تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

كيف اختلفت شعبية “A Haunting in Venice” ما بين السينما والكتب؟

A Haunting in Venice arageek art articles
ساندي ليلى
ساندي ليلى

13 د

تتربع أغاثا كريستي على عرش قصص الجريمة حتى إن معجبيها أعطوها لقباً استحقته بكل جدارة لقب ملكة الجريمة، عَبر أعوام حياتها قدمت لنا حوالي 66 رواية طويلة وعشرات القصص القصيرة التي نشرت في 14 مجموعة قصصية كما أنها ألفت حوالي 30 مسرحية أيضاً أشهرها مسرحية "ثلاثة فئران عميان" التي بقيت ولفترة طويلة تُعرض على مسارح لندن الشهيرة.

لكن أشهر أبطالها كانا اثنين الآنسة جين ماربل العجوز البريئة ذات البصيرة النافذة والمحقق البلجيكي العبقري صاحب أعظم شارب عرفته المملكة هركيول بوارو، استوحت "كريستي" شخصية "بوارو" خلال فترة عملها مع الصليب الأحمر أثناء الحرب العالمية الأولى عندما كانت محاطة بالسموم القاتلة مما دفع في رأسها فكرة كتابة قصة بوليسية تدور حول القتل بالسم بعد ذلك بضعة أعوام ولد هركيول بوارو ذو الاسم الغريب في "القضية الغامضة في ستايلز".

وأصبح بعد بضعة أعوام منافساً حقيقياً لمحقق أسطوري آخر هو شيرلوك هولمز، يتمتع بوارو بذكاء فريد من نوعه يسميه خلاياه الرمادية الصغيرة ويصرّ على أن طريقة تفكيره المنهجية هي المساعد الأول في حل القضايا والجرائم، على عكس "هولمز" الإنجليزي القح يتمتع "بوارو" بمنظر فريد من نوعه وشخصية لطيفة محببة مضحكة أحياناً جعلت منه المحقق الأكثر شعبية حتى بعد عقود من وفاة مبتكرته.

تم اقتباس قصص "كريستي" في السينما كثيراً وقدمت أعمالها في أفلام ومسلسلات متنوعة حقق بعضها شهرة مقبولة وبعضها الآخر طواه النسيان حتى جاء عام 2017 حاملاً مفاجأة لطيفة، سيعود بوارو إلى الحياة في فيلم جديد هو Murder on the Orient Express من إخراج كينيث براناه الذي جسّد دور المحقق البلجيكي الشهير.

بعد نجاح الفيلم الكبير عاد براناه مجدداً بفيلم آخر من عالم كريستي البوليسي هو Death on the Nile ذلك عام 2022 والذي ورغم وجود بعض التغييرات على الأحداث إلا أنه حافظ على روح أغاثا كريستي وقدم تجربة ممتعة لواحدة من أشهر روايات كريستي وأكثرها تعقيداً.

وفي هذا العام عاد "براناه" مجدداً إلى شخصية هركيول بوارو وهذه المرة مقتبساً واحدة من أقل قصص كريستي شعبية هي قصة "حفلة الهالويين"، على عكس الفيلمين السابقين كان هناك فروقات شاسعة بين الرواية والفيلم والتي يسرنا في "أراجيك فن" أن نستعرضها في هذا المقال، لا نقصد عقد مقارنة بين الكتاب وفيلم A Haunting in Venice إنما نريد فقط استعراض الاختلافات بين رؤية "براناه" وكتابة "كريستي"، فلنبدأ إذًا بالاختلاف الأكثر وضوحاً!

فيديو يوتيوب
  •  عنوان مختلف ينقل الأحداث من قرية إنجليزية صغيرة إلى بندقية إيطاليا

تدور أحداث رواية "حفلة الهالوين" بين أشجار وزهور قرية إنجليزية صغيرة قريبة من لندن حيث تحضر السيدة أريادني أوليفر الكاتبة القصصية الشهيرة حفل هالوين للأطفال ينتهي بجريمة قتل مأساوية تدفعها للجوء إلى صديقها المحقق الشهير بوارو لحل لغز الجريمة.

أمًا الفيلم فلم يكتف بتغيير العنوان إلى مطاردة في البندقية فحسب بل تغير موقع الجريمة من قرية مشرقة موردة إلى قلعة كئيبة مسكونة في مدينة البندقية الإيطالية ذلك عام 1947، حين تقنع السيدة أوليفر بوارو بحضور جلسة تحضير أرواح في قصر مغنية الأوبرا الشهيرة روينا دريك.

ذلك لكشف احتيال جويس رينولدز ممرضة الجيش السابقة التي اكتشفت فجأة أنها تمتلك قدرة الوساطة الروحية والتي توظفها درايك لمساعدتها في التواصل مع ابنتها المنتحرة أليشيا؛ كان هذا الاختلاف فاتحة خير على مزيد من الاختلافات المهمة بين العملين الروائي والسينمائي.

  • تحول الضحية من طفلة ثرثارة إلى وسيطة روحية

في رواية حفلة الهالوين تتفاخر الطفلة ذات الـ 13 عاماً جويس رينولدز بحماقة أنها شهدت جريمة قتل حقيقية ذلك أثناء حفل الهالوين الذي حضرته الكاتبة البوليسية الشهيرة أريادني أوليفر وعند نهاية الحفلة يكتشف الحضور أن جويس قتلت غرقاً داخل دلو التفاح المغمور بالماء الذي استخدم في إحدى الألعاب.

لا يوجد شيء أكثر سوداوية وترويعاً من قتل طفل ويبدو أن صناع الفيلم أرادوا تجنب حقل الألغام هذا فتحولت جويس رينولدز من طفلة ثرثارة متفاخرة إلى وسيطة روحية ناضجة تعقد جلسة تحضير أرواح محاولة التواصل مع ابنة صاحبة القلعة روينا دريك، لكن حياة جويس تنتهي بطريقة مختلفة أشد رعباً من الرواية إذ بدلاً من إغراقها يتم دفعها من الشرفة ليخترق جسدها أحد تماثيل القلعة.

كان التشابه الوحيد بين العملين في هذه النقطة متوقفاً عند اسم الضحية لا أكثر، أمًا بقية التفاصيل فقد اختلفت بشكل جذري، في الواقع لم تكن جويس الشخصية الوحيدة الخاضعة لتغييرات كبيرة؛ إذ كان هناك شخصيات أخرى أيضًا تغيرت قصصها وخلفياتها تماماً. 

  •  شخصيات ثانوية في الرواية تحولت إلى شخصيات رئيسية

كان ما جلب بوارو في رواية حفلة الهالوين إلى القرية هو جريمة قتل جويس التي ادعت وقوع جريمة شهدت هي عليها لذا بدأ بوارو التحقيق في قضايا قديمة شهدت موتاً أو اختفاء غير المفسر كي يعرف ما هي الجريمة التي قد تكون جويس شاهدة عليها، أمًا في الفيلم فقد كان بوارو مدعواً لجلسة تحضير أرواح انتهت نهاية مؤسفة بقتل الوسيطة.

كانت أبرز التغييرات الطارئة على الشخصيات هي وجود أولغا سيمنوف كمدبرة منزل روينا دريك في الفيلم لكن دورها في الرواية مختلف تماماً حتى إنها لم تظهر أصلاً سوى في بعض الحوارات، كانت أولغا خادمة شخصية لعجوز غنية تدعى السيدة سميث التي توصي لها بكامل ثروتها لكن يتم اتهام أولغا بتزوير الوصية وتختفي قبل المحاكمة ثم نكتشف لاحقاّ أنها كانت مقتولة ومدفونة داخل بئر جاف في الغاية القريبة من القرية.

أمًا ليزلي فيرير فقد تم تقديمه في الفيلم على أنه طبيب يعاني من صدمة نفسية قوية عقبت الحرب وكان ثاني ضحايا الفيلم بعدما طُعن في ظهره، أمًا في الرواية ومثل أولغا كان ليزلي ضحية قديمة ولم يكن طبيباً بل عاملاً في مكتب محاماة وزير نساء انتهت حياته أيضاً بطعنة في الظهر لم يعرف مرتكبها أبداً كما أنه كان هو من زور وصية العجوز سميث لاتهام أولغا بالقضية.

في الفيلم أيضاً يمتلك فيرير ابناً ذكياً جداً هو ليوبولد تظهر الأحداث أنه كان يبتز القاتل مقابل الأموال ونجح في تجميع مبلغ مقبول أيضاً، في الرواية كان ليوبولد شقيق جويس رينولدز وقد قام أيضاً بابتزاز القاتل مقابل المال لكن نهايته كانت قاتمة حقاً حيث إنه قتل كما قتلت أخته تماماً حيث تم إغراقه في جدول ماء من قبل القاتل نفسه لإسكاته. 

إضافة إلى هذا ظهرت في الفيلم شخصيتان هما نيكولاس وديزموندا أخوان غير الشقيقين كانا يعاونان جويس في جلساتها الروحية لتنفيذ بعض الحيل لإيهام الحاضرين بقدرتها على التواصل مع الموتى لكن في الرواية لم يكن هناك ديزموندا هولاند بل ديزموند شاب مراهق وصديق مقرب لنيكولاس وكانا أكثر من ساعد بوارو لكشف حقيقة الجرائم التي وقعت في قريتهما الصغيرة. 

أمًا روينا درايك في الفيلم فقد كانت مؤدية أوبرا شهيرة خسرت ابنتها وتحاول التواصل معها لكننا نكتشف أنها كانت القاتلة الحقيقية بعدما سممت أليشيا ببطء لإبعادها عن خطيبها ماكسيم ثم قتلت جويس وليزلي بعدما ظنت أنهما من يبتزانها، في الرواية كانت روينا هي القاتلة أيضاً لكن أليشيا لم تكن ضحيتها الأولى إذ أن السيدة درايك لم تمتلك أطفالاً أصلاً كما أنها لم تكن القاتلة الوحيدة إذ نفذت جريمتها الأولى بمساعدة مايكل غارفيلد البستاني شديد الوسامة وكان دافع الجريمة هو الطمع.

لا ندري تماماً سبب كل هذه التغييرات الجذرية في شخصيات الفيلم التي لم تشترك مع الرواية إلا في الأسماء فقط لكن هذا التغيير قدم لنا قضية ممتعة من نوع مختلف دون شك.

  •  جرائم قتل طواها النسيان تحولت في الفيلم إلى ليلة من الرعب

اختلفت أحداث جريمة القتل اختلافاً شاسعاً بين الرواية والفيلم كان الشيء الوحيد المشترك بينهما هو ضحية واحدة هي جويس رينولدز. 

في الرواية قتلت جويس في بعدما تفاخرت بأنها شهدت جريمة قتل عندما كانت طفلة ورغم أن أحداً لم يصدقها آنذاك إلا أن قتلها في حوض التفاح دفع الشكوك لعقل السيدة أوليفر التي سارعت لطلب معونة صديقها المحقق الشهير بوارو ومع مضي الأحداث نكتشف أن القرية الهادئة الصغيرة شهدت عدة وفيات غير المفسّرة؛ أبرزها وفاة العجوز الثرية السيدة سميث التي أوصت بكل ثروتها إلى خادمتها أولغا لكن أولغا اختفت فجأة بعدما تم اتهامها بالتزوير ولم تعد لبلادها حتى.

 أمًا ليزلي فيرير فقد طعن في ظهره بسبب غيرة إحدى صديقاته كما تداول الجميع في القرية لكنه وقبل مقتله زور وصية العجوز سميث كما اكتشف بوارو لذا فإن هناك شكوكاً قوية حول قاتله الحقيقي يكتشف بوارو في النهاية أن أولغا لم تختف بل قتلت على يدي روينا دريك ومايكل غارفيلد اللذان دفعا فيرير لتزوير وصية السيدة سميث عمة روينا دريك ثم تخلصا من أولغا ليحوزا الثروة كلها، لكن من شهد جريمتهما.

لم يكن جويس بل ميراندا باتلر الصغيرة ابنة صديقة السيدة أوليفر التي أبلغت صديقتها المقربة جويس بما رأت غير عالمة أنها ستودي بها إلى حتفها، لم تتوقف جرائم روينا المقيتة عند هذا الحد إذ أنها ولتتخلص من ابتزاز ليوبولد المزعجا قام بقتله أيضاً وأراد مايكل قتل ميراندا الصغيرة لو لم يوقفه بوارو في الوقت المناسب، لقد كانت رواية حفلة الهالوين حمام دم ضحيته الأطفال ولعل هذا ما جعلها الرواية الأقل شعبية بين جميع روايات أغاثا كريستي قاطبة.

أمًا الفيلم فقد قدم لنا جريمة قتل مختلفة تماماً بدوافع وأسلوب لا يمت بصلة للرواية وإن كان أشد شناعة بقيت جويس هي الضحية لكنها كانت وسيطة روحية محتالة قتلتها روينا دريك بعدما ظنت أنها من يبتزها بدفعها عن الشرفة لتهوي على أحد التماثيل وتلقى حتفها، كانت روينا دريك هي القاتلة في الفيلم أيضاً لكن بدلاً من جريمة دافعها الطمع طواها النسيان ارتكبتها منذ أعوام ارتكبت روينا في الفيلم جريمة أشد شناعة إذ قتلت ابنتها عَبر تسميمها ببطء شديد.

وعندما فارقت الحياة دفعتها من الشرفة ليبدو موتها انتحاراً وعندما تعرضت للابتزاز قتلت جويس رينولدز ثم أرغمت ليزلي فيرير على طعن نفسه في الظهر عَبر تهديده بقتل ابنه لو لم يفعلها غير العالمة أن مهددها هو ليوبولد الصغير، رغم كل هذه الاختلافات إلا أن الفيلم قدم قضية مثيرة متشابكة معقدة.

إلا أن وقوع كل هذه الجرائم في ليلة ومكان واحد بدلاً من الغوص في الماضي خلق نوعًا من السطحية لم يرد في الرواية لكن الأجواء الملحمية المشبعة بالغموض ساعدتنا في تخطي هذه السطحية والاستمتاع بمغامرة فريدة من نوعها يخوضها هركيول بوارو. 

  •  أشباح وسوداوية خارجة من عوالم إدغار آلان بو 

كما أسلفنا سابقاً وقعت أحداث رواية حفلة الهالوين في قرية إنجليزية صغيرة حيث واجه بوارو مجرمًا دافعه كان أقدم دافع للقتل عرفه الإنسان الطمع، لقد كانت حفلة الهالوين جريمة قتل غامضة مباشرة بأسباب ودوافع إنسانية احتاجت بعض الغوص في الماضي لاستنتاج وقوع جريمة لا تبدو كجريمة شهدت عليها جويس، إنها مجرد جريمة عادية أضافت إليها كريستي القليل من سحرها المميز لتحولها إلى مغامرة ممتعة مشوقة من الأسرار والخبايا.

أمًا مطاردة في البندقية فقد قدمت أجواء مختلفة تماماً عن أجواء أغاثا كريستي المعتادة كان للرعب حصة أكبر من الأحداث إذ كان الظلام والخوف يلفّ كل شيء في الفيلم، جو مقبض غامض شبيه بعوالم إدغار آلان بو الكابوسية حتى إن القلعة التي دارت فيها الأحداث بدت خارجة من عالم قصة قناع الموت الأحمر الشهيرة لبو.

 لم يواجه بوارو في الفيلم قاتلاً عادياً بل واجه شيئاً من خارج هذا العالم شيئاً دفعه للتشكيك بقناعاته الراسخة حول حقيقة وجود الأشباح وعودة الأموات من عالمهم للانتقام، خلال الفيلم شاهدنا بوارو يصارع هلوسات غير المنطقية تتعلق بأشباح الأطفال الذين شهدت هذه القلعة موتهم.

 رغم أن اللغز كشف قرب نهاية الفيلم وتم تبريره أن بوارو تناول عسلاً مسموماً بمادة تسبب الهلوسة أعطته له روينا لتضليله وخداعه إلا أن موتها في نهاية الفيلم يطرح افتراضات أخرى، لربما هناك أمور من خارج هذا العالم لا يمكن لأحد تفسيرها لا أحد عاد من الموت ليخبرنا ماذا يوجد هناك ولهذا نرهبه ونخافه حتى خلايا بوارو الرمادية الصغيرة ومنهجية تفكيره ستقف عاجزة أمام هذا العالم الغامض.

  •  بوارو أكثر ظلامية 

في روايات كريستي يتم وصف بوارو على أنه قصير القامة برأس أصلع شبيه بالبيضة وعينين خضراوين تشبهان عيون القطط وبالطبع أعظم شارب شهدته المملكة، إضافة إلى كل هذا يشتهر بوارو بحبه الشديد للترتيب والتنظيم حتى إن طموح حياته هو أن يرى بيضاً مكعباً، كانت شخصية بوارو المغرورة قليلاً مميزة دون شك إنه النقيض التام لشيرلوك هولمز اللندني الأصيل.

 أدى كثير من الممثلين دور بوارو في أعمال متعددة لكن كينيث براناه يبرز بقوة بينهم رغم أنه ومن الناحية الجسدية لا يبدو بوارو إلا أنه أتقن شخصية المحقق البلجيكي المهووس بالدقة والقادر على رؤية الصورة الأوسع للأحداث التي يغفل عنها الآخرون، في فيلم مطاردة في البندقية كان بوارو محطماً من الحرب والموت سئماً من عالم القتل والجرائم مطارداً من ماضيه.

ولهذا السبب اعتزل العالم في البندقية لكن شهرته الكبيرة رافقته دون رحمة، رغم أن بوارو يوصف في الروايات على أنه لطيف المعشر بشكل ينفر الإنجليز إلا أن رؤية براناه لبوارو كانت أكثر قسوة؛ إذ كان بوارو براناه حاداً قاسياً متكبراً نوعاً ما كما أن الحرب تركت أثراً قوياً في نفسه كما تبدى من أحداث الفيلم.

 لكن لا يمكن لأحد إنكار براعة براناه وأدائه المميز الفريد الذي أعاد بوارو إلى الحياة مجدداً بطريقة لم يسبق تقديمها قبلاً واستمتعنا برؤية ذكاء بوارو ونظرته النافذة رغم كل التضليل الذي تعرض له إلا أن أحداً لا يستطيع خداع هذا المحقق العظيم.

  • السيدة أوليفر وأجندتها الخفية

تعرف بوارو على السيدة أوليفر في رواية أوراق على الطاولة ووصفت أريادني أوليفر على أنها امرأة طيبة ممتلئة الجسد تمتلك تسريحات شعر فريدة كما أنها كاتبة قصصية بوليسية فائقة الشهرة، في الواقع كانت السيدة أوليفر تجسيداً ساخراً لكريستي نفسها، تتعدد لقاءات بوارو وأوليفر إذ أنهما أصبحا صديقين مقربين جداً رغم أن تصرفات أوليفر الغريبة تثير حفيظة بوارو المنمق إلا أنه دومًا ما يسعد بصحبتها.

في رواية حفلة الهالوين تقع الجريمة في منزل كانت أوليفر ضيفة فيه ولأنها سمعت ما قالته جويس الصغيرة تسلل الشك إلى نفسها فلم تجد حلاً سوى استدعاء صديقها بوارو الذي تثق تماماً بقدراته الاستنتاجية المميزة كما أنها ساعدته كثيراً في محاولة حل اللغز القابع وراء هذه الجريمة البشعة.

لكن وكبوارو من قبل تبنى كينيث براناه وجهة نظر أكثر سوداوية تجاه أريادني أوليفر حيث إنها وفي الفيلم دعت بوارو إلى القلعة لكشف حقيقة جويس رينولدز، لكن الأحداث تكشف أن أوليفر أرادت الاحتيال على بوارو واستغلال عدم قدرته على تفسير قوى جويس كمادة أدبية لكتابها القادم الذي سيعيدها إلى سكة النجاح مرة أخرى حيث إنها ترى أن شهرة بوارو كمحقق كانت بفضلها هي الأمر الذي يفسد صداقتهما بشكل نهائي لا رجعة فيه.

في الواقع ورغم أن أوليفر في الفيلم حاولت استغلال بوارو كشخصية في كتابها القادم إلا أن أوليفر الروايات تغضب من أي اقتراح لاقتباس رواياتها من أحداث حقيقية وترفض تماماً استخدام أي من معارفها أو أصدقائها كأساس لشخصياتها لأن هذا حسب تعبيرها "قد يكون أمراً محرجاً بشكل فظيع" حسنًا لا يمكن إنكار أن رؤية نسخة ظلامية استغلالية من شخصية السيدة أوليفر كان شيئاً ممتعاً حقاً وقدم دعماً حقيقياً لأحداث الفيلم الكابوسية.

كانت هذه أبرز الاختلافات الواقعة ما بين الرواية والفيلم، في الواقع وعلى عكس الفيلمين السابقين من هذه السلسلة كان فيلم "مطاردة في البندقية" بعيداً تماماً عن أجواء "كريستي" التي اعتدنا عليها؛ حتى إننا وفي بعض المشاهد افتقدنا روحها وأسلوبها المميز.

ذو صلة

 تمتلك "كريستي" خلطة مميزة يعرفها ويحبها كل قرائها؛ شخص ثري ووصية مزورة ولا بد من بعض الشباب الوسيمين والخدم الذين يعرفون الكثير من الأسرار وكل ما على بوارو فعله هو اكتشاف ما حدث واستخدام خلاياه الرمادية الصغيرة التي يتفاخر بها دوماً لكن بوارو وخلال القصص التي قام ببطولتها لم يتواجه يوماً مع عالم ما وراء الطبيعة.

 كما رأينا في الفيلم الذي قدم قصة لا علاقة لها بالرواية إلا من حيث أسماء الشخصيات، ومع ذلك يمكننا اعتبار "مطاردة في البندقية" أفضل فيلم من أفلام كينيث براناه حتى الآن؛ إذ احتوى كل شيء الإثارة والتشويق والرعب وجرعة حقيقية من الدراما المميزة الرائعة رغم إنه جنح بعيداً عن أصله لكن الأداء التمثيلي المميز وبراعة السرد جعلا من الفيلم تجربة غاية في المتعة مما يشوقنا لمعرفة ما هي المغامرة الجديدة التي سيخوضها "براناه" بشخصية هركيول بوارو.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة