هل تعلم أن الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفٓا من البشر؟ الدراسات تؤكد!

مع تزايد انتشار الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، بات من المهم فهم إمكانياته وقيوده في تلبية الاحتياجات النفسية للإنسان. في عالم يتسم بالسرعة وتضاؤل الروابط العاطفية، يجد الكثيرون أن احتياجاتهم للشعور بالاستماع والتحقق من صحتها لا تُلبى بشكل متزايد.

وفي هذا السياق، يُظهر بحث أُجري بواسطة ييدان يين (Yidan Yin)، ونان جيا (Nan Jia)، وشيريل ج. واكسلاك (Cheryl J. Wakslak) من كلية مارشال لإدارة الأعمال بجامعة جنوب كاليفورنيا، أن الذكاء الاصطناعي، رغم افتقاره للوعي والخبرة العاطفية البشرية، قد ينجح في جعل الناس يشعرون بأنهم مسموعون ومفهومون.

وأشار ييدان يين، الباحث ما بعد الدكتوراه في مركز لويد جريف لدراسات ريادة الأعمال بجامعة لويد جريف، إلى أن دوافع البحث جاءت في سياق مواجهة وباء الوحدة المتزايد. وتُسلط النتائج التي توصل إليها الفريق الضوء على قدرة الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرة البشرية على الفهم والتواصل، وإثارة أسئلة مفاهيمية حول معنى أن يتم الاستماع إلى شخص ما، وأسئلة عملية حول أفضل السبل للاستفادة من نقاط قوة الذكاء الاصطناعي لدعم الازدهار البشري أكثر.

قال نان جيا، أستاذ مشارك في الإدارة الإستراتيجية: "في تجربة ودراسة متابعة لاحقة، حددنا أن الذكاء الاصطناعي، مقارنة بالمستجيبين البشريين غير المدربين، يُظهر إمكانات معززة لتقديم الدعم العاطفي، لكن التقليل من قيمة استجابات الذكاء الاصطناعي يُشكل تحديًا رئيسيًا لنشر قدراته بفعالية".

وأضافت شيريل واكسلاك، الأستاذة المساعدة في الإدارة والتنظيم، قائلة:

أشار ييدان يين إلى أن بحثهم كشف عن وجود تحيز ضد الذكاء الاصطناعي، معلقًا: "إنه مفيد، ولكن الناس لا يفضلونه". من جهتها، أضافت شيريل واكسلاك: "لا بد من تغيير التصورات حول الذكاء الاصطناعي، وبالطبع قد تتغير هذه التأثيرات مع مرور الوقت، ولكن من المثير للاهتمام أن التأثيرين اللذين لاحظناهما كانا متشابهين إلى حد كبير من حيث الحجم".

وتابعت: "بينما يوجد تأثير إيجابي لتلقي رسالة من الذكاء الاصطناعي، هناك أيضًا درجة مماثلة من التحيز ضد الاستجابة عند تحديد الرسالة على أنها من الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى إلغاء التأثيرين بشكل أساسي".

أبلغ الأفراد عن استجابة "الوادي الخارق"، وهو شعور بعدم الارتياح عند إدراك أن الاستجابة التعاطفية نشأت من الذكاء الاصطناعي، مما يسلط الضوء على المشهد العاطفي المعقد الذي تتنقل فيه التفاعلات بين الذكاء الاصطناعي والإنسان.

وأوضحت واكسلاك أن الاستطلاع البحثي استفسر من المشاركين أيضًا عن انفتاحهم العام تجاه الذكاء الاصطناعي، مما ساهم في تخفيف بعض التأثيرات. وأضافت: "الأشخاص الذين يحملون مشاعر إيجابية تجاه الذكاء الاصطناعي لا يظهرون نفس درجة عقوبة الاستجابة، وهذا أمر مثير للاهتمام، لأنه مع مرور الوقت، هل ستتغير مواقف الناس وتصبح أكثر إيجابية تجاه الذكاء الاصطناعي؟ يبقى الأمر محل اهتمام لمعرفة كيف ستتطور هذه المواقف مع زيادة إلمام الناس وتجربتهم بالذكاء الاصطناعي".

سلطت الدراسة الضوء على فروق دقيقة وهامة، حيث ارتبطت الاستجابات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي بزيادة الأمل وتقليل الضيق، مشيرةً إلى تأثير عاطفي إيجابي على المتلقين. كما أظهر الذكاء الاصطناعي نهجًا أكثر انضباطًا من البشر في تقديم الدعم العاطفي والامتناع عن تقديم اقتراحات عملية ساحقة.

وأوضح ييدان يين: "من المفارقات أن الذكاء الاصطناعي كان أفضل في استخدام استراتيجيات الدعم العاطفي التي أظهرت الأبحاث السابقة أنها متعاطفة ومثبتة. من المحتمل أن يتعلم البشر من الذكاء الاصطناعي، لأننا في كثير من الأحيان عندما يشتكي الآخرون المهمون لدينا من شيء ما، نرغب في تقديم هذا التحقق، لكننا لا نعرف كيفية القيام بذلك بشكل فعال".

بدلاً من أن يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر، يشير البحث إلى المزايا المختلفة لكل من الذكاء الاصطناعي والاستجابات البشرية. يمكن أن تصبح التكنولوجيا المتقدمة أداة قيمة تمكن البشر من استخدام الذكاء الاصطناعي لفهم بعضهم البعض بشكل أفضل وتعلم كيفية الاستجابة بطرق توفر الدعم العاطفي وتظهر الفهم والتحقق من الصحة.

وبشكل عام، لهذه النتائج آثار مهمة على دمج الذكاء الاصطناعي في المزيد من السياقات الاجتماعية. قد توفر الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي حلاً غير مكلف وقابل للتطوير للدعم الاجتماعي، خاصة بالنسبة لأولئك الذين قد يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى الأفراد القادرين على تقديم مثل هذا الدعم لهم.

ومع ذلك، كما لاحظ فريق البحث، من المهم القيام بدراسة متأنية لكيفية تقديم الذكاء الاصطناعي وإدراكه من أجل تعظيم فوائده وتقليل أي استجابات سلبية.