عالم الفيزياء ميتشيو كاكو: ستغير الحواسيب الكمومية عالمنا وتكشف أسرار الكون!

يتنبّأ عالم الفيزياء النّظريّة ميتشيو كاكو بمستقبل حيث يمكن لأجهزة الكمبيوتر الكموميّة إحداث تغيير علمي ومجتمعي مذهل. إنّه يتصوّر حقبة كموميّة حيث تُسخّر أجهزة الكمبيوتر قوّة الجسيمات دون الذّرية لإجراء العمليّات الحسابيّة، ممّا ينتج عنه سرعات معالجة أسرع تريليونات المرات من أجهزة اليوم. في مقابلة حديثة، شارك كاكو وجهة نظره المتفائلة حول التّأثير المحتمل للحوسبة الكموميّة في مختلف المجالات، بما في ذلك الكيمياء والبيولوجيا والفيزياء.

وفقاً لكاكو، يمكن أن تؤدّي الحوسبة الكموميّة إلى إعادة تدوير الكربون، ممّا يسمح لنا بإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوّي وتحويله إلى وقود. علاوة على ذلك، يمكن أن يساعد في استخراج النّيتروجين من الهواء دون الحاجة إلى درجات حرارة وضغوط عالية، ممّا يؤدّي إلى ثورة خضراء جديدة. يمكن أن تساهم الحوسبة الكموميّة أيضاً في تطوير بطاريّات فائقة الكفاءة، وتوليد طاقة رخيصة وفيرة من خلال الاندماج النووي، واكتشاف علاجات فعّالة جذريّاً لأمراض مثل السّرطان والزهايمر وباركنسون.

تكمن الميزة الأساسية لأجهزة الكمبيوتر الكموميّة في قدرتها على إجراء العمليّات الحسابيّة بشكل أسرع بكثير من الحسابات الرّقمية. إنها تعتمد على الكيوبتات، وهي المكافئ الكمّي للبتات في أجهزة الكمبيوتر التقليدية. يتم تمثيل الكيوبتات بخصائص الجسيمات، مثل الزّخم الزّاوي للإلكترون. نظراً للخصائص الفريدة للعالم الكمّي، يمكن للكيوبتات أن تأخذ أيّ قيمة بين صفر وواحد، ممّا يسمح بالتّشابك الكمّي، وهي ظاهرة أطلق عليها أينشتاين "الفعل المخيف عن بعد".

يعتقد كاكو أنّ "لغة الطّبيعة هي مبدأ الكمّ"، ممّا يسمح لأجهزة الكمبيوتر الكموميّة بمحاكاة الواقع بالطّرق التي تكافح أجهزة الكمبيوتر الرقمية لتحقيقها. وهو يتصوّر إمكانية استخدام أجهزة الكمبيوتر الكمومية "كمختبر افتراضي" لدراسة العمليات والتفاعلات البيولوجية المعقّدة، ممّا يؤدّي إلى تصميم دواء أكثر كفاءة وربّما حتى كشف لغز الشيخوخة.

ومع ذلك، فإنّ بناء أجهزة الكمبيوتر الكموميّة يمثّل تحدّيات كبيرة. إنّها تتطلّب درجات حرارة منخفضة للغاية لتعمل، كما أنّ الكمبيوتر الكمومي الأكثر تقدّماً حتى الآن؛ Osprey من IBM ، يعمل فقط لفترة وجيزة من 70 إلى 80 جزء من المليون من الثانية قبل الخضوع للضوضاء. يجادل بعض الفيزيائيين، مثل ميخائيل دياكونوف من جامعة مونبلييه، بأنّ الكمبيوتر الكمومي القادر على التّنافس مع أجهزة الكمبيوتر المحمولة التقليدية قد لا يتمّ إنشاؤه أبداً بسبب هذه العقبات التّقنية.

على الرّغم من هذه التّحديات، تستثمر العديد من الشّركات والحكومات بكثافة في أبحاث الكمّ، مع ضخّ مليارات الدّولارات في هذا المجال. يسعى اللّاعبون الرّئيسيون مثل IBM وجوجل ومايكروسوفت وإنتل والحكومة الصينية إلى تطوير تقنية الحوسبة الكمومية.

يقرّ كاكو بأنّ التكنولوجيا لديها القدرة على الخير والشرّ على حد سواء، لكنّه يعتقد أن السعي وراء المعرفة أمر بالغ الأهمية. من خلال مشاركة أفكاره وتثقيف الجمهور من خلال كتاباته، يهدف كاكو إلى مساعدة الناس على اتّخاذ قرارات مستنيرة بشأن مستقبل التكنولوجيا. كما أنه يدرك العواقب المحتملة للثورة الكمّية، مثل تحويل وادي السيليكون إلى "ساحة خردة للرّقائق" لم يعد يستخدمها أحد بسبب تقادمها.

في نهاية المطاف، يبقى أن نرى ما إذا كانت رؤية كاكو للمستقبل الكمّي تؤتي ثمارها. ومع ذلك، إذا كانت تنبّؤاته صحيحة، فقد تكون البشريّة على أعتاب حقبة تحويلية جديدة يمكن أن تفتح أسرار الكون.