فيلم “القرد بيتكلم”.. وجبة سهلة الهضم تنقصها “التوابل”
3 د
ليس المعيار بالتأكيد على الفيلم الجيد تحقيق إيرادات ضخمة، ولكنها عدة عوامل قد لا تشمل أحياناً جودة العمل الفنية، ولكن “القرد بيتكلم” نجح بعدة عوامل أن يكون عمل جيد، يحقق معادلة الجودة، والإيرادات، وإن كان تأثر مخرج العمل “بيتر ميمي” بالسينما الغربية ظهر في بعض كادرات العمل، وجانب من القصة.
الاقتباس والالتباس
بالطبع نحن من مشجعوا التجارب الجديدة الجيدة، التي تحاول أن تقدم سينما جيدة لنا تصويراً، وإخراجاً، ولكن هناك عدة عوامل يجب أن تراعى، أولها “لا تقتبس حرفياً”.
أنا من متابعي أعمال المخرج بيتر ميمي، منذ فيلم الهرم الرابع والذي أعجب به كثيرون، ولكني أيضاً من متابعي مسلسل “Mr robot ” لرامي مالك، لأرى أن هناك مشهد اقتبس حرفياً بتفاصيل الديكور السيناريو، والإخراج، لذلك تكوّن لدي طابع أن بيتر ميمي تأثر بالأعمال الغربية، وحاول أن يقدم نفس المستوى، ولكن إن أردت أن تقتبس لتجعل من العمل مختلف، هناك شروط تجب أن تراعيها.
حتى لا أطيل ونتكلم بعيداً عن فيلمنا، “القرد بيتكلم” كان مستوى متقدم من الأعمال، محاولة لمحاكاة مدرسة تصوير مختلفة، محاولة للخروج عن المألوف، لم يكن كما توقعت نسخة كربونية من “can you see me” بل حمل الطابع المصري، والواقع العربي، ولم يكن هناك اقتباس سوى في بعض الكادرات الجديدة التصويرية، وإن كنت لست ضدها، نقتبس اليوم، وغداً نخلق مدرستنا الجديدة.
قوة السيناريو!
بالطبع يمكن أن نتحدث عن اللون الفني الذي قُدم في فيلم “القرد بيتكلم”، والذي يوازي الأفلام الهوليودية التي تدور حول استخدام خفة اليد والغموض، حيث يكتشف المشاهد في نهاية العمل، أن تفكيره يدور بالكامل في جانب، ولكن العمل يدور في جانب أخر، وفلك مختلف تماماً.
“القرد” حاول أن يكون قوياً في تقديم أفكار مختلفة، ولكن لم ينجح بالشكل المتوقع، اعتمد العمل في فكرته على النظرية الرئيسية في استخدام ألعاب الخفة، وهي الإلهاء في شيء فرعي، لأجل الحدث الرئيسي، هذا كان البناء الدرامي للعمل بالكامل، وحتى بناء الشخصيات.
ولكن افتقد العمل للحبكة الدرامية القوية، وعلى الرغم من ذلك تواجد تلك النوعية من الأفلام في السينما المصرية أمر مبشر، لعل بعض صناع السينما، يتحرك بداخلهم إحساس بتواجد نوعيات مختلفة في السينما، خيراً من ثلاث أنوع قد حطمت فؤاد المشاهد العربي واستهلكت بالكامل “كوميديا، جريمة، أفلام تافهة”، ولكن الرسالة التي يجب أن توجه، أن القصة تحتاج لأكثر من مجرد حبكة عادية، بل نحتاج تلك الأعمال التي تصدمنا، تفاصيل تدور في فُلك العمل، ولكن المشاهد يغفل عنها جميعاً، ومع نهاية العمل يلطم المشاهد وجنته متسائلاً “كيف لم أدرك كل ذلك؟”.
العدالة ستنتصر!
هناك ما يسمى بأخلاقيات العمل الفني، حيث أن العدالة يجب أن تنتصر، لا يجب أن ينتصر الشر، بل أنصر الخير دائماً، فهذة عدالة السماء التي يجد المشاهد ضالتها أحياناً في أحلامه، وأخرى في أفلامه، وقليلاً في دنياه، ليس المقصود أنه ليس هناك عدالة الكون، ولكن أحياناً لا نراها أمام أعيوننا، فدائماً ما أحث على أن يكون العمل أخلاقياً، ولكن في فيلم “القرد بيتكلم” تُركت النهاية مفتوحة، ولم نجد من احتجز أناس، أو سرق آخرين، حتى وإن كانوا فاسدين يقبعون وراء القضبان، بل كانت الغاية نبيلة وهي محاولة إخراج والده المظلوم من السجن، بوسيلة فاسدة وهي السرقة والاحتجاز، وتلك ليست من أخلاقيات الحياة، وليست أخلاقيات كتابة السيناريو.
المتعة
ليست كل الطرق مظلمة، بل أعجبني بالتأكيد متعة العمل، فالعمل حرفياً ممتع بكل ما تحملة الكلمة من معنى، رتم سريع للغاية، تفاصيل ليست بالكثيرة، سهلة الهضم والإدراك، بمجرد جلوسك لمشاهد العمل فستشعر أن العالم يركد من حولك، وستمضى الساعة ونصف الساعة دون أن تشعر، ستخرج مبتسم، من وجبة سهلة الهضم، وصحية، وبها جرعة جيدة من الفن، والتصوير الجيد، والمشاهد الممتعة.
في النهاية: القرد بيتكلم خطوة على طريق من خلال تقديم نوعيات مختلفة من الأفلام الجيدة، ونقلات في استخدام تكنيكات تصوير مختلفة، فقط ينقصها السحر الخاص بنا كعرب، وستصبح لنا أعمال التي قد تكون نواتها أعمال مثال: “القرد بيتكلم” لنصل لما أبعد أن ترى أعيننا.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.