تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

بعد الانتقادات.. لماذا يقدم “نولان” خطًا دراميًا متضاربًا مع البطل المذنب “أوبنهايمر”؟

أوبنهايمر أراجيك فن 2023 نولان
عبد الرحمن توفيق
عبد الرحمن توفيق

10 د

"أسطورة برومثيوس".. هكذا بدأ المخرج كريستوفر نولان فيله المثير للجدل "أوبنهايمر"، بمقولة عن أسطورة أحد أشهر الآلهة الإغريق في التاريخ، الذي قام بسرقة النار من جبال الأوليمب وأهداها للبشر من أجل أن يقاوموا الطبيعة القاسية لفصل الشتاء، وأيضًا لتحضير الطعام وصهر الحديد.

ومقابل هذه الهدية المقدسة للبشر تم لعن برومثيوس للأبد وتعذيبه بأشنع عذاب عرفته أساطير اليونان، فقد قام زيوس كبير الآلهة في الأوليمب بربطه إلى صخرة عظيمة حتى يحضر طائر عملاق ليلتهم أحشاء برومثيوس، ولم يتوقف العذاب عند هذا الحد، بل جعل أحشاءه تنبت من تلقاء نفسه كل ليلة، لتستمر معاناته للأبد.

وهديته المقدسة التي أهداها للبشر قاموا باستخدامها فيما أراد وأكثر، فلم يكتفِ البشر باستخدام النيران للتدفئة وطهي الطعام وصهر المعادن بل صنعوا منها الأسلحة، وأحرقوا بها القرى والغابات واستخدموها في الحروب والقتل، فهل ضاعت تضحية برومثيوس هباءً!

8.8/10
إعلان الفيلم

صفحة IMDb

تقييم أراجيك

Oppenheimer

يحكي الفيلم قصة جوليوس روبرت أوبنهايمر العالم الفذّ الذي ينسب إليه اختراع القنبلة الذرية، يتناول الفيلم حياة أوبنهايمر عبر ثلاث مراحل حياتية، قبل اختراع القنبلة وفترة اختراعها والفترة الزمنية التي تلي تفجير القنبلة فوق اليابان.

وبما أننا نتحدث عن فيلم من إخراج وتأليف كريستوفر نولان، فيمكنك توقع السرد الغير خطي دون أدنى شك، يعني السرد الغير خطي أو المتقطع أن القصة تدور بشكل معقد لا يعرف بداية ولا نهاية تقاطع فيه الأحداث باستمرار مع الأحلام والذكريات والهلاوس.

إنه أسلوب نولان المفضل والذي ميّزه عن أي مخرج آخر في عصره، لقد قدّم نولان سرداً معقداً متشابكاً لقصة أوبنهايمر، القصة ليست بداية وسطاً ونهاية بل هي مزيج مربك من الأحلام والخيال، الواقع والحقيقة، الماضي والحاضر والمستقبل، لكن البطل الحقيقي الدائم كان وجه أوبنهايمر المعذّب. 

إن السرد معقد، يسير في دوائر ويقفز ذهاباً وإياباً، ويمكن أن يشعرك بقليل من الدوار في الحقيقة، خاصة أن هناك الكثير من المحطات الزمنية التي سيتوجب عليك أن تبحث عنها بنفسك هذا ليس فيلماً وثائقياً، إنه تحفة نفسية سردية.

تتعقب القصة أوبنهايمرعبر عقود بدءاً من عشرينيات القرن الماضي كشخص بالغ، ويستمر حتى أصبح شعره رمادياً.

يتطرق الفيلم كذلك إلى حياته الشخصية والمهنية، بما في ذلك عمله في القنبلة وحياته الشخصية كرجل طائش خائن لزوجته، وخلافه مع ستراوس والصراع النفسي العاطفي الذي عانى منه، لقد رصد الفيلم أهم محطات حياة أوبنهايمر وقدمها عبر جدولين زمنيين.

لا تستغرب فنحن نتحدث عن سيد التلاعب بالزمن كريستوفر نولان، لقد تناوبت الأحداث يين مشاهد ملونة وأخرى كانت بالأبيض والأسود، اللون لا يمثل الماضي والحاضر لو توقعت ذلك، إنه يمثل وجهة النظر التي تروي الأحداث التي انقسمت قسمين، الأول حمل اسم الانشطار وتم تصويره بالألوان وهو تمثيل لنظرة أوبنهايمر الكاميرا لا تترك جانبه أبداً وكل التركيز كان عليه مما يشعرك بالحميمة معه.

أمًا المنظور الثاني فقد حمل اسم الانصهار، إنه أكثر استقامة في السرد وقد تم تصويره بالأبيض والأسود، ويتبع لويس شتراوس رئيس لجنة الطاقة الذرية وخصم أوبنهايمر، يتداخل المنظوران معاً وتنتقل الأحداث بينهما بشكل مستمر، يصعب حقاً حكاية قصة الفيلم إنه مزيج رائع -رغم تشوشه- من التاريخ والدراما والسياسة والكثير من الصراعات النفسية والحوارات الخيالية.

القصة لا تتطور تدريجياً، إذ أن نولان يرمي بك فجأة في دوامة حياة أوبنهايمر بمشاهد حية له خلال فترات مختلفة، في تعاقب سريع لا تكاد تستطيع التقاط أنفاسك معه، يمكن تشبيه الأحداث بالدومينو كل قرار اتُخذ أدى إلى سلسلة طويلة من الأحداث الأخرى، حتى أنك لا تعرف معها كيف بدأ الأمر بالضبط.

لو كنت تتوقع فيلماً عن القنبلة الذرية ومشاهد حربية وتفجيرات وشرحاً مفصلاً يبرر إلقاء القنبلة، فأنت ستدخل الفيلم الخطأ، هذا الفيلم لا يهتم بالقنبلة بقدر ما يهتم بأبيها الروحي، لقد قدم الفيلم في أكثر من ثلاثة ساعات حكاية الصراع النفسي الذي عاشه روبرت أوبنهايمر والذنب الذي تآكله بعدما رأى ما فعله اختراعه، والهواجس التي عاشها طويلاً وطرح سؤالاً وجودياً لا يزال دون إجابة حتى يومنا هذا، هل كان إلقاء القنبلة ضرورياً حقا؟ لكنه كأي فيلم عظيم لا يقدم الإجابة، الإجابة عندك أنت. 

تناوب الفيلم في أحداثه بين شباب أوبنهايمر ومراحل صناعة القنبلة وانفجارها والمرحلة الأهم محاكمة أوبنهايمر التي تم فيها سحب ترخيصه الأمني وتخوينه.

إنها حكاية بروميثيوس الذي ضحى بنفسه كي يهدي البشرية نيران الآلهة فأخذوها كي يحيلوا الأرض جحيماً، أعاد كريستوفر نولان وكيليان ميرفي أوبنهايمر إلى الحياة، وحكيا سيرة حياته المذهلة في فيلم من المرجح أن يترشح إلى الأوسكار عن عدة فئات، إنه فيلم سيصعب حقاً أن يتكرر.

عرض المزيد

  • name

    مناسب من عمر 4 سنوات فما فوق.

  • إنتاج

    2023
  • إخراج

    كريستوفر نولان

بطولة

كيليان ميرفي،
روبرت داوني جونيور،
مات ديمون،
إيميلي بلانت

فيلم أوبنهايمر بطولة زعيم العصابات والرجل الحديدي!

جاء فيلم أوبنهايمر هذا العام 2023 ليعيد كريستوفر نولان تقديم نفسه لعالم السينما مرة أخرى بعد تجربة Tenet الناجحة.

الفيلم من بطولة النجم البريطاني المحبوب كيليان مورفي الذي اشتهر بدور البطولة في مسلسل Peaky Blinders التي تدور أحداثها في عالم العصابات الإنجليزية، والنجمة إيميلي بلانت صاحبة الأداء العبقري في فيلم A Quite place، والنجم الكبير روبرت داوني جونير الشهير بدور الرجل الحديدي في سلسلة أفلام مارفل و Iron Man.

ولم يكتفِ نولان بجمع هؤلاء النجوم فحسب بل شاركهم أيضًا في الفيلم النجم العالمي صاحب الأصول المصرية رامي مالك والذي حصد سابقًا جائزة الأوسكار، وأيضًا النجم صاحب جائزة الأوسكار مات ديمون والمشهور بأدواره الدرامية القوية، وبمشاركة النجمة الجميلة فلورانس بيو وغيرهم من النجوم أصحاب الأداء الرفيع ليخرج الفيلم تحفة فنية كما توقع الجميع.

وحصد الفيلم تقييم 8.7 من 10 في تصويت الجمهور على الموقع العالمي IMDB بأكثر من 300 ألف صوت، إلى جانب حصوله على تقييم 88 نقطة من أصل 100 في تقييم النقاد للفيلم على نفس الموقع، وهو تقييم كفيل بأن يدخله إلى قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما العالمية، هذا بخلاف موقع Rotten Tomatoes الذي حصد فيه الفيلم على تقييم 91% في تصويت الجمهور بأكثر من 10 آلاف صوت موثق، إلى جانب حصوله على تقييم 93% من وجهة نظر نقاد الموقع.


نقاد خارج السرب

في الحقيقة إنني قد تأخرت كثيرًا في كتابة وجهة نظري عن الفيلم مع "أراجيك فن"، لكن أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا، وكتابتي لهذا المقال تتصادف مع الوقت الذي تنتشر فيه آراء نقدية سلبية للفيلم من صحفيين ونقاد عرب، والحقيقة أن الأمر استفزني كثيرًا وليس فقط لأن تلك الأراء جانبت الحقيقة في كثير من النقاط التي تم مناقشتها، بل لأنهم يتخذون موقفًا شخصيًا من بطل الفيلم "أوبنهايمر"!

وجاء بعضهم ليقول إن الفيلم قد قدم صورة متناقضة لبطل الفيلم الذي حاول المخرج بشتى الطرق أن يجعل منه بطلاً، وأن هذا الأمر لا يعجبهم خصوصًا بسبب مقارنة المخرج نولان لشخصية أوبنهايمر والقنبلة الذرية مع شخصية بروميثيوس الأسطورية التي أرادت فقط خدمة البشرية، وكأنهم يرون من أوبنهايمر شيطانًا تتجسد فيه صورة مجزرة هيروشيما وناجازاكي إبان الحرب العالمية الثانية.

وأيضًا انتقد الكثيرون الموسيقى التصويرية للفيلم ووصفوها بأنها مزعجة بدرجة كبيرة، والحقيقة إنني مختلف مع وجهتي النظر تمامًا؛ فأولا قصة الفيلم كانت مترابطة وأيضًا أداء الممثلين كان عبقريًا، والموسيقى التصويرية التي وصفها بعض النقاد العرب بالمزعجة، كان الهدف منها عيش تجربة الضغط النفسي والعصبي للأبطال.

فإذا لم يتحمل الناقد الموسيقى التصويرية أُثناء الفيلم كيف له أن يعيش حالة الصراع النفسي والضغط العصبي التي عاش فيها الأشخاص في هذه المرحلة من الزمن؛ علماء يعيشون تحت التهديد والخوف من الحرب المستمرة، فإذا اكتشف الألمان خطة الولايات المتحدة وضربوا مشروع مانهاتن، فدوي صافرات الإنذار والصواريخ سيكون أضعاف هذا الصوت المرتفع للموسيقى التصويرية.

ولعل نولان بهذه الاختيارات قد ساهم في ضغط المشاهدين وهو أمر ربما يلام عليه، لكن الرجل لديه وجهة نظر فنية لتبرير ذلك وهي من جانبي تبدو معتبرة وحقيقية جدًا، فأي فيلم سينمائي هو عبارة عن تجربة شعورية كاملة وليس فقط صورة على الشاشة نشاهدها بدون صوت ونحن نقرأ الترجمة من فوق كراسينا المريحة.


إذًا.. لماذا يقدم نولان صورة متضاربة أو خطً دراميًا لا يسير في اتجاه واحد؟

الحقيقة إن الإجابة الوحيدة الممكنة لهذا السؤال تكمن في شخصية أوبنهايمر الحقيقية نفسها والمواقف التي مر بها خلال فترة اختراع القنبلة النووية وما بعدها؛ لأن الرجل قد جسد للولايات المتحدة الأمريكية البطل الهمام الذي أنقذهم من استمرار الحرب العالمية الثانية وقدم لأمريكا أقوى وأشرس سلاح عرفته البشرية.

لكنه أيضًا وبعد بضعة سنوات فقط قد تم اتهامه بالخيانه من نفس النظام لأنه رفض المشاركة في صناعة القنبلة الهيدروجينية، وأيضًا لأن سر القنبلة الذرية قد تسرب إلى الاتحاد السوفيتي من علماء قد عملوا تحت إدارة أوبنهايمر في مشروع مانهاتن، وبعدها تم منع أوبنهايمر من الاطلاع على أسرار أمريكا الخاصة بالتجارب النووية!

والرجل بعد أن كان ينظر له في وطنه على أنه البطل المنقذ أصبح متهمًا بالخيانة وتحت الشكوك طوال حياته، وأيضًا الناس الذين شاهدوا فيه البطل قد لاموه بعدها على اختراع القنبلة النووية وكأنه قد صنعها بمفرده! الرجل قد حمل خطيئة أكثر من 150 ألف عالم وعامل قد عملوا على مشروع القنبلة النووية بمفرده!

ونظر له العالم كأنه هو الشيطان الأعظم، وقد ساهم هو بنفسه في هذه الصورة لأنه لم يدافع عن نفسه من هذه الناحية بل تحمل عبء هذا المشروع حتى نهاية حياته، وقد اقتبس بنفسه عن مشروع القنبلة النووية مقولة من الهندوسية " اليوم أنا الموت، أنا مدمر العوالم" وظن الناس أنه يقصد بها نفسه وليس القنبلة النووية!


عدو البشر و مدمر العوالم!

وقد اختار نولان شخصية أوبنهايمر بعناية ليجسد معاناة عالم شجاع أثناء الحرب العالمية الثانية؛ حيث يطلب منه وطنه صناعة سلاح فتاك لهزيمة النازيين، ليدير بنفسه هذا المشروع الحساس ويحمل على عاتقه مصير أمة كاملة، ليكتشف في النهاية بأنه قد تم خداعه من قبل هذا الوطن لكن بعد فوات الأوان.

وبشهادة الكثير من العلماء الذين شاركوا في هذا المشروع، قالوا بأن هتلر وألمانيا النازية لم يكن لديها أبدًا القدرة المادية أو العلمية على إنتاج القنبلة النووية أثناء الحرب العالمية الثانية وإن الأمر كان مجرد هاجسًا عند الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها في بريطانيا.

ليصنع أوبنهايمر لهم السلاح القادر على تدمير هذا العالم ويصنع من وطنه عدو جديد للبشرية بامتلاكه سلاح الفناء والموت! لكن القدر يتدخل ليعطى أوبنهايمر فرصة ثانية فبعد تسريب سر القنبلة النووية للاتحاد السوفيتي يصبح العالم في حالة من التوازن في القوى النووية.


لغة الصورة

أمًا بخصوص المتعة الدرامية فقد امتاز الفيلم بعرض كافة الجوانب الخاصة بمهمة مشروع مانهاتن التي جلبت الدمار للبشرية، والتناقض في شخصية أوبنهايمر العالم الذي يريد تقديم علم جديد للبشرية بينما تنظر له الدول فقط بأنه سلاح فتاك، فكما فعل برومثيوس فعل أوبنهايمر، بتقديم السر النووي للبشر فقد تمكنوا من توليد الطاقة الكهربائية من محطات الطاقة النووية.

وبخلاف ذلك فقد تسبب العلم الذري الجديد في العديد من الاكتشافات للبشرية في مجال الطب، وخاصة علاج بعض أنواع السرطان وغيرها من العلوم الأخرى، فقد تحمل أوبنهايمر عذاب الضمير ونظرة العالم له بأنه شيطان واتهام السلطة له بالخيانة في سبيل هذا العلم الجديد، وكان عذابه أبديًا حتى نهاية حياته كما كان عذاب برومثيوس.

أمًا بخصوص المتعة البصرية فحدث ولا حرج، فقد استخدم نولان تفجيرات حقيقية في معظم أجزاء الفيلم وقلل من استخدام المؤثرات البصرية CGI ليعطى المشاهد تجربة مشاهدة حقيقية، للدرجة التي دفعت بعض النقاد بترويج فكرة كاذبة عن الفيلم بأن المخرج استخدم مواد نووية حقيقية أثناء تجربة القنبلة الذرية " ترينيتي" وهو أمر نفاه المخرج بعد عرض الفيلم موضحًا بأنه استفاد من هذه الشائعة في الدعاية لكنه لم يطلقها بنفسه.


 أوبنهايمر الجاني بين التضحية والذنب

في الحقيقة الفيلم قد قدم لنا هذا التساؤل وترك لنا نحن تقرير الإجابة، وفي وجهة نظري فأن هذا السؤال ليس له إجابة على الإطلاق، وفي سبيل الإجابة على هذا السؤال تم طرح الكثير من المقاربات و الأسئلة المنطقية حول تنفيذ الهجوم النووي على هيروشيما وناجازاكي.

ففي إحدى التجارب الفكرية تم الطلب من المشاركين في التجربة أن يتخيلوا بأنهم يقودون قطار، وأن عليهم إمًا دهس رجل واحد أو دهس 5 أشخاص، وليس هنالك حل آخر يجب الاختيار بسرعة لأن القطار يقترب منهم وليس أمامه سوى الخيارين، ليجيب الجميع بأنهم آسفين يدهسون الشخص الواحد في سبيل إنقاذ 5 أشخاص وكأنهم بدهسهم لرجل واحد لم يقوموا بارتكاب جريمة بل ونظروا لأنفسهم كأبطال منقذين.

وقد صدموا جميعًا بأن المنطق الذي استخدموه في هذه التجربة أو المعضلة كما يطلقون عليها هو نفس المنطق الذي استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية أثناء ضرب القنبلة النووية، فالتقارير الإحصائية قالت لهم بأن ضحايا القنبلة النووية أقل بكثير من عدد الضحايا الناتج عن استمرار اليابان في الحرب.

فالضحايا للقنبلة النووية تم تقدير أعدادهم بأكثر من 220 ألف شخص، وقالت تقارير أخرى بأنهم أكثر من 300 ألف شخص، أمًا إذا استمرت الحرب مع اليابان فقد تزيد الضحايا عن مليون قتيل أو أكثر.

وأنا لا أبرر الحرب ولا أضع جانبًا أخلاقيًا لهذا الحل الوحشي باستخدام القنبلة النووية، فالقرار تم اتخاذه من قبل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية من منظور نفعي بحت وليس أخلاقي، وهذه هي حقيقة المجتمع الأمريكية والفكر الذي يحاولون تصديره للعالم حتى اليوم، بترك الأخلاق خارج أي مناقشة والتفكير فيها من جانب نفعي فقط.


حرب الدعاية بين "أوبنهايمر" و"باربي"

ولعل أيضًا من النقاط التي أثارت انتباه الجمهور هو تأخير انطلاق فيلم "باربي" في الوطن العربي لما بعد عرض فيلم "أوبنهايمر".

والحقيقة أن حرب الدعاية ما بين الفيلمين قد بلغت أشدها، فمنتجي فيلم باربي حاربوا فيلم أوبنهايمر بشتى الطرق من أجل الظفر بتحقيق أكبر مكسبًا من شباك التذاكر الأمريكية.

ولهذا أخروا عرض الفيلم في الوطن العربي حتى لا يدخلوا في مشكلة منع فيلم باربي من العرض من قبِل الدول العربية نفسها لتجنب التأثير السلبي لهذا الخبر على دعاية الفيلم، وقاموا بالتضحية بالدخل المنتظر من عرض الفيلم في الوطن العربي في سبيل تحقيق دعاية متميزة وتحقيق أعلى إيرادات في شباك التذاكر الأمريكي وهو ما تحقق لهم بالفعل!

والأمر بالنسبة لفيلم باربي بعيد عن تقديم رسالة للجمهور أو منافسة فيلم أوبنهايمر فكريًا أو حتى دراميًا، فهم يلعبون على جذب عشاق شخصية باربي في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغيرها من دول العالم الغربي، واللعب على وتر دعم التحول الجنسي وقضايا النسوية والـ Feminism بعيدًا عن تحقيق قصة درامية ملحمية أو شيء من هذا القبيل.

ومن وجهة النظر الأمريكية فهذا مشروع تجاري بحت، وبالنسبة لهم فقد تفوق فيلم باربي في شباك التذاكر على فيلم أوبنهايمر وهو الأهم بالنسبة لهم لأنهم يفكرون في الأمر من منظور المنفعة فحسب وهذه هي وجهة النظر الأمريكية والصناعية للأمور فالأهم هو المكسب المادي وليس قيمة الأفكار التي تقدم للجمهور.

للدرجة التي دفعت منتجي فيلم باربي للتخلي عن عرض الفيلم للنقاد بشكل مبكر وبدلاً من ذلك قاموا بدعوة مشاهير منصات التواصل الاجتماعي للعرض المبكر للفيلم، ودفعوا لهم الأموال من أجل الترويج للفيلم ودعوة الجمهور لمشاهدته قبل فيلم أوبنهايمر!

ذو صلة

 وهذه الخطة التسويقية قد حققت هدفها، فنحن الآن في عالم يتفوق فيه رأي مشاهير التيك توك والتواصل الاجتماعي على رأي النقاد وخبراء السينما!

كذلك هي القيم التي يقوم عليها المجتمع الغربي والتي جعلت من أوبنهايمر بطلاً وعدوًا في نفس الوقت؛ البطل عندما قام بحماية مصالحهم، والعدو عندما عارض مصالحهم، أمًا عن الجانب الأخلاقي بالنسبة لهم فليحترق بنيران القنبلة النووية لأنه ليس له قيمة نفعية

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة