هل تتغير نظرتنا للأمور بتغير الوقت؟ أم إنها مسألة مبدأ!
4 د
غالباً ما يتردد على أذهنتنا هذا السؤال “هل ممكن أن تتغير نظرتنا لأشياء طالما كنا مؤمنين بأفكار ورواسخ فكرية تجاهها، أما إنها مسألة مباديء وأسس نضجنا عليها واعتدنا على وجودها في حياتنا؟”، وبالنظر إلى هذا الأمر من منظور عميق وتفكير فلسفي نجد أنه لا يوجد ثوابت للآراء والأفكار الإنسانية، وإنه من الطبيعي أن تتغير بتغير البيئة والأشخاص المحيطين بك؛ بل وبتغير المرحلة العمرية التي تمر بها في حياتك والظروف التي تعيشها، فالمؤكد أن كل شيء متعلق بالفكر الإنساني قابل للتغيير والتطوير على فترات مختلفة من الحياة.
في هذا المقال نشرح لك كيف يمكن لأفكارك أن تتغير وتتبدل إلى أفكار آخرى كنت تظنها بعيدة تماماً عن شخصيتك ومبادئك:
مفهوم الضمير
إن جميع القرارات الصادرة عنا في حياتنا اليومية تكون نابعة من الضمير الشخصي للفرد وتصدر عنه بعد إختبار الفرد للقرار بناءً على ضميره وما يحكمه عليه، فالضمير بمثابة قابلية داخلية للتمييز بين الجمال والقبح، الخير والشر، وما إلى ذلك، وبذلك فالضمير يشتمل على قدرة الإنسان في صدور قرارات أخلاقية نابعة من داخله بناءً على مبادئه لبعض السلوكيات والأفعال، فهو الملكة التي تقوم بتحديد سلوك الفرد تجاه مواقف حياته؛ وبذلك نجد أن الضمير هو الذي يُشكل لنا قراراتنا المصيرية في الحياة ويشارك بشكل أساسي في تحديد قراراتنا المستقبلية.
اختلاف الضمير
إن الضمير ليس معصوماً من الخطأ أو ناهي عن الشر دائماً، وبالتالي فهو لا يأمر بأفعال وسلوكيات واحدة ومتساوية في كل الأماكن وعلى مختلف مستوى البشر، حيث نرى على سبيل المثال البلاد التي تُقدر وتحترم النظام بشكل كبير هم أشد إيماناً بفكرة الضمير ويدعون بإتباعه، وعلى العكس فالبلاد أو الأماكن التي استسلمت للكسل بدرجة كبيرة، فيصعب عليهم تقبل فكرة الضمير كحاكم لهم ومن ثَم فلا يشعرون بتأنيب ضمير تجاه أفعالهم وتصرفاتهم.
وبالنظر بشكل أكثر تفصيلاً فنجد أنه حتى الدولة أو المكان الواحد قد يتغير ضميره أو نظرته تجاه القضايا الموجودة في المجتمع، فما بالك بالشخص الواحد، فنجد أنه بالطبع قد يغير الإنسان من نظراته لقضية ما باختلاف سنه وتغير البيئة المحيطة له، فعلى سبيل المثال: الطالب الذي يشعر بواجبه نحو مذاكرته وأنه يجب عليه أن يجتهد بشدة ليصل لأعلى المراتب ويكون من أوائل مدرسته، وإذا ما كبر والتحق بالجامعة وانضم إلى فريق لا يهتم بالمستوى الدراسي ولا المذاكرة حينها قد تتغير نظرته ويبدأ في إهمال دراسته دون أي تأنيب ضمير.
المعاني التي يشتمل عليها الضمير
إن المعنى المتعارف عليه لمفهوم الضمير أنه ما يعاقب أو يعاتب الإنسان نفسه عليه من ذنوب وأخطاء يُحرم الدين فعلها أو العادات والتقاليد المجتمعية، حتى لو كانت هذه الأفعال بين المرء ونفسه، أو بينه وبين غيره من الأشخاص، فيما يلي بعض المعاني التي توضح مفهوم الضمير:
1. الضمير الديني أو الاعتقادي
وهو خاص بالأشخاص المتدينيين، فالشخص المتدين قد يشعر أحياناً بتأنيب ضمير أو وغزة في قلبه بناءً على فعل أو موقف صدر منه مخالف للدين والشرع، ويحدث ذلك أيضاً نتيجة بعض الشكوك التي تنتاب عقله وقلبه ومن ثَم تتحول هذه الشكوك إلى تأنيب ضمير داخلي، ومن ثَم فالشخص المتدين يكون مرجعه عند إصدار الأحكام هو ما ينص عليه دينه وما أمره به ربه، وتكون أحكامه وقراراته نابعة بعد مراجعتها للمنطق الديني والأحكام التي وضعها له الدين.
2. المعنى التربوي
يرتبط مفهوم الضمير التربوي بالشكل الذي تربى عليه الشخص والبيئة المحيطة التي نضج فيها والقيم والمباديء التي يحاول الأهل دوماً زرعها في أبنائهم، على سبيل المثال الآباء الذين يخفقوا في تربية أبنائهم نتيجة تقصير منهم، أو إهمال في متابعة سلوكهم مع الآخرين، أو الانشغال عن متابعة مستواهم الدراسي وسلوكهم في المدرسة، نجد أنه نتيجة لذلك قد يندفع الأبناء إلى مخالطة أصدقاء السوء، ومن ثَم الوقوع في ارتكاب الأخطاء التي كانوا يمقتونها بالتدريج حتى تصبح عادة لديهم ولا يشعروا بأي تأنيب ضمير في تكرار ممارستها، ويظل الآباء في غفلة هكذا ولا يفيقوا إلا بعد فوات الأوان، عندما يلاحظوا تفوق أبناء أقاربهم أو ربما أبناء جيرانهم على أبنائهم، أو عند اكتشافهم لفعل غير متوقع يقوم به أبنائهم، وقتها يشعرون بتأنيب ضمير بشكل قاسي.
وبناءً على ما سبق نجد أن الضمير غير متماثل عند كل الناس، فهو يختلف من شخص لآخر ومن بيئة لآخرى، ويرجع هذا إلى عدة عوامل كالوازع الديني، والتحصيل الثقافي والعلمي والبيئة المحيطة بالأشخاص، وكذلك شكل التربية والتنشأة التي نشأ عليها الشخص، كما أن الضمير يمكنه أن يتغير ويختلف بتغير البيئة المحيطة حولنا فهو يضعف ويقوى حسب كل هذه العوامل، ومن ثَم فمن الطبيعي والبديهي أن تتغير آرائنا وأفكارنا تجاه الكثير من القضايا الحياتية مهما أظهرنا التمسك بفكرة أو مبدأ معين فلا يوجد ضمان لثبات مدى إيماننا بهذه الفكرة إلى النهاية غير الضمير، لذا فيجب على الشخص دوماً مراجعة ما يمليه عليه ضميره والاهتمام بالقرارات التي يصدرها وعدم الخروج عما تمليه عليه عاداته وتقاليده الصحيحة في الحياة وما يأمره به دينه.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.