تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

مراجعة فيلم The Suicide Squad: حين تُبنى قصة بأنقاض أخرى

فيلم The Suicide Squad
محمود حسين
محمود حسين

9 د

 

يُمثل فيلم The Suicide Squad أحدث الإنتاجات السينمائية المُدرجة ضمن تصنيف أفلام الأبطال الخارقين المستوحاة من القصص المصورة؛ حيث تم طرحه قبل أيام قليلة في دور العرض السينمائية بالتزامن مع عرضه عبر منصة HBO Max، الفيلم من تأليف وإخراج جيمس غن في أولى مشاركاته بعالم دي سي السينمائي الممتد “DCEU”، بينما يضم طاقم التمثيل مارجو روبي، إدريس إلبا، دانييلا ملشيور، جون سينا، فيولا ديفيس، بجانب مشاركة سيلفستر ستالون بالأداء الصوتي.

يحل فيلم The Suicide Squad بالمرتبة الحادية عشر ضمن تسلسل أفلام عالم DC، كما أنه يُمثل الإصدار الثاني من السلسلة الفرعية Suicide Squad التي بدأت في 2016، لكن لا يمكن الاعتداد بهذا الفيلم كجزء ثاني بالمعنى المتعارف عليه وكذا لا يمكن اعتباره عملية إعادة تقديم “Reboot” بصورة كاملة، لعل أقرب توصيف لهذا الفيلم أنه تصحيح مسار لسلسلة سينمائية انحرفت بأولى خطواتها! والسؤال هنا إلى أي مدى نجح الفيلم في تحقيق هذا الهدف؟


قصة فيلم The Suicide Squad


قصة فيلم The Suicide Squad

يتابع فيلم The Suicide Squad سرد قصة “الفرقة الانتحارية” -المعروفة رسمياً باسم الفرقة (X)- التي تضم عدداً من الخارجين عن القانون ذوي القدرات الفائقة أو الخارقة، التي قامت الحكومة الأمريكية بتشكيلها للاعتماد عليها في تنفيذ المهام بالغة الخطوة والتعقيد خارج أراضيها، وذلك لتفادي المساءلة الرسمية أو الإحراج الدبلوماسي، تترأس ذلك المشروع وتشرف على عملياته “أماندا ويلر”، التي تعيد هيكلة الفريق هذه المرة وتختار المُجرم المُدان “روبرت دوبيوس بلودسبورت” لقيادته وتُجبره على ذلك.

يُرسل الفريق إلى إحدى الدول الجُزرية في أمريكا اللاتينية والتي شهدت انقلاباً على نظام الحكم مؤخراً، وذلك بهدف تدمير مشروع بحثي سري يُجرى داخل أحد المعامل الحصينة المُقامة على أرضها، نظراً لتشكك الإدارة الأمريكية في نوايا النظام الحاكم الجديد، لكن مع وصول أعضاء الفريق إلى أرض المهمة يدركون أنها أكثر تعقيداً مما تصوروا وتتكشف لهم تباعاً العديد من الحقائق الغائية ومن ثم تتوالى الأحداث.


فيلم The Suicide Squad.. حُسن استغلال الفرص المُهدرة

فيلم The Suicide Squad

واجه صُنّاع فيلم The Suicide Squad -وبالأخص جيمس غن كاتباً ومخرجاً- تحديات غير معتادة وأغلبها لا يتعلق بالجوانب الفنية، فلم يكن مُطالباً -كما المعتاد- بتقديم بمجرد تقديم فيلم مستوحى من الكوميكس جيد من حيث البناء ومُبهر على مستوى الصورة، مع قدر مناسب -إن أمكن- من الاختلاف عن الكم الهائل من أفلام الفئة نفسها التي جرى تقديمها بالسنوات الأخيرة، إنما التحدي الأكبر والأصعب تمثل في أنه جاء ليستكمل أحداث سلسلة توقع الكثيرين نهايتها بعد فيلمها الأول.

تتمثل أولى عوامل تميز الفيلم في أنه استطاع تحويل أكبر نقاط ضعفه إلى نقطة قوة، حيث استغل كونه جزءاً ثانياً -ولو نظرياً- في تجاوز التمهيد والتعريف بدور الفريق، وعزز هذا الأمر أسلوب السرد -غير المنتظم زمنياً- الذي اختاره من البداية، ويُحسب له أنه لم يسرف في اتباع هذا الأسلوب، فنجح من خلاله في جذب الانتباه وخلق حالة أكبر من الترقب لدى المشاهد في لحظات معينة، وذلك دون أن يتسبب في إرباكه أو يُصعب متابعة تسلسل الأحداث عليه.

تفادى فيلم The Suicide Squad العديد من أخطاء وسلبيات الفيلم الأول وفي مقدمتها اختيار الشخصيات التي تكون منها الفريق، فلم تكن من أولوياته تقديم شخصيات شريرة بارزة بالقصص المصورة مثل “ديد-شوت، كابتن بوميرانج، الجوكر، كيلر-كرو”، لكن هذه المرة كانت أغلب الشخصيات أقل شهرة ولكن طبيعتها وقدراتها -وحتى غرابة بعضها- أكثر ملائمة لحبكته وتطورات أحداثه، ولهذا كان بناؤه العام أكثر إحكاماً وتماسكاً.

فيلم The Suicide Squad 2021

استغل جيمس غن غرابة الشخصيات في إضفاء طابع خاص على الفيلم ككل، جعله في بعض الأحيان أقرب للهزل التام ورغم ذلك لم يبد دخيلاً أو مُلفقاً، يكفي القول أن أحد أفضل تسلسلات مشاهد الأكشن بالفيلم تم الدمج فيها بين التصوير الواقعي والرسوم المتحركة، ولم يتسبب هذا في نفور المُتلقي أو انفصاله عن الحدث، فقد اتخذ جيمس غن من تلك الغرابة وذلك الهزل أساساً للوحدة العضوية لفيلمه وجعله يمتد ليشمل كل شيء، بداية من رسم شخصياته وطبيعتها بل والقدرات الخارقة لبعضها وحتى طبيعة الخصم الأخطر بالفصل الأخير من الفيلم.

أجاد جيمس غن أيضاً عرض قصته بأسلوب يدفع الفيلم بعيداً تماماً عن الملل، فقد بدا الفيلم عبارة عن سلسلة مطولة من المهام المتتالية والمتدرجة من حيث الصعوبة والتعقيد ودرجة الخطورة، بصورة أقرب إلى تقسيمات مراحل ألعاب الفيديو وصولاً إلى مرحلة الوحش النهائية، وذلك ليس مجازاً، وقد نجح من خلال ذلك في إبقاء أحداثه في حالة صعود مستمر على مستوى الإثارة، تمكن من خلاله في إخفاء أحد أبرز عيوب السيناريو وهو تصاعد درجة الإثارة لم يقابله تطور حقيقي في القصة أو تعقيد حبكة حتى الربع الأخير من الفيلم.

عاب سيناريو فيلم The Suicide Squad ما تضمنه من قفزات في تطور شخصياته وتفاعلهم مع بعضهم البعض، دون أن تكون مُدعمة بواسطة تبريرات واضحة، حتى أن من بينهم من تبدلت مواقفه من النقيض للنقيض بصورة شبه مفاجئة، متغاضياً السيناريو بذلك عن حقيقة أن أحداثه بالكامل تدور في نطاق زمني ضيق لا يتجاوز الثلاثة أيام، وكان هذا الأمر أكثر وضوحاً بالفصل الثاني، كأنما أراد الفيلم أن يكون تمهيداً لأحداث ثلثه الأخير بينما هو نفسه كان يحتاج مزيداً من التمهيد والإقناع.

يُضاف أيضاً إلى سلبيات فيلم The Suicide Squad ضعف الجانب الشرير أو بالأحرى الخصم، الذي كان غير فعال ولم يُشعر أنه يُثير أدنى مستوى من القلق أو التوتر لدى المشاهد، حتى أن شخصية “The Thinker” كان سبق تقديمها في مسلسل The Flash، ورغم أنها لم تكن بالجودة المطلوبة إلا أنها كانت أفضل كثيراً ولها تأثير ملموس بدرجة أكبر مقارنة بالحضور الباهت في هذا الفيلم، أما مصدر الخطر الحقيقي في فيلم الفرقة الانتحارية فقد كان الفيلم نفسه، الذي أظهر مبكراً أنه غير مهتم بادخار شخصياته للأجزاء المقبلة وأنه مستعد للتضحية بأي منهم في أي لحظة.


الأداء التمثيلي

مارجو روبي في دور هارلي كوين

كانت مارجو روبي الأسعد حظاً بين مُجسدي الشخصيات الرئيسية في فيلم الفرقة الانتحارية، ذلك لأنها صاحبة الشخصية الوحيدة التي توجد رابطة بينها وبين المتلقي بصورة مُسبقة، إذ جسدت “هارلي كوين” مرتين بعالم DC الأولى من خلال فيلم Suicide Squad وكان دون المستوى والثانية من خلال فيلم Birds of Prey الذي كان أفضل نسبياً، لكن بكليهما كان أداء مارجو مُتقناً ومميزاً بدرجة كبيرة، وهو ما حافظت عليه وتطورته بشكل ملحوظ بهذا الفيلم رغم أن مساحة ظهورها به كانت أقل من الفيلمين السابقين.

برعت مارجو في تجسيد هارلي كوين بكل ما تحمله من اعتلال عقلي وتعقيد نفسي، أجادت التعبير عن الشخصية التي يحكمها الجنون ويتحكم بها شعورها العميق بالخذلان، حتى أنها في مشهد واحد استطاعت الانتقال بين الاندفاع والألم والمرح الهستيري من خلال مشهد حواري واحد وتلك هي “هاري كوين” صاحبة الشخصية الرومانسية الخرقاء هاوية العنف.

شخصيات فيلم The Suicide Squad

أما أدريس ألبا فقد تقاطعت شخصيته “بلودسبورت” في نواحي عديدة مع شخصية “ديدشوت” التي جسدها ويل سميث بالفيلم الأول، للدرجة التي قد تدفعنا لتصديق الشائعات المُرددة حول أن الفيلم كُتب بالأساس ليعود من خلاله “ديدشوت” ثم تم استبداله بشخصية أخرى، وما يُرجح كفة ألبا هو أن شخصيته قُدمت ضمن النسخة الأفضل في كل شيء وهو ما انعكس بصورة إيجابية على أدائه، بينما فيولا ديفيس فقد أتقنت للمرة الثانية تقديم شخصية أماندا ويلر الصارمة المُتبلدة، كان لها حضور مميز ومؤثر رغم أن ظهورها اقتصر على عدد محدود من المشاهد.

إجمالاً كان الأداء التمثيلي في فيلم The Suicide Squad جيداً بدرجة كبيرة، خاصة أن الفيلم اهتم بإظهار الخلفية التاريخية لأغلب شخصياته وإبراز عقدهم النفسية التي تمثل الدافع الرئيسي لأغلبهم، قد أفرد مساحة مقبولة لكل منهم للتعبير عن ذلك، وقد استغل كل من دافيد داستمالشيان “بولكا-دوت مان” ودانييلا ملشيور “راتكاتشر2” تلك الفرصة بقدر ما أتيح لكل منهما، أما جون سينا فلم يكن مطلوباً منه الكثير فقد تطلبت شخصيته الحفاظ على ملامحه جامدة متحجرة أغلب الوقت، لذا كان حضوره مقبولاً -أو على الأقل غير مزعج- بعكس أغلب مشاركاته السينمائية الأخرى.


بين الفرقة الانتحارية وحُراس المجرة

فيلم The Suicide Squad

يتشارك كل من فيلم The Suicide Squad وفيلم The Guardian of the Galaxy العديد من العوامل المشتركة التي تفرض المقارنة بينهما، فبخلاف أن كلاهما يحمل توقيع جيمس غن، فأنهما ينتميان إلى عالم سينمائي ممتد مستوحى من إصدارات الكوميكس، كلاهما يقدمان مجموعة من الأبطال دفعة واحدة أغلبهم يظهر للمرة الأولى، كما أن كلا الفيلمين كان ضمن شخصياته الرئيسية مخلوقات وكائنات غريبة، بالإضافة إلى أن أبطال الفيلمين ينتمون إلى فئة البطل المخالف للعُرف أو البطل الضد “Anti-Hero”، كما أن الموسيقى والأغاني كانت حاضرة بكثافة في كلاهما.

يمكن القول بأن كفة فيلم حراس المجرة الذي جاء مدفوعاً بنجاح تسعة أفلام سابقة من نفس العالم ترجح في المُجمل أمام كفة فيلم الفرقة الانتحارية الذي جاء ليكون قبلة الحياة لعالم سينمائي مُتعثر، لكن هذا لا يمنع أن The Suicide Squad كان أكثر تميزاً في بعض الجوانب، جميعها مُستمدة من عامل رئيسي واحد ألا وهو أنه يحمل التصنيف الرقابي (R)، الذي استغله جيمس غن على الوجه الأكمل في تصميم مشاهد الأكشن ودعم عنصر الكوميديا.

يتمثل أحد أبرز مقومات تميز فيلم The Suicide Squad في أنه جاء مُفرطاً في العنف والدموية، حتى أنه يتجاوز في ذلك فيلم Deadpool الذي كان أول فيلم أبطال خارقين ينتهج هذا الأسلوب، وقد ساهم هذا الإفراط في العنف في تقديم مشاهد حركة مختلفة بدرجة كبيرة وفي ذات الوقت مُتسقة من طبيعة شخصياتنا، الذين برغم انتمائهم نظرياً إلى الجانب الخيِّر إلا أنهم في النهاية زمرة من المجرمين المُدانين، معظمهم من قساة القلوب وعديمي الرحمة يجنحون دوماً إلى الأساليب الوحشية بل أن بينهم وحش بالفعل.

ينطبق الأمر نفسه على الكوميديا التي كانت هذه المرة مُتسقة مع طبيعة كل شخصية وبالأخص “هارلي كوين”، لكنها كانت متفاوتة من حيث الجودة، في بعض لحظات الفيلم كانت فعالة تماماً ومقبولة بدرجة كبيرة، بينما في لحظات أخرى -وهي الأكثر- بدت مُقحمة على المشاهد أو لم يُحسن توظيفها.


فيلم The Suicide Squad

إجمالاً يمكن القول بأن فيلم The Suicide Squad أحد أفضل أفلام عالم دي سي الذي عانى -ولا يزال- من تخبط شديد، وبكل المقاييس وعلى مختلف الأصعدة هو أفضل من الفيلم الأول Suicide Squad ويتفوق عليه بمراحل، نجح جيمس غن من خلاله في تقديم توليفة سينمائية تحمل قدراً كبيراً من الغرابة التي تصل أحياناً إلى حد الشطط والجنون، لكنها في النهاية كانت الأبرز بين عوامل تميزه.

ذو صلة

يثبت فيلم الفرقة الانتحارية بصورة قاطعة أن أفلام DC تكون أفضل كثيراً حين تحمل تصنيف (R) الذي يمنح مبدعيه حرية شبه مُطلقة في تناول شخصياته وأحداثه، وكذا تكون أفضل حين تتمتع بقدر أكبر من الاستقلال، فمن بين العوامل التي ساهمت في تميز فيلم The Suicide Squad التعامل معه كعمل سينمائي قائم بذاته، غير مُثقل باستكمال الأحداث السابقة المفروضة عليه أو حامل لأعباء التمهيد للأحداث المستقبلية.بناءً على ذلك قد لا يكون نجاح The Suicide Squad إحياءً لعالم DCUE كما يتوقع أو يأمل البعض، إنما قد يؤدي لنتائج عكسية ويضع نقطة النهاية لهذا العالم بالمفهوم المُتعارف عليه، خاصة بعد نجاح أفلام أخرى امتازت بقدر مماثل من الاستقلالية مثل Aquaman وWonder Woman، مما يزيد احتمالية استمرار شركة Warner Bros في اتباع ذات النهج مستقبلاً، وهو الأمر الذي من المتوقع حسمه بصورة نهائية عقب عرض فيلم The Flash بالموسم السينمائي المُقبل.

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة