عادل إمام ويسرا… وأفلام شكّلت علامات فارقة في ذاكرة السينما المصرية

في دنيا الفنون… قد يلمع نجم أحدهم في لمح البصر، وقد يهوي أيضًا بسرعة الصاروخ! هناك من يتألقون بمفردهم… وهناك من يزدادون نجاحًا بصحبة شخصيات بعينها، الحضور الطاغي والكاريزما الربانية هما السبب وراء نجاح الكثير من الثنائيات الفنية التي مازلنا نستمتع بأعمالهم حتى الآن منهم على سبيل المثال: فؤاد المهندس وشويكار، شادية وكمال الشناوي، فريد الأطرش وسامية جمال، وغيرهم الكثير، وفي هذا المقال سنتحدّث عن واحد من أهم الثنائيات الفنية اللامعة التي أمتعت على مدار مشوارها الفني الطويل أجيال وأجيال من الجمهور في الوطن العربي بأكمله، اليوم نتحدّث عن الثنائي الشهير (عادل إمام ويسرا).

فيلم رومانسي اجتماعي يعكس الفروق الاجتماعية والطبقية التي حدثت للمجتمع المصري بعد الانفتاح، حيثُ اعتلى أصحاب المهن الحرة قمة الهرم الاقتصادي، ومن يملك المال يملك النفوذ والسلطة، وتدور أحداثه حول (نورا وكمال) زميلين في كلية الطب يقعان في الحب، ولكن والدها معلم الجزارة (حلاوة العنتبلي) يرفض الأمر بشدة، ويحاول بشتى الطرق الودية والغير ودية في التفريق بينهم، ويستعمل نفوذه في تلفيق قضية رشوة لوالد (كمال)، ويحاول (كمال) إثبات براءة والده من تلك التهمة.

الفيلم من إنتاج عام 1982، وهو النسخة السينمائية من العمل الإذاعي الذي حمل نفس الاسم، وقدّمه عادل إمام ويسرا عام 1981، ولكن بمشاركة كلٍّ من محمود المليجي ويحيى شاهين، بينما في النسخة السينمائية حلّ مكانهما توفيق الدقن وصلاح نظمي، والفيلم من تأليف سمير عبد العظيم، وإخراج محمد عبد العزيز.

عادل إمام نجم الكوميديا المصرية في فيلم رعب! هذا بالضبط ما قدّمه الزعيم عام 1984 دور جديد ومختلف كليًا عن سابق أعماله الفنية، وبرغم غرابة الفيلم واختلافه عن نمط التمثيل الكوميدي المعتاد، إلَّا أنَّ عادل إمام كان العامل الرئيسي لاستمرارية نجاحه حتى اليوم، فلقد بَرعَ في استخدام أدوات الممثل من نظرات العينين، وطبقة الصوت المناسبة ليبث الخوف في قلوب المشاهدين، والآن بعد مرور أكثر من ثلاثين عامًا على إنتاجه، وبالرغم من سذاجة المكياج وضعف المؤثرات البصرية، إلَّا أنَّ عيني عادل إمام وإصرارهما على متابعة يسرا أينما ذهبت كفيلةٌ بأن تعلق في ذهنك وقتما شاهدت الفيلم.

والفيلم يحكي عن (فاطمة) العائدة من الخارج بعد حصولها على شهادة الدكتوراه، ولكن الصدفة تجعلها تتعرف إلى (جلال) الذي قدّم نفسه كخبير سياحي، وسرعان ما يقع (جلال) في حب (فاطمة) ويبدأ في مطاردتها بشكلٍ عجيب، فيتخطى الحواجز المادية ويظهر في غرفتها بصفة يومية، لتكتشف فيما بعد أنَّه ليس إنسانًا إنما هو جن وقع في هواها ولن يتخلى عنها مهما حدث، وحينما يظهر (أسامة) في حياة (فاطمة) تبدأ المشاكل والمشاحنات بين الرجلين! الفيلم من تأليف محمد عثمان، وإخراج محمد راضي، وشاركهما البطولة عزت العلايلي، وأمينة رزق.

فيلم اجتماعي كوميدي يكشف ألاعيب المحاميين الفاسدين في تزييف الحقائق والأدلة، ومحاولاتهم في كسب القضايا لصالحهم عن طريق الثغرات القانونية واختلاق الأكاذيب، الفيلم تدور قصته حول المحامي (حسن سبانخ) الذي عوقب على تطاوله على المحكمة بالسجن لمدّة شهر، وخلال هذا الشهر يعرض على كبار المسجونين خدماته في الدفاع عنهم وتخليصهم من سنوات الحبس منهم تاجر المخدرات (حسونة)، وبالفعل يستطيع المحامي المتلاعب بتلفيق أحداث وهمية اشتركت فيها شقيقة زوجته لإثبات براءة (حسونة)، ولكن كما يقولون “ينقلب السحر على الساحر” فيلقنه (حسونة) درسًا لا يُنسى.

الفيلم من تأليف وإخراج رأفت المهيي، وأثار ضجةً كبيرةً فور نزوله عام 1983، مما دفع مجموعة من المحاميين لرفع دعاوى قضائية – تجاوزت المائة – ضد عادل إمام والمؤلف، وحُكِم على عادل إمام بالحبس لمدّة عام، ولكنَّ الحُكْم لم ينفذ، والقضية كانت السبب وراء استقالة المستشار مرتضى منصور من منصبه كقاضي!

فيلم درامي اجتماعي يناقش أزمة الإسكان وغلاء أسعار الشقق والإيجارات من خلال الكوميديا السوداء، فالمهندس (شريف) الذي تهدّم منزله وراتبه يكاد يكفي احتياجاته، لا يجد مكانًا آدميًا يصلح للعيش مع زوجته وأبنائِه ووالدته، من خيم الإيواء لفناء المقابر… يقرّر أن يبني منزلًا متنقلًا، وهي فكرةٌ غريبةٌ عن المجتمع المصري، ولكنَّه يواجه العديدَ من المضايقات والمشاكل بينما يحاول الاستقرار في شوارع العاصمة! الفيلم من تأليف أحمد الخطيب، وإخراج أحمد يحيى، وتمَّ إنتاجه عام 1986.

فيلم إثارة وتشويق بعيد عن اللون الكوميدي الذي اعتاده جمهور الزعيم، حيثُ مثلت مرحلة الثمانينات بداية عادل إمام في الخروج من شرنقة الكوميديا وتمثيل أدوار درامية متنوعة منها على سبيل المثال: فيلم النمر والأنثى، وفيلم حتى لا يطير الدخان، وفيلم الحريف… إلخ، وهو الأمرُ الذي لم يعجب بعض محبيه وطالبوه بالعودة للكوميديا مرةً أُخرى، ولكن ردة فعله كانت عنيفةً بعض الشيء على تلك الآراء كما في الفيديو، وقصة الفيلم تدور حول (بركات) الطفل الذي يتوه عن أمه في زحمة المولد، ويخطفه بائع أعرج ويضمه إلى أُسرته مع ابنته (أمارة) – يسرا – ويطلق عليه اسم (إبراهيم)، وتتصاعد الأحداث حينما يكبر (إبراهيم) ويتورط مع العصابات، فهو يتحول إلى لص ثم مهرب ثم رجل أعمال مخضرم! والفيلم من تأليف محمد جلال عبد القوي، وإخراج سمير سيف، ويشاركهما البطولة أمينة رزق، ومصطفى متولي، وإيمان، وتمَّ إنتاجه عام 1989.

فيلم حركة وتشويق يأخذنا في مغامرة بحرية في جزيرة منعزلة على شواطئ الغردقة، وتدور أحداثه حول (فاطمة) مدرسة الألعاب الرياضية التي تقع في يديها خريطة لكنز مدفون في البحر الأحمر. تلك، الخريطة كانت ملكًا لجارها (الشواف) وأخفاها بحوزتها، ولكنّه قُتلَ على يد عصابة (الزغبي)، وتصطحب (فاطمة) خطيبها (محمود) وممول الرحلة (بيبرس) في رحلة بحرية لتعلُّم الغطس على يد الكابتن (جلال) من أجل استخراج الكنز… ولكن تضطر (فاطمة) لإخبار (جلال) بخطتها ليساعدها في العثور على الذهب.

الفيلم من تأليف خالد البنا، وإخراج نادر جلال، ومن إنتاج عام 1990، وشاركهما البطولة حاتم ذو الفقار، وأحمد راتب، ومصطفى متولي، وجمال إسماعيل، وهو مأخوذ عن الفيلم التلفزيوني الأمريكي Wet Gold الذي قامت ببطولته عارضة الأزياء الشهيرة بروك شيلدز.

فيلم كوميدي ساخر تدور أحداثه داخل أروقة مجمع التحرير بالقاهرة، فالفيلم يسلط الضوء على مدى تغلل البيروقراطية في المصالح الحكومية، بينما يدعي بعض الموظفين تطبيق القانون وخدمة المواطنين، ويحكي الفيلم عن أب (أحمد) يحاول أن ينقل ابنه من مدرسة لأُخرى، ولكنه يشعر بالعجز أمام تعسف الموظفين والإجراءات، ليجد نفسه بعد ذلك متورطًا في الاستيلاء على المجمع بأكمله، واحتجاز مجموعة من الرهائن!

الفيلم من تأليف وحيد حامد، وإخراج شريف عرفة، وشاركهما البطولة كمال الشناوي، وأحمد راتب، وإنعام سالوسة، ويوسف داوود، وتمَّ إنتاجه عام 1992

تُرى مَن يتصوّر أنَّ عاملَ تحويلات بسيط يتصدى لواحد من كبار رجال الأعمال لينقذ سكرتيرته الحسناء من براثن سلطته، فيلم المنسي هو واحدٌ من أشهر أفلام الحركة والرومانسية المبني على تيمة (الفتى الفقير الذي يتحول إلى بطل، ويحمي الفتاة الجميلة من الجميع)، فيمنح الملايين من الفقراء والبسطاء الذين يشاهدونه الثقة في قدراتهم الخفية، والتي قد تجعلهم أبطالًا يومًا ما! تدور أحداث الفيلم في ليلة واحدة، ويفاجَأ (المنسي) عامل التحويلات بالسكة الحديد بامرأة حسناء ترتدي ثوب السهرة تدعى (غادة)، تطلب حمايته من رب عملها رجل الأعمال (أسعد ياقوت) الذي حاول إجبارها على موافقة طلب أحد الشخصيات الهامة في حفلته مرافقتها من أجل إتمام إحدى الصفقات الكبرى، ومع هروب (غادة) من فيلا (أسعد ياقوت) تبدأ المطاردات والصراعات للوصول إليها، فيقف (المنسي) حائلًا بينهم وبينها.

الفيلم من تأليف وحيد حامد، وإخراج شريف عرفة، وشاركهما البطولة كرم مطاوع، وأحمد آدم، وتمَّ إنتاجه عام 1993.

واحدٌ من أهمِّ الأفلام السياسية التي قدمها (عادل إمام) خلال مشواره الفني، وهو التعاون الثالث له مع المؤلف وحيد حامد، والمخرج شريف عرفة، الفيلم يسلط الضوء على مدى الفساد السياسي الذي قد يعبر عنه شخصيات انتهازية تحاول الوصول لمصالحها أيًا كانت الطريقة، حيثُ تدور قصته حول ثلاثة محاميين أصدقاء، الأول (فتحي نوفل) الذي يتخلى عن مبادئه ويتحول إلى شخص وصولي فاسد لإرضاء السلطة، والثاني (على الزناتي) الذي ينضم إلى إحدى الجماعات الدينية المتطرفة ويحاول الدفاع عن مصالحها ورؤيتها، أمَّا الثالث فهو (محسن) الذي يكتفي بوظيفته بينما يشاهد الصراع الفكري والسلطوي الدائر بين الصديقين، وحينما يُسجن كلّ من الصديقين تبدأ المجادلات والنقاشات الفكرية في الاحتدام. الفيلم تمَّ إنتاجه عام 1995، وشاركهما البطولة رياض الخولي، وأحمد راتب، وجميل راتب.

ويعتبر النقاد الفيلم هو واحد من الأفلام السياسية المؤثرة في تاريخ السينما المصرية، فالتحليل السياسي والمجتمعي الذي قدّمه المؤلف وحيد حامد لتلك المرحلة كان بمثابة انعكاس حقيقي وواقعي حتى النخاع، بل ويعتقد البعض أنَّه تنبَّأ بأحداث مستقبلية وقعت بالفعل في خضم ثورة 25 يناير، وما ترتب عليها.

هو عمل سينمائي ضخم ضمَّ مجموعةً كبيرةً من نجوم الصف الأول في السينما المصرية، وحقّق نجاحًا كبيرًا على المستويين الجماهيري والنقدي، والفيلم يسلط الضوء على التغييرات المجتمعية التي طرأت على المجتمع المصري خلال الخمسين عامًا، من خلال عدّة شخصيات تربطهم علاقات متشابكة ويقطنون في عمارة واحدة… عمارة يعقوبيان، فهناك (زكي الدسوقي) الثري الأرستقراطي وزير النساء الأشيب، وأيضًا (الحاج عزام) عضو مجلس الشعب المتزوج سرًا، و(حاتم رشيد) الصحفي المعروف الذي تحوم حول ميوله الجنسية العديد من الشُبهات.

الفيلم مأخوذ من رواية الأديب والطبيب/علاء الأسواني التي تحمل نفس الاسم، وحقّقت مبيعات ضخمة في الوطن العربي، بينما قام بكتابة المعالجة السينمائية وحيد حامد، أمَّا الإخراج فكان لمروان حامد وهو الفيلم الروائي الطويل الأول له، ومن بطولة نور الشريف، وخالد الصاوي، وهند صبري، وسمية الخشاب، وباسم سمرة، وتمَّ إصداره عام 2006، وترشّح الفيلم للعديد من الجوائز المحلية والدولية، وفازَ منها بثلاث جوائز في مهرجان القاهرة السينمائي، وجائزة أفضل مخرج في مهرجان مونتريال السينمائي الدولي، ومهرجان زيورخ السينمائي، ومهرجان تريبيكا السينمائي، وجائزة أفضل ممثل لعادل إمام في مهرجان ساو باولو السينمائي، ومهرجان تريبيكا السينمائي، كما عُرض على هامش مهرجان برلين السينمائي الدولي.

وأخيرًا… من يدري ربما تزيد قائمة الأفلام والأعمال الدرامية التي جمعت، بينما ونرى من جديد أفلام عادل إمام ويسرا في السنوات القادمة، فعامل السن لم يؤثر كثيرًا على النجمين… فمازال النجمان متواجدين على الساحة الفنية بقوّة.