تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

الهواتف الذكية تجعلنا في متناول رؤسائنا بشكل دائم.. هل قوانين “الحق في قطع الاتصال” هي حل ضروري؟

مريم مونس
مريم مونس

4 د

هل يمكن للإنسان أن يحافظ على توازنه بين متطلبات العمل المستمرة وحاجته للراحة والخصوصية في ظل هيمنة الهواتف الذكية على كل لحظة من لحظات حياتنا؟ تُعدّ الإتاحة الدائمة للعمل، التي أصبحت سمة ملازمة لعصرنا بفضل التقدم التكنولوجي، تحدياً يومياً يصعب معه الفصل بين الواجبات المهنية والحياة الشخصية. وفي هذا السياق، تأتي قوانين "الحق في قطع الاتصال" كإجراء ضروري لاستعادة حدود هذا التوازن، وضمان حق الأفراد في استرداد زمام حياتهم الخاصة، بعيداً عن ضغوط العمل المتواصلة.

الأسبوع الماضي، أوصت لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأسترالي، كانت تبحث في تعديلات مقترحة لـ "سد الثغرات" ضمن قانون العمل العادل، بإدراج حق الانفصال كوسيلة لتحسين وضع توقعات واضحة بخصوص الاتصال والتوافر في بيئات العمل. وفي يوم الأربعاء، أعربت الحكومة الأسترالية عن دعمها لهذا التعديل، مؤكدة بذلك التزامها بتعزيز ثقافة عمل تراعي التوازن بين الحياة المهنية والشخصية.


لماذا هناك حاجة إلى الحق في قطع الاتصال؟

تبرز الحاجة الملحة إلى الحق في الانفصال في ظل تزايد توقعات إتمام الموظفين لمهام عملهم خارج الدوام الرسمي، ما يُعرف بـ"زحف التوفر". أسهمت الهواتف الذكية في تسهيل اتصال المديرين بالموظفين في أي وقت، وقد عمقت جائحة كوفيد-19 هذه الظاهرة بتحولها نحو العمل عن بُعد، مما أدى إلى تداخل أكبر بين الحياة المهنية والشخصية.

كشف تقرير مركز العمل المستقبلي لعام 2022 أن غالبية العمال، بنسبة 71%، يجدون أنفسهم يعملون خارج أوقات العمل المحددة، غالبًا بسبب الإرهاق أو ضغوطات من قبل المديرين. نتج عن هذا الوضع تبعات سلبية عديدة، بما في ذلك زيادة مستويات التعب، التوتر، والقلق لدى ثلث العمال، فضلًا عن تأثيرات سلبية على العلاقات الشخصية والرضا الوظيفي لنسبة كبيرة منهم.

ألقت التحقيقات البرلمانية الضوء على الآثار الضارة للعمل خارج الأوقات المحددة، ليس فقط على الصحة النفسية والبدنية للعمال، ولكن أيضًا على إنتاجيتهم ومعدلات دوران الوظائف. كما أكدت على وجود أعمال إضافية كبيرة غير مدفوعة الأجر، مما يُعد خروجًا عن مبدأ العدالة في العمل.

تتجلى الحاجة إلى الحق في الانفصال بشكل خاص بالنسبة لمجموعات معينة من العمال، مثل الذين يعملون بعقود غير آمنة أو أولئك الذين يتحملون مسؤوليات رعاية غير مدفوعة الأجر، حيث يواجهون تحديات أكبر في مقاومة زحف التوفر وإيجاد توازن سليم بين العمل والحياة الشخصية.


ضرورة عالمية لتحقيق التوازن بين الحياة العملية والشخصية

في زمن تتداخل فيه مسؤوليات العمل مع الحياة الخاصة بشكل متزايد، يبرز الحق في قطع الاتصال كحل فعّال لمواجهة هذه التحديات. لجنة العمل والرعاية بمجلس الشيوخ، بعد مراجعتها للتعديلات المقترحة على قانون العمل العادل، وجدت أن منح هذا الحق يعزز "العدالة القائمة" للعمال بإكسابهم يقينًا أكبر بشأن ساعات العمل.

لقد اتخذت العديد من الدول حول العالم، في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية والجنوبية، خطوات ملموسة نحو تشريع الحق في الانفصال من خلال سن قوانين أو لوائح تحد من إمكانية الاتصال بالعمال خارج أوقات الدوام الرسمية.

في أستراليا، يُدرج حق الانفصال ضمن أكثر من 56 اتفاقية مؤسسية معمولًا بها حاليًا، والتي تشمل قطاعات متنوعة مثل التعليم والأمن والقطاع المالية. وبهذا، تُعطي هذه الاتفاقيات دلالة على الاعتراف بأهمية فصل الحياة العملية عن الخاصة.

أكد وزير العلاقات الصناعية، توني بيرك، أن تشريع الحق في الانفصال سيُمكن أصحاب العمل من الاتصال بموظفيهم خارج أوقات العمل لأسباب معقولة فقط، مثل الحاجة إلى تغطية نوبات عمل عاجلة. وهذا يعني أنه سيُطلب من لجنة العمل العادل تحديد معايير ما يُعتبر اتصالًا "معقولًا" خارج ساعات العمل، بناءً على سوابقها في تقييم ما هو "معقول" في سياقات قانون العمل الأخرى.

في حال توقع أصحاب العمل، بشكل غير معقول، من الموظفين القيام بأعمال غير مدفوعة الأجر خارج الدوام، فقد تتخذ لجنة العمل العادل إجراءات مثل إصدار "أمر توقف" وفرض غرامات لضمان احترام حقوق الموظفين.

ذو صلة

على الجانب الآخر، تُعرب جمعيات أصحاب العمل عن قلقها، معتبرة أن الحق في الانفصال قد يكون له تأثيرات سلبية على المرونة في الترتيبات العملية، ويحد من قدرة الشركات على الاستجابة للمتطلبات المتغيرة.

مع ذلك، يُعتبر الحق في الانفصال خطوة هامة نحو تعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وهو ما يُعد ضرورة ليس فقط في أستراليا بل على المستوى العالمي.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة