تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

فيلم Mad Max: Fury Road .. أمل جديد للسينما الأمريكية

فيلم Mad Max: Fury Road - أراجيك
مهند الجندي
مهند الجندي

4 د

في العصر الراهن المكتظ بأفلام الأكشن الحاسوبية، لا يكتفي جورج ميلر بإحياء شخصية ماكس في فيلم Mad Max: Fury Road بعد غياب دام 30 عاماً على الجزء الثالث من السلسلة بصورة مدهشة وصاخبة لم نشهد مثيلاً لها في السنوات الأخيرة، بل أيضاً يُخرج أفضل ما في جعبته ليعيد الثقة بأفلام الأكشن المصنوعة يدوياً ورقمياً، لهدف فني ممتع آخر إلى جانب الأرباح الماديّة، بتصميم مُنظّم لكل إطار حركي على حدا مهما كان ثانوياً، نشاهده بأم أعيينا بوضوح وسلاسة، مؤسساً من خلالها قوانين مغايرة تكاد تكون ثورية عن كيفية صناعة فيلم صيفي يستحق وقت المشاهد.

عشر حقائق مُثيرة عن جيمس بوند .. الجاسوس البريطاني الأشهر


فيلم Mad Max: Fury Road – البدايات

ينبع مصدر هذه الرؤية والعناية الدقيقة بكافة تفاصيل الفيلم من شغف واضح للفكرة السينمائية التي استفزت طبيب الطوارئ السابق هذا للتحول إلى الإخراج السينمائي، إنه صانع أفلام استرالي كشف عن موهبته لأول مرة عام 1979 عندما قدّم الجزء الأول من السلسلة مع النجم ميل غيبسون، بفكرة يوظفها هنا كوقود مشتعل لا ينضب، تجتمع عليها كافة أطراف الحكاية بدءً من صانعه وصولاً لأبطاله؛ تتعطش شخصيات الفيلم إما للماء الذي يبقيها على قيد الحياة، للحظة بطولية صغيرة تُخلد أهميةً لحياتها البائسة، لخليفة يبقي عرشها مصوناً كما هو، أو لمجرد النجاة والعثور على حبل خلاصٍ من ماضٍ تعيس عبر طريق غاضب مجنون يمثل نظرية “عليك المرور بالجحيم من أجل الوصول إلى النعيم”.

فيلم Mad Max: Fury Road - توم

يُركز جورج ميلر بدوره في هذا الفيلم ألا يكون إعادة للنسخة الأصلية أو تكملة مباشرة للسلسلة عموماً، بل لضخ مياه منعشة في نهر مسيرته القديمة التي تحولت إلى أفلام العائلة والرسوم المتحركة، وأغلبها مميز مثل Lorenzo’s Oil و Babe: Pig in the City و Happy Feet بجزأيه، مما يؤكد أن جورج ميلر ليس مخرج أفلام ترفيهية حركية وحسب، وإلا لكانت قائمة أفلامه مثل قائمة أفلام جون وو.

إنه في الحقيقة روائيٌ مهتم بمواضيع حساسة تحاكي الوضع المعاصر في العالم بأسره، ومنها المساواة بين الجنسين، وتبعية الدينية العمياء، مشيراً إلى أن الشعوب لا تريد قائداً مغواراً لا يقهر بقدر حاجتهم الأساسية للحياة، وعنايتهم بأولئك الذين يهتمون لأمرهم مهما كانت الظروف وبأي ثمن كان.

إحدى نقاط قوة جورج ميلر ضمن هذه السلسلة هي قدرته على ابتكار منافذ وزوايا مختلفة للنظر على هذا العالم المقفر، خاصة بتعزيزه هنا لدور المرأة وغرسها بين جذور حكايته الجوهرية، ليس فقط كبطلة تحارب أشرارها للوصول إلى الواحة الخضراء بل بتصويرها على أنها الأرض الخصبة والمثمرة الوحيدة في هذا المكان الخالي من أي أمل أو ماء أو كلأ.

كما أن المشاعر التي ستنتابك أثناء مشاهدة فيلم Mad Max: Fury Road من توتر وإثارة وغضب وجنون وصخب ومبالغة حركية قصوى، جميعها تساهم باستقطاب جمهور لا يملك أدنى فكرة عن تاريخ السلسلة وتأثيرها على سينما الأكشن في الثمانينات والتسعينيات (ماكس يأكل سحلية قبل حتى أن نرى وجهه)، وعليه بدا لي أن جورج ميلر تعمّد حبس أنفاس المشاهد دون كلل أو راحة ليعكس حال اليوم الدموي الاعتيادي في هذه البيئة الدموية التي لا ترحم.

فيلم Mad Max: Fury Road - تشارليز

تجدر الإشارة كذلك للتغيير الذي طرأ على شخصية ماكس وفعالية دوره في هذا الجزء، إنه مشاركٌ في بطولية جماعية تتصاعد أهميته بين المجموعة شيئاً فشيئاً وليس بطلاً أوحداً كما كان في السابق. إنه تأكيد آخر على تهميش عنصر الفرد أمام قوة الجماعة، ومن الرؤيا المنعشة التي يوظفها جورج ميلر بخفة وذكاء دون أي يكترث لها المشاهد من شدة انغماسه في هذه الرحلة المضنية.

كأي مخرج مغرم بالعالم الذي يبتكره، يصوّر جورج ميلر الفيلم مستعيناً بالمصور السينمائي وخبير الصحراء جون سيل (من أعماله التي لا تنسى The English Patient) على شكل لوحات وحشية أخاذة الجمال وهائلة بنطاقها ومداها البصري (تم تصوير أغلب مجرياتها في صحراء ناميب الإفريقية الممتدة بين ناميبيا إلى أنقولا)، نعم هناك استخدام مبطن للشاشة الخضراء، بيد أن ميلر من رواد المدرسة القديمة ومن المؤمنين بقيمة العدسة الحقيقية في جذب الجمهور إلى قلب الأحداث لخدمة القصة التي يرويها.

فيلم Mad Max: Fury Road - بوستر

لن يفوز فيلم Mad Max: Fury Road بأوسكار أفضل فيلم، وتوم هاردي يبدو متحفظاً ومؤدياً لدوره أكثر من اللازم، لكن كما كان Mad Max مؤثراً ومُلهماً وقت عرضه قبل 35 سنة، يأتي الجزء الرابع الآن في زمن باتت السينما فيه بحاجة لذات التأثير والإلهام ليلعب دور المنقذ أيضاً مثل شخصية ماكس تماماً، متجاهلاً ما هو سائد سينمائياً أو تقليدي لأي نمط حركي دارج حالياً.

ذو صلة

يا له من يوم جميل بالفعل!

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة