اكتشاف حصن روماني “مفقود” يكشف أدلّة نادرة على الاحتلال الروماني في اسكتلندا!

كشف الباحثون النّقاب عن بقايا حصن رومانيّ لم يكن معروفاً من قبل من القرن الثّاني على طول الجدار الأنطونيّ التّاريخي في اسكتلندا. الحصن جزء من سلسلة من الهياكل الدّفاعية الّتي بناها الرّومان خلال محاولتهم القصيرة الأمد لبسط سيطرتهم عبر بريطانيا.

وفقاً لـ Historic Environment Scotland (HES)، تمّ بناء الجدار الأنطوني، وهو عبارة عن حصن بطول 40 ميلاً يتكوّن أساساً من أعمال الحفر والخشب، في عام 142 بعد الميلاد بأوامر من الإمبراطور الرّوماني أنتونينوس بيوس. لقد سعى إلى التّفوق على سلفه، هادريان، الّذي بنى جدار هادريان المعروف على بعد حوالي 100 ميل إلى الجنوب قبل حوالي 20 عاماً. ومع ذلك، تخلّت القوّات الرّومانية عن الجدار الأنطوني في عام 162 بعد الميلاد بسبب مقاومة الشّعوب الأصليّة، وتراجعت مرّة أخرى إلى جدار هادريان.

أوضح جون ريد، المؤرّخ وعالم الآثار الذي لم يشارك في الاكتشاف، أنّ الأباطرة الرّومان كانوا بحاجة لإثبات انتصارات عسكريّة، والتي ربما تكون قد دفعت أنتونينوس بيوس لمحاولة غزو اسكتلندا. كان هذا الفتح قصير الأجل في النّهاية ولكنّه سمح له بتبرير حكمه خلال تلك الفترة.

تمّ اكتشاف الحصن المكتشف حديثاً، والّذي يُشار إليه باسم "الحصن"، بالقرب من مدرسة في الضّواحي الشّمالية الغربية لمدينة غلاسكو. تمّ ذكره من قبل أحد الأثريين في عام 1707 ولكنّه لم يتمّ تحديد موقعه منذ ذلك الحين، على الرّغم من المحاولات في السّبعينيات والثّمانينيات. تضمّ القلعة مبنيين خشبيين صغيرين محاطين بسور من الحجر والعشب، بالإضافة إلى برجين خشبيين فوق بوّابات على الجانبين المتقابلين.

استخدم علماء الآثار مقياس التّدرج، وهو أسلوب جيوفيزيائي غير باضع يقيس الاختلافات في المجال المغناطيسيّ للأرض، لاكتشاف الأساسات الحجريّة المدفونة في القلعة. كان ما يقارب الـ 12 جنديّاً، العديد منهم من المساعدين المحلّيين، قد تمركزوا في الحصن لمدّة أسبوع تقريباً في كلّ مرّة قبل أن يتمّ إعفاؤهم من قبل الجنود من حصن أكبر في Duntocher، على بعد ميل تقريباً إلى الشّرق.

يوفّر اكتشاف هذا الحصن دليلاً نادراً على الجدار الأنطوني ويساعد في تأكيد النظريات حول نوايا الرّومان الأوليّة في اسكتلندا. يعتقد ريد أنّهم خطّطوا في البداية لتكرار جدار هادريان بتحصينات أقوى وأعلى مصنوعة من الحجر، لكنّهم قرّروا لاحقاً بناء حصون أكثر أهميّة. تخلّى الرّومان في نهاية المطاف عن الجدار الأنطوني وأيّ أقاليم شمالية بعد عام 162 بعد الميلاد، حيث أصبح جدار هادريان الحدود الشمالية للإمبراطورية حتى انهيار الحكم الروماني في بريطانيا في أوائل القرن الخامس.

لا تزال الأسباب الدّقيقة للانسحاب الرّوماني من الجدار الأنطوني إلى جدار هادريان غير واضحة، حيث يشير ريد إلى أنّه من المحتمل أن يكون مزيجاً من العوامل، مثل التّكلفة، أو القضايا الرّومانية في مكان آخر، أو وفاة أنطونينوس بيوس في 161 م.