ترشيحات لأفلام قصيرة على اليوتيوب لا تفوت مشاهدتها
6 د
فن صناعة الأفلام القصيرة ورغم انتشاره لا يحظى بحفاوة الاهتمام التي تحظى به الأفلام الروائية الطويلة، رغم أنه ممتع ومثمر فكريًا وبصريًا، في هذه المقالة سأرشح بعضًا من الأفلام القصيرة العربية والأجنبية التي تستحق المشاهدة.
Bus 44
كل شيء يبدو عاديًا وهذه هي الميزة، كانت تلك أول الكلمات التي وصفت بها هذا الفيلم القصير، فالأحداث تسير في نسق لا يبوح أن القادم سيكون مُبهرًا وساحرًا إلى هذا الحد.
من اسم الفيلم -الصيني والمترجم للإنجليزية- bus 44 فتدور أحداثه داخل الباص وبالقرب منه، تبدأ الأحداث برجل يرفع يديه حتى يستقل الباص الذي أنتظره لمدة طويلة، ثم تنساق الأحداث في ١٠ دقائق يتبدد فيها شعورك بين الإعجاب والخوف وقلة الحيلة والابتسامة التي ستعلو شفتاك بالنهاية وبأنك خُدعت بتلك السهولة والبساطة.
يمكنني أن أسلط الضوء على الفكرة ومدى تميز جوانبها الفنية والإنسانية، ولكن قد يُخمد هذا لهيب الاحتفاء بالعمل، فجماله وصدمته -في نظري- عندما تشاهده لأول مرة دون سابق معرفة بأي حدث، الفكرة والتنفيذ متكاملان إلى حد كبير، وحركات الكاميرا تُبرز تفاعلات الأشخاص بصورة ممتازة، إلى جانب ميزانية العمل التي لم يتكبد صانعوه إلا عناء الفكرة فقط فهو مصنوع بأبسط الإمكانيات، وأقول أنه علينا جميعًا أن نتابع السينما الصينية واليابانية دائمًا حتى لا تفوتنا مثل هذه المتعة.
أقرأ أيضًا: أفلام قصيرة ووثائقية يجب أن تشاهدها في وقت فراغك
The black hole
إن لم يكن الإنسان رقيب نفسه أو ذا ضمير داخلي حيّ، فسيكون في الأرجح خائفًا من السلطات التي تعلوه، فهو قد فقد بوصلته التي توجهه، فسيخاف من سلطة مديره في العمل أو يخشى الكاميرات المثبتة فوقه، ولكن إذا قلت لك إنه يمكنك اختراق كل تلك العقبات عن طريق الثقب الأسود فماذا ستفعل؟
فيلم قصير مدته ٣ دقائق فقط من إخراج أولي ويليامز وفيل سانسوم، تكشف الكاميرا في البداية عن موظف يبدو أنه سئم العمل الروتيني -يقوم بدوره نابليون ريان- ثم يكتشف الموظف أنه يمكنه اختراق كل شيء تقريبًا عن طريق الثقب الأسود.
الإخراج كان عبقريًا فحركات الكاميرا والكادرات القريبة بينت بوضوح تعابير الوجه وتحولاته السريعة، ورغم قِصر الفيلم إلا أنه يبين لك مدى سيطرة الجشع والطمع على الإنسان، وما الذي يمكنه أن يفعل إن غفلت عنه الرقابة أو إن أدرك أن جرائمه لن تُكتشف، ونهاية مصير الموظف تستحق منك أن تشاهد هذا العمل.
Next floor
أتذكر ذلك الفيلم الإسباني الشهير The platform الصادر عام ٢٠١٩؟ يوجد نسخة مصغرة منه وهو فيلم next floor القصير الذي يسبقه بـ ١٠ سنوات تقريبًا يحكي حكاية مشابهة لكن بأسلوب إخراج وفكرة مختلفة ولكنهما مترابطان في نظري.
الفيلم صادر عام ٢٠٠٨ من كتابة وإخراج Denis Villeneuve، بعد لحظات من افتتاح الكادر على عيون أحد الرجال، ستتراجع الكاميرا إلى الخلف لنرى المشهد التالي من منظور أعلى، فنجد طاولة كبيرة تحوي عشرات الأصناف من اللحوم وحول تلك الطاولة رجال ونساء يأكلون بشراهة وبسرعة فائقة، المثير في الأمر أن الأصناف المقدمة تحوي حيوانات غريبة فمنظر الطعام يحفز على القيء لا على الأكل إطلاقًا.
طيلة الفيلم لا تسمع سوى كلمة واحدة ”next floor“ وتهبط طاولة الطعام معها إلى طابق آخر وكذلك الحاضرين، تتسخ ملابسهم -فتصبح مليئة بالتراب جراء السقوط من الطابق الأعلى- وكذلك الطعام مع ذلك ينظفونه ويكملون تناوله.
على مدار الفيلم ستتعامل مع عيون الممثلين فتلمح بكاءهم وتلمح ترابط أيديهم، وتلمح عجز أحدهم أن يأكل مع البقية، يحمل الفيلم مدلولات قوية تتطلب تفكيرًا عميقًا حتى تستخلص تلك العِبر منه، هل تظن أن تلك المشاهد تُمثل الجحيم في الحياة أم هو صراع النفوذ أم تظنه صراع البقاء؟ شاهد حتى تجاوب.
Pitch black heist
رجلان خبيران في سرقة الخزائن يجتمعان معًا من أجل تنفيذ مهمة شديدة الخطورة، ولكن العائق الأكبر ليست المهمة وإنما اختلاف طباع كُل منهم.
فيلم قصير إنتاج عام ٢٠١٢ من إخراج john MacLean وبطولة Michael Fassbender و Liam Cunningham، وتم كَسر الجدار الرابع في هذا الفيلم حيث كانوا ينادون بعضهم البعض بأسمائهم الحقيقة.
ليام لا يأخذ أي شيء على محمل الجد، فهو يبحث عن المرح والفكاهة، بينما مايكل شخص لا يتقبل تلك التصرفات فهو حازم جدًا، ولكنه مطالب أن يتحمل تلك التصرفات حتى إنهاء العملية، التي تتطلب اتباع خطة مُحكمة بداية من كيفية السير إلى الخزينة وحتى طريقة فتحها، ولكن جالت في خاطر مايكل فِكرة أثناء التنفيذ غرضها تأديب ليام فماذا حدث؟
عشق آخر
أخيرًا وصلنا إلى القائمة المصرية، عشق آخر هو فيلم مصري من إخراج هبة يُسري عام ٢٠٠٦، تدور الأحداث على مدار ٢٠ دقيقة في منزل هبة يسري -وهي كاتبة ومخرجة ومألفة وممثلة بالفيلم- التي كانت تحلم في ارتياد معهد السينما الذي طالما كان حلمها وطالما عارضها أبوها باعتبار الفن حرام.
الفيلم تعرض للكثير من القضايا التي غالبًا ما يمر بها أكثر من نص الجيل، فيعرض فكرة تحكم الآباء في مصير أبنائهم الدراسي والفني، وتجميد طموحهم وعدم تشجيعهم على ممارسة هوايتهم رغم إيمانهم أحيانًا أنهم يملكون الموهبة، بل ربما كان الآباء أنفسهم يمارسونها من قبل.
لم تتخلَّ هبة أبدًا عن حلمها رغم الرفض القوي الذي واجهته كانت حالمة جدًا، فالفيلم ستسمع الكثير من الأغاني التي تعطي حالة من الدفئ والطمأنينة، كما أن الأداء التمثيلي كان واقعيًا وشبيهًا بمرارة تلك المشكلات.
غير قابل للتلف
فيلم مصري قصير إنتاج عام ٢٠١٢، قصته بالأساس تتمحور في سياق ثورة ٢٥ يناير، ويتميز الفيلم بزاوية تصويره حيث أتبع المخرج زاوية ”POV“ والتي تصبح فيها الكاميرا هي عين الشخص.
فاز الفيلم بالمركز الأول في مهرجان تروب فست، فكرته بسيطة للغاية شخص مصاب برصاصة في وجهه في إحدى المظاهرات ثم يلتقي بصاحبه حتى يُخرج له تلك الرصاصة على مقهى في أحد الشوارع الجانبية وسط دهشة عامل القهوة وزبائنه، ومن ثم يدور حوار قصير تسمع معه صوت الهتافات والرصاص في الخلفية.
فيلم بسيط جدًا مصنوع بأقل الإمكانيات، مدته ٥ دقائق استطاع فيهم تسليط الضوء على ثورة الربيع العربي في مصر، الفيلم للمخرج محسن حسين أنور.
يا ليل يا عين
فيلم سوري من إخراج نضال الدبس، فيلم يقدم الإنسانية بشكل جديد ودون أي كلام فقط صوت المغني وهو يقول ”يا ليل يا عين“ تعابير الممثلين تحكي الحكاية إلى جانب حركاتهم ونظراتهم.
في سيارة أجرة تجلس فتاة أمام شاب كلاهما يبدو عليه الإرهاق والتعب، تمكن منهم النعاس في لحظات وتملكهم التوتر طيلة الوقت، ثم تَصحبنا الكاميرا معهم في حياتهم حتى نتعرف عليهم شيئًا فشيئًا.
يُبرز الفيلم في ظاهره المعاناة والمشقة التي يتكبدها الإنسان في عمله، وإضافة إلى ذلك معاناته في افتقاد المشاعر والرفيق، يوضح هذا العمل الفني أن الرجل كالمرأة فالجميع يعاني على حد سواء دون مزايدة، ونلمح تشابهًا تامًا في بعض الحركات وأسلوب المعيشة، الكادرات رغم بساطتها تحمل سلاسة في نقل الصورة والتمثيل على قدر كبير من الإجادة.
وها قد انتهينا من عرض مجموعة بسيطة من الأفلام القصيرة التي أظن أنه على الجميع أن يشاهدها، وبشكل عام أحرص على متابعة الأفلام القصيرة، فهي تحمل في كثير من الأحيان معاني كثيرة وقوية وتضمن المتعة في أقل عدد من الدقائق، وتلك المميزات قد لا تجدها أحيانًا في بعض الأفلام الروائية الطويلة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.