بعيدًا عن سينما هوليوود: نقدم لك قائمة من الأفلام العالمية بفيلم من كل بلد

دائمًا ما يتجه نظر المشاهدين صوب سينما هوليوود إذا ما أرادوا البحث عن فيلم ما لقضاء سهرة سينمائية لطيفة ربما يحدث ذلك بحكم الجماهيرية الشعبية لفنانين هوليوود إضافة الى حجم الإنتاج الضخم في صناعة السينما، بينما على النقيض تمامًا هنالك أفلام بميزانية محدودة وبنجوم أقل شهرة يصنعون أفلامًا في نهاية المطاف تترشح إلى الأوسكار بل وتفوز بها، الأفلام العالمية التي تعرفك على الثقافات المختلفة وتجعلك تسير وراءها من أجل استكشاف المزيد. في تلك المقالة سنصحبكم إلى عوالم سينمائية اخرى نستعرض فيها أفلامًا من خارج هوليوود، ويمكننا القول بتعبير أكثر طلاقة أننا سنقدم من كل بلد فيلمًا لنتعرف أكثر على صناع السينما في العالم، أفلام غنية ودسمة بلغة السينما من بينهم الإسباني والألماني والبرازيلي والبولندي وغيرهم.

حكايات برية فيلم أرجنتيني من إنتاج عام 2014 فيلم درامي يتمحور حول صراع النفس البشرية بين الوعيد والانتقام. يتكون الفيلم من 6 قصص مختلفة ومتفرقة، تعيش مع تفاصيل كل قصة دون لحظة ملل وبسرد قصصي يضيف لمستي الإبداع والتشويق.

بالطبع أنت لا تعيش بداية كل شخصية على الصعيد الدرامي نظرًا لفكرة الفيلم نفسه هو يريد أن يخبرك الحكاية كما هي لنتعرف على النفس البشرية ودوافعها 6 قصص جميعهم يكملون بعضهم البعض رغم اختلاف القصة ولكن يظل الجوهر واحد.

الانتقام سيد الموقف ببساطة تلك هي المسألة، بين رجل يقرر أن يجمع كل من أذاه على متن طائرة واحدة للتخلص منهم بما فيهم هو، وبين فتاة تتملكها الخوف من فكرة الانتقام من سياسي فاسد دمر حياة عائلتها ولكن زميلتها العجوز في العمل تحثها على ذلك. وعلى نفس النهج تسير باقي القصص بتشويق زائد وحبكات ممتازة فالأحداث تغوص بك داخل أعماق النفس البشرية، حكايات بعد نهايتها تتمنى أن تفقد ذاكرتك لتعيد مشاهدتها مرة أخرى دون أي مبالغة.

فاز الفيلم بجائزة البافتا لأفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية البافتا هي (جوائز الأكاديمية البريطانية للأفلام) وفاز بجائزة جويا من قبل الاكاديمية الإسبانية للفنون والعلوم السينمائية كما أنه ترشح لجائزتي الأوسكار لأفضل فيلم وجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي وهو من أشهر الأفلام العالمية التي يجب عليك مشاهدتها.

فيلم بولندي يمكننا اعتباره المدخل الرئيسي للسينما البولندية وللمخرج، كرزيستوف كيسلوفسكي فيلم تشعر أثناء مشاهدته وكانك ترى بولندا في الحرب العالمية الثانية، جو عام يشعرك بالغربة والسخط ما بين الرياح والدماء والزي العسكري. عيون أبطال العمل تصبح عيوننا في معظم الأحيان، فنرى ما يرونه ونلمح ملامحهم عن قرب، لغة سينمائية فريدة ممتدة على مدار الفيلم وواقعية ممثلة في تصوير حي للمباني والشوارع.

ثلاثة رجال كل منهم يختلف عن الآخر اختلافًا يبدو جوهريًا لكنه وبمرور الوقت يصبحوا أقرب تماثلًا وتشابكًا مذ أن يجمعهم الخيط الدرامي وحتى النهاية، جاك الشاب الذي يبين لنا منذ اللحظة الأولى أنه ذو دوافع إجرامية وأغلب الوقت تشعر معه أنك لست مرتاحًا، وعلى نفس النهج العدواني أو إن جاز التعبير فجاك وسائق التاكسي -الذي يتلذذ هو الآخر بوضع الناس في ورطة وبترويع الكلاب- هما الوجه القبيح للحياة، وبعد تسلسل بديع يتقابلان لتظهر جريمة القتل الوحيدة والتي لم تكن سهلة أبدًا.

بالتوازي مع الأحداث يظهر بيوتر المحامي الشاب الذي بقدر ما يحمله من أعباء الحياة بقدر ما يبحث عن الحب والسعادة ولكن دائمًا ما يطرح التساؤلات وأبرز ما طرحه كان تعقيبه عن قانون العقوبات ومآلات ذلك على المجتمع خصوصًا عقوبات الإعدام. يتشابك أبطال الفيلم الثلاثة بتسلسل خرافي وبقطع متوازي للشخصيات لا مثيل له، القتل الذي تكتشتف أنه ليس كله دماء فهنالك قتل دون موت، يمكنك أن تستنبط ذلك من المشاهدة، عقدة درامية تنحل بسهولة مخلفة وراءها الكثير من الاستفسارات والإجابات.

لعب الفيلم دورًا كبيرًا في إلغاء عقوبة الإعدام في القانون البولندي بعد عرضه، حصد فيلمنا هذا من الأفلام العالمية العديد من الجوائز منها أفضل فيلم في جائزة الفيلم الأوروبي، جائزة مهرجان روبرت لأفضل فيلم أجنبي.

مدينة الرب فيلم جريمة برازيلي تم إنتاجه عام 2002 تدور أحداثه في حي بعيد عن ريو دي جانيرو، كان هدف الحي أن يصبح مأوى للفقراء وسببًا لإعانتهم ولكن كلما ازداد الفقر زاد الطغيان. حي مدينة الرب أصبح بؤرة إجرام متحركة لا تتوقف فيها الدماء أو الأسلحة أو المخدارت.

بين روكيت الولد الصغير الذي يحكي لنا القصة بلسانه ويصورها لنا بعيونه مستقبلًا كمصور، وبين ليل زي القاتل المجنون الذي يحلم بالاستيلاء على حي مدينة الرب لتكن له الكلمة الأولى والأخيرة ولكن لم تكن قصته بهذه السهولة. وهم السيطرة أو التحكم ملازمة لكل شخصية تقريبًا، الجميع يظن أنه انتصر ولكنه في الحقيقة يكتب نهاية لقصته.

الفيلم من الأفلام العالمية في طياته الكثير الصراعات النفسية والإجرامية وفيه من المتعة التي لم تكن متوقعة أبدًا أن تخرج من فيلم ينتمي الى السينما البرازيلية، دائرة انتقام مستمرة تختلف فيها موازين القوى بين العصابات بعضها وبينها وبين الشرطة، بناء درامي وتسلسل للأحداث في محله مع قصص درامية واجتماعية تجعل الفيلم أحد أهم أفلام الألفية وفي النهاية ستكتشف أن الأحداث التي رأيتها لم يكن مبالغًا فيها أبدًا فهي مبنية على قصة حقيقية لحياة المصور ويلسون رودريغيز.

تم ترشيح الفيلم لعديد من جوائز الأوسكار منها أفضل مخرج وأفضل سيناريو مقتبس وأفضل تصوير سينمائي، كما أنه دخل القائمة الطويلة لترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية، وحصد الفيلم جائزة الأكاديمية البريطانية للأفلام أفضل مؤلف.

فيلم ألماني خرج للنور عام ٢٠٠٦ يحكي عن قصة حياة كاتب ومؤلف مسرحي يرفض سياسات ألمانيا الشرقية الاشتراكية ويدس معانيه المعادية للدولة (في الفترة ما قبل سقوط جدار برلين) من خلال مسرحياته وحواراته لتبدأ بعدها رحلة مراقبته من خلال ضابط يعمل في الاستخبارات يكتب تقارير يومية عنه للقادة.

بمرور الوقت يتأثر الضابط بحياة الكاتب بكل ما فيها حتى بعلاقاته الحميمة، ومع تقلب حياة الكاتب الكبيرة إضافة إلى أفكاره بدأ الضابط يقتنع رويدًا رويدًا ويتعاطف معه لدرجة تجعله يرسل تقارير غير سليمة إلى القادة مخفيًا دلائل إدانته.

من هنا يطرأ تغييرات كبيرة على حياة كل من الكاتب والضابط والصورة التي كانت بعيدة كل البعد أصبحت أقرب الآن، بين كاتب محاط بالحب والورود في كل مكان لكاتب لا يقوى الكتابة، وبين ضابط لا يحبه الأطفال ولا يحاوطه سوى حيطان الأبنية أصبح أكثر تأثرًا بالكاتب وبأفكاره حتى يلقى مصيره بالفصل من العمل.

الفيلم يشبه الحرب الباردة في كل شيء حتى في قصص الشخصيات وتقلباتهم، ونهاية الفيلم ملمحة أخرى نرى فيها وجهي ألمانيا في صراع السياسة والفن. حاز الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2006 وفاز بجائزة الجولدن غلوب كما نال جائزة سيزار وجائزة الاكاديمية البريطانية للأفلام لأفضل فيلم بلغة أجنبية وهو من الأفلام العالمية التي لا تفوت.

الفيلم الكوري الغني عن التعريف الصادر عام 2019 وواحد من أشهر الأفلام العالمية والذي حصد العديد من الجوائز التي يصعب حصرها فهو الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي وحصد أوسكار أفضل سيناريو مقتبس كما فاز مخرج الفيلم بالأوسكار هو الآخر، وحصد الفيلم جائزة الجولدن غلوب.

لا يمكن أن نتطرق لتفصيل الفيلم جملة واحدة لأنه أحد أكثر الأفلام الغنية على جميع المستويات البصرية والحوارية والتمثيلية، فلدينا أسرة فقيرة من 4 أفراد جميعهم عاطلين عن العمل ولكن فجأة يلجأ الابن إلى حيلة تمكنه من أن يصبح معلمًا داخل أحد أكثر البيوت ثراءً في المدينة ومن ثم بحيل أخرى يدخل باقي أسرته كعمال في هذا المنزل ومن هنا تنسال عليك الأفكار والقصص والحوارات بشكل يغذي عقل المشاهد قبل بصره.

بداية من اسم الفيلم تشعر أن ثمة شيء مختلف بالقصة ليس فقط عقد مقارنات بين الغنى والفقر وإنما يحمل بجملة واحدة الكثير من المعاني، لا يمكن أن نغفل أيضًا دور الموسيقى التصويرية التي كانت ملائمة تمامًا مع تصاعد الأحداث، وخاصية القطع المتوازي التي تبين لك جوهر حياة كل عائلة فالمطر الذي يسمح لك باللعب تحته في فناء واسع طليق، يمكن أن يغرق بيت أحدهم في حي آخر مختلطًا بمياه الصرف.

لا يخلو الفيلم من الرمزيات مثل النوافذ وما الذي يمكن أن تراه كل عائلة حين تفتح النافذة طلبًا للشمس والرياح خضرة وورد في جانب وعفن وغبار في جانب آخر، الفيلم الناطق باللغة الكورية فيلم لا يمكن تفويته على أي حال، بل على الأقل يمكنك أن تشاهده عدة مرات لتستطيع تحليل كل ما ترى.

فيلم لبناني المنشأ والفكرة، يقوم صانعو العمل بتصوير الواقع هكذا وببساطة شديدة، الواقع الذي لا يمكن تحمله، زين الطفل الذي نراه في بداية الفيلم يوضع داخل أحد مؤسسات الأحداث نتيجة لارتكابه جريمة قتل ومن ثم نكتشف أيضًا أنه صاحب دعوة قضائية في المحمكة متهمًا أباه وأمه بتهمة إنجابه الى الحياة!

ثقل الفيلم في سوداويته وواقعه المرير أربك المشاهد العربي خصوصًا ومثل له صدمة من أن يرى واقعه الذي يعيشه أمامه على التلفاز، الواقع الذي ربما يتجاهله عمدًا في دروب الحياة، التصوير الحي للشوارع دون ديكور يذكر مع كاميرا حرة محمولة أغلب الأوقات أنتجت فيلمًا بصريًا واقعيًا مستفزًا للجانب الإنساني ضف إلى ذلك طاقمًا تمثيليًا لم يقف أمام كاميرا قط بل إنهم أناس عاديون قرروا إبراز واقعهم اليومي في فيلم ربما يشبه الأفلام الوثائقية فيجوز لنا القول إنهم لم يتكبدوا عناء التمثيل هم فقط يمارسون حياتهم الطبيعية ولكن هنالك من قرر تصويرها.

تسير أحداث الفيلم مع زين الذي نرى حياته عن قرب بكل تفاصيلها حتى في الألفاظ التي تم استخدامها فالحوارات كانت واقعية تمامًا رغم فجاجتها في بعض الأحيان بالنسبة لبعض المشاهدين، بالتوازي مع زين تظهر رحيل التي تعاني من التهجير ويتقابلان في المعاناة، نحن أمام واحد من أهم العربية ولكن لا ينصح بمشاهدته إذا كنت تعاني من نوبة اكتئاب أو حزن موسمي.

فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة السعفة الذهبية، وجائزة أماندا لأفضل فيلم روائي طويل، كما تم ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية في حفل توزيع جوائز الأوسكار الحادي والتسعون، ولقى الفيلم إشادة كبيرة في مهرجان كان السينمائي.

فيلم إسباني درامي فلسفي يحكي عن قصة حقيقية لرامون سامبيدرو البحار والكاتب المصاب بشلل رباعي جعله طريح الفراش ولأكثر من ربع قرن طالما طالب بحقه في القتل الرحيم الذي كانت تجرمه إسبانيا وقتها -لكن في الوقت الحالي تم تشريعه لتصبح رابع بلد في أوروبا تقر بشرعية القتل الرحيم- وكان للفيلم المبني على قصة حقيقة دور في ذلك القرار، فرامون وقتها كان يرى أن حياته لا تستحق العيش وأنه من حقه إنهاء عذاباته تلك.

ومن هنا ندخل في صراعات حوارية بين رامون -يلعب دوره خافيير بارديم- الذي يطلب رحمته في أن يموت وبين عائلته التي تحاول إقناعه بالحياة، فأصبحنا أمام سجالين أولهما الدفاع عن الحياة بحق الموت الرحيم وثانيهم أن القتل يظل قتلًا مهما كانت تسميته وأنه وصمة عار في جبين كل من يشارك فيه.

تأخذنا رحلة رامون معاها تصاعديًا في البناء، مع موسيقى تصويرية مبهرة تضفي لمسة إبداع مع التصوير البصري وبين صراع المحامية التي تحاول مساعدته في التخلص من حياته وبين امرأة قريته التي تحاول إقناعه بأنه على هذه الأرض ما يستحق الحياة كما قال الشاعر محمود درويش.

واحد من الأفلام التي لن تنسى فيها أداء ممثلينه خصوصًا خافيير بارديم، أداء لا يمكنك تصور مدى عبقريتة، أداء استثنائي من نوع أخر، صدق في المشاعر والتعابير مع حوار مميز للغاية أخرج لنا فيلمًا ممتازًا، فيلم يبحث عن معنى الحياة الفلسفي.

فاز الفيلم بالأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، كما فاز خافيير بارديم بجائزة الفيلم الأوروبي لأفضل ممثل، وحصد المخرج اليخاندرو جائزة الفيلم الأوروبي لأفضل مخرج، إنه فيلم لا يمكن تفويت مشاهدته بأي حال.

بالطبع لا يمكن أن نستعرض جميع الأفلام السينيمائية من كل بلد، بل أن بعض البلاد لديها العديد من الأفلام العالمية التي يجب أن تشاهدها ولكنها كانت محاولة بسيطة في حصر عدد من تلك الأفلام، وما زال أمامنا ثقافات مختلفة من بلاد أخرى تتكلم بلغة السينما أي بلغة الأفلام، الآن أنت بين يديك قائمة متنوعة لا تفوت مشاهدتها بل وعليك ضمها إلى مكتبتك السينمائية لاسترجاع مشاهدتها في وقت لاحق.