تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

14 Peaks: Nothing is Impossible.. وثائقي عن تسلُّق قمم الأحلام والعيش بعيدًا عن الحفر

14 Peaks: Nothing is Impossible
نور الهدى بن الحاج
نور الهدى بن الحاج

4 د

وأنت تفكّر في العام الجديد، فكّر في اجتياز مخاوفك وفي مصافحة هواجسك. فكّر في أحلام حال بينك وبينها القلق والرعب وفي ضحكات وانتصارات ولذّات لم تنجح في افتكاكها من بين ضلوع هذا الوجود لأنك خائف من الخسارة ومن الموت، أم الخسارات. فكِّر في ما لم تفعل وما ستفعل إن نجحت في نزع ثوب المخاوف، وشاهد هذا الفيلم الوثائقي 14 Peaks: Nothing is Impossible الذي لم يخلُ من الخوف، ولكنّه خلا من الانسياق نحوه والعيش في جلبابه.

يترجم هذا العمل بيت شعريا لأبي القاسم الشابي، مازال خالد في قلوبنا:


وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَـالِ

يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر


المشروع الممكن الذي اتّفق الجميع على كونه مستحيلًا

المجد للحالمين عمومًا ولنيرمال بيرجا، المتسلّق النيبالي الشابّ الذي صوّر هذا الوثائقي حلمه في تسلق أعلى 14 قمة جبلية في ستّة أشهر فقط. وهو رقم قياسيّ وصفه متسلّقو الجبال بكونه رقمًا جنونيًا لا يمكن لأحد أن يحقّقه.

انخرطت هذه الفكرة في إطار مشروع سمّاه صاحبه بالمشروع الممكن أو Project Possible بالإنجليزية، وكان في هذه التسمية أصلًا تحدٍّ واضح للمشككين والمستثمرين الذين لم يؤمنوا بنجاحه وقد ضمّ، إلى جانب نيرمال، ثُلّة من النيباليين الذين اعتادوا صعود الجبال والذين كان لكل منهم شغف في هذه الحياة. بين راقص وطريف وقوي وسكّير، بدأت القصّة في الرابع والعشرين من أبريل سنة 2019 لتستمرّ طيلة سبعة أشهر وقد كان الشعار الذي ظلّ يرفعه هذا المتسلّق في وجه التشكيك: "أنا أؤمن ولذلك سأنجح!".

قام هذا المشروع على ثلاث محطاتٍ كانت أولها جبال النيبال في أبريل ومايو ثم قمم باكستان في يونيو ويوليو وأخيرًا بين النيبال والصين في سبتمبر وأكتوبر وكان المشترك الوحيد بين كل هذه المحطات ارتفاعها الشاهق الذي تجاوز 8000 متر. عرضت نتفليكس هذا الوثائقي الذي صوّر مغامرةً رياضية كنّا نخالها بعيدة كتلك القمم لأول مرّة يوم التاسع والعشرين من نوفمبر هذا العام وقد دام العرض 101 دقيقة، فاز بعدها بتقييمات إيجابية أوصلته إلى 8 نجوم من أصل عشرة على منصة IMdB.


مشروع يهدف أساسًا لافتكاك الاعتراف بالنيباليين!

ما الهدف الذي قد يدفع بشخص ما إلى المخاطرة بحياته بين قمم جبلية يكسوها بياض الثلوج ويحيط بها سواد الخطر والسقوط؟ إليك الإجابة:

إن لم تكن أحد أولئك الفتيان الأوروبيون "الذهبيون"، ستقزّم انتصاراتك وستُحبط عزيمتك ولن تجد غير النسيان والتهكم والسخرية إن أخطأت، إذ أن البطل لطالما كان أبيض البشرة، أخضر العينين كما لو أن البطولة كانت على صلة وثيقة بهذه الخصائص الجينية. يردد نيرمال كلامًا يشبه هذا الذي قيل طيلة الفيلم كما يردد فكرة الانتصار للنيبال، هذا البلد الفقير، وللمتسلقين النيباليين الذين هزمهم النسيان وغلبتهم الصورة البيضاء للأوروبيين. نجد من بين هؤلاء الأبطال الذين حُكم عليهم بالنسيان المتسلق النيبالي تينسينغ نورغاي الذي كان أول من نجح في الوصول إلى قمة إيفريست رفقة النيوزيلاندي إدمون هيلاري، حيث لم يتمكن هذا الأخير من الوصول إلى أعلى الجبل رغم محاولاته العديدة إلّا بمساعدة هذا النيبالي العظيم. تعكس كل هذه العبارات ألمًا نابعًا عن غياب الاعتراف بشعوب عاشت وما زالت تعيش تحت وطأة التهميش الدولي والاستغلال الاقتصادي ولعلّ هذا الهدف كان هدفًا رئيسيًا لا يقلّ أهميّة عن هدف تحقيق حلم تسلّق أعلى القمم في مدّة قياسية قصوى. 


طريق الحلم محفوف بالصعوبات

لم يظهر الاستنكار للضعيف الحالم وللقادم من دول العالم الثالث كما يحلو للبعض تسميتها فقط في محاولة نيمس لافتكاك الاعتراف بالنيبال والنيباليين بل تجاوز ذلك ليسيّج طريق هذا المتسلّق الشاب بصعوبات عديدة من بينها عدم دعم الفكرة ماليًا أو حتى معنويًا وعدم القبول بتغطية مصاريف هذا المشروع، مما جعله يرهن بيته ويضع حياته المهنية والزوجية على المحكّ. لكن الجانب الماديّ لم يكن العنصر المعرقل الوحيد، فقد كان أخُ نيرمال الأكبر ضدّ قرار تركه للعمل في الجيش. كان يرى كالكثير منّا ومن أفراد عائلاتنا أن المضي خلف أحلام قد تصير أوهامًا هو ضرب من ضروب المخاطرة والغباء، خاصة وأنّ هذا البطل كان هو من يعيل والدته التي أوشكت على الموت تمامًا كما يفعل أصغر الأبناء في العائلات النيبالية.

جاءت بعد المصاعب المالية والمشاكل العائلية والعراقيل البيروقراطية التي اعترضته في الصين آراء خبراء التسلق لتزيد الطين بلّة، إذ أجمعوا أنه مقابل كل ثلاثة يحاولون تسلق هذه القمم يموت متسلق وأن المهمة غير معقولة خاصة في فترة قدِّرت بستة أشهر. 

ذو صلة

يحملنا هذا الوثائقي بين جبال الهيمالايا وعلى قممها ثم يصوغ لنا الدروس ويراقصنا في الحفلات التي تنسينا الخيبات. يدافع عن الحلم وعن الطموح بروح نيمس اللطيفة والقوية وبكلامه الملهم وبالخطط التي يرتجلها. يصرخ هاتفًا بضرورة التعاون، محفزًا للهمم ومناديًا بروح الفريق ثم يشرب نخب البقاء على وجه الحياة بعد انهيار الثلوج ونقص الأكسجين. يرفض أن يترك صاحبه الذي كاد يموت ويواجه الموت عن قرب دون أن يفكر في مواصلة هذا الحلم دونه وبعد كل هذا يعود لوطنه ولأحضان والدته حاملًا في قلبه صمود الجبال وصفاء السماوات. 

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة