تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

أحدثهم فيلم أوبنهايمر.. كيف يظهر أينشتاين “المنقذ” بين السينما والأدب؟

أينشتاين - أوبنهايمر - أراجيك فن
رُواء سيد
رُواء سيد

6 د

لا بدّ أنك سمعت من قبل كثيرًا عن "أينشتاين" وإسهاماته العلمية في الفيزياء؛ من قانون الطاقة والكتلة إلى اكتشاف التأثير الكهروضوئي، والذي حصل على إثره على جائزة نوبل عام 1921.

لكن اليوم في "أراجيك فن" قررتُ أن أنظر لهذا العالم عَبر مرٱة الفنّ، وليست أي مرٱة، إنها مرٱة تعكسُه في دور البطل المساعد أو كما أحب أن أطلقَ عليه؛ "دورَ المنقذ"، لا دور البطل الذي تنصبّ عليه الأضواء، ولكن ظهوره يساعد الأضواء في أن تكون أكثر بريقًا!


رقصة القمر مع أينشتاين 

في هذا الكتاب الذي خرج للنور عام 2011، يحكي لنا جوشوا فوير حكايةً -ليست خيالية- عن خبايا الذاكرة. حين يذهب فوير في 2005 ليغطّي حدثًا ما يسمّى (بطولة العالم في الذاكرة) سُرعان ما يجد نفسه منغمسًا حتى أخمص قدميه في هذا العالم الغريب.

وفي خضم هذا العالم، قابل الكثير من المتسابقين، منهم مَن فاز في السنوات السابقة، ومنهم من يشارك للمرة الأولى، وتقاطعت خطواته مع توني بوزان، مؤسس الحدث برمتّه، والذي أكدّ له أن ”عقلك ليس إلا عضلة، وكل عضلة تحتاج للتدريب كي تقوى“. 


في هذه الرحلة الفريدة من نوعها الذي يقرر فوير اصطحابنا معه خلالها، يتعمق في هذا العالم أكثر فأكثر، وعلى مدارِ سنة كاملة يتدرب كي يشترك في المسابقة السنة المقبلة.

ولكن: كيف سيتدرب؟.. من خلال الأشخاص الذين تقابل معهم في المسابقة، يضعونه على أول الطريق ويتركونه من بعدها ليختبر وعورته بنفسه. على سبيل المثال، يعرفّه أحدهم على تقنية (قصور الذاكرة) وتستغل هذه التقنية حقيقة أن لدينا جميعًا ذاكرة أفضل للمساحات والأماكن والوجوه مقارنةً بالأسماء والأرقام.

كل ما تطلبته هذه التقنية من "فوير" هو إن يبحث في ذاكرته عن مبنً مألوف ويحفظه شبرًا شبر، ومن ثم تبدأ عملية حفظ أكثر الأشياء عشوائية داخل هذا المبنى المحفور في الذاكرة بالفعل. يكتشف فوير أن قدرتك على تخزين المزيد من المعلومات يرتبط بشكلٍ مباشر على المعلومات المخزّنة بالفعل في ذاكرتك، وما عليكَ سوى إيجاد رابطة بينهما.

تخيل معي الٱن أنك تريد التسوق، وتريد حفظ قائمة المشتريات في عقلك، ستأتي بصورة بيت طفولتك من ذاكرتك، وتتخيل أنّ مكان سيارتك تستقرّ عُلبة مخلل ضخمة، وفوق عتبة الباب تلتقي بالموناليزا وتحمل بين يديها عصير برتقال، وحين تخطو داخل البيت، تجد في مقابلتك جوارب تـتدلى من الثريا؛ فكلما كانت الصورة المتخيلة أكثر سخافة وابتذالًا كلما أصبحت عملية الاسترجاع فيما بعد أسهل وأسرع، فيأخذ في التجوّل بأريحية داخل أزقّة ذاكرته.

تأخذ الرحلة فوير أيضًا إلى هؤلاء الذين أصبحوا ضحايا المرض وتخلت عنهم ذاكرتهم منذ سنٍ صغيرة، فأصبحوا لا يتذكرون أي شيء لأكثر من بضع ثوان، ويقابل ٱخر لا يزور النسيان ذاكرته أبدًا، وٱخر ساعدته ظاهرة السينستيزيا على تذكر أكثر الأشياء تعقيدًا دون بذل مجهود يُذكر.

على الأغلب، فإن جميعكم الٱن يتساءل؛ أين أينشتاين من هذه الرحلة كلها إذًا؟ في عام 2006، يقرر فوير حضور المسابقة، وفي إحدى الفقرات كان المطلوب هو تذكّر ترتيب أوراق الكوتشينة، واستطاع تذكرها بفضل تلك الصورة الغرائبية وهو يرقص على القمر مع أينشتاين، ويحمل الأخير ثلاثة أوراق كوتشينة في يديه.

على مدارِ إحدى عشر فصلًا،  يأخذنا فوير في مغامرةٍ ٱسرة عن فنّ التذكر المفقود في عصرنا الحالي، وعن تجربة شديدة الخصوصية ولكنها في الوقت ذاته تحمل في طيّاتها الكثير لتضيفه لكل منا.


عالمٌ على شفا الدمار

فيديو يوتيوب

من دهاليز الذاكرة ومنعطفاتها إلى قوانين الفيزياء وصناعة القنابل النووية حيث ملحمة كريستوفر نولان الأخيرة، فيلم أوبنهايمر"، نرى مشهدين أو ثلاثة يظهر فيهم أينشتاين وهو يتبادل الحديث مع أوبنهايمر".

وعلى الرغم من أن تلك المشاهد لو جمعتهم لن تصل حتى إلى خمس دقائق، إلا أنه كان لها بالغ الأثر لإيضاح الصورة الكبرى للفيلم. حتى يومنا هذا، لطالما تم ربط اسم أينشتاين بصنع القنبلة الذرية، ولكن: هل كان له يد حقًا في ذلك؟

في عام 1938، تمكّن فريق من العلماء الألمان من تقسيم ذرّة اليورانيوم، وبهذا كانوا على بداية الطريق لصناعة قنبلة نووية، ومن هنا، شعر أينشتاين بضرورة البعث برسالة إلى الرئيس الأمريكي (فرانكلين روزفلت) يحذره فيها من الجهود النووية المحتملة لألمانيا، ورغم أنه يعتبر بهذا الحاثّ الأول على قيام مشروع مانهاتن إلا أنه مُنع من المشاركة فيه لأسباب سياسية.

على هامش أحداث الفيلم، نشهدُ جانبًا من العلاقة التي جمعت كل من "أوبنهايمر" و"أينشتاين"، والتي إن نظرت لها عن قرب، ستجدها أقرب لعلاقة بين عالميْن فـذّيْن، وفي جوهر تلك العلاقة، تكمن صداقة صادقة وحقيقية.

في الفصل الثالث من الفيلم، يبدأ أوبنهايمر في الغرق في حالة غير المفهومة من الشعور بالندم والخيبة والقلق والحيرة وعدم الاستيعاب الكامل لكل ما يحدث من حوله من تغيرات، حينها ينبثق مشهد لهما، حيث يخبره أينشتاين أن يديرَ ظهره لأمريكا، أن يذهب ويتركها خلفه، أن يذهب إلى أحضانِ أخرى تقدّره، ويؤكدّ له أنه فعل المثل مع بلدِه الأصل، ألمانيا.


الحب معضلة أوبنهايمر

جاء هذا على لسان أينشتاين تبعًا للكتاب الأصلي المقتبس منه الفيلم، وفي هذه الكلمات تتلخصّ وجهة نظر أينشتاين برمّتها فيما يخصّ الحالة التي اعترت أوبنهايمر.

ومع ٱخر مشهدٍ في الفيلم، يأتي تفسير أول مشهد، كعادة نولان التي لا تتغير، يلعب بالزمن كيفما يشاء، لا يعترف بالفواصل بين ثلاثي الماضي والحاضر والمستقبل. تأتي كلمات أينشتاين الأخيرة لتذكرّ أوبنهايمر أن الاحتفال والتصفيق في نهاية الأمر سيكون موجهًا له ولكنه ليس من أجله، بل لأجلهم. 


أينشتاين يلقي دُعابة

فيديو يوتيوب

حين يتقابل كل من إد وكاثرين، سُرعان ما يقع الأول في حبّ الثانية، ولخسن حظه أنها قد نست ساعتها التي لها معزّة خاصّة في ورشة تصليح السيارات التي يعمل بها إد. يقتنص إد الفرصة ويجد عُنوانها، ويقرر الذهاب بالفعل لإرجاع ما نسيته، وفي الأصل، لمقابلتها. ولكنه يُفاجأ بأنّ أينشتاين هو من يفتح له الباب، ويظن أنه قد أخطأ حتمًا في العنوان.

سمع العالم بأسره عن عبقرية أينشتاين العلمية ولكن؛ هل سمعت يومًا عن أينشتاين الذي يجمع بين حبيبيْن؟

يضع فيلم IQ الجانب الفكاهي من أينشتاين على المحكّ ويخرج بنتائجَ رابحة، نفحةٌ من الكوميديا مع حفنة من الخيال وبعض الرومانسية، وإذ بك أمام وجبة سينمائية خفيفة وممتعة.

يجد أينشتاين نفسه متورطًا في تحدٍ حقيقي حول كيفية جذب ابنة أخته -كاثرين- بعيدًا عن خطيبها الخانق، ورميها في أحضان إد الذي يرى فيه شريكًا مثاليًا لكاثرين. إد ليس فائقَ الذكاء، ولكنه يعرف جيدًا كيف يستمتع بالحياة بكل تفاصيلها، ولكن أمام كاثرين تبدو فرصه مقضي عليها قبل حتى أن يحاول. 

ذو صلة

”لا تدعِ عقلك يعيق مسار قلبك“

بهذه الجملة ”لا تدعِ عقلك يعيق مسار قلبك“، ينبّه أينشتاين كاثرين بألا تقع في الخطأ الذي وقع هو فيه في ريعان شبابه، سيتطلب هذا التحدي الذي وجد أينشتاين نفسه منهمكًا فيه هو ورفاقه الثلاثة الكثير من  الخدعة والألاعيب والذكاء، ولكن إياك وأن تقلل أبدًا من شأن عقل العمّ ألبرت، أو من قوة الحبّ.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة