تريند 🔥

🤖 AI

هل يكفي الذكاء الاصطناعي لصناعة فيلم هوليوودي ناجح؟!

film making arageek art artificial intelligence
ساندي ليلى
ساندي ليلى

16 د

يقول الأديب المصري الراحل د. أحمد خالد توفيق: "إن الخيال الإنساني وغد لا يهمد ". 

لطالما نجح الإنسان في استثمار خياله الشاسع ببراعة، ذلك الخيال الذي كان سلاحه في عالم مجهول محفوف بالمخاطر، لقد جعل الخيال الحياة أكثر متعة وأقل تعقيداً، وكان أحياناً السبب وراء اختراعات سهلت حياتنا كالمصباح والعجلة وغيرها من الاختراعات التي كانت لحظة فارقة في تاريخنا.

ومع تقدم الحضارة البشرية واختراق الإنسان للفضاء الخارجي لأول مرة ظهر للوجود خيال من نوع مختلف كان ضرورياً لتلبية المخاوف المتزايدة حول مستقبلنا، الخيال الذي صنف تحت اسم أدب الخيال العلمي والذي تخصص في محاولة التنبؤ بالكيفية التي ستسير عليها حضارتنا بعد أعوام أو عقود.

إن للخيال العلمي سحر خاص يجعله شديد الشعبية لذا فقد كان ولوج السينما إلى هذا العالم ضربة موفقة للغاية فشاهدنا عوالم مستقبلية مذهلة صاغها مبدعون واسعو الخيال كجورج لوكاس الذي أنشأ عالماً خاصاً به لا يزال بعد نصف قرن على ولادته رمزاً سينمائياً يحتذى به.

وفي أيامنا هذه التي تشهد قفزات تطورية واسعة للغاية، أصبح الخيال العلمي قريباً للغاية من الحقيقة فما تخيله صناع الخيال العلمي قبل عقود كالمركبات الفضائية الطائرة والكومبيوترات والهواتف النقالة والاتصالات الفورية.

أصبح شيئاً معتاداً نراه في كل يوم تذكر أن الكمبيوتر كان في بداياته آلة حاسبة ضخمة لا أكثر لكن التطور التقني والتكنولوجي الهائل جعل من هذه الآلات شيئاً خارجاً من عوالم جورج لوكاس الغريبة خاصة بعدما أصبح الذكاء الاصطناعي حقيقة ملموسة بشدة، لأعوام ظل الذكاء الاصطناعي جزءاً أوسع الخيالات.

لكنه اليوم دارج على كل لسان وأصبح في متناول رجل الشارع بعدما كان حكراً على المبرمجين رفيعي المستوى ومع استمراره بالتطور بسرعة مذهلة وولوجه إلى أبسط تفاصيل حياتنا، أصبح وجوده في عوالم الفن السابع ضرورة شعبية وأصبح البطل الجديد المرغوب في كل حبكة في الواقع قد يكون الذكاء الاصطناعي فلتة تقنية حديثة العمر.

لكن السينما تنبأت ومنذ أعوام طويلة بظهوره وقدمت بعض الأفلام صوراً متعددة للذكاء الاصطناعي سواء كان برنامج كمبيوتر أو روبوتاً أو حتى سايبورغ كانت بعض هذه الصور مقلقة وقدمت نظرة مستقبلية سوداوية لعالم يتمرد فيه المصنوع على صانعه وبعضها الأخر كان أقل تشاؤمية.

سيكون مقالنا اليوم خارجاً من وحي الذكاء الاصطناعي؛ إذ أننا سنأخذك في رحلة مميزة عَبر تاريخ السينما لنتعرف إلى أفلام قدمت تصورات سابقة لأوانها حول الذكاء الاصطناعي؛ بعضها كما سنستنج معاً كان قريباً بشكل مقلق من الحقيقة وبعضها فلنأمل ألا يكون حقيقة في أي يوم.

لكن هل يكفي استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن حبكة الفيلم لضمان نجاحه؟.. نفكر معًا في هذا المقال من "أراجيك فن" عن طريق خوض رحلة رائعة ستنطلق من واحد من أفضل أفلام الخيال العلمي على الإطلاق، الفيلم الذي قلب موازين عالم السينما بأسره فلنبدأ عزيزي القارئ!


 هال 9000 في 2001: (Space Odyssey (1968

فيديو يوتيوب

"هذه المهمة شديدة الأهمية بالنسبة لي لذا لن أسمح لك أن تخاطر بها"..

هناك مجموعة واسعة من الأسباب التي تجعل من أوديسا الفضاء عملاً أسطورياً لا ينسى بسهولة؛ الحبكة الرائعة التصوير المبدع وحقيقة أنه من إخراج المخرج الأسطوري ستانلي كوبريك تضاف إلى مجموعة الأسباب هذه بكل تأكيد.

كانت الأوديسة ملحمة من نوع خاص؛ حكاية مربكة غريبة تندمج ببراعة مع موسيقى ستراوس الحالمة، إضافة إلى مجموعة مذهلة من الصور والمؤثرات البصرية التي كانت سابقة للغاية لزمنها وشاهدة على عبقرية كوبريك التي جعلته مخرجاً فذاً لا مثيل له.

رغم وجود بعض التعقيد في قصة الفيلم إلا أن الانسجام معه ليس عسيراً، خاصة أنه قدم شريراً من نوع خاص للغاية HAL 9000 الكومبيوتر خارق الذكاء والذي يمكن اعتباره السلف السينمائي لـ Chat Gpt الشهير إنه التجسيد الأكثر رعباً لتمرد المصنوع على صانعه فهال الذي اعتبر ذروة تقنية عصره.

كان مسؤولاً بالكامل عن الرحلة العلمية إلى كوكب المشتري وكان المتحكم الأول في معظم المهام التي ينبغي القيام بها إنه آلة والآلة مهما كانت ذكية أو متقنة فإنها ستكون عاجزة عن امتلاك المنطق العاطفي الذي يحكمنا كبشر.

تتخذ الأمور منعطفاً خطرًا بعدما أصرّ هال على أن المشاكل التي تعرضت لها الرحلة كان سببها خطأ بشري لا خطأ كومبيوتر وأصبح مسيطراً متلاعباً عدوانياً وتحول إلى عدو بعدما كان الصديق والخادم المطيع وتعين على الطاقم القتال لأجل حياتهم ضد تمرد الكمبيوتر ذي الذكاء الاصطناعي.

رغم أن هال كان آلة إلا أن شخصيته المعقدة متعددة الطبقات الشبيهة بشكل مقلق بالبشر جعلته نجم الفيلم الحقيقي وواحداً من أشهر شخصيات الخيال العلمي على الإطلاق فحتى لو لم تكن قد شاهدت أوديسا الفضاء صورة هال ستكون مألوفة لك.

لقد أصبحت العدسة ذات البؤرة الحمراء التي تمثل هال أشهر من نار على علم ورمزاً من رموز عالم الخيال العلمي لقد أبدع كوبريك في تجسيد واستكشاف سحر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في زمن كان الهاتف المحمول فيه ضرباً من الخيال.

في الواقع استطاع كوبريك أن يتنبأ بكثير من المخترعات قبل عقود من اختراعها كالاتصال عن طريق الفيديو والرحلات الفضائية وغيرها مما أضاف سحراً من نوع خاص للتحفة السينمائية.

ستظل أوديسا الفضاء قصة مؤثرة ملهمة كما كانت عندما تم إصدارها أول مرة وكل ما يمكننا أن نأمله ألا يكون خيال كوبريك من الدقة بحيث نجد أنفسنا نحارب الآلات التي صنعناها بأنفسنا يوماً ما.


الروبوتات المتمردة في (Westworld (1973 

فيديو يوتيوب

"نحن لا نتعامل مع الآلات العادية، هنا هذه قطع معقدة للغاية من المعدات، إنها معقدة كالكائنات الحية تقريباً وفي بعض الحالات تم تصميمها بواسطة أجهزة كمبيوتر أخرى لذا لا نعرف بالضبط كيف يعملون". 

إن كنت قد تابعت مسلسل HBO المحير فإن عالم الفيلم سيكون مألوفاً لك فالمسلسل كان إعادة إنتاج أحدث وأكثر غموضاً لواحد من أفضل وأكثر أفلام الخيال العلمي شراسة ودموية.

تدور أحداث الفيلم في عالم مستقبلي في مدينة ملاهي خاصة بالبالغين تدعى ديلوس، تنقسم إلى ثلاثة عوالم العالم الغربي عالم العصور الوسطى والعالم الروماني تمتلئ هذه العوالم بروبوتات متقنة تشبه البشر لدرجة تجعل تمييزهم عسيراً.

إنها مبرمجة حسب العالم الذي تقطنه ومقابل مبلغ مالي ضخم يمكن للضيوف استغلال الروبوتات في أي سيناريو يرغبون فيه مهما كان وحشياً حتى لو وصل الأمر إلى القتل فالروبوتات مهمتها إرضاء الضيوف لا أكثر.

لقد بلغ التطور التقني جداً جعل روبوتات تصنع روبوتات أخرى، مما زاد في جرعة الغموض التي أحاطت بذلك العالم، فجأة تبدأ الروبوتات بالتمرد على سادتها وترفض إطاعة الأوامر لتبدأ بقتل المبرمجين وحتى الزوار الغافلين عما حدث لتتحول مدينة الملاهي المسلية إلى مذبحة يحاول فيها البشر الهرب من غضب الروبوتات الكاسح.

نجح الفيلم في تقديم تصور مستقبلي مرعب للآلات المفكرة التي تتمرد وبوحشية على صانعيها، رغم أن الحبكة لم تفسر سبب تمرد الروبوتات المفاجئ بطريقة مقبولة واكتفت بأن ما حدث كان نوعاً من الجنون الآلي، إلا أنه كان عملاً استثنائياً للغاية بالنسبة لزمنه ومرعباً بشدة خاصة أنه طمس الحدود الفاصلة بين البشر والروبوتات مما يخلق حالة مقلقة من الوحشية بالذات عندما تبدأ الروبوتات بإعدام الضيوف. 

لم يركز الفيلم على الذكاء الاصطناعي المتمثل بالروبوتات فحسب إنما قدم رؤية نفسية عميقة لوحشية الإنسان التي لا حدود لها عندما يتحرر من أعباء المجتمع وهذا ما يجعل للعالم الغربي سحراً لا يزال قادراً على إذهالنا وإثارة رعبنا بعد كل هذه الأعوام.


معنى الإنسانية في (Blade Runner (1982 

فيديو يوتيوب

"في أوائل القرن الحادي والعشرين طورت شركة تايريل الروبوتات إلى مرحلة NEXUS وهو كائن مطابق للإنسان والمعروف باسم Replicant بعد تمرد دموي قام به فريق NEXUS 6 القتالي في مستعمرة خارج الأرض تم إعلان أن المقلدين غير القانونيين على الأرض تحت عقوبة الإعدام، لم يكن هذا يسمى إعداماً كان يسمى التقاعد ".

استكشف فيلم Blade Runner عالماً مستقبلياً تحقق فيه الروبوتات تقدماً تقنياً مذهلاً لدرجة أن البشر بدأوا في ملاقاة صعوبة حقيقية في تمييزهم والتعرف على من هو بشري ومن هو روبوت.

لقد تطورت الروبوتات لدرجة جعلتهم يمتلكون وعياً وإدراكاً بالظلم المرتكب ضدهم مما يدفعهم إلى محاولة التحرر من أسيادهم لنيل الحرية.

تدور أحداث الفيلم حول ريك ديكارد الـ Blade Runner الذي يتعقب الروبوتات الشبيهة بالبشر ويحيلها إلى التقاعد وهو المصطلح الأكثر رقة للإعدام حيث يتولى مهمة القضاء على أربع روبوتات وصلت إلى الأرض بطريقة غير شرعية بحثاً عن صانعهم عن أبيهم الذي جاء بهم إلى هذا العالم.

يتوجه ريك إلى تايريل صاحب الشركة التي تصنع الروبوتاتات وهناك يلتقي ريتشيل الروبوت المقتنعة بشدة بأنها بشرية بسبب امتلاكها لذكريات ابنة أخت تايريل التي كانت وسادة عاطفية مزروعة ضمن برمجيتها كتجربة محسنة من قبل شركة تيريل التي لا يبدو أن صاحبها يرغب في التوقف عن تطوير نسخه.

فجأة يجد ريك نفسه منجذبا بشدة إلى هذه الروبوت ذات الذكريات المدسوسة إذ تفتح ريتشيل ناظريه إلى العالم الذي لم يكترث له من قبل عالم الروبوتات التي أرغمت على الاقتناع أنهم بشر حقيقيون وفجأة أصبح قتلهم ضرورة بسبب قناعتهم هذه، يتصارع ريك مع الروبوتات الأربع التي تؤكد له حقها في العيش في مجتمع لا يعترف بهم الأمر الذي يمنحه نظرة مختلفة تماماً للحياة.

يأخذنا فيلم ريدلي سكوت الكلاسيكي إلى مستقبل بائس جلبته البشرية على نفسها من خلال التطور السريع الفوضوي للتقنيات الحديثة كان الفيلم مذهلاً بصرياً بالقطع رحلة مدهشة في عالم لربما كان آنذاك بعيداً للغاية عن الواقع لكنه اليوم ومع التطور التسارع لم يعد بهذا البعد.

يتفنن الفيلم في استكشاف المخاطر والشكوك والغموض الأخلاقي المحيط بإنشاء الذكاء الإصطناعي فالحد الفاصل بين البشر الحقيقيين والمزيفين كان باهتاً غير الواضح على الإطلاق يقدم Blade Runner تساؤلات فلسفية عميقة حول معنى أن تكون إنساناً. 

لقد قدم الفيلم نظرة مستقبلية متقنة رغم أنه أنتج في زمن فقير تكنولوجياً لكن ريدلي سكوت نجح وببراعة في تجسيد مخاوف تراود الكثيرين منذ اكتشاف الكهرباء أول مرة، إلى أي مدى سيأخذنا تطورنا العلمي؟

في زمننا الحالي لا يزال الذكاء الاصطناعي محصوراً في البرامج الحاسوبية، لكن لا يمكن أن نضمن ألا نصل بالتطور إلى مرحلة نتساءل فيها إن كان الشخص الذي أمامنا الآن حقيقياً أم نسخة آلية فلنأمل فقط ألا يبلغ خيال ريدلي سكوت هذه الدقة.


ألعاب الزمن في (1984) The Terminator 

فيديو يوتيوب

"إنه لا يشعر بالشفقة أو الندم أو الخوف ولن يتوقف أبداً حتى يحين موتك" 

استطاع المدمر ومنذ بداية عرضه أن يضع معياراً جديداً لأفلام الذكاء الاصطناعي معيار لم تنجح السينما في تجاوزه حتى يومنا هذا ويمكن أن نقول وبسهولة إنه كان السبب الرئيسي في شعبية ونجاح أرنولد شوارزينجر كنجم أكشن.

كان نجاح الفيلم مشكوكاً في أمره فالقصة معقدة ولا وجود لتلك المؤثرات الخاصة المذهلة التي تجذب محبي الخيال العلمي إلى السينما، لكن نظارات شوارزينجر وملابس راكبي الدراجات الخاصة بشخصية المدمر أصبحت أيقونة ثقافية لا يستهان بها.

ويمكن القول بلا خطأ كبير إن هذا الفيلم هو الانطلاقة الحقيقية لواحد من أفضل مخرجي هوليوود جيمس كاميرون، لا تركز قصة الفيلم على الذكاء الاصطناعي المتمثل بالسايبورغ المتوحش Terminator إنما يستمتع بتطويع نظرية السفر عَبر الزمن لإضافة رونق خاص لحبكته.

فالأحداث لا تجري في زمن مستقبلي غامض، إنما يتم إرسال المدمر عَبر الزمن إلى الثمانينات بمهمة محددة قتل المرأة التي ستلد قائد المقاومة المستقبلي والذي سيقود البشر في ثورة كاسحة ضد الروبوتات التي حكمت العالم عام 2029 لتجد سارة كونر نفسها مضطرة للقتال لأجل حياتها ولأجل قائد المقاومة الذي لم يولد بعد ضد التهديد الآلي القاتل القادم من الغد.

إن The Terminator ليس فقط أشهر فيلم خيال علمي على الإطلاق لكنه قد يكون المسؤول الأول عن زرع بذور الخوف والتهديد من الذكاء الاصطناعي، في الثمانينات كان المدمر خيالاً محضاً بعيداً جداً عن الواقع لكن ومع كل هذه القفزات التقنية لابد من وجود بعض القلق الوجودي.

ماذا سيحدث عندما تبدأ الآلات تفكر بنفسها وتدرك أنها ليست في حاجة لنا بعد الآن؟ في الواقع لم تفوت السينما هذه الفرصة والجواب موجود في الفيلم التالي. 


سطوة الكمبيوترات في (The Matrix (1999 

فيديو يوتيوب

"المصفوفة في كل مكان إنها حولنا جميعاً حتى الآن في هذه الغرفة بالذات

يغوص المصفوفة في عالم مستقبلي شديد الظلامية عالم سيطرت فيه الروبوتات على العالم وعلى البشر الذين تحولوا إلى أدوات لخدمتها فرضية مرعبة أسست للشهرة الأسطورية التي حازتها سلسلة The Matrix لكن للفيلم الأول الذي جاء في ختام الألفية رونق خاص للغاية وكان واحداً من أفضل أفلام الخيال العلمي بلا أي شك.

هناك أسباب كثيرة لشعبية المصفوفة ولعل للمؤثرات البصرية المذهلة المعروفة باسم وقت الرصاصة دور كبير فيها، يتحقق هذا التأثير عن طريق حركة بطيئة للمشهد فيما تمر الكاميرا بأقصى سرعة ممكنة مما يخلق وهماً ممتعاً بصرياً أصبح علامة فارقة للسلسلة الشهيرة.

مَن منا يمكن أن ينسى الطريقة التي ينحني بها كيانو ريفز إلى الخلف فيما تمر الرصاصات بترو فوق رأسه هذه المشاهد صنعت غالبية سحر السلسلة بدون أي شك.

يستكشف الفيلم ببراعة حقيقية الرعب الكامن خلف امتلاك الذكاء الاصطناعي لوعي ذاتي يجعله متمرداً على صانعيه راغباً في السيطرة ذلك عن طريق عرض قصة مجموعة من البشر الذين يدركون فجأة أنهم محاصرون ضمن محاكاة حاسوبية.

فيما تحولت أجسادهم إلى بطاريات بشرية للروبوتات، لقد مر أكثر من عقدين منذ ظهور المصفوفة، لكنه لا يزال فيلماً ساحراً مذهلاً بصرياً لكن حبكته تصارع كي تبقى محض خيال شاسع لا أكثر فتمرد الآلات كان حبكة محببة لكتاب الخيال العلمي بسبب بعدها الكامل عن الواقعية.

لكن لو أن المصفوفة عرضت في زمننا الذي أصبح فيه الذكاء الاصطناعي لعبة في كل يد لكان قد صنف غالباً كفيلم رعب أكثر مما هو خيال علمي بعدما أصبح ما كان خيالاً حقيقة مقلقة للغاية.


عنصرية من نوع آخر في (I Robot (2004

فيديو يوتيوب

"أنتم تكلفوننا بحمايتكم، ولكن على الرغم من بذلنا قصارى جهدنا، فإن بلدانكم تشن الحروب، وأنتم تسممون أرضكم تخترعون وسائل أكثر إبداعاً للتدمير الذاتي لا يمكن الوثوق بكم حتى فيما يتعلق بقدرتكم على البقاء على قيد الحياة".

تعد قصة أنا روبوت واحدة من أفضل القصص التي خلقها خيال الأديب الأسطوري إسحاق عظيموف، لذا فقد كانت فكرة تحويلها إلى فيلم سينمائي مخاطرة من نوع مختلف.

تدور أحداث الفيلم في إطار بوليسي في عالم مستقبلي حيث تخدم فيه الروبوتات البشر بطاعة تامة وتتبع الأحداث المحقق ديل سبونر الذي لا يثق كثيراً في الروبوتات بعدما أنقذه روبوت من حادث سيارة.

بينما سمح لفتاة تبلغ من العمر 12 عاماً أن تغرق بناء على المنطق البارد واحتمالات النجاة التي تحكم هذه الآلات لذا عندما يسقط الدكتور ألفريد لانينغ المؤسس المشارك لشركة US Robotics من نافذة مكتبه يشك سبونر في حقيقة أن هذه الوفاة كانت انتحاراً.

ويستولي عليه الاعتقاد أن ما حدث كان جريمة قتل قام بها الروبوت ذو الذكاء الاصطناعي الذي يطلق على نفسه اسم سوني لتبدأ المعركة بين البشر والروبوتات والسعي المستميت للوصول إلى الحقيقة، يستكشف الفيلم احتمالية انقلاب الروبوت على صانعه بحبكة ذكية مهدت بسلاسة للحدث الأكبر وينجح الفيلم في أن يثير أسئلة عميقة حول علاقة البشر والآلات.

ويوضح أهمية وضع مبادئ توجيهية واضحة لضمان السلوك الأخلاقي وتقليل الأضرار المستقبلية ومع تطور الذكاء الاصطناعي على نحو متزايد تتزايد التساؤلات الملحة؛ هل يمكن لنا أن نضمن بقاء هذه المخترعات المتطورة مسخرة لرفاهية الإنسان؟ يغوص الفيلم في أحلك مخاوفنا بشأن مستقبلنا التكنولوجي لكنه يخفف حدة هذه المخاوف عن طريق قصة بوليسية جذابة لكن ومع ذلك لا تزال فرضيته مرعبة بشكل خاص. 


المنتقمون في مواجهة الذكاء الاصطناعي في (2015) Avengers Age of Ultron 

فيديو يوتيوب

"أنا آسف.. أعرف أنك تقصد خيراً أنت فقط لم تفكر في الأمر.  تريد حماية العالم ولكنك لا تريد أن يتغير كيف يمكننا إنقاذ البشرية إذا لم يُسمح لها... بالتطور؟ بوجود هؤلاء؟ هؤلاء الدمى، هناك طريق واحد فقط للسلام..انقراض المنتقمين".

رغم أن أفلام الأبطال الخارقين لا تنال رضا عمالقة السينما كفرانسيس فورد كوبولا ومارتن سكورسيزي وغيرهم المصرين على أنها "ليست سينما" إلا أن إنكار شعبيتها الكاسحة وجماهيريتها الأسطورية سيكون أمراً صعباً بعض الشيء.

كانت سلسلة المنتقمين قرة عين عالم مارفل السينمائي بإيرادات خيالية وجماهيرية لا تصدق جعلت من آخر أفلام السلسلة Avengers Endgame واحداً من أكثر الأفلام انتظاراً وترقباً عام عرضه، بالنسبة لكثير من عشاق عالم المنتقمين يعتبر ثانوس هو أكثر أشرار مارفل خطورة وقسوة.

إنه الشرير صاحب الفلسفة التشاؤمية الذي جعل من إفناء نصف الكون غايته الحياتية، لكن هناك شريراً من نوع آخر اضطر أبطالنا الخارقون لمواجهته بشراسة في معركة كادت أن تقضي عليهم وعلى شعبيتهم كمنقذي العالم.

إنه الذكاء الاصطناعي ألترون الذي خُلق بسبب حماقة توني ستارك وبروس بانر اللذان تعاملا باستخفاف مع القوى الخارقة لحجر العقل قبل أن يدركا مدى خطورته.

كان ألترون شريراً غريباً ذكياً بشدة وقادراً على تحوير الحقائق بالطريقة التي تعجبه وتخدم مصالحه كان الفيلم ككل أفلام مارفل في الحقيقة مثيراً للإعجاب مفعماً بالإثارة والأكشن.

لكن وعند تجريده من غلاف الأبطال الخارقين سنجد أنفسنا أمام الخوف الأزلي؛ ماذا سيحدث لو تمردت الآلات علينا؟ رغم أن الفيلم ركز على محاولات الأبطال الخارقين مجابهة هذا العدو الخطير أكثر من التركيز على طبيعة العدو.

إلا أنه كان من الأفلام التي قدمت رؤية خاصة لماهية الذكاء الاصطناعي الذي قد يكون ذكاؤه وبالاً على البشرية قد تحب أفلام الأبطال الخارقين، وقد تكرهها لكن الأمر المؤكد أنها أفلام ممتعة بشدة حتى عندما تقدم شريراً مقلقاً بلا جسد فإنها تقدمه بشكل مسل مثير ومشوق.


 هل كان الذكاء الاصطناعي كافياً في (Atlas (2024 

فيديو يوتيوب

"لو أنتجنا أشياء أكثر ذكاءً منا، فكيف نعرف أننا نستطيع السيطرة عليها؟ أعني، قالها إسحاق عظيموف إذا صنعت روبوتاً ذكياً، فإن القاعدة الأولى يجب أن تكون: لا تؤذِ البشر".

لم يعد الذكاء الاصطناعي خيالاً محضاً في أيامنا هذه لقد أصبح حقيقة شديدة الواقعية ولفظاً دارجاً على كل لسان لذا فقد تزايدت كمية الأفلام التي استمتعت بوضع الذكاء الاصطناعي في الواجهة كطريقة لجذب الجماهير المتعطشة لإرواء مخاوفها وفضولها وكان فيلم جينيفر لوبيز الأحدث Atlas من أبرزها.

في الواقع حقق الفيلم الذي عرض على منصة Netflix سخطاً نقدياً غير المسبوق حتى أنه نال واحداً من أقل التقييمات الممكنة على موقع Rotten tomatoes بلغ 19% لا أكثر لكن ومن ناحية أخرى نجح الفيلم في جذب الجمهور الذين حافظوا على حياديتهم وشاهدوا الفيلم بكثافة جعلته يقفز إلى مقدمة أفلام نتفليكس الأكثر مشاهدة. 

ليست قصة الفيلم بجديدة بأي حال حيث تدور الأحداث في عالم شديد المستقبلية عن المحللة التقنية أطلس شيبارد التي عاشت حياة مفعمة بالذنب عقب وفاة والدتها العالمة عندما كانت طفلة اخترعت والدة أطلس روبوتاً يعمل بالذكاء الاصطناعي يدعى هارلان والذي أصبح لاحقاً واعياً بذاته.

وقاد ثورة الذكاء الاصطناعي التي سببت قتل 3 ملايين إنسان ليهرب بعدها إلى كوكب آخر، بعد 28 عاماً يعود هارلان للظهور مجدداً بخطة محكمة لإفناء الحياة على الأرض بشكل نهائي، مما يرغم أطلس على وضع نفسها في مواجهة اختراع أمها الراحلة بمساعدة ذكاء اصطناعي آخر أكثر لطفاً وتعاوناً يدعى سميث. 

عند مقارنة الفيلم بأفلام سابقة تناولت نفس الثيمة نجده مهلهلاً جانحاً نحو الخيال بشدة في عالم أصبح فيه الذكاء الاصطناعي حقيقة مقلقة.

لم يقدم الفيلم أي تفسير منطقي لكراهية هارلان الشنيعة للبشرية ولعل الشيء الوحيد الجيد فيه كان المؤثرات البصرية التي تفنن براد بيتون في تقديمها.

كان الغضب النقدي تجاه الفيلم واضحاً للغاية وأثار انقساماً واسعاً مع الجمهور الذي لم ير الفيلم بهذا السوء لكن لو أننا قارنا الفيلم بالأفلام الأقدم التي ذكرناها في مقالنا هذا سنجد أنه فوت فرصة كبيرة لاستعراض مخاوف الذكاء الاصطناعي بعدما أصبح واقعاً لا مهرب منه.

ولعل هذا ما أثار غضب النقاد الذين سئموا كما يبدو من الأفلام المصنوعة للاستهلاك الفوري والتي تنسى بعد مشاهدتها بساعة وانتظروا شيئاً أكبر بكثير على عكس المشاهدين الذين استمتعوا بالفيلم وحبكته المسلية.

عَبر الأعوام حاولت السينما أن تقدم إجابة شافية لكثير من الأسئلة الوجودية التي تراودنا وهذا جزء من سحرها الخلاب بالطبع لقد كان الذكاء الاصطناعي قبل عشرين عاماً خيالاً ممتعاً.

لكنه اليوم أصبح تهديداً واقعياً وأصبح من المعتاد أن نرى صوراً ومقاطع فيديو مصنوعة بواسطة الذكاء الاصطناعي حتى أنه دخل إلى أصغر تفاصيل حياتنا وأصبح منافساً لا يستهان به، لذا كان من الطبيعي أن يصبح البطل الجديد في الأفلام السينمائية التي تحاول بشكل عام محاكاة واقعها قدر الإمكان.

كنا قد طرحنا في بداية المقال سؤالاً جوهرياً هل يكفي الذكاء الاصطناعي لصنع فيلم جيد؟.. قطعاً لا. إن الذكاء الاصطناعي مشوق ممتع مرعب لكن استخدامه ينبغي أن يترافق مع حبكة جذابة وفلسفة واضحة توضح غاية الفيلم.

إن ما يثير الاستغراب أن الأفلام التي تناولت فكرة الذكاء الاصطناعي قبل أن يتحول إلى واقع كانت مقلقة للغاية من احتمالية تحوله إلى حقيقة وأصرت على استعراض المشاكل التي قد يسببها والمخاوف التي يثيرها.

ذو صلة

أمًا الأفلام الأحداث فيبدو أن واقعية الذكاء الاصطناعي جعلته بشكل ما أقل رعباً وأكثر ألفة؛ فلنأمل ألا نجد أنفسنا يوماً ما مطاردين من قبِل الآلات التي سعينا بجد لمنحها ذكاء خاصاً بها!

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة