب أن تقرأ الروايات والقصص؟

أهمية قراءة الكتب الروائية
كريمة إبراهيم
كريمة إبراهيم

5 د

كثير من القراء لا يعتقدون بدور أو أهمية قراءة الكتب الروائية والأدبية، أو الكتب التي تتناول حكاية أو قصة ما، ويعتبرونها أقل أهمية قياساً للكتب العلمية أو التاريخية، ويعتقدون أن الأشخاص ذوي الميول الروائية -إن صح التعبير- هم عاطفيون ولا يميلون للتفكير الناقد المبني على أسس عقلانية بحتة، لا مجال للقلب أو الشعور فيها.

خاصة أن الرواية الشائعة في نظرهم هي الرواية الرومانسية، وهذا بالطبع تصنيف خاص بالمراهقين -من وجهة نظرهم- لكن تلك الفكرة مغلوطة تماماً؛ لأن الإنسان ما هو إلا حكاية ثمينة تستحق أن تحكى وتخلد بين السطور، وجميع الكتب الروائية هي حكايات عن هذا الإنسان ومخاوفه وتجاربه وأفكاره وانهزاماته.


أهمية قراءة الكتب الروائية

Why Reading Novels is Important - لماذا يجب أن تقرأ الروايات

كثير من القراء لا يعتقدون بها، فلماذا يجب أن تقرأ الروايات والقصص؟

وإليكم أعزائي القراء الكثير عن سحر الكتب الروائية:


الخيال

في مقال نشرته مجلة نيويورك تايمز بعنوان: دماغك في الخيال، قُدمت عدة أبحاث تم إجراؤها على الدماغ أثناء وصف وتخيل روائح وأشكال أشياء معينة، وكان ملخص المقال في هذه الجملة: “الخيال هو فرصة لمعايشة أفكار الآخرين ومشاعرهم”، والروايات تتيح لنا فرصة التعاطف مع الآخرين ورؤية الأشياء بأعينهم.

وبدورنا يجب أن نسأل: هل تحكي لنا الكتب الروائية عن الواقع أم تعطينا الخيال؟، تلك هي عبقرية الروايات؛ لأنها تذيب الخيال في الواقع وتضمهما معاً في رباط سحري، وما يميزنا عن الحيوانات -إضافة لعقولنا- هو قدرتنا على التخيل، والدماغ لا يفرق بين الواقع أو الخيال، لأنه يختبر نفس المشاعر في كل منهما، الخيال قوة: فلو تخيلنا قدرتنا على تحقيق العدالة والسلام والحب، فسنعمل على ذلك حتماً، لو تخيلنا فسنعيش.


الذاكرة

تلقننا الروايات درساً في فن العيش داخل الذاكرة، واستنباط المشاعر والحكايات وإعطائهما المعنى والتاريخ، حتى لو قامتا بتحطيم قلوبنا في يوم ما بكل بساطة، وهذا في غاية الأهمية، خاصة للشعوب التي تعاني من فقدان الذاكرة مثلنا، فننسى انتصاراتنا وأفراحنا وهزائمنا، إلى أن نتجرد شيئاً فشيئاً من التاريخ ونصبح بلا هوية، وبالتالي بلا حاضر أو مستقبل.

من الروايات نتعلم توثيق الأحداث في قصص، والمميز في الروايات عن الكتب التاريخية في تلك النقطة: أننا في الروايات نحكي مشاعر الآخرين كذلك وتجاربهم إضافة لما مروا به من حروب ومجاعات وآلام، وكل رواية هي ذكرى لأناس عاشوا ثم ماتوا وتركوا لنا حكاياتهم.


الشجاعة

رغم أن الروايات ليست حية، إلا أنها عبرت بشجاعة عن صرخات البشر والمهمشين وآلامهم، دون اكتراث لأي شيء، كذلك فإن لديها قدرة عجيبة على قرع الأجراس في أوجه السكارى وهدم قناعات الحالمين غير الحافلين بما يدور من حولهم، فكم من إنسان غيرته رواية، وكم من حالم صفعه كتاب ما على وجهه وأيقظه، وجعله يهبط للواقع ويخرج من قوقعته وعالمه الخاص ليختلط بالبشر ويعايشهم، ويكون خيطاً من نسيجهم؟ ويتخلص بالتالي من لعنة الأنا ويتحدث بصيغة الجمع (نحن)، ليعبر عن هوية عالم كبير هو جزء منه.

أهمية قراءة الكتب الروائية

كثير من القراء لا يعتقدون بدور أو أهمية قراءة الكتب الروائية وسحرها.

السلام والتعايش

دائماً ما يمتزج الخيال في الواقع ويتجاور اليأس والأمل في حكاية واحدة، وكل تلك الاختلافات هي ما تصنع الحكاية الجميلة، فلا يوجد خير مطلق أو شر مطلق كما نعتقد نحن البشر، الإنسان مزيج متميز من كليهما، وكل المشاعر في الرواية تتجاور في سلام، وهذه مفارقة لن تنتهي سواء في عالم البشر أو في عالم الكتب، وهذا ما يجب أن نتعلمه نحن البشر، كي نحترم جميع الاختلافات والعقائد والأفكار، حتى تولد السكينة بيننا في سلام.


الإبداع

تعلمنا الروايات كذلك فن الخيمياء -وهو ببساطة تحويل المعادن غير الثمينة إلى ذهب- حيث إننا نتمكن بشكل كبير من تحويل القصص المؤلمة، وحكايات الحروب والدمار والفقر والخوف والهشاشة، إلى سبيكة إبداعية تتخللها المشاعر وتصنعها الكلمات على الورق، إلى سطور من ذهب!

وهو ما لا يتوفر في الكتب السياسية أو العلمية أو التاريخية، أو أي كتب عقلانية بحتة كما يزعم بعض القراء، لأن الأحداث تروى فيها كما حصلت بالضبط، تروى بشكل جاف وبتواريخ وفقرات ممنهجة ومدروسة من قبل أساتذة جامعيين ومتخصصين، دون إضافة مجال للإبداع في السرد والحكي.


تنمية اللغة

بالطبع، مع الاستمرار في القراءة بشكل عام ستكتسب حصيلة لغوية جيدة، لكن قراءة الروايات بالتحديد ستكسبك ألفاظاً معبرة بشكل أكبر عن الحياة والمشاعر والنفس البشرية، ليست ألفاظاً أكاديمية جامدة توحي أن الإنسان مجرد رقم في شبكة من الحسابات الرياضية والإحصاءات.

ستتعلق بكلام جبران في الأرواح المتمردة وستتعجب من تعبيراته البليغة والدقيقة والفلسفية، فلقد كان رساماً، لذلك ستراه يكتب لوحة أو يرسم نصاً، ويتأمل عميقاً في كليهما، أو ربما ستشعر بالحماس ومتعة الاستكشاف أثناء صحبة الراعي الشاب سانتياغو في رحلته التي حكاها باولو كويلو في كتابه: الخيميائي، أو ستتعرف مرادفاتٍ جديدة للبؤس والفقر والظلم والحرمان، كما وصف تلك المعاني الشاب راسكولنيكوف، في الجريمة والعقاب.

اقرأ أيضًا:

الكتب الرديئة في مدينة القرّاء: من هيبتا إلى أرض السافلين جرائم ورقيَّة لا تُغتَفَر

أهمية قراءة الكتب الروائية

تلقننا الروايات درساً في فن العيش داخل الذاكرة.

كان هذا أعزائي القراء نقطة في بحر واسع عن الكتب الروائية، فهذه هي الروايات: الخيال والذاكرة والشجاعة والتعايش والإبداع وتنمية اللغة، بل و أكثر، إنها الوسيلة الحتمية لإعادة الروح لكل ما تلبسه وهم الجمود والجفاف.

وأتمنى ألا يفهم كلامي وكأنه هجوم أو استنكار على قراء الكتب السياسية أو العلمية أو التاريخية أو الكتب الأكاديمية بشكل عام، لأن الرواية ببساطة متعددة الأنواع ويمكن أن تشمل تلك التصنيفات وأكثر بكثير.

ذو صلة

المغزى هو التعريف بالكتب الروائية وأهميتها العظيمة في تهذيب النفس وصقل اللغة وتنشيط القدرة على التخيل وغيره مما ذكرت، والقارئ الحقيقي يجب أن يدرك أهمية كل تصنيف ونوع أدبي مهما كان لا يميل إليه، ولا يجب أن يسخر من نوع ما ومن قرائه، فالإنسان لا يعيش ضمن جانب واحد من الحياة ولا يتعامل بالعقل فقط، بل هناك مساحة ليفرض القلب هيمنته في بعض الأحيان.

والخلاصة أن كل إنسان بطل لحكاية ما مهما بدت ومهما كانت، ولا يمكن التعرف على هذا الإنسان إلا إذا أمسك قلمه، وبدأ بنسج روايته الخاصة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة