أهم ما قدّمه المُلحّن العبقري جيمس هورنر في عالم السينما
6 د
جيمس هورنر .. الموسيقار السينمائي العبقري
هل تخيّلت في يومٍ من الأيام فيلمك المفضل دون موسيقى؟ دون تلك الألحان العذبة القاسية التي تندمج مع مثالية كل مشهد من أجل تقديم اللوحة السينمائية الهادفة على أفضل نحو مما هي عليها؟ بالطبع لا .. فالموسيقى جزء لا ينفصل أبداً عن الأفلام، ولا يمكن حتى الحديث عن أهمية الموسيقى في صنع فكرة الفيلم “الجيّد” فضلاً عن “المؤثر”، ويمكننا اعتبار ان جميع من يعمل في مجال تلحين وتأليف الموسيقى التصويرية الخاصة بالأفلام هم عبارة عن عباقرة ملحنون دائماً ما يتطلعون لصنع موسيقى مبتكرة أصليّة لنقل التجربة السينمائية بأفضل أشكالها الممكنة.
يُعتبر جيمس هورنر أحد هؤلاء المبدعين في مجال التلحين الموسيقي، هو موسيقار موهوب وقائد أوركسترا توفي للأسف الشديد في الـ 22 من شهر يونيو عام 2015 نتيجة لتحطّم الطائرة التي كان على متنها في حديقة لوس بادريس الوطنية في مدينة كاليفورنيا الأمريكية، عن عمر يناهز الـ 61 بعد مسيرة موسيقية احترافية وفنيّة أخرى ليس لها مثيل اثناء تلحينه لموسيقى مجموعة من أهم الأفلام التي شاهدناها في التاريخ.
بدأت حياة جيمس هورنر الموسيقية عن طريق عزفه على البيانو في سن الخامسة من عمره، ليرتاد المعهد الموسيقي الملكي في لندن قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة ويتابع دراسته في مدرسة فيردي فالي ويتابع بحصوله على شهادة البكالوريوس في مجال الموسيقى من جامعة جنوب كاليفورنيا، ومن ثم حصل على شهاد الماستر وبدأ بالعمل للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس والتي قام لاحقاً بالتعليم فيها قبل الالتفات إلى مجال العمل مع الأفلام.
بدأ بمجال التلحين عبر بعض الأفلام الصغيرة والمشاريع المرتبطة بجمعية الأفلام الأمريكية قبل أن يعمل على أول أفلامه The Lady in Red عام 1979 لتأتي فرصته الذهبية عن طريق تلحينه لموسيقى فيلم Star Trek II: The Wrath of Khan التصويرية مُطلقةً بعد ذلك علاقة متينة بين جيمس هورنر وأفلام الإنتاج الضخم.
ما يمتلكه هذا الموسيقار من موهبة استثنائية واذن فذّة تستطيع سماع وإضافة تفاصيل موسيقية ليس لها مثيل، جعلته من أفضل ما هناك في عالم الأفلام وتلخّص ذلك بترشّحه لعشرة جوائز أوسكار بعدما عمل على أكثر من 100 فيلم، وفاز بجائزتين عام 1998 كانت عن طريق تلحينه لموسيقى فيلم Titanic التصويرية بالإضافة لتلحينه لأفضل أغنية في ذلك العام My Heart Will Go On للمبدعة سيلين ديون.
قامت الحادثة الأخيرة المؤسفة بحرماننا من هذا الموسيقار الرائع الذي ما زال يملك في جعبته الكثير والكثير لتقديمه لنا ولآذاننا في المستقبل، وتم إهداء آخر أعماله المنشورة فيلم Southpaw للنجم جيك جيلينهول تخليداً لذكراه، وهو الفيلم الذي عمل عليه بالمجّان كما صرّح مخرج الفيلم أنطوان فوكوا، ويشمل هذا العام عمل آخر شارك فيه جيمس هورنر هو فيلم The 33، وكان من المفترض أن يعمل على الفيلم المرتقب جداً في 2017 تحت عنوان The Magnificent Seven والذي تم الكشف أخيراً أن هورنر قام بتلحين الفيلم سريّاً قبل وفاته.
يمكننا الحديث أن بتلحينه لعدد من أعظم الأفلام في التاريخ قام جيمس هورنر بالتأثير غالباً على جميع متابعي السينما، سواء وافقتني الرأي أم لا، حاول أن لا تتخذ قرارك قبل تعرّفك على الطريقة التي نشر بها هذا التأثير، وذلك اثناء استعراضنا لأهم الأفلام التي شارك المبدع الراحل جيمس هورنر في تلحينها أو صنع الموسيقى التصويرية الخاصة بها..
سأبدأ أولاً بالأفلام التي حصّلت له ترشيحاً في عالم جوائز الأوسكار، حيث حاز عام 1987 على شرف الظهور الأول بين قائمة المرشحين لنيل جائزة الأوسكار بعدما لحّن وألّف الموسيقى التصويرية المثالية لفيلم الخيال العلمي الشهير Aliens، ولحّن في السنة ذاتها أغنية فيلم الرسوم المتحركة An American Tail تحت عنوان Somewhere Out There لكنه لم يفز بأي منها.
انتظر بعدها 3 سنوات ليعود إلى عالم جوائز الأوسكار، وحصل له ذلك الشرف مرة جديدة عن طريق فيلم كيفن كوستنر الشهير Fields of Dreams، فنتازيا حول مزارع تأمره بعض الأصوات في رأسه على تجهيز ملعب بيسبول في أرضه، ترشّح الفيلم بشكل عام إلى ثلاث جوائز أوسكار لم يفز بأي منها وقدّمت الموسيقى الخاصة بالفيلم طابعاً جميلاً جعلت من الفيلم عائلياً ممتعاً بما يملكه من أساسيات بسيطة.
انقل بعد ذلك هورنر للعمل مع المزيد من المخرجين الكبار وساهم عام 1995 في صنع اثنين من أروع الأفلام على الإطلاق، أولهما هو Braveheart الذي يتحدّث عن الاسكتلندي ويليام والاس ومحاولته لتحرير اسكتلندا من الدكتاتورية الإنجليزية، والثاني هو Apollo 13 الذي ساهمت موسيقى هورنر بشكل مباشر في جعل القيمة التشويقية للفيلم ثابتة فضلاً عن الطابع الدرامي الذي استطاع تقديمه في هذين الفيلمين الخالدين.
فيلما يتعلّق بفيلم Braveheart وضّح لنا هورنر الاتساع الثقافي والذكاء الموسيقي الذي يتمتع به بالنظر لتلحينه لموسيقى مختلفة تماماً عن تلك التي اعتاد عليها، وهذا العبقرية جعلته يترشّح في عام 1996 في نفس الفئة المتمثلة بأفضل موسيقى تصويرية مرتين، لكنه مع ذلك لم يفز بجائزة الأوسكار التي ذهبت في سنتها إلى لويس باكالوف الذي قام بتلحين موسيقى الفيلم الإيطالي Il Postino.
أتت بعد ذلك فرصة هورنر للحصول على تكريمه المناسب بعدما عمل على فيلم Titanic في 1997 وحصد بسبب ذلك على جائزتي أوسكار عام 1998، ليعود ويعمل مع المبدع رون هاورد في فيلم مميّز آخر هو A Beautiful Mind الذي نال بسببه ترشيحاً آخراً في عالم الأوسكار، وحاز الفيلم على أربعة جوائز لم يكن لهورنر مكاناً بينها.
عاد بعد ذلك إلى مجال أكثر درامي قليلاً عن طريق فيلم House of Sand and Fog عام 2003، وبعد ذلك ساهم في صنع أنجح فيلم في تاريخ السينما العالميّة Avatar عام 2009 الذي قدّم له ترشيحه الأخير في عالم جوائز الأوسكار، ولست مضطراً أبداً لتذكيركم جول الموسيقى الرائعة لهذا الفيلم الملحمي.
هل عليّ اخبارك الآن أو تذكيرك بأن شخص واحد أو مبدع واحد عمل على هذه الكميّة الهائلة من الأعمال السينمائية الاستثنائية؟
Aliens
Braveheart
Apollo 13
Titanic
A Beautiful Mind
Avatar
تشكيلة أفلام كفيلة أن تدخل في قائمة المفضلة عند الكثير من المتابعين، لكن كما ذكرت هذه هي الأفلام التي حصّلت له ترشيحاً في عالم الأوسكار حيث تأثيره الموسيقي الكبير لم يتوقّف أبداً هنا، لنتابع بعض الأعمال الأخرى التي شارك فيها هذا جيمس هورنر.
عمل على الجزأين الثاني والثالث من أفلام Star Trek القديمة بالإضافة إلى تشكيلة لا بأس بها من أفلام الأكشن مثل Commando عام 1985 و Red Heat في 1988.
شارك مبدعنا جيمس هورنر في فيلم براد بيت وأنثوني هوبكنز الشهير Legend of the Fall في 1994، قبل أن يضيف لمساته الرائعة إلى فيلم روبن وليامز الخالد والممتع Jumanji 1995 مثبتّاً تنوّعاً ليس له مثيل بين مجالات الأفلام وتصنيفها من جهة وبين الموسيقى المستخدمة بين فيلم درامي خالص وآخر عائلي فنتازيا ممتع.
يبقى التنوّع قائماً في أفلام هورنر حيث قام بالعمل على فيلم التشويق والجريمة الشهير Ransom للمثل ميل غيبسون عام 1996، ليتحوّل مرة جديدة إلى أفلام الخيال العلمي عام 1998 لصنع فيلم Deep Impact، وعاد في السنة ذاتها للعمل مرة أخرى مع أنثوني هوبكنز في الفيلم الاستثنائي الممتع The Mask of Zorro.
بالطبع في التسعينات ما زال هورنر في قمة طاقته، وبدأ القرن الـ 21 بتلحينه لموسيقى فيلم The Perfect Strom عام 2000، ليلحقها في العام الذي يليه بالفيلم الحربي الشهير Enemy at the Gates لكل من جود لو، إيد هاريس وجوسيف فاينس، لكن في 2004 عمل على واحد من أروع الأفلام التي ضمّت موسيقى تصويرية مؤثرة، خالدة وقويّة كانت عن طريق فيلم Troy الملحمي.
مجموعة هائلة من الأفلام التي قدّم جيمس هورنر أفضل ما لديه لتلحينها ونقلها على النحو المناسب إلى المشاهدين، وستخلد ذكراه من دون أدنى شك بين العظماء الذين حفروا بإبداعاتهم الخالدة مكاناً لن يُفنى أبداً في عالم السينما، وبالرغم من رأيي الشخصي أن الموسيقى الجيدة لا تصنع فيلماً جيداً، إلّا أن الفيلم الجيّد لن ينجح دون الموسيقى المميزة..
جيمس هورنر .. فلترقد روحك بسلام .. وشكراً لك على هذه الأعمال الاستثنائية التي لن ننساها مهما حيينا..
هذه أخيراً مجموعة من أفضل ما قدّمه لنا في عالم السينما، استمتعوا بهذه الموسيقى الراقية..
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.