تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

فيلم From the book of saw: spiral.. لماذا لا تنتهي سلاسل أفلام رعب الهالووين؟

فيلم From the book of saw: spiral
سارة يحيي محمد
سارة يحيي محمد

9 د

بدأ في أواخر السبعينيات ما يسمى بأفلام رعب الهالووين وانتشرت عبر الثمانينات متحولة لسلاسل أفلام طويلة متتابعة تعرض في صالات السينما كل عام في الهالووين، وهو ما يجعلها تحظى بردود فعل واسعة وإيجابية ونجاح في شباك التذاكر، أشهر تلك السلاسل ويمكن اعتباره بداية نشأتها سلسلة “Halloween” والتي صدر منها أحد عشر جزءًا ومن المقرر عرض الجزء الثاني عشر في أكتوبر هذا العام، بنية تلك النوعية من سلاسل الرعب ثابتة فالحبكة لا تتغير، لا يتم إضافة تفاصيل جديدة على القصة كما يحتفظ الخط الدرامي بالتتابع ذاته، حتى أن طريقة السرد تتشابه ولا يختلف سوى الشخصيات والفترة الزمنية، فيكفي مشاهدة جزء واحد لتعرف كامل السلسلة.

ولا يمكن التحدث عن تلك النوعية دون التطرق لسلسلة “Saw” فهي واحدة من أشهر سلاسل أفلام الرعب في العالم، بدأت عام 2004 حتى طرح للعرض “spiral” في 26 مايو 2021 من بطولة كريس روك وماكس مينغيلا وصامويل جاكسون، إخراج دارين لين بوسمان، ليصبح الفيلم التاسع في السلسلة، فهل أضاف أي جديد على هذا النوع من أفلام الرعب أم أنه تابع في ذات المسار؟.

أقرأ أيضًا: بعد قرن من اندلاعها.. أبرز الأفلام التي صورت ويلات الحرب العالمية الأولى


ما الآتي من كتاب المنشار؟

فيلم Spiral

القصة الرئيسية في السلسلة حول قاتل أطلقت عليه وسائل الإعلام “jig saw” ويعني منشار التخريم لا يقصد القتل إنما يضع مجموعة من الأشخاص في اختبارات بغرض تعذيبهم كي يقدرون حياتهم جيدًا ويعطونها الأهمية الكافية، وإن لم يتمكنوا من تجاوز الاختبار سيموتون لأنهم لا يستحقون الحياة.. الشخصية الرئيسية في الفيلم “جون كريمر” دافعه كان الإصابة بالسرطان وبدء العد التنازلي لموته ورؤيته أن الكثير من البشر لا يقدرون الحياة لأنهم لا يشعرون بأنهم موشكون على خسارتها، وهذه الاختبارات هي أشبه بألعاب تعذيب دموية تناسب كل شخصية يقوم باختيارها.

هناك بعض القصص الفرعية الصغيرة في الأجزاء الثمانية تشكل القصة لكن بشكل أساسي الأفلام تدور حول ألعاب التعذيب التي يضع ضحاياه فيها والخيار الذي يقدمه لهم كي يتجاوزا اختباره.

لكن spiral لا يعد فصلًا جديدًا للسلسلة، فالقصة اقتبست الحبكة الرئيسية للأفلام وبنت فوقها قصة مختلفة.

المحقق “زيك” ابن الرئيس السابق للشرطة يتولى وشريكه المبتدئ التحقيق في جرائم قتل لأفراد من قسم الشرطة بنفس طريقة القاتل الذي روع المدينة في السابق، محركًا الذكرى وتاركًا رمز الدوامة ليكتشف زيك أنه في وسط تلك الدوامة.


حبكة فارغة إلا من القتل

فيلم Spiral

ميز الأفلام الأولى من السلسلة وجود شخصيات ذات قصص وخلفية أدت لاختيارهم للاختبار، وهذا ما عوض محدودية خطوط العمل وسهولة توقع مسار الأحداث، فالحبكة في تلك النوعية تتكرر في كل جزء جديد ولا يختلف سوى الشخصيات وطرق القتل.

إلا أن فيلم “الدوامة” وضع حبكة السلسلة داخل حبكة انتقام سطحية تقليدية وبسيطة للغاية، لا تناسب التعقيد الذي حاول صناع الفيلم صبغه عليه منذ البداية، اكتفى باستغلال أسلوب القتل في السلسلة وذهب مع كل الخيارات التقليدية لإجابة كل الأسئلة التي من المفترض أن تطرحها الحبكة.

الشخصيات مسطحة للغاية حتى بالنسبة لفيلم رعب تجاري، لا تملك أي شخصية تفاصيل مميزة، حتى شخصية المحقق الرئيسية كانت ممتلئة بأداء افتعالي كما لو أنها قادمة لفيلم كوميدي لن يكون مضحكًا لكنها ضلت طريقها للرعب.

لَم يتم التركيز على مسار القصة، فجاء اعتياديًا ثابتًا حتى في درجة غموضه، لا يوجد حدث حتمي تحتاج تفسيره، حتى التحقيق في جرائم القتل أتى متخاذلًا فضفاضًا بلا أي أهمية، القصة تسير نحو نهاية مُسبقة غرضها عقدة ملتوية تجعل المشاهد مبهور بحدوثها إذا لم تكن تقليدية قديمة وسهلة التخمين.

في أفلام الرعب عليك أن تقدم سؤال، حدث غرائبي أو لغز وتحافظ عليه حتى تجيبه في النهاية، وتسير عبر الفيلم في محاولة ربط قطع الألغاز كي تحصل على الإجابة، لكن في هذا الفيلم كانت الحبكة تتسم بالغباء والركود، قدم بداية قديمة لكن لا بأس بها وتفسير في النهاية تاركًا للتقليدية القيادة فيما بينهما.


أشياء فنية لَم تمر عبر الفيلم

فيلم Spiral

لم يملك الفيلم أي مقومات للنجاح في سينما اليوم، ربما بسبب انخفاض الشغف للسلسلة نفسها بعد الجزء الخامس، لأنه من المعروف أن تلك النوعية تعتمد على نجاح الجزء الأول والثاني منها ثم تستغله حتى تحتضر الفكرة تمامًا، لذلك لم تكن التوقعات قبيل مشاهدته كبيرة ولكن كلما تابعت المشاهدة انخفضت التوقعات ومع ذلك لم يستطع الفيلم إيفاءها.

بالإضافة لسطحية الشخصيات الرئيسية الخالية من أي عمق إنساني أو تفاصيل تميزها، فقد كانت شخصيات المحققين في قسم الشرطة مبالغًا فيها وشديدة الافتعال في حركاتها وانفعالاتها، كما لو أنها شخصيات مُحققين في فيلم عصابات من الثمانينيات، أكثرهم افتعالًا كان المحقق زيك، الشخصية الرئيسية في الفيلم والذي يقوم بأدائها كريس روك بمبالغة وافتعال، يؤدي شخصية المحقق الأسود الذكي كما كانت تظهر في الأفلام القديمة، النبرة والنظرات والحركات، مقاطع تمثيلية سيئة مبالغة تفتقر تمامًا للجودة.

كتابة سيئة بشكل عام، بالرغم من محدودية القصة والشخصيات واللتان لا تملكان الكثير للتركيز عليه إلا أن أيضًا الحوار كان سيئًا للغاية، تعامل معه الكاتب على أنه وسيلة مباشرة مجردة من العمق والفلسفة والدراما لتقديم المعلومات التي تنقل الحدث نحو آخر، فامتازت بعض الحوارات بالبلادة الدرامية حتى أن الشخصيات تُرْدده كما لو أنه نصًا محفوظًا، لا تتبادله مع بعضها البعض.

فيلم Spiral

هذا الافتعال الذي يظلل على فيلم Spiral بالكامل سببه أن الشخصيات مصابة بالحيرة لأنها لا تعرف إلى أين تذهب وفي أي طريق تسير، وأي لغز تسعى لمعرفة حله، كل شيء في الفيلم يبدو فوضويًا بلا سبب واضح أو دافع حتى للشخصيات أنفسها، يمكنك رؤية كل شيء يحدث لأن العمل لم ينجح في إخفائه، ولم يتعمق في الشخصيات أو الأحداث، بل مر فوقها لأنها لم تستحق الوقت كي يصل للنهاية والتي أيضًا لم تكن مبتكرة، الكتابة لم تخلق سببًا يحثك على استمرار المشاهدة، بل خلقت مادة كتابية بليدة وسيئة.

الإخراج وكادرات التصوير المختارة كانت بدائية للغاية، لم تضف أي شيء لرفع جودة الفيلم، على العكس نالت منه بسبب ضعفها الواضح حتى للمشاهد العادي الذي لا يركز عادةً على تلك التفاصيل، أيضًا الكاميرا تهتز في مواضع كثيرة قبل أن تثبت على المشهد، تتحرك بعشوائية قبل أن تدرك ما تبغي تصويره.

فيلم Spiral

المشهد الافتتاحي لفيلم spiral الجريمة الأولى والبداية، كان تقليديًا مكررًا بالكامل حتى في اختيار مكانه “أنفاق قطار الأنفاق” وتفاصيله، خدعة سرقة بسيطة يستدرج بها الضحية إلى النفق المظلم تحت الأرض قبل أن ينقض عليه مع موسيقى تصويرية صاخبة؛ بداية تقليدية بامتياز، بدأت في أفلام رعب السبعينيات ولا زالت مستخدمة ليومنا هذا تحت إصرار بعض الكتَّاب والمخرجين الذين يعتقدون أن المشهد الذي يفتتح به معظم أفلام الرعب والإثارة سيرعب المشاهدين ويدفعهم للمشاهدة، لكن على العكس هو يخفض التوقعات أكثر فأكثر لأنه بعد بداية تقليدية غير مبتكرة كتلك يصعب أن يكون هناك شيء مختلف أو جيد.

وهي تفاصيل تعود لمخرج لا يملك سيناريو جيدًا ولا رؤية إخراجية جيدة ولم يعرف كيف يدير طاقم العمل.


Spiral ما بين الرعب.. والرعب المعوي

فيلم Spiral

نقطة التركيز والارتكاز في فيلم spiral هي الألعاب التي يضع فيها الشخصيات، طرق التعذيب والقتل، والتي جزء كبير منها يقع تحت تصنيف الرعب المعوي، المعتمد على المشاهد المرعبة وإسكان المشاهد بمشهد مخيف بين كل حدث وآخر، في الرعب المعوي يكون التركيز على الدماء والقتل ومشاهد طويلة من التعذيب، وهو ركيزة سلسلة “SAW” التي تصنف ضمن الرعب المعوي، مشاهد غايتها أن تثير اشمئزازك لإثارة خوفك.

على الرغم من ذلك كانت الأجزاء الأولى تطيل التركيز على الموقف بحد ذاته، التعذيب النفسي والجسدي التي تقع فيه الضحية، سرعة تصرفها لمحاولة التخلص من الاختبار والموقف.

على العكس جاء التركيز في فيلم spiral على الرعب المعوي، مشاهد الدماء وأجزاء الجسد المقطوع، ووقت ضيق للغاية للنجاة، نفس الأسلوب في التعذيب والقتل لكن لا شيء مبتكر في الاختبارات، كل ما تشعر به عند مشاهدتها هو الغثيان، كما أن الألعاب مبنية فوق الفعل، كما لو أن الضحايا لا يحاولون إنقاذ أنفسهم بل ينتظرون أن يبدي هو الفعل قبل أن يتحركون لمحاولة إنقاذ أنفسهم.

الرعب المعوي لا يضيف أي شيء إلى سينما الرعب، لا يعتمد على القصة أو الشخصيات بل مجموعة مشاهد لا يمكنك النظر إليها دون الشعور بعدم الراحة، لذا الفيلم لم يكن مرعب أبدًا.. كان يثير الاشمئزاز.


سلسلة SAW بين 2004 و 2021

saw

تلك النوعية من سلاسل الرعب تشبه فكرة إعادة إنتاج الأفلام في حقبة زمنية مختلفة، استخدام نفس القصة مع التطورات التكنولوجية والأزياء وممثلين مختلفين، الفارق الوحيد في قصص الرعب أنها لا تقدم اختلافًا ضمنيًا أو ظاهريًا، تبقى القصة كما هي وتتطور فقط طرق البحث والتقصي عن تفسير الحدث أو حل اللغز.

الأجزاء الأربعة الأولى من السلسلة حققت ضجة واسعة، لاختلاف وجراءة طرح الفكرة، فبعد أن كان فيلمًا قصيرًا من مشهد واحد تمت كتابته عام 2001 لافتًا نظر المنتجين وتم تحويله إلى فيلم سينمائي، لاقى نجاحًا واسعًا في أسبوعه الأولى وحقق عائدات تخطت 18 مليون دولار وحينها كان مؤكدًا وجود أجزاء أخرى.

saw

لا تعود أسباب نجاحه لقصة فيلم spiral نفسه ولكن بسبب أن الرعب الدموي المفرط في الفيلم يقارب الحقيقة، فالأعضاء المستخدمة كبديل لأعضاء الإنسان في الفيلم أعضاء خنزير، كما تم التصوير في مستودع رخيص قذر قليلًا وباعث على الشعور بالخوف، كما تم استخدام أدوات رخيصة لقلة تكاليف الإنتاج، إضاءة “فلورسنت” وميكرفونات رديئة، عوامل زادت من رعب الجو المحيط بالموقف فبدا وكأنه واقعي حقيقي، بالإضافة للدمية المخيفة المشهورة عن الفيلم والتي صنعها جايمس وان أحد كاتبي القصة، لذلك تم تصنيفه أنه غير مناسب للمشاهدة لمن هم دون السابعة عشر وهو ما يمكن أن تتفهمه.

ثم انحدرت السلسلة وتراجعت نسبة مشاهدتها وانتظارها وتقييماتها، نظرًا لأن الأجزاء التالية ظلت تمتص الفكرة حتى استهلكتها تمامًا.

فيلم Spiral
ذو صلة

إنتاج جزء جديد من نفس كتاب السلسلة في حبكة انتقام لم تكن جيدة على الإطلاق، حتى أنك لم تستطع توقع الفاعل ولن تنبهر أو تتفاجأ في النهاية لأنها التزمت حقًا بالتقليدية في كل تفصيلة فيها،  هُمشت القصة والشخصيات وحتى مواقف الرعب والتسجيل الصوتي لكل ضحية قبل كل اختبار، وتم التركيز على مشاهد الدماء والقطع والقتل والتي أيضًا لم تكن تملك أي شيء من الابتكار، لذا في نهاية الفيلم لا يسعك سوى السؤال عن سبب صناعته لأن تلك النوعية لم تعد مشهور أو مطلوبة الآن، فالرعب التجاري كان قائم على أن وسيلة مشاهدة الأفلام الجديدة الوحيدة هي دور العرض، لكن في القرن الحديث مع وجود كل تلك المنصات والمواقع المجانية والمدفوعة لن يكون هناك فرصة أبدًا لنجاح فيلم كهذا في شباك التذاكر لأن لا أحد سيغادره منزله لمشاهدته.

بعد نهاية فيلم spiral الفكرة الوحيدة التي ستدور في عقلك هي ماذا كان يريد هذا الفيلم؟، لا يوجد قصة جيدة، لا أداءً ملحوظًا أو إخراجًا جيدًا، وبالتأكيد ليس هناك رعب، فقط بعض الاشمئزاز من المشاهد الدموية العنيفة؛ وإن كان هذا هدف صناع الفيلم، فبالتأكيد قد نجحوا فيه.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة